رأت أوساط نفطية في الكويت أن المستقبل لا يبدو مضمونا بالنسبة لأي من اللاعبين الكبار على الساحة النفطية في الشرق الأوسط، في ظل ما حققته الولايات المتحدة من زيادة في إنتاجها النفطي إلى أكثر من 12 مليون برميل يوميا، في أيلول/سبتمبر الماضي، متفوقة على أكبر منتج نفطي بالعالم وهي السعودية، والتي تنتج نحو 10 مليون برميل يوميا.
مستوى إنتاج الولايات المتحدة هذا يثير قلق منتجي النفط من اعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) التي تسعي جاهدة الي ضبط إيقاع السوق العالمية وتهدئة المخاوف من انخفاضات محتملة في الأسعار نتيجة تخلي أمريكا تدريجيا عن نفط الشرق الأوسط بمرور الوقت’ .
وتتوقع تقارير متخصصة أن يصل إنتاج الولايات المتحدة النفطي في عام 2014 إلى نحو 13.2 مليون برميل يومياً، بينما من المحتمل أن ينخفض استهلاكها من نحو 20 مليون برميل يومياً، في عام 2003 إلى نحو 18.7 مليون برميل يومياً، في عام 2013، ما يعني تقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، بحدود 5.5 ملايين برميل يوميا، وبالتالي فإن الولايات المتحدة لن تكون في حاجة ماسة لدول الخليج لتوفير الفجوة النفطية بين الإنتاج والاستهلاك لديها، وخاصة مع تصاغر تلك الفجوة مع الزمن.
و في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي كانت السعودية ثاني أكبر مورد نفط للولايات المتحدة، بصادرات سجلت نحو 1.4 مليون برميل يوميا.
وقال محللون’كويتيون متخصصون في شؤون الطاقة، في مقابلات هاتفية مع وكالة الأناضول، إن على الدول المنتجة للنفط ألا تنسي أن هناك عاملا آخر يتمثل في الطاقة الإنتاجية الزائدة للمنتجين خارج منظمة أوبك، والتي يتوقع أن تقود السوق نحو تخفيض أسعار النفط على المدى المتوسط.
وقال حجاج بوخضور، الخبير الكيتي في شؤون النفط، لوكالة الأناضول إن سياسة أمريكا في تأمين مصادر نفطية من خلال فتح المجال للاستكشافات النفطية في سواحلها، تكتيكية بالدرجة الأولى بهدف تخفيف حدة الارتفاعات التي قد تشهدها أسعار النفط، حتى لا تتكرر المستويات السابقة’ كما حدث في 2008 والتي بلغت 147 دولاراً للبرميل. وأشار بو خضور إلى أن زيادة إنتاج أمريكا سيعزز من هدوء المضاربات العالمية بأسواق النفط.
وفيما يتعلق بتأثير السياسية العالمية للاستغناء عن النفط كمورد للطاقة والبحث عن بدائل، أكد بوخضور أن بدائل الطاقة لا تزال قاصرة على جذب الأضواء نحوها لتراجع جدواها الاقتصادية مقابل النفط، بسبب ارتفاع تكاليفها.
وتابع ‘الطاقة الجديدة لن تكون بديلا مجديا للنفط إلا إذا ارتفعت أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل’.
وقال تقرير حديث لشركة بى.بى البريطانية، أحدى أكبر شركات النفط العالمية، إن النفط الخام لا يزال الوقود الأمثل ويمثل 33%من إجمالي استهلاك الطاقة الأولية في العالم، بالرغم من تراجع نسبته في الاستهلاك العالمي للطاقة، مسجلا 89.8 مليون برميل يوميا، بنمو نسبته 0.9%.
واستبعد بوخضور، في سياق متصل، أن يُغني النفط المكتشف في الحقول الأميركية، واشنطن عن نفط الخليج بشكل كامل. واستطرد بالقول، أن على منتجي النفط في المنطقة الخليجية ألا يفتخروا كثيرا بالإيرادات القياسية التي حققتها عوائد النفط في العام الماضي 2012، إذ أنهم باتوا مضطرين لضخ مزيد من الاستثمارات لتنويع مصادر الدخل، بدلا من الاعتماد على النفط.
ووفقا لإحصائيات رسمية من إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن دول أوبك باستثناء إيران حققت في العام الماضي 2012 أعلى إيرادات لصادراتها النفطية منذ عام 1975، محققة نحو 982 مليار دولار.
وسجل نصيب دول مجلس التعاون الخليجي الأربع الاعضاء في أوبك (السعودية والإمارات والكويت وقطر) نحو 554 مليار دولار تعادل 56.4% من إجمالي إيرادات أوبك، وحققت السعودية وحدها 311 مليار دولار تعادل 31.7% من إجمالي إيرادات أوبك، والامارات 100 مليار دولار تعادل 10.2%من نصيب أوبك، الكويت 88 مليار دولار وقطر 55 مليار دولار.
من جهته يرى الخبير النفطي الكويتى، أحمد حسن كرم، أن إنتاج النفط الصخري الأمريكي قد يشكل خطرا على الصادرات النفطية لدول الخليج، التي اكتسبت بفضل الذهب الأسود دورا محوريا في الأسواق العالمية وأهمية جيوسياسية.
وقال، في اتصال مع وكالة الأناضول، إن إنتاج النفط في الولايات المتحدة في المستقبل سيؤثر لا محالة في صادرات السعودية، التي ضخت للولايات المتحدة 16% من وارداتها العام الماضي.
وأضاف كرم ‘المتفائلون يرون أن الطلب على المدى المتوسط سيستمر على الأرجح، ولا سيما بفضل عطش الدول الآسيوية للطاقة، ذلك إذا ما حافظ النمو الاقتصادي على وتيرته الحالية’.
وحذر من إمكانية أن تؤدي ثورة النفط الصخري في شمال أمريكا إلى تخفيض الطلب على المنتجات النفطية في المستقبل.
وقال خبير النفطي الكويتي كامل الحرمي إن ‘تأثير إنتاج النفط الصخري على دول الخليج والعراق سيأتي لامحالة.. ربما نرى هذا الأثر على المدى القصير وليس فقط على المدى المتوسط، خاصة وأن أمريكا ماضية في تكريس نفسها كأكبر منتج للنفط في العالم’.
وبين الحرمي، في اتصال مع الأناضول، أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة أثّر كذلك في الصناعات البتروكيماوية في الخليج، لأن المنطقة لم تعد تملك المواد الأولية الأرخص ثمنا في العالم.
ولفت إلى أن تقنيات استخراج النفط والغاز الصخري تطورت بسرعة في السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة، التي تملك احتياطيات من النفط الصخري القابل للاستخراج تقدر بـ58 مليار برميل، بالإضافة إلى احتياطي ضخم من الغاز الصخري القابل للاستخراج يقدر بـ665 تريليون قدم مكعب.
ويرى الخبير الكويتي أن تأجيل السعودية خططا لرفع قدرتها الإنتاجية إلى 15 مليون برميل من النفط يوميا مقارنة بـ12.5 مليون برميل يوميا حاليا، يعني وجود مخاوف من سيطرة النفط الصخري الأمريكي مستقبلا علي مجريات الأمور في السوق العالمية .
وأشار إلى أن إنتاج النفط الصخري والغاز الصخري مُكلف، ولن يكون ناجعا اقتصاديا في حال انخفاض الأسعار إلى ما دون مستوى معينة.