أعلن أمس عن إطلاق صندوق ائتماني خاص بالتعويضات لأبناء المحافظات الجنوبية. حيث قدمت دولة قطر مبلغ 350 مليون دولار دعماً للصندوق بموجب اتفاقية وقعها عن الجانب اليمني وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي وعن الجانب القطري وزير الخارجية الدكتور خالد العطية.
وحضر التوقيع حضر الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ومعه رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي ورئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة ورئيس مجلس الشورى عبدالرحمن محمد علي عثمان .
وأقام الرئيس حفل غداء على شرف وزير الخارجية القطري.. وألقى كلمة في الحفل الذي أقيم بالمناسبة عبر فيها عن ترحيبه بوزير خارجية دولة قطر والوفد المرافق له كما رحب بالحضور جميعاً .
وقال: "نلتقي اليوم لوضع لبنة اخرى من لبنات بناء الثقة وتصحيح الاختلالات ومعالجة المظالم وذلك بالتوقيع على اتفاقية مع دولة قطر الشقيقة تحدد أوجه وطريقة صرف المنحة القطرية السخية لمواجهة قضايا الفصل التعسفي لمنتسبي الخدمة المدنية والعسكرية وقضايا مصادرة الأراضي في المحافظات الجنوبية، وهي مناسبة كذلك لإطلاق الصندوق الائتماني المخصص لتلقي هذه المنحة ومنح أخرى من دول شقيقة وصديقة".
وتابع: "نلتقي اليوم لنبين بالملموس للجميع اننا إذا عاهدنا أوفينا وإن التزمنا إزاء الحل العادل والشامل للقضية الجنوبية - باعتبارها مدخلاً لحل قضايا الوطن عموماً – هو التزام مبدأي لا تراجع عنه ".
رسالة لأهلنا
ومضى رئيس الجمهورية قائلا:" وهذا الاجتماع هو رسالة لأهلنا في المحافظات الجنوبية ومن خلالهم لكل اليمنيين ولأشقائنا ولأصدقائنا في الجوار وفي العالم رسالة مفادها بأننا ماضون بحزم لا يلين على درب معالجة مظالم الماضي وإعادة الحقوق لأصحابها وتحصين اليمن الواحد الموحد من العودة إلى اساليب الماضي التي أسست للتعسف وهدر الحقوق وأساءت لليمن مواطنين ودولة".
وأضاف: "وإحقاقاً للحق وعرفاناً بجميل الاشقاء والاصدقاء أقول اننا ما كنا لنجتمع هنا اليوم لولا الموقف الموحد الذي تبنته دول الجوار والمجتمع الدولي لدعم مسيرة الانتقال السلمي للسلطة في اليمن ".
واستطرد رئيس الجمهورية قائلاً: "كلنا يذكر استجابة اخواننا في دول الخليج لمساعدة اليمن على تلمس الطريق للخروج من أزمته من خلال المبادرة الخليجية التي صادفت الذكرى الثانية للتوقيع عليها يوم أمس، فلقد رسمت تلك المبادرة خريطة طريق واضحة المعالم لنقل السلطة، ومازلنا نسير على هديها متشبثين بتطبيق مضامينها والمهام التي حددتها كافة دون نقصان أو اجتزاء، وكلنا يذكر كذلك الدعم السخي الذي أرفق به أخوتنا في الخليج العربي مبادرتهم وأخص هنا بالذكر أشقاءنا في المملكة العربية السعودية".
وأردف :"وامتداداً لهذا الدعم الأخوي تمتد إلينا اليوم يد بيضاء أخرى من أشقائنا في قطر والذين سارعوا لأن يكونوا أول المساهمين في الصندوق الائتماني لمعالجة قضايا الصرف التعسفي ومصادرة الاراضي في الجنوب بمبلغ 350 مليون دولار، وهذا ليس بغريب على دولة قطر أميراً وحكومة وشعباً".. مشيدا بكل تلك الجهود الخيرة التي أطرت من خلال مجلس التعاون الخليجي وبمساعي وحرص أمينه العام الاخ عبداللطيف الزياني الذي كان له دوراً بارزاً فيها ".
إدارة مستقلة
وتابع رئيس الجمهورية قائلا :"ولا يفوتني هنا أن اشيد بالأمم المتحدة ودور السيد جمال بنعمر المبعوث الخاص لأمينها العام وكما عهدناه محايداً وأميناً وحريصاً على اليمن وجدنا فيه السند حين احتجنا الدعم الفني لإنشاء الصندوق الائتماني ضماناً لاستقلاليته وشفافيته وفعاليته".
وأضاف:" نحن على ثقة بأن وضع الصندوق الائتماني تحت إدارة مستقلة تتبنى معايير الحوكمة وتخضع لمبدأ المحاسبة والمساءلة سيشكل إضافة إلى عدالة القضايا التي سيعالجها وأهميتها بالنسبة لاستقرار اليمن، سيشكل حافزاً لبقية أشقائنا وأصدقائنا للمساهمة في رفد الصندوق بالموارد الضرورية لنجاح مهمته التي هي من صميم نجاح العملية الانتقالية ".
وقال الرئيس :"إن توقيع هذه الاتفاقية مع دولة قطر الشقيقة واطلاق الصندوق الائتماني لمعالجة مظالم الماضي يأتي تتويجاً لمسيرة دؤوبة حاولنا خلالها تشخيص العلة لإيجاد أنجع السبل لعلاجها، وكانت البداية بالنقاط العشرين التي تبنتها اللجنة الفنية المكلفة بالإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، وشكل الاجماع الوطني على تلك النقاط إقراراً بعدالة القضية الجنوبية وقضية صعدة وكافة القضايا الوطنية الاخرى، وجاء تبني مؤتمر الحوار للنقاط الإحدى عشرة إضافة إلى النقاط العشرين للتأكيد على موقف الاجماع ذلك، وعلى ضرورة معالجة القضية الجنوبية كمدخل رئيسي لحل القضية الوطنية الكبرى ألا وهي بناء دولة مدنية حديثة قائمة على احترام الحقوق والحريات وعلى المواطنة المتساوية والحكم الرشيد وإرساء دعائم القانون".
وتابع قائلاً :"وتجاوباً مع تلك التوصيات قمنا بتشكيل لجنتين مستقلتين الأولى خاصة بإعادة المسرحين من أبناء المحافظات الجنوبية، والثانية مكلفة بنظر ومعالجة قضايا الاراضي، وأولينا اللجنتين كامل رعايتنا ودعمنا لتسهيل أداء مهامهما والنأي بهما عن أي حسابات لا تتلاءم مع رسالتهما".
تطمين بجدية السير
وأردف رئيس الجمهورية قائلا: "وسعياً منا إلى تطمين مواطنينا بشأن جديتنا في التعامل مع النقاط العشرين والإحدى عشر، وجهنا مجلس الوزراء في شهر يوليو الماضي بإصدار اعتذاراً رسمياً بالنيابة عن الدولة لكل ضحايا الانتهاكات في كل ارجاء الوطن، وأوصينا بتسريع تنفيذ تلك النقاط من خلال وضع مصفوفة مزمنة لها والبحث عن التمويل اللازم لمواجهة أيه استحقاقات ستترتب عن التنفيذ. . كما وجهنا لجنتي المسرحين والأراضي بتسريع عملهما وتسليم تقاريرهما وتوصياتهما في اقرب فرصة ".. موضحاً ان هاتين اللجنتين عملتا بكل جد ومسؤولية، وما زال على جدول اعمالهما العديد من المهام الصعبة، وتحظي بكل الدعم والمؤازرة .
ومضى الرئيس قائلا:" وفي ذات الشهر، اعطينا توجيهاتنا بصرف التعويض المقرر لصحيفة الأيام بشكل عاجل، وأوصينا بإحالة أي مطالب إضافية لملاكها على مسار العدالة الانتقالية .. وجاء قرارنا ذلك لإيماننا العميق بحرية التعبير والصحافة وضرورة تمكين الإعلام للقيام بدوره كسلطة رابعة في يمن جديد تتعدد فيه السلطات وتخضع للرقابة والمساءلة ".
وأشار الرئيس إلى أنه اصدر في شهر سبتمبر الماضي، وبناءً على توصيات اللجنة الخاصة بإعادة المسرحين من أبناء المحافظات الجنوبية، ثلاث قرارات جمهورية قضت بإعادة 795 من الضباط المسرحين من أبناء المحافظات الجنوبية إلى الخدمة في مؤسستي الجيش والأمن إلى اماكن عملهم ومنحهم الحقوق المكتسبة خلال فترة الإبعاد وترقية بعضهم .
وقال :" ونحن ماضون على هذا النهج حتى إعادة الحقوق لأصحابها مع إيلاء الأولوية للحالات الإنسانية التي لا تحتمل أي تأخير" .
معالجة الأوضاع
وأعلن رئيس الجمهورية أنه سيصدر قريباً قرارات بمعالجة أوضاع أكثر من 4000 ضابط في مؤسستي الجيش والأمن، معتبرا أن توقيع الاتفاقية وإطلاق الصندوق الائتماني اليوم خطوة في هذا الاتجاه .
واستطرد الرئيس قائلا:"ولأن الاستيلاء غير المشروع على أراضي الدولة والمواطنين شكلت أحد العناوين البارزة لمظالم الماضي، فقد أوليناها متابعة خاصة وأمرنا بوقف التصرف في اراضي الدولة في كل المحافظات الجنوبية .. وقبل اسبوعين فقط، اصدرنا قراراً يعتمد توصيات لجنة نظر ومعالجة قضايا الأراضي في المحافظات الجنوبية، يقضي بسحب الأراضي الزائدة من الأشخاص الذي صرفت لهم مع تمكينهم مما يكفي حاجتهم للسكن. . ورغم أن هذا القراريشمل مئات الأشخاص ممن تضمنهم كشف اللجنة، ولكننا اخترنا أن نعممه على أولئك الذي لم يشملهم القرار السابق ارساءً لمبدأ يحقق العدالة والانصاف ".
وأضاف: "كما أننا وجهنا في هذا القرار بتمكين كافة المدنيين والعسكريين من الاراضي التي صرفت لهم كتعويض وبصرف عقود تمليك للأراضي المستغلة بنظام التأجير وذلك سيعالج مشاكل أكثر من 200 ألف اسرة في عدن، كما امرنا بصرف أراضي لأكثر من 11 ألف من افراد القوات المسلحة كتعويض عن الاراضي التي صرفت لهم وتم الاستيلاء عليها بعد عام 1994م ".. مبينا أنه يتابع عن قرب تنفيذ كل تلك القرارات ولن يهدأ له بال حتى تجد طريقها إلى كل ذوي الحقوق في ارجاء الوطن الحبيب .
التزام لم يتزحزح
واستدرك الرئيس: "علينا أن نقر أن الاستجابة للطبيعية الاستعجالية للنقاط الـ11 والنقاط ال 20 لم تكن دائماً عند مستوى الانتظار.. لا انتظار ذوي الحقوق ولا انتظاراتنا شخصياً وهي كلمة حق نقولها جهاراً و لا نريد بها باطلاً كما كان يفعل البعض ممن يحاولون زرع اليأس والشك في صفوف المواطنين مع اقتراب مؤتمر الحوار الوطني من انجاز مهامه بنجاح".
وقال: "إن التزامنا بمعالجة الجوانب الحقوقية للقضية الجنوبية لم يتزحزح رغم الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها الوطن والتي لا تسمح دوماً بالاستجابة الفعالة لاستحقاقات التنفيذ، لكننا اليوم وبفعل الصندوق الائتماني ومبادرة دولة قطر الشقيقة في وضع احسن لوضع معالجة مظالم الماضي على المسار السريع ".
وأكد رئيس الجمهورية مجددا أن القضية الجنوبية قضية عادلة، وقد أجمع اليمنيون على إيلائها المعالجات المنصفة لها
وقال: "لذلك فإننا لن نقبل أي مزايدة أو متاجرة بها من أي طرف كان،وبوسعنا أن نقول بكل ثقة اليوم حتى قبل أن ينهي مؤتمر الحوار اعماله أن ما سيتحقق للمحافظات الجنوبية يتجاوز بمراحل ما تضمنه اتفاق الوحدة عام 90 م أو وثيقة العهد والاتفاق الموقعة عام 94 م والوثائق موجودة ويمكن للعاقل ان يقارن ويميز وأن يختار بين المساهمة في بناء يمن جديد واحد موحد يتسع لكل ابناءه في كل المحافظات وبين ملاحقة سراب الواهمين وشعاراتهم التي اكل عليها الدهر وشرب".
عرفان للأشقاء
وجدد الرئيس توجيه الشكر والعرفان للأشقاء في مجلس التعاون الخليجي الذين قدموا خارطة الطريق للخروج بالوطن إلى بر الامان عبر التسوية السياسية الممثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية على ما قدموه من دعم سياسي واقتصادي سخي ولأصدقائنا في المجتمع الدولي وفي مقدمتهم الخمس الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي على رعايتهم الكبيرة ووقفتهم الجادة إلى جانب بلادنا في الفترة العصيبة التي مرت بها .. مقدرا في ذات الوقت تقديراً عالياً شراكة اشقائنا واصدقائنا التي اوصلتنا إلى هذه اللحظة التاريخية والتجربة الفريدة على مستوى المنطقة آملا ان يستمر هذا الدعم حتى يقف اليمن مجدداً على قدميه.
واختتم الرئيس كلمته قائلا: "وفقنا الله إلى ما فيه خير وعزة ورفعة شعبنا العظيم وندعوه تع إلى ان يسدد خطانا جميعاً وأن يكتب لمسيرتنا الرامية لبناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على اسس العدالة والحكم الرشيد والمواطنة المتساوية والتنمية الشاملة لكل ابناء الوطن النجاح تلو النجاح".
العطية: موقفنا ثابت
والقى وزير خارجية دولة قطر الدكتور خالد بن محمد العطية كلمة في الحفل أوضح فيها ان توقيع اتفاقية الدعم اليوم يأتي من منطلق موقف دولة قطر الثابت للوقوف إلى جانب الشعب اليمني انطلاقا من الروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين القطري واليمني.
وقال :" يسعدني أن أشير هنا إلى أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، قد وجه بتقديم مبلغ 350 مليون دولار دعما للمبادرة الرصينة والحكيمة لفخامة الرئيس عبد ربه هادي منصور لدعم برنامج تعويض المبعدين من وظائفهم ومصادرة الأراضي" .. معبرا عن يقينه بأن هذه المبادرة سوف يتفاعل معها الشعب اليمني بشكل إيجابي لكونها تساهم في رفع معاناة بعض أفراد الشعب الذين قد وقع عليهم ضررًا بالغاً لفقد وظائفهم ومصادرة الأراضي.
ومضى وزير الخارجية القطري قائلا:" إن التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها اليمن الشقيق كبيرة وتلك التحديات ناتجة عن طموحات وتطلعات الشعب اليمني في إتمام عملية التغيير والبناء والإصلاح بما يعزز الوحدة الوطنية".
وتابع قائلا :" ونحن على ثقة بأن القيادة اليمنية متمثلة في فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة اليمنية تمضي قدماً في تنفيذ برامج الإصلاح المنشودة للشعب اليمني في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية وغيرها من المجالات الأخرى".
مرحلة التحول
واستطرد الوزير القطري قائلاً: "إن الشعب اليمني وبعد انتصار ثورته العظيمة اتجه لخوض مرحلة التحول لبناء دولته الحديثة على الرغم من المصاعب والتحديات التي تزامن عادة مراحل التحول بعد الثورات الكبرى، إلا أن إصرار الشعب اليمني عبر الحوار الوطني على بناء دولته الحديثة وحماية مكتسبات الثورة قد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك حرصه وتمسكه على إنجاح ثورته".
وأردف قائلا:" نأمل أن تكون مخرجات الحوار الوطني أساساً جيدًا للبناء عليه لتحقيق تطلعات الشعب اليمني" . . معبرا في ذات الوقت عن بالغ التقدير للجهود المخلصة التي بذلها وما يزال يبذلها المبعوث الأممي جمال بنعمر طيلة العامين الماضيين لأجل تحقيق إرادة وطموحات الشعب اليمني.
وجدد وزير الخارجية القطري في ختام كلمته موقف دولة قطر الداعم لتطلعات الشعب اليمني منذ اندلاع الثورة حتى الآن .. أملا أن تتحقق للشعب اليمني كافة تطلعاته وطموحاته من الاستقرار والأمن والتنمية المستدامة وبناء دولته الحديثة.
http://www.youtube.com/watch?v=xT7ZytZMZ5s