القيادي الإصلاحي منصور الزنداني: لا ندية في الجسد الواحد والأقاليم إذا كانت تهدد الوحدة فنحن ضدها
اعتبر السياسي والأكاديمي والنائب البرلماني المعروف الدكتور منصور عزيز الزنداني أن المحافظات الجنوبية ممثلة بأكثر من 60% في مؤتمر الحوار الوطني، وأن الحراك الجنوبي جزء بسيط من مكونات الجنوب ككل، وأن من يطالب بالانفصال فهو يدعو إلى إحياء إرث استعماري قديم.
وأضاف الدكتور الزنداني وهو نائب لرئيس البرلمان العربي وقيادي في التجمع اليمني للإصلاح وممثله في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وخبير في السياسة والعلاقات الدولية أن القضية الجنوبية ليست قضية المحافظات في الجنوب بل قضية الشعب اليمني كله، كما تحدث في هذا الحوار الذي نشرته صحيفة "إيلاف" عن اللقاء المشترك وفرضيات البقاء والتفكك، مدافعا بشراسة عن حزبه "الإصلاح"، نافيا كل التهم التي توجه له بالإقصاء وحب التفرد بالسلطة، موضحا أن علاقة الإصلاح بالرئيس هادي علاقة طبيعية تقوم على أساس مصالح اليمن الكبرى.. إلى الحوار:
* دكتور نبدأ من عودة الحراك الجنوبي إلى مؤتمر الحوار، بعد غياب حوالي شهر كامل، كيف قرأت عودته، وتأثيره على عمل المؤتمر؟
- أولاً، هذه العودة هي طبيعية جدا لأنهم عادوا إلى الوضع الطبيعي، وكان الوضع المستثنى وغير الطبيعي أن ينسحبوا في اللحظات الأخيرة من المؤتمر، هم مشاركون معنا من اللحظة الأولى التي انطلق المؤتمر، وتفاجأنا جميعا بأنهم انسحبوا بعد إجازة عيد الفطر، ولكن هذه العودة مرحب بها، وهي عودة من أجل المصلحة العليا لليمن، ومن أجل نجاح الحوار، ونعتبرها أنها تسهم في الدفع بتنفيذ نتائج الحوار الوطني التي ستعلن.
ومن خلال "إيلاف"، أوضح أن هناك من يعتقد أن الغالبية العظمى في المؤتمر هم من الشمال، وأن الحراك الجنوبي يمثل المناصفة بين الشمال والجنوب، وهذا الكلام غير صحيح البته.
* الحراك طالب بتمثيل القضية الجنوبية كممثل وحيد؟
- أنت تعلم، أن مؤتمر الحوار يتكون من 565 عضوا، 307 عضوا من المحافظات الجنوبية، و258 عضوا من المحافظات الشمالية، ولكن نحن نعتبر أن أي فرد من أبناء الشمال والجنوب هو يمثل كل مناطق اليمن، نحن جئنا إلى حوار وطني، ولم نأتِ إلى حوار مناطقي أو حوار طائفي أو حوار تقسم فيه أرض اليمن، أتينا إلى حوار جامع، حوار شامل، حوار نستطيع من خلاله أن نرسم معالم مستقبل اليمن وحاضره.
* لكن هناك مطالب للحراك الجنوبي، مثل الندية ونقل فريق القضية الجنوبية إلى الخارج، والآن تم الاتفاق على الندية، كيف قرأتم فكرة الندية بين الشمال والجنوب؟
- أولا، لايوجد ندية في جسد واحد، اليمن جسد واحد، والشعب اليمني موجود في هذه الأرض منذ الأزل وسيبقى إلى ماشاء الله، الشعب اليمني حتى قبل الوحدة كان شعب واحد بنظامين، وجميعنا يعلم أن اليمن تاريخيا أرض واحدة، والجميع يعلم أن خط الانفصال الذي رسم وفصل شمال اليمن عن جنوبه في عام 1904 كان خطا استعماريا، رسم على أيد بريطانية والدولة العثمانية التي من خلالها فرقت مناطق النفوذ بين الدولة العثمانية والبريطانية، وليس مناطق النفوذ بين الشمال والجنوب، وشرقه وغربه، فالمطالبة بالانفصال هي إحياء لإرث استعماري.
ونحن نربأ بأنفسنا ان نطالب بالانفصال، نحن دعاة وحدة، ليس فقط على مستوى اليمن بل على مستوى الوحدة العربية كلها.
* لكن أبناء الجنوب وصلوا إلى حالة صعبة، بعد تبديد اراضيهم وإقصائهم من السلطة والجيش والوظائف، ويبدو أن مطالب الانفصال جاءت من الواقع الذي فرض عليهم؟
- تعلم جيدا، أن الحراك في الجنوب بدأ بأهداف واضحة وجلية، وهي المظالم، ونحن جميعا شاركنا في المشترك بالدفع بهذه المظالم إلى مستوى أعلى وأيدنا هذه المطالب، ولكن للأسف ما إن مرت فترة من الفترات حتى تفاجأنا بأن الأهداف السياسية قد تغيرت.
لقد تم استغلال هذا الحراك من قبل بعض الأطراف السياسية سواءً كانت ممن حكموا جنوب اليمن السابق، أو ممن لهم طموحات جديدة، وأيضا استمرت أخطاء بعض من حكموا الشمال في السابق، أو ممن لهم طموحات جديدة في الشمال، والذين لايستطيعون أن يقدمون مشاريع كبيرة ومشاريع جديدة على مستوى الشعب اليمني.
الشعب اليمني لديه مشروع واحد هو مشروع الوحدة اليمنية، هذا مشروع كان هدفا استراتيجيا لثورة 26 من سبتمبر وثورة 14 أكتوبر، وإذا لم نؤمن بهذا المشروع معنى ذلك أننا لم نؤمن بالثورات التي قامت، الثورة الجنوبية أو الشمالية.
* لكن كما قلت لك أن الحراك الجنوبي له مبررات تدفعه للمطالبة بالانفصال؟
- سأصل إلى هذه النقطة، إذن نحن الآن نضع الأمور في نصابها، وعندما نأتي ونتحدث أن أسباب هذه المظالم؛ نطالب بالانفصال، هناك مظلمة إذن لابد من الانفصال، هناك أخطاء سياسية إذن لا بد من انفصال، هناك تعدي على الحقوق إذن لابد من الانفصال، أنا أعتقد أن هذه نظرة مستعجلة، وهذه نظرة تؤثر في حاضر ومستقبل اليمن، في وضعه على مستوى المنطقة، في وضعه مواجهة القوى الأخرى الطامعة، ليس طامعة فقط بأرض اليمن وإنما طامعة بأن تمد نفوذها الاقتصادي والسياسي والثقافي أو استعماري مغلف بطرق التنافس الدولي في المنطقة.
* قد يكون من جهة أخرى، تم رفع سقف الانفصال من أجل تحقيق المطالب العادلة التي طالبوا بها؟
- نحن نثق ثقة كاملة بأن الشعب اليمني في شماله وجنوبه وغربه وشرقه، مع الوحدة اليمنية، وأن أهداف ثورة 26 وأهداف 14 أكتوبر كانت هي الأهداف التي وقف معها الشعب اليمني من أجل أن يحقق حاضره ومستقبله، وسقط عشرات الآلاف من الشهداء في الشمال وفي الجنوب، من أجل أن تحقق أهداف ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، وتحقيق الوحدة جاء استجابة حقيقية لهذه الأهداف، أما أن نأتي اليوم ونقول أن الحاكم السياسي أخطأ، أو محافظ أو وزير أخطأ، نطالب بالانفصال، دعنا نضع الأمور في نصابها، لكننا لانقول أن الوحدة أخطأت، من يقول إن الوحدة أخطأت فتفكيره في هذه الحالة تفكير متعجل وغير سليم.
* لايوجد خلاف على مضمون الوحدة، لكن البعض يقول ما فائدة الوحدة والحقوق والسلطة والثروة منهوبة؟
- أنا أتفق معك أن الوحدة بريئة من مايصنع الآخرون، مما يدعيه الآخرون بأنها قد فشلت، الوحدة مطلب يمني سياسي واستراتيجي وواقعي، الوحدة هي حقيقة قائمة في هذا الجسد اليمني، لايمكن أن نفصل جسدنا اليمني إلى نصفين ونقول أننا نستطيع أن نتحرك في ظل هذا العالم المتغير، اليوم لايُعترف إلا بالقوي، ولايتم الاعتراف بالضعيف، لايعتقد البعض أننا إذا انفصلنا سنستطيع أن نحقق انجازات كبيرة سواء على أرض الواقع اليمني أو على واقع الأمة العربية والإسلامية، بالعكس سنكون ضعاف وسنضعف أكثر، ونتوقع أن اليمن إذا انفصلت لن تحل كافة المشاكل، ستظل المشاكل قائمة وستظل المشاكل قائمة في الشمال وستظل قائمة في الجنوب، وهذا لايعني أن ذلك إنجازا، العكس، نحن نستدعي إرثا استعماريا، نحن نستدعي عصبية، نستدعي الضعف بأيدينا، وستكون النتيجة لاشك كارثية.
* لكن ماذا عن الأراضي المنهوبة والحقوق المسلوبة؟
- حديثك المتكرر عن الأراضي منهوبة، أولا: القضية الجنوبية هي ليست قضية المحافظات في الجنوب، هي قضية الشعب اليمني كله، والقضية في صعدة ليست مشفرة وحصرية على أبناء صعدة، هي قضية أبناء الشعب اليمني كله، يجب علينا أن ننظر بالعقول الواسعة والمفتوحة، يجب ان نعلم أن ما يجري في صعدة يؤثر على اليمن كله، وان مايجري في المهرة يؤثر على اليمن كله، ولذلك المظلوم في عدن هو مظلوم يجب أن ينتصر له كل الشعب اليمني، المظلوم في شبوة لا بد أن ينتصر له كل الشعب، ولابد أن تعاد الحقوق، ولاتنسجم الأمور ولايتحقق الأمن والاستقرار إلا إذا زالت هذه المظالم.
* حتى الآن لم يتم إنصاف هؤلاء؟
- أنا أتفق معك، بأن الظلم جور، والظلم ظلمات، ولذلك يجب أن ننتصر جميعا ويجب أن نقف من أجل إزالة هذه الظلم، والتعويض عن ماحصل للمظلوم، ولانكتفي بذلك بل علينا أن نحاكم ونؤخذ الحق ممن ظلم، وأن نعيد الأمور إلى نصابها إن كنا نريد انسجاماً وطنياً، وتآلفاً وتسامحاً، لايمكن أن أقول للآخرين ضحوا وآخرين استفيدوا من هذه التضحيات، التضحيات لابد أن تكون جماعية، والاستفادة كذلك جماعية.
* أنت تقول أن الانفصال سيقود إلى كارثة والحراك الجنوبي يقول إن الوحدة لم تعد الحل، إذن ماهي الحلول التي يمكن أن تضمن اليمن موحدا، وترد الحقوق إلى أهلها؟
- ما سمعته داخل هذا الحوار، هو أن الجميع مع الوحدة، ومايجري وكل الوثائق التي قدمناها في فريق بناء الدولة على سبيل المثال، كل الوثائق تتحدث عن اليمن الواحد، وقد شارك معنا إخواننا في الحراك الجنوبي وبقية إخواننا المشاركين من الجنوب من غير الحراك، لأن الحراك يمثل فقط 85 مقعدا، من 307 جنوبي مشارك في الجنوب، الحراك جزء من المحافظات الجنوبية وليس كل المحافظات الجنوبية وهذه حقيقة قائمة، ثم إن هناك بقية الحراك رفض أن يأتي إلى الحوار، وهناك فئات أخرى في المحافظات الشمالية دُعيت للحوار ولم تأتِ وهذا معروف، لكن الحوار انطلق ومضى، ونحن قاب قوسين أن نجني الثمرات، وأقول كل النقاش الذي جرى في القاعات وتحديداً في بناء الدولة اتفقنا على قرارات كلها تصب تحت سقف الوحدة اليمنية، ولم نصوت على قرار خارج إطار سقف الوحدة، ولكن بقي لنا نقطة واحدة أساسية هي شكل الدولة، كيف تكون هذه الدولة، هل من عدة أقاليم، هناك من يطرح خمسة أقاليم، والبعض عشرة، والحراك الجنوبي يطرح إقليمين، ولكن هذا رأيه نحن أتينا إلى الحوار..
* "مقاطعا".. أغلب المكونات إلى أين تتجه؟
- تتجه إلى أقاليم متعددة.
* لم يتم تحديد الرقم، كم الأقاليم برأيك؟
- لا، وهذا هو الشيء الذي تبقى في الحوار، ونحن أتينا للحوار، لو كان لدينا مانع بأننا لن نقبل إلا سبعة أقاليم، ومن قال ثمانية أقاليم عليه أن يخرج، إذن هذا لم يعد حوارا، ولكن علينا أن نأخذ ونعطي بما هو أفضل لنا، ولذلك نحن نقول إن أغلب المتحاورين هنا هم مع الأقاليم المتعددة وهذه الأقاليم هي استجابة حقيقية فقط لحلحلة القضية الجنوبية، ولكن هناك البعض لازال إلى هذه اللحظة يؤمن بالدولة المركزية كاملة الصلاحيات.
* من هم؟
- لستُ بصدد أن أقول من هم، وبإمكانك أن تعود للوثائق وستعرف، لكن على سبيل المثال، الإصلاح قدم ورقته على أساس وحدات لامركزية، ولكن مع الأخذ والعطاء مع إخواننا في الحوار، إلى حد ما إذا ذهبنا إلى ما يذهب إليه الجميع وليس إلى ما يذهب به مكون واحد، قد ربما ننسجم ونلتقي معهم من أجل اليمن والحفاظ على اليمن، مستقرا وآمنا.
* ونحن نتحدث عن الأقاليم، وأنت في فريق بناء الدولة، البعض يطرح اقليمين وهناك أكثر، كحلول مناسبة هل ترى أن فكرة الأقاليم تحافظ على الوحدة اليمنية في ظل فشل الوحدة الاندماجية، وهل ستنجح في ظل الوضع الاقتصادي المتردي؟
- في رأيي الشخصي ورأيي العلمي، الدولة اللا مركزية والحكم المحلي كامل الصلاحيات هي الأمثل، لكن طالما قد أتينا إلى الحوار، وأن البعض سواء في الشمال أو الجنوب، يعتقد أن الانظمة كانت قبل الوحدة فاشلة، والبعض يعتقد أن النظام بعد الوحدة فاشل، فتم طرح فكرة الأقاليم، وأنا أعتقد أن هذه تجربة جديدة ولا نستطيع أن نقيمها من الآن، لكن طالما وهي في ظل الوحدة اليمنية، وأن الدولة المركزية لا بد أن تكون لها نصوصا قوية بحيث تبقى هي المسيطرة على السيادة اليمنية برا وبحرا وجوا، وهذه الأقاليم تدير شؤونها الذاتية في إطار الدولة اليمنية، وهناك قواسم مشتركة، حكومة مركزية، مجلس نواب، مجلس وطني، مجلس اتحادي ممثل للأقاليم، نحن في إطار دولة واحدة ولكن بتجربة واحدة هي تجربة الأقاليم، غيّرنا الأسماء بدل أن كانت محافظات وسعناها إلى أقاليم، والأقليم يشمل مجموعة من المحافظات، تغيير الأسماء فقط والطريقة الإدارية.
قد نقول انها تهدد الوحدة، وقد نقول أنها تدعم الوحدة، لانستطيع أن نقر من الآن أن التجربة هذه ستكون فاشلة أو ناجحة، هي تجربة جديدة علينا في الوطن العربي، بدأت تطبق في العراق ولم تمضِ إلى المستوى الأمثل. طالما والموجودون في الحوار الوطني جميعهم أبناء اليمن، ونحن لسنا قُصر حتى نقول أنه يفرض علينا من الداخل أو أن نستسلم لضغوطات من الخارج أو من الداخل، هذا كلام لن نقبله، ونحن في هذا التوجه لن نقبل أي ضغوط، وهذا يجب أن يعرفه الجميع، الضغوط الوحيدة التي سنسلم بها هي الضغوط التي تحمي المصالح الإستراتيجية لليمن الواحد، وغيرها لن نستسلم لأي ضغوط.
* حتى الضغوط الخارجية من قبل الداعمين في الدول العشر، ورعاة المبادرة الخليجية؟
- حتى هذه اللحظة نحن نعلم أن الدول الخارجية سواء إقليمية أو عالمية، لها مصالح وندرك هذه الحقائق، لكننا نعرف أن المصالح المتبادلة لها أهميتها، ومن مصالح هذه الدول بقاء اليمن آمنا ومستقرا، ومن مصالح بعض الدول أن يوجد يمن ضعيف، لكن نحن نرعى مصالحنا وعلينا أن نتنبه أن هناك أطرافا خارجية لها برامج وتريد أن تنفذها في أرض اليمن، ونحن لاننكر هذه الحقيقة، لكن الحقيقة التي يجب أن نؤكد عليها أننا كيمنيين علينا أن ندرك أننا ننتبه جيدا لمصالحنا وأن نعلم أن هناك من يريد يمنا ضعيفا، ونعلم أن هناك من يريد امة عربية ضعيفة ومجزأة، ونعلم أن هناك حشودا عسكرية غربية كانت أم شرقية في السواحل العربية كلها وبشكل خاص في السواحل البحرية القريبة من الحدود البحرية اليمنية، نعلم ذلك وكل ذلك من أجل حماية مصالحهم، ولذلك علينا أن نعزز من حماية مصالحنا، وأن نعزز من قدراتنا، أن نذهب في الحوار بما يحمي مصالح الشعب اليمني ويحمي أمننا واستقرارنا، أما أن نذهب دون أن نعلم تحت عصبية في إطار هذا المخطط، فذاك هو الفشل بعينه، البعض قد لا يتنبه لذلك، ويومها لن ينفع الندم.
مصالحنا واضحة، ومصالح الشعب اليمني مع الوحدة اليمنية ومع الأمن والاستقرار ومع القضاء على كل المظالم، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإيجاد مواطنة يمنية متساوية، مصالحنا أن يحكم الشعب اليمني نفسه بنفسه، وأن يقيم علاقات متميزة مع أشقائه ومع الدول الصديقة وغيرها من الدول، ولكن مصالحنا تقول لنا باختصار أن نحافظ على الوحدة.
* كونك في فريق بناء الدولة ما هو الشكل الجديد للدولة التي تعتقد أن أغلب الفرق في الحوار ستتفق عليه؟
- نحن في بناء الدولة لم نتخذ القرار بعد، شكل الدولة لم نتخذه بعد، من أجل أن ننتظر ما سيخرج من فريق القضية الجنوبية، ولكن إلى هذه الدقيقة لم اسمع أحدا يطالب أو يطرح مشروعا يدعو إلى الانفصال، قد ربما نسمع بعض النكات والمزاح.
* وماذا عن التصريحات التي تأتي من قادة الحراك الجنوبي؟
- هو فقط بهدف رفع السقف حتى يقبل الناس بما يطرحوه، أنا تحدثت قبل قليل مع عدد من أبناء المحافظات في الجنوب يمثلون أكثر من 60% من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني وكلهم يحبون اليمن ويحفظونه بحدقات عيونهم.
* الحراك يطالب بالندية، وهذه النسبة فاقت الندية لصالح الجنوب؟!
- نحن كمتحاورون لانعتبرها ندية، وأنا لا أقبل بهذا التقسيم، الذي يأتي من عدن هو يمثل الشعب اليمني، والذي يأتي من حضرموت هو يمثل الشعب اليمني، والذي يأتي من صعدة يمثل الشعب اليمني وهكذا، ولذلك نحن وقعنا على مشروع، إذا كانت اليمن ستقسم إلى اقاليم فنحن أبناء المحافظات (إب وتعز ولحج والضالع وعدن) قد وقعنا على مشروع أن يكون هذا إقليم، وتكون العاصمة عدن، وقد وقع على هذا المشروع حتى هذه اللحظة نحو 100 شخص من المتحاورين.
وأريد أن أقول ان الأقاليم إلى هذه اللحظة هي مجموعة أفكار، والنص الذي سيأتي بهذا هو أن الدولة اليمنية واحدة والجمهورية اليمنية واحدة، لكنها ستتكون من دولة اتحادية ولكن تحت نظام الأقاليم، يجب أن نأخذ هذا البعد، عندما كانت أسماء المحافظات ألوية، قلبناها إلى محافظات، والآن المحافظات إلى أقاليم، وهناك من يطرح 21 إقليم, والبعض 16 أقليم، ونسمع البعض يريد أن تكون هناك أقاليم مستقلة مثل عدن إقليم، والمكلا اقليم، وصنعاء إقليم، هناك أفكار وهذه الأفكار ستدرس في المستقبل، نحن إذا خرجنا ببعض الرؤى لن نطبقها من اليوم الثاني، ستحتاج إلى وقت، وستوزع الأقاليم على أسس علمية اقتصادية اجتماعية ثقافية، بحيث لايحصل التخوف الذي قلته في بداية الحديث والذي قد يؤدي إلى ضعف اليمن. إذا كانت هذه الأقاليم ستعزز الوحدة فنحن معها، وإذا كانت الأقاليم تهدد الوحدة فنحن ضدها.
* الإصلاح والمشترك
* ونحن في الذكرى الـ23 لحزب الإصلاح، هناك اتهامات للإصلاح بالإقصاء وعدم الشراكة، والإنفراد وعدم القبول بالآخر، ما هو ردكم على مثل الاتهامات؟
- سأحدثك بلغة علمية، ولغة الأرقام هي أفضل تعبير، وأسهل الطرق للإقناع، الحكومة اليمنية تتكون من 32 وزارة، من هذه الوزارات كلها لدينا 3 وزراء ونص.
* لماذا نص، وكيف يكون؟
- النص هو وزير يدخلوه علينا غصبا، لأنه ملتزم اعتقدوا أنه إصلاحي.
* هل تقصد وزير الداخلية؟!
- سأترك لك الاختيار، للأسف الشديد لا أدري كيف يصنفون الأشخاص، كما في مصر وصل الحد إلى ان كل من يربي اللحية فهو من الإخوان، نحن لدينا ثلاث وزارات، التربية والتعليم والقضاء والتخطيط، فأين الأخونة في هذه الوزارات، لايوجد عندنا ولا نائب وزير.
* الإقصاء في الوظائف الصغرى والمتوسطة ومدراء العموم وأشياء أخرى؟
- خذ التربية والتعليم، لدينا في اليمن ما يقرب 13 ألف مدرسة، تخيل قبل ثورة الشباب كانت 13 ألف مدرسة كلها، مدراء ونواب جميعهم من المؤتمر الشعبي العام، فأين الإقصاء من الذي أقصى الآخر؟. لدينا سبع جامعات حكومية، قبل ثورة الشباب السلمية كان رؤساء الجامعات، ونوابهم وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام جميعهم من المؤتمر الشعبي العام، ولم يكن لهم أي مشارك لا من الإصلاح -رغم وجود الكفاءات عندهم- ولا من الأحزاب الأخرى، لكن كانوا يضعون من هو أكثر ولاء للحزب، وكنا نسمع هذه الانتقادات من قبل إخواننا في المؤتمر، يقولون نحن يُضحى بنا لأننا لانقبل أن ننفذ في مواقع علمية برامج سياسية، ولذلك كانوا يضعون الأشخاص الأكثر ولاءً للحزب.
اليوم يقولون أننا استبعدناهم، ويقولون أن هناك إقصاء لهم، أنزل شوف العمداء ورؤساء الجامعات ونوابهم، لا زالوا كما كانوا وإذا حصل تغيير لم يتجاوز 10% في الجامعات. للأسف الشديد أن هذا الصوت المرتفع هو صوت مقلد. نفس الكلام في مصر كانوا يقولون أخونة الدولة، لكن بعد الانقلاب العسكري اتضح أن الوزراء نفس الوزراء والمسؤولين هم انفسهم، ورؤساء الجامعات، أنا أرفض هذه المقولة ومن أراد أن يتحدث فعليه أن يتحدث بالأرقام.
يقول لي: هناك 13 ألف مدير مدرسة من المؤتمر، وحوالي 23 ألف نائب مدير مدرسة، فيقول لي كم أقصي من هؤلاء وكم تم إدخال آخرين بدلهم.
* الإقصاء ليس بين المؤتمر والإصلاح فقط، لكن على مستوى الإصلاح والأحزاب الأخرى المشاركة بالمشترك، هناك نوع من الإقصاء يمارسه الإصلاح على شركائه حسب ما نسمع منهم، حتى وصل البعض بالقول أن المشترك بدأ عقده ينفرط؟
- أنا لست ناطقا باسم الإصلاح، ولكني طرحت رأيي كأحد أفراد الإصلاح، وحتى أشقاءنا، والمثل يقول: "إذا كان المتكلم مجنون كان المستمع بعقله"، نحن مع إخواننا في المشترك لايوجد لدينا مانتقاسم عليه، حتى نقول اننا أخذنا حقهم، الدولة موجودة والحكومة هي مرحلة انتقالية، وإذا حصل تغيير هنا أو هناك، انظر إلى الأعلى ستجد ما هو الأدنى، أنت تعرف مثلا، هناك 17 وزير من الذين شاركوا من طرف الثورة، وهؤلاء يتقاسمهم الإصلاح والناصري والأحزاب الأخرى. وأنا شخصيا أكره النسب، وأؤمن بالكفاءة وأن أي شخص عنده قدرة ومؤمن ببرنامج وإستراتيجية تحقق المصلحة العامة ويحقق مصالح اليمن فليأتي من أي حزب وليأتي من أي منطقة كان، لكن المشكلة أن نظرة التقاسم أحيانا الهدف منها لتوسيع المشاركة فقط.
* للمشاركة أم للمحاصصة؟
- لا هي تأتي للمشاركة، النسب تأتي استجابة لمفهوم المشاركة، من هذا المنطلق أقول أخي، نحن والمشترك فريق واحد، لدينا رؤية إستراتيجية ليست فقط ملكنا، هي ملك للشعب اليمني، وسنمضي حاملين هذا المشروع الوحدوي الثوري السلمي، إلى النهاية بما يحقق أمن واستقرار وتقدم وازدهار الشعب اليمني. نحن في المشترك نمضي كفريق واحد دون أن يوجد لدينا إشكالية بخلاف في الآراء، نحن نختلف في الآراء ولكن نصل إلى قواسم مشتركة في الأخير، أما قضية أن يقال أن هناك توزيع غنائم، لاتوجد غنائم، الغنائم هذه الحقيقة في ظل هذه الظروف هي مغارم وليست مغانم، الذي يقصد منصبا هذه الأيام أعتقد أنه الخاسر، وقد قلت هذا الكلام قبل تشكيل الحكومة عندما كنا مجتمعين في المجلس الوطني وكان الأخ رئيس الوزراء وكنا في اجتماع ووجدنا البعض من شخصيات سياسية غير مجربة تريد التقاسم، فقمت وتحدثت وقلت يجب علينا أن ندعو الله لمن يتم الفرض عليه بأن يقبل منصبا وزاريا، لأني أعلن لكم من الآن أن من قبل أن يتحمل منصبا فهذا رجل قد أعلن الانتحار السياسي مسبقا، لأنه حتما سيمسك عملا في ظرف استثنائي جدا، وأنت تعلم كيف كانت شوارع صنعاء ممزقة والدبابات والقوات في كل مكان، وكان كثير من القيادات السياسية لا يستطيعون التحرك من شارع إلى شارع بصنعاء.
* باختصار هل تعتقد أن المشترك سيصمد لمدة خمس سنوات قادمة؟
- أملنا أن لايبقى لمدة خمس سنوات، بل إلى أكثر من خمس سنوات، وأملنا أن لاينحصر على ماهو عليه، وأن يستوعب مشاركين جدد، وهناك قوى سياسية جديدة وأحزاب جديدة قد ترغب بالانضمام للمشترك، وأتمنى من المشترك أن يوسع هذه القاعدة، والمشترك تجربة رائدة ليست في اليمن ولكنها في المنطقة كلها.
* هل يمكن أن تشهد الأيام القادمة تحالفات جديدة، مثلا الإصلاح مع الرشاد والأحزاب القريبة يمكن أن يشكل تكتل جديد، والاشتراكي والناصري والأحزاب اليسارية يمكن أن تشكل مكون، نظرا للاختلافات الأيدلوجية؟
- المشترك أثبت قدرته على تجاوز كل الصعوبات، نحن تعرضنا لضغوط وخاصة قبل الثورة بحيث تريد أن تقسم وتفرق المشترك، تحت قاعدة فرق تسد، ولكن بفضل الله استطاع المشترك أن يتجاوز، لأنه أمام المشترك هدف واحد وهو الوطن، وطالما وهدفنا واضح، وهو أمننا واستقرارا واقتصادنا واستراتيجيتنا، هذه أهداف واضحة قد يوجد لدينا بعض البرامج التي قد نختلف فيها، لكن لكل حزب برنامجه، لكن مضينا بقدر ما نستطيع بأن نمضي من مرحلة إلى أخرى بأن نحقق ما هو أسمى لنا جميعا، وهي المصالح العامة لهذا الوطن، وهذه النقطة في رصيدنا كمشترك، وأتمنى من المشترك أن يحافظ على هذا الرصيد وأن يعلم أنه حامل لراية الثورة الشبابية السلمية وأنه مطالب اليوم أمام جماهير الشعب اليمني بتحقيق الأهداف، لا يعني ذلك أن لا يفتح المجال للآخرين أن يشاركوا، بعكس كل ما ازدادا المشاركة ربما تحقق لنا أو نصل إلى أهدافنا بأقل الخسائر وبأسرع وقت ممكن.
* من الذي استفاد من الآخر الإصلاح من المشترك، أم أحزاب المشترك استفادت من الإصلاح؟
- مشكلة الصحفيين، أنهم يضعون أسئلة عجيبة، أنا أقول أن الذي استفاد من المشترك هو الوطن، وأن تضحيةً هنا من الإصلاح وتضحيةً هنا من الناصري، أو طرف آخر تقدم قليلا وطرف تراجع قليلا، دعنا نقول أن المشترك جمع المعارضة وسجل رقما.
* ماذا حقق المشترك للشعب اليمني؟
- لقد حققنا أهم منجز لبلادنا، ونحن في طريقنا وهي الديمقراطية، ولا تنسى أن المشترك قدم لليمن وللوطن العربي تجربة رائدة، الانتخابات الرئاسية وكانت انتخابات مميزة رغم حداثة التجربة ورغم التزوير والأخطاء، ولكن نعتبر أنها بداية الضوء في نفق مظلم، فكانت أمل ثم ظل المشترك يمضي قدما، وحمل ورفع أهداف الثورة، وحمى وشارك مع الثورة الشبابية السلمية بل كان الحصن الحصين إلى جانب الكثير من المستقلين والقبائل اليمنية القوات المسلحة، وكل من يؤمن بأمن اليمن دافعوا عن الثورة، والثورة كانت تشتغل في كل المحافظات وكان النظام يريد أن يستهدف الجميع، ولكن نزول المشترك والأحزاب استطاع أن يعمل حاجزا ومانعا لحماية الثورة ومحاولة نقل أهداف الثورة إلى أرض لواقع.
أما تقول لي ماذا حققنا، هذا الحوار تخيل معي أن المشترك غير موجود، إذن أقرأ على الحوار السلام، قد تقول هل المشترك استطاع أن يقدم تقدما اقتصاديا، سأقول لك أين الحكومة التي بيده، هل المشترك استطاع أن يحقق عدالة اجتماعية، أقول لك نحن إلى الآن لم نستلم حكومة حتى تحاسبنا، حتى داخل مجلس النواب أنت تعرف مواقفنا، وعددنا هناك لا يتجاوز 52 عضوا، ومع ذلك استطعنا أن نوقف الكثير من القرارات التي كانت ستشكل نكبة للشعب اليمني.
* الوقت انتهى، اختصر لي لو سمحت.. ؟
- "مقاطعا".. لا تقل لي الوقت، أنت تسأل أسئلة حادة وذكية، والصحفيون يريدون أن يتركوا الأسئلة للأخير حتى لايجدوا لها جوابا، أنا يجب أن أضع الجواب: اللقاء المشترك أستطاع أن يقدم للوطن ما ذكرته لك، وشارك واستطاع أن يخلق بعدا سياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا على الأقل إذا لم يكن قد تحقق منه الكل قد تحقق منه الجزء.
* أنتم مشاركون في الحكومة ماذا صنعتم؟
- نعم مشاركون في 17 وزير، ما دون نائب وزير حتى الحارس والبواب ليست تحت أيدينا، وهذا رد على الأخونة والإقصاء، تجد الوزير من الإصلاح ونوابه من المؤتمر والوكلاء من المؤتمر ومعظم مدراء العموم من المؤتمر، ثم تجد وزيرا من الناصري وتجد من باب مكتبه حتى نهاية المطاف كلهم من حزب واحد وهو المؤتمر.
يا أخي العزيز نحن نحمل مشروعا وطنيا، أرجوك كصحفي؛ الكلمة اليوم أخطر من السم الذي يدس وسط العسل، والكلمة أخطر من فوهات البنادق، أرجوكم أن تدركون ما تقولون، نحن نحمل مشروعا وطنيا للجميع وليس مشروعا وطينا للإصلاح أو الاشتراكي أو الناصري أو غيره، نحن نحمل مشروع لكل أطياف الشعب اليمني وهذه الصورة نؤمن بها وأنا مسؤول عنها، واستطيع أن أؤكد أننا لا نفرق إلا في حالة واحدة إذا وجدنا إنسانا فاسدا سواء كان منا أو من غيرنا، فهذا الشخص يجب ان يقوم ويعاد النظر فيه ويجب أن ينصح.
* في دقيقة واحدة كيف تقيم علاقة الاصلاح بالرئيس هادي؟
- علاقة طبيعية، تجمعنا مصلحة الوطن وحب الوطن، مصالحنا العليا هي مصالح اليمن، ومصالح اليمن هي: عدم التعدي على سيادة الشريعة سقف مهم جامع لكل الشعب اليمني، سيادة الوحدة اليمنية، وسيادة النظام الجمهوري الذي قامت من أجلة ثورتان، وسيادة الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، والعدالة الاجتماعية، وتوزيع السلطة والثورة على كل أبناء اليمن.
نتفق مع رئيس الجمهورية بها ونختلف مع رئيس الجمهوري إذا عارضها، وهذه هي سياستنا العامة تجاه الجميع، وهذه هي الاستراتيجية التي نعتقد أنها مصلحة شعبنا. هذه الأسس التي نعتقد أننا نتفق مع الناس بها، ونختلف مع الناس حولها وهي أيضا تحكم علاقتنا بالأخ الرئيس هادي، كما تحكمنا مع الآخرين.
الرئيس نحن صوّتنا له وذهبنا بكل قوتنا معه، ونحن نساعده وقد ساعدناه وسنظل نساعده على حفظ الأمن والاستقرار وتحقيق المبادرة الخليجية لنوصلها إلى نهايتها إن شاء الله.