قال وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد إن اليمن نجح في إفشال رهانات القاعدة في تحويل اليمن إلى قندهار أخرى، معتراً أن هناك قوى وأهداف ، تستفيد من الإرهاب لتحقيق غير مقاصد تنظيم القاعدة..
جاء ذلك في حوار مع صحيفة عكاظ السعودية يعيد نشوان نيوز نشره، حيث قال إن اليمن تسعى من خلال هيكلة القوات المسلحة إلى بناء جيش بهوية وطنية موحدة ودون إقصاء لأحد أو لتغليب شريحة اجتماعية. كما تحدث عن العلاقات اليمنية السعودية حيث ثمن مواقف المملكة ومبادراتها المستمرة للوقوف إلى جانب اليمن، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية وتعزيز الشراكة الفاعلة.
وقال: نحن في اليمن ندين بالعرفان لكل موقف نبيل وداعم لأشقائنا في المملكة، وسنظل نعتبرهم عمقنا الاستراتيجي الذي لا خلاف عليه. وأضاف: إن جيشي البلدين تربطهما علاقة تعاون عسكرية أبرزها في جوانب التأهيل وتبادل الخبرات، والتنسيق بشأن مواجهة التحديات الإرهابية والأمنية.
إلى الحوار:
•بداية.. كيف تقرؤون واقع العلاقات اليمنية السعودية؟
اليمن والسعودية بلدان مهمان ومحوريان في المنطقة وعلاقتهما تتوطد وتتوثق في كل مرحلة.. كونها علاقات متجذرة وقائمة على معطيات استراتيجية فاعلة.. وهما دولتان وشعبان على أكتافهما يقوم أمن واستقرار المنطقة.. وتحديدا الجزيرة العربية والخليج العربي. وفي هذه المرحلة الحاسمة والمهمة، فقد وجدت اليمن سندا قويا من السعودية قيادة وحكومة وشعبا.. ويكفي أن نشير إلى أن المملكة هي المبادرة دوما للوقوف إلى جانب اليمن ودعم التنمية وتعزيز جوانب التعاون والشراكة الفاعلة القائمة على الإخاء وحسن الجوار،.. ونحن في اليمن ندين بالعرفان لكل موقف نبيل وداعم لأشقائنا في المملكة، وسنظل نعتبرهم عمقنا الاستراتيجي الذي لا خلاف عليه.
شراكة مثمرة
• وماذا عن أوجه التعاون والتنسيق بين وزارتي الدفاع في البلدين ؟
جوانب التعاون العسكري واحدة من أهم مرتكزات الشراكة المثمرة والبناءة بين اليمن والسعودية.. وهذه مسألة متعارف عليها والبلدان والجيشان الشقيقان تربطهما علاقة تعاون عسكري، أبرزها في جوانب التأهيل وتبادل الخبرات، والتنسيق بشأن مواجهة الأعمال الإرهابية والتخريب والتهريب، وبما يعزز جوانب الأمن ومواجهة التحديات الأمنية والإرهابية التي أصبحت تجتاز الحدود والبلدان والقارات.
والسعودية بلد متطور في أكثر من مجال ومنها الجانب العسكري، ودون شك فإن القوات المسلحة السعودية تعتبر قوات نوعية وتمتلك خبرات طويلة ومهمة، والاستفادة وتبادل الخبرات في مجالات الإعداد والتأهيل العسكري والاحترافي قائمة بين البلدين.. وكذا في مجالات تبادل الخبرات العسكرية والمشاركة في إجراء المناورات المشتركة السابقة مثل (وفاق1).. التي مثلت تجربة مهمة استفادت منها القوات المسلحة اليمنية والقوات المسلحة السعودية ومثلت جسر تواصل عسكري حيوي، وأرضية قوية لمزيد من التعاون العسكري والتنسيق في أداء مهام عسكرية مشتركة تواجه الأمن القومي للبلدين والشعبين الجارين الشقيقين..
عمق استراتيجي
ويدرك أشقاؤنا في السعودية أن اليمن والشعب اليمني هم العمق الاستراتيجي للجزيرة العربية، وفي المقدمة المملكة.. لذا فإن التحديات الجديدة توجب علينا جميعا أن نحقق تقدما أكبر في علاقاتنا وشراكتنا الراهنة المرحلية والمستقبلية.. لأن التحديات الراهنة أصبحت عابرة للحدود والبلدان والدول.. ونحن والسعودية شركاء في الجغرافية السياسية لهذه المنطقة الحيوية ويجمعنا عمق تاريخي ومصير مشترك.
تحديات خطيرة
• هل سيشمل التنسيق مكافحة الإرهاب وجرائم التهريب المتعددة؟
كما أسلفت فإن الإرهاب والتهريب تعد تحديات خطيرة وضررها الفادح يطال مختلف البلدان ويؤثر بصورة سلبية على الأمن القومي للبلدين، وبالطبع فإن هذه المحددات واحدة من القضايا التي تتصدر أجندة التعاون والتنسيق بين اليمن والسعودية.. ونحن مستوعبون المخاطر الكبيرة من التداعيات السلبية للإرهاب والتهريب على البلدين، والجميع يدرك أن اليمن تدفع الثمن باهظا وتتحمل أعباء كبيرة من تصاعد الأعمال الإرهابية والتحديات الاقتصادية التي أضرت كثيرا بالعملية التنموية في البلاد عامة.
وإزاء التحديات التي فرضها الإرهاب على المنطقة برمتها فإن الضرورة الاستراتيجية والموجبات الأمنية تحتم أن تتسع مجالات التنسيق والتعاون بين اليمن والسعودية للحيلولة دون استفحال الأعمال الإرهابية ومن أجل قطع دابرها.. لأن المقاصد الإجرامية للإرهاب لا تقتصر على بلد دون غيره، بل تمتد إلى أكثر من بلد من اليمن إلى مالي في أفريقيا.. وذلك أن المنهجية الإرهابية وأجندتها لها ذرائعها ولها أذرعها التي لا تتوقف عند حدود اليمن بل تتواصل حرائقها لتصل إلى كل المنطقة.. وهذا ما يحتم إيجاد تعاون فعال وواسع، وبناء شراكات إقليمية ودولية للتصدي بكل حزم لكافة امتداداتها وأذرعها حفاظا على اليمن وعلى السلام، ومنعا للحرائق التي تريد إشعالها في المنطقة لأن الإرهاب مشروع تدميري بامتياز.
وفاق (2)
• متى وأين ستقام مناورة (وفاق2) بين المملكة واليمن؟
العمل جار على قدم وساق.. والمشاورات والتنسيق متواصلان لإنجاز وتنفيذ مناورة (وفاق2).. وهذه المسألة أسندت للخبراء العسكريين اليمنيين والسعوديين.. وهم من سيقدمون تصورا متكاملا عن مكان وعن موعد تنفيذ مناورة (وفاق2).. والمقرر أن تجرى هذه المناورة في المملكة، لأن المناورة الأولى (وفاق1) جرى تنفيذها على الأراضي اليمنية، لتبادل الخبرات والتجارب المكتسبة.
• هل سيشارك سلاح الجو اليمني أم أن المناورة ستقتصر على سلاح الحدود؟
المحددات الرئيسة من أسلحة ووحدات عسكرية مختارة من الجيشين الشقيقين من مختلف الصنوف العسكرية سوف يحددها الخبراء العسكريون.. وهناك معطيات عسكرية اختصاصية محددة في الخطة العسكرية لمناورة (وفاق2).
مراحل متقدمة
• هل لنا أن نتحدث عن أهمية المناورة وانعكاسها على مستوى التنسيق التكتيكي والعملياتي بين البلدين؟
المهارات العسكرية النوعية سواء القيادية أو الميدانية لا تكتسب إلا من خلال المران وكثافة المشروعات والمناورات، وهذه حقيقة يدركها ويستوعبها جيدا كل العسكريين والقيادات العسكرية.. وخاصة عندما يتعلق الأمر بمستوى عال من الأعمال العسكرية بين جيشين وقيادتين عسكريتين في بلدين جارين مثل اليمن والسعودية، ولذلك فإن المضامين الأساسية لهذه المناورة تشير بوضوح إلى أن علاقات التعاون العسكرية تسير بوتيرة عالية إلى مراحل متقدمة من التطور والشراكة.
أما من الناحية العسكرية فإن التواصل سوف يعمل على تعظيم مجالات اكتساب المهارات العسكرية.. وسوف تعطى للعسكريين في البلدين والجيشين الجارين الشقيقين مساحة أكبر من التلاحم والتواصل.. كما توضح هذه المناورة أن معطيات عسكرية واستراتيجية جديدة بدأت ترسو وتؤسس علاقات التعاون المشترك بين اليمن السعودية.
والإعداد الجيد والموسع لتنفيذ مناورة (وفاق2) يؤصل لمفهوم التعاون العسكري ببعده المرحلي والاستراتيجي بين البلدين.. وخاصة أن تطوير وتحديث القوات المسلحة سيصب في خدمة المصلحة القومية للبلدين، ويهيئ لإطار شراكة وتعاون ثنائي يوفر الظروف المواتية لمواجهة مشتركة للتحديات الأمنية وبالذات التحديات الإرهابية التي تستهدف الدولتين ودول المنطقة كافة. ونعتقد أن النهوض بمثل هذه المهام والمخاطر يستدعي أن نطور مجالات التعاون والتنسيق، وأن لا نقف فقط عند حدود التنسيق وتبادل المعلومات بل نصل إلى مراتب متقدمة من التعاون العسكري طالما أنه سوف يوفر المساحة والإطار المشروع لردع الإرهاب والعناصر المسلحة.
الحرب على القاعدة
• ماهي أبرز النجاحات التي حققها الجيش اليمني في حربه على القاعدة؟
كل الخبراء العسكريين والأمنيين.. وكل الشواهد وتجارب البلدان والدول والجيوش تشير إلى أن الحرب ضد تنظيم القاعدة وخلاياه النائمة وعناصره المسلحة التي تمتلك خبرات لا يمكن لأحد أن ينكرها.. هؤلاء يؤكدون أن هذا التنظيم الإرهابي الدولي له أذرعه وقدراته الكامنة، وله حواضنه وداعموه سواء الواضحين أو المستترين منهم، ولذا فإن اجتثاث عناصرهم يحتاج إلى وقت طويل، ويحتاج إلى موارد وإلى إمكانات وأسلحة وأجهزة عالية التقنية وعالية الكفاءة والخبرة.. وبالرغم من ذلك فليس من الصعوبة قطع دابر هذا التنظيم وعناصره الإرهابية الإجرامية أو اجتثاث كل مقدراته، وقد استطاعت القوات المسلحة اليمنية، والأجهزة الأمنية أن تقلم مخالبه وأن تنزع الكثير من أنيابه.. ويكفي للتدليل على ذلك ما أنجزته القوات المسلحة في محافظة أبين وفي بعض مناطق محافظة شبوة والبيضاء وحضرموت وغيرها، وهذا حدث عندما توفرت الإرادة السياسية الصادقة وتهيأت الإمكانات ووضعت خطة عسكرية وأمنية مدروسة فاستطاعت القوات المسلحة بجدارة أن تدحر وتضرب المرتكزات التي أرادها قادة تنظيم القاعدة في اليمن أن تكون قندهار أخرى.. وأفشلت رهاناتهم وتحطمت الهالة المبالغ فيها التي سعى ما يسمون ب«أنصار الشريعة» ذراع التنظيم في اليمن إلى تسويقها لدى الناس.. وقد تعرض لضربة قوية كانت مؤلمة بالنسبة لهم.
تحالف خفي
• هل ترون ثمة تحالفا بين القاعدة وقوى متضررة من التسوية السياسية؟
لاشك أن هناك تحالفاً خفياً مع بعض القوى المتضررة من مسار التسوية السياسية والتغيير يحاولوا أن يحدثوا بعض الإرباكات الأمنية، وهي أعمال أسهمت المبالغة الإعلامية في تضخيمها أكبر من حجمها لكن إرادة البناء، وإرادة المواجهة وقفتا بكل بسالة ضد هذه العناصر العدائية التي توافقت مقاصدها العدوانية والتدميرية والتخريبية مع القاعدة، واتجهت جميعا نحو فرض حالات من الإخلال الأمني واستهداف ضباط عسكريين وأمنيين.. وفاتهم أن مثل هذه الأعمال الإجرامية المستنكرة، لم تنل من صلابة ومعنوية منتسبي القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية.. الذين يبدون صلابة أشد ويتحملون المهام بشجاعة أكبر ويصرون على مواصلة المواجهة والتصدي لكل الأعمال الإرهابية والتخريبية.
ولو أن مثل هذه الأعمال الإرهابية والتخريبية طالت أي جيش آخر، أو استهدفت أي مؤسسة أو أجهزة أمنية أخرى لكان الإرهابيون حققوا مآربهم وأهدافهم .. ورغم أن هذه المهام الأمنية جديدة وإضافية إلا أن المؤسسة الدفاعية عملت على تكييف العسكريين والضباط الميدانيين، كما أن الوحدات العسكرية كيفت قدراتها لمؤازرة المؤسسة الأمنية ونجحت معها في تحجيم الكثير من قدرات القاعدة وتحملت، وهي اليوم تواصل اكتساحها لأوكار الإرهابيين والمخربين..
الشيء الأبرز أن عناصر القاعدة اليوم إما محتمون ببعض الجماعات القبلية، وإما هاربون في الجبال وفي مناطق نائية.. وإما في خلايا نائمة.. ومنتسبو القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية يفرضون وجودهم على طول امتداد الجغرافية اليمنية ولديهم المقدرة العسكرية والأمنية للتعامل بإيجابية وبفاعلية كبيرة مع أي تحدٍ أمني سواء من القاعدة أو غير القاعدة.
مقاصد أخرى
• برأيكم من يقف وراء القاعدة محليا ودوليا والتي تستهدف بالدرجة الأولى الجيش اليمني؟
القاعدة تنظيم إرهابي عالمي له أذرعته ومساندوه، وحواضنه في أكثر من منطقة وأكثر من بلد.. وبالمقابل وإزاء تطورات المواقف السياسية في اليمن نحن لا ننكر أن هناك توظيفات 2ثقل لسمات التدميرية لعناصر القاعدة في اليمن لخدمة مقاصد أخرى غير مقاصد تنظيم القاعدة.. كما أننا لا نهمل ما يورده بعض المراقبين وبعض المحللين والمهتمين بشؤون القاعدة والإرهاب، حول توافق أهداف قوى ووجاهات لا ترغب ولا تريد أن تنجح التسوية السياسية في اليمن، ولا تريد أن يشهد الشعب بناء دولته المدنية الحديثة ودولة الحكم الرشيد، مع أهداف ومقاصد مجاميع الإرهاب والتدمير والتخريب، لكن مثل هذه الرؤى والتحليلات والقراءات الأمنية والسياسية بحاجة إلى تدقيق أكبر وإلى معلومات وحقائق مؤكدة، حتى تكتسب صفة الرسمية.. وتوفر فرصة تحديد من هي الجهات التي توظف القاعدة لصالحها.
عنق الزجاجة
• هل لدى الجيش اليمني استعداد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
من أول وهلة لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني سخرت القوات قدراتها وإمكاناتها ووضعتها في خدمة تأمين مسار العمل التحاوري الأبرز في تاريخ اليمن. كما أن واحدة من الفرق التسع في مؤتمر الحوار، تختص بالقوات المسلحة والأمن، وهو فريق بناء الجيش والأمن وقد أسهم في صياغة ملامح وموجهات ومحددات لتطوير وتحديث المؤسسة الدفاعية والأمنية..
والقوات المسلحة هي الضامنة لتنفيذ مخرجات الحوار وحماية الحوار والمتحاورين، مع التأكيد بأن الشعب اليمني هو الأكثر حرصا على تنفيذ ونجاح هذه المخرجات التي سوف تصدر في إطار وثيقة مخرجات الحوار الوطني، وستمثل خارطة طريق غاية في الأهمية وستنهض كل المؤسسات السيادية وفي المقدمة منها المؤسسة الدفاعية لضمان تنفيذها، لأنها المخرج الوحيد لليمن من عنق الزجاجة ومن بؤرة عواصف التحديات التي تواجه الشعب اليمني