هل يترشح وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي للرئاسة؟ سؤال يتردد على كل الالسنة في مصر لكن الرجل القوي في البلاد يلتزم الصمت. ورغم ان لجنة الخمسين التي شكلت لتعديل دستور 2012 لم تحدد بعد شكل النظام السياسي للبلاد وهل سيكون رئاسيا ام برلمانيا ام شبه رئاسي، الا ان الصحف المصرية تفيض بالتكهنات والتحليلات حول ما اذا كان السيسي هو المرشح الافضل للرئاسة خلال المرحلة الراهنة.
وعلى شبكة الفيسبوك ظهرت حملات تدعو لترشح السيسي الذي ترى فيه قطاعات واسعة من المصريين، منذ قراره عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي في الثالث من حزيران/يونيو، رجلا حاسما وقويا يستطيع اخراج البلاد من حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها منذ ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 في وجه نظام حسني مبارك. بل ان ثلاثة من ابرز مرشحي الرئاسة في الانتخابات الاخيرة عام 2012، حمدين صباحي وعمرو موسى واحمد شفيق، اقروا بان السيسي هو الاكثر شعبية في مصر الان واعلنوا انهم لن يخوضوا غمار المنافسة اذا ما قرر الترشح. وقال موسي مؤخرا في مقابلة مع صحيفة الشروق إن "ما يريده المصريون الآن في الرئيس القادم، هو ان يكون رئيسا حاسما باترا، قادرا على اتخاذ القرار الحازم مهما كانت فعاليته السياسية، على ألا يتعارض مع الدستور، فالمزاج المصرى الآن أصبح غاضبا خائفا من الفوضى والإرهاب".
وتابع "يتبادر إلى الذهن المصرى مباشرة أن المطلب رئيس عسكرى، وقد يكون هناك مدني يفهم ذلك، ويقدر عليه، و(لكن) الفريق عبد الفتاح السيسى، في لحظتنا تلك هو أكثر الناس شعبية في مصر وإذا ترشح فسيفوز باكتساح، وذلك طبقا للوضع الح إلى واللحظة الراهنة". وقال اليساري القومي حمدين صباحي الذي جاء ترتيبه الثالث في اخر انتخابات رئاسية في مقابلة مع برنامج على قناة النهار الفضائية الخاصة ان السيسي "الاكثر شعبية الان" وانه اصبح "بطلا شعبيا" موضحا انه لو قرر وزير الدفاع الترشح فانه سيمتنع عن دخول سباق الرئاسة. اما اخر رئيس وزراء في عهد مبارك احمد شفيق الذي خسر الجولة الثانية من انتخابات 2012 امام مرسي فاكد في مقابلة مع قناة دريم 2 الخاصة انه اذا خاض السيسي الانتخابات "ستكون له الأولوية المطلقة".
الا ان السيسي نفسه لم يقل شيئا حتى الان. والاشارة الوحيدة التي صدرت عنه جاءت في اخر خطاب علني القاه في 24 تموز/يوليو الماضي حين قال ان "شرف تنفيذ ارادة الشعب اكبر من شرف حكم مصر". وكان السيسي يشير إلى قراره بعزل مرسي الذي يعتبره تنفيذا لارادة الشعب حيث جاء اثر تظاهرات حاشدة وغير مسبوقة في مصر طالبت الجيش بالتدخل لازاحة مرسي المنتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين.
وقال صحافيون وسياسيون التقوا السيسي اخيرا لوكالة فرانس برس انه "غير راغب ولا عازم" على الترشح لانتخابات الرئاسة التي ستجرى وفقا لخارطة الطريق التي وضعت عقب عزل مرسي في الربيع المقبل. واكد الكاتب في صحيفة الشروق عبد الله السناوي لفرانس برس ان السيسي ابلغ محدثيه اخيرا انه "لن يترشح للرئاسة حتى لو خرجت الملايين للشوارع وأغلقتها لأسبوع". ويعتقد السناوي ان "ترشح السيسي مشكلة وعدم ترشحه مشكلة كذلك"، ويوضح ان "هناك ولاءات واضحة في الجيش والاجهزة الامنية وجهاز الدولة للسيسي وبالتالي فانه في حالة تولي شخصية اخرى الرئاسة سنجد انفسنا امام دولة برأسين وسيكون هناك موضوعيا صراع مكتوم بين رأس الدولة ورأس الجيش".
ويتابع "هناك حقائق على الارض اهمها ان جماعة الاخوان ستواصل السعي لافشال اي رئيس مقبل وبالتالي فان الاخير سيضطر للاعتماد على الجيش ما سيضعف مركز الرئاسة ويقوي مركز الجيش وهذه ليست مسألة متعلقة بشخص السيسي ولكنها ستكون مشكلة جوهرية في بنية النظام". ويضيف ان ترشح السيسي "سيكون تعبيرا عن ارادة شعبية تنحو إلى اختيار رئيس قوي يعيد الاستقرار ولكن المشكلة انه سيكرس فكرة قيامه بانقلاب عسكري (على مرسي) وسيؤدي إلى اشعال صراع اكبر مع الاخوان الذين سيعتبرون صعوده للرئاسة بمثابة نهاية لهم". غير ان هناك من يرى ان الدفع نحو ترشح السيسي للرئاسة ليس في مصلحة مصر في اللحظة الحالية.
وكتب الكاتب احمد طه النقر في صحيفة اليوم السابع المستقلة "أقول لكل من يتمنى أو يسعى، بحسن نية، إلى إقناع الفريق السيسي بخوض انتخابات الرئاسة، ارفعوا أيديكم عن الرجل واتركوه لمهمته المقدسة" كقائد للقوات المسلحة المصرية مسؤول عن حماية امن المصريين. واضاف "وجود السيسي على رأس الجيش أهم عندي كثيرا من رئاسته للدولة، وذلك لأن الإخطار التى يتعرض لها الوطن داخليا وخارجيا تتطلب تعزيز قدرات الجيش وتطوير أسلحته، ومواصلة صقل القدرات البشرية، وهو الهدف الذى سيكون أقرب إلى التحقق في وجود قيادة مثل السيسي". ويعتقد المحلل السياسي مصطفى كامل السيد ان الفريق السيسي ربما يميل إلى عدم الترشح للرئاسة. ويقول انه "من الواقعية الاقرار بان القوات المسلحة سيظل لها دور في المرحلة المقبلة والفريق السيسي سيكون له نفوذ خصوصا في المسائل المتعلقة بالامن القومي".
لكن كامل السيد، وهو استاذ للعلوم السياسية في جامعة القاهرة، لا يستبعد "التعايش" بين قائد الجيش وبين اي رئيس سيتم انتخابة خصوصا ان "الرئيس المقبل لن يمس في الظروف الحالية للبلاد بامتيازات القوات المسلحة". ويصر الجيش المصري منذ اطاحة مبارك على ان تبقى موازنته سرية ومستقلة وعلى ان تظل مدرجة كبند واحد من دون تفاصيل في الموازنة العامة للدولة مبررا ذلك بضرورات الامن القومي.