arpo28

المُنظمات الدَولية في اليمن.. المَلف المَسكوت عَنه

في محوى الرماح «تجمع سكني منعزل تقطنه عديد الأسر المهمشة، في خيام عبارة عن طرابيل بلاستيكية ممزقة» بمنطقة الحصبة شمال العاصمة اليمنية صنعاء.

تشكو “سعود علي”، معاناتها من مرض السرطان وعدم قدرتها على توفير تكاليف العلاج، إضافة إلى اختفاء زوجها منذ أكثر من عامين، حدقت “سعود”، وهي أم لخمس بنات وأربعة أولاد، في عدسة الكاميرا وقالت: “عيشتنا نكد، نأكل ونشرب من بقايا المطاعم، نريد ضماناً اجتماعياً ودواء للسرطان، أين حقوق الإنسان والمنظمات الأجنبية، لماذا لم نلمس لها أي دور..؟!”

في محافظة تعز جنوب اليمن تنتظر “أم محمد” في قريتها الريفية نهاية كل ثلاثة أشهر بفارغ الصبر، موعد استلامها مساعدات غذائية «كيس قمح، عبوة زيت 5 لتر» من إحدى المنظمات الأجنبية، تقول “أم محمد”: كثّر الله خيرهم حتى وان كان هذا لا يغطي احتياجاتي وأطفالي السبعة من الخبز سوى لأيام معدودة «أقل من شهر».
مساعدات لا تشمل الفقراء
هاتان السيدتان كغيرهما من مئات آلاف الأمهات والمواطنين “البسطاء” بعموم البلاد، لا يعلمون حجم المخالفات التي تمارسها معظم المنظمات الدولية والأجنبية والعربية الحكومية وغير الحكومية العاملة في اليمن تحت مسمى مساعدات لليمنيين، وفقاً للباحثين والمختصين الذين تحدثوا في هذا الملف.
يقول تربوي في مدرسة ريفية بتعز، أن 121 حالة (أسرة) يتلقى أطفالها التعليم في المدرسة التي يعمل فيها يحصلون على مساعدات ضمن مشروع التغذية المدرسية من إحدى المنظمات الدولية كما هو حال “أم محمد” المشار إليها سابقاً، وأوضح التربوي، الذي التقيناه في العاصمة صنعاء قبل بدء العام الدراسي الجديد وفضل عدم كشف اسمه، أن المنظمة وزعت مؤخراً مساعدات نقدية بواقع 11 ألف و800 ريال يمني لكل حالة بدلاً عن القمح والزيت.
وأكد أن أبرز مخالفة تتمثل في توزيع المساعدات مرة واحدة كل ثلاثة اشهر بينما المعتمد في سجلات المنظمة مرة كل شهرين، بالإضافة إلى حصر الحالات المستحقة وفقا لكشوفات صندوق الضمان الاجتماعي وبنسبة 90 %، ما يعني أنها لم تشمل الفئات الدنيا أو مستحقيها الحقيقيين (الفقراء)، على اعتبار إن كشوفات الضمان بحاجة إلى إعادة نظر، حد تعبيره.
وأضاف التربوي: “بداية العام الجاري استلم المواطنون قمحاً (غير صالح للاستخدام الآدمي)، وعندما تقدمنا بشكوى للمعنيين في المنظمة اكتفوا بالقول إن الكمية صالحة للاستخدام وأن السبب سوء التخزين ووعورة المواصلات حسب ما قاله لهم التاجر (المورد)..!”.

أرباح مهولة

ويكشف هذا الملف الصحفي، جانباً من العبث القائم في أنشطة وبرامج وسياسات المنظمات الدولية والإقليمية الحكومية، والأجنبية والعربية غير الحكومية العاملة في اليمن، التي يفترض أن تعزز جهود الحكومة اليمنية في المجالات الإنمائية والاقتصادية والخدمات الإنسانية، أو بمعنى أخر يفترض أن تلعب دوراً كشريك في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
إذ بينت نتائج اللقاءات التي رصدناها عدم الرضا الشعبي عن برامج ومشاريع الدعم التي تمولها وتنفذها غالبية هذه المنظمات، في ظل تواطؤ وإهمال حكومي واضح.
يقول الباحث اليمني، سمير مريط: “للأسف الشديد المخالفات والاختلالات والفساد الذي تمارسه المنظمات الدولية، قد يضاهي أو يكون أضعاف فساد حكومتنا السابقة، فإلى جانب المشاريع الوهمية التي تدعي بعض المنظمات أنها نفذتها، تقوم بتوظيف من تريد وتنفق على خبرائها الأجانب مبالغ خيالية كبدل حماية لا يقل عن 5 آلاف دولار شهرياً، وما يصل إلى المواطن اليمني هو الفتات فقط”.
ويشبهها مريط ب “المقاولين”، ويضيف: “غالبية القائمين على هذه المنظمات يتسابقون على العمل في اليمن كونهم يحققون أرباحاً مهولة، بل إن بعضهم قال بلسانه بلد يسرقها أهلها لماذا لا يسرقها الغريب”.
في إشارة إلى تورط مسؤولين حكوميين بالعبث القائم في هذا القطاع.

نازحون شحاتون

ويؤكد سمير مريط، وهو أحد الباحثين الذين عملوا في عديد منظمات دولية وأجنبية، أن الكارثة في التعاون القائم لا تتمثل في أن المنظمات تنصيرية تبشيرية، بل في عدم وجود هيئة يمنية تشرف على عمل هذه المنظمات، التي يقول إنها حولت عديد اليمنيين إلى اتكاليين ومستهلكين ينتظرون منها فتات المساعدات العينية البسيطة التي لا تلبي احتياجات المواطن، “اقسم بالله أننا حولنا نازحي صعدة خلال الحروب الست الماضية إلى شحاتين، فبدلاً من تعزيز قدراتهم وتوفير فرص عمل، تنظم لهم محاضرات صحية توعوية عن غسل اليدين وختان الإناث وغيرها، وتصرف لهم بعض المساعدات الغذائية البسيطة، وبطانية وفراش كل خمسة أشهر لكل نازح غالباً يذهب لبيعها لأنه يحتاجها بداية وصوله للمخيم فقط”، قال مريط.

وأضاف: “تصرف على هذه الأشياء ملايين الدولارات دون رقيب، إذا اختلست أي منظمة مليون دولار وادّعت أنها نفذت بها مشاريع لا يوجد من يحاسبها، وهذا الأمر قائم، برغم أن هذه الأموال مخصصة لليمن سواء منح ومساعدات أو قروض، والمنظمات منفذة فقط (نفقاتها التشغيلية تستقطع من رأس مال المشروع المقدم) وليست مانحه باستثناء منظمتين أو ثلاث من إجمالي المنظمات العاملة في البلاد”.
انتفاع فردي.

ومهما يكن الأمر فإن وجود المنظمات الدولية والإقليمية في اليمن أمر جيد، ومن شأنها تقديم خدمات وتمويل كبير على مختلف الأصعدة، وفي مقدمتها قضايا التنمية المحلية والتمكين والطفولة والعنف وتدريب المرأة والصحة الإنجابية والمياه و..، بحسب أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الأستاذ الدكتور فؤاد الصلاحي.

وأضاف الصلاحي: “السؤال المهم هو: هل استفدنا من هذه المنظمات، سواء من خلال الوزارات والجهات الحكومية أو غيرها، حقيقة أنا اشك في ذلك، لأن الاستفادة غالباً تتم بشكل شخصي، الأفراد استفادوا أكثر من البلد، الإشكالية في الحكومة والمؤسسات اليمنية ومنظمات المجتمع المدني المحلية أنها تتعامل مع هذه المنظمات من باب الانتفاع الفردي أو الشخصي”.

وأشار الدكتور الصلاحي إلى أن الحكومة اليمنية تستفيد أحياناً بشكل جزئي من المنظمات الدولية في مشاريع غالباً الأجانب يحددون طبيعتها، في الوقت الذي يفترض بالحكومة تحديد احتياجاتها وتسويق مشاريعها لدى هذه المنظمات، وهذا أمر غائب، حد قوله.

ميزانيات للسفر

من جهته اعترف مدير عام التعاون الثنائي مع المنظمات غير الحكومية العربية والأجنبية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، أحمد جاوي، أن كثيراً من المشاريع الممولة من بعض هذه المنظمات ليست ذات قيمة ومردود للمواطن اليمني، الذي جاءت المنظمة من أجله؛ وأشار جاوي إلى أن إجمالي المنظمات غير الحكومية العربية والأجنبية العاملة في اليمن 75 منظمة، تعمل في العديد من المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، لافتاً بأن بعضها لا يلتزم باللائحة التنظيمية لعمل المنظمات غير الحكومية الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم (211) بتاريخ 17 أغسطس 2011م، فضلاً عن أنها تسخر بنود ميزانياتها التشغيلية في بدل السفر ورواتب وأجور موظفيها الأجانب.

وطبقاً لموظفين محليين، فإن الموظف الأجنبي في هذه المنظمات يتقاضى أجوراً تتراوح ما بين 3 و 7 آلاف دولار شهرياً غير شاملة للنفقات الأخرى كبدل الحماية والسفر و... إضافة إلى دورات تدريبية لا حصر لها، وأنه نادراً ما تصل أجور نظيره المحلي (اليمني) إلى ألف دولار شهرياً، فضلاً عن حرمانهم من أي برامج تأهيل من شأنها إحلالهم بدلاً عن العاملين الأجانب.

وقال موظف مختص في وزارة التخطيط إن إحدى المنظمات الأجنبية لديها قرابة 170 موظفاً معظمهم أجانب، وأخرى يوجد فيها بحدود 60 موظفاً أجنبياً وضعفهم يمنيون.
وكان أول نشاط فعلي للمنظمات غير الحكومية الأجنبية في اليمن (الشطر الشمالي سابقاً) عام 1963م، عندما بدأت منظمة (رادابارنن) السويدية والتي تعرف حالياً ب “منظمة رعاية الأطفال العالمية” في محافظة تعز لتقديم الخدمات الطبية والصحية والرعاية الاجتماعية.

بغض النظر عن السلبيات

لكن مدير عام المنظمات الدولية والإقليمية (الحكومية) في وزارة التخطيط، إبراهيم شرف الدين، أشار إلى أن اليمن تستفيد لامحالة من هذه المنظمات، بغض النظر عن السلبيات التي ترافق هذا التعاون فيما يتعلق بالإشراف والمراقبة ومتابعة تنفيذ المشاريع وغيرها.

وأضاف شرف الدين: “تندرج ضمن اختصاصات الإدارة العامة للمنظمات الدولية والإقليمية عدد من أنواع المنظمات (13 منظمة بحسب كشف رسمي) تتمثل في منظومة الأمم المتحدة، والتي تقدم مساعداتها أو تعاونها غالباً في الدعم الفني (استشارات، خبراء، معدات، تدريب و...الخ) وبشكل أدق تتركز أولوياتها في الجانب البيئي والحكم الرشيد والتنمية البشرية، وتُنفذ المشاريع من مواردها الخاصة أو من موارد يقدمها مانحون أخرون (ثنائيين أو دوليين)، وتتجاوز غالباً نسبة مساهمة اليمن في التمويل نصف تكلفة هذا المشروع أو ذاك”.

واستطرد: “أيضاً من ضمن اختصاصات الإدارة مجموعة البنك الدولي وغيرها، والتي تتركز معظم مساعداتها لليمن في الإقراض (دعم المشاريع الممولة من حساب قروض)، ونادراً على شكل منح أو تعاون أو دعم فني، وكافة مشاريع القروض تسخر في إنشاء البنية التحتية (تشييد طرق، بناء مدارس، مراكز صحية و..)”.

ملايين الدولارات لمخيم وهمي

ليس من السهل بمكان أن تحصل على معلومات كافية حول مكامن الاختلالات في هذا المجال، لأسباب كثيرة من بينها الفساد وغياب التنظيم وتحفظ الجهات الحكومية، إلى درجة أن مسؤولاً حكومياً قال لي بشكل واضح “ما يصلحش نشحت من هذه المنظمات والمانحين وفي نفس الوقت نهاجمهم!”.

ورغم ذلك حصلنا على معلومات تكشف جانباً من الفساد القائم، فبحسب مصدر مطلع - فضّل عدم الكشف عن هويته - ادعت احدى المنظمات الأجنبية (غير الحكومية) أن لديها مخيماً للنازحين في محافظة الجوف، نتج عن أحد الحروب الأخيرة بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي في محافظة صعدة، وأكد المصدر، أن ملايين الدولارات قُدمت لهذه المنظمة كدعم للمخيم (الوهمي) الذي لا أثر له ولا يوجد فيه أي نازح، منوهاً بأن الدولة لم تكلف نفسها النزول إلى الموقع للتأكد من صحة ذلك وعدمه، يضيف: “حتى وإن افترضنا فيهم حسن النية (يقصد المنظمات) المشكلة كل واحد منهم يعمل في المجال الذي يريد، بسبب غياب التنسيق والتنظيم الحكومي”.. في سياق متصل، يحكي مصدر مطلع هو الآخر فضّل عدم الكشف عن هويته، معاناته جراء صمته على فساد إحدى المنظمات لفترات طويلة، ومن ثم تهميشه من عمله بعد تبنيه مواقف مناهضة، يؤكد المصدر أن هذه المنظمات لا ترغب بأحد ينتقدها، ويتابع: “كنت في مستوى وظيفي كبير في احدى المنظمات، ونتيجة انتقاداتي المستمرة لهم وتوضيح ما ينبغي القيام به لمساعدة الناس، تم نقلي إلى عمل إداري لا علاقة له بالمسائل المالية والإشراف المباشر، لكنني عرفت ما يقومون به وفات عليهم الأوان”.

خيانة وطنية

إلى ذلك اتهم الدكتور فؤاد الصلاحي الجهات المعنية بالفشل لعدم امتلاكها خطة محددة على ضوئها يتم تسخير التمويل المقدم من المنظمات الدولية، يضيف: “ينطبق ذلك أيضاً على المنظمات اليمنية التي اسميها عادة دكاكين المجتمع المدني، لأنها اقرب إلى دكاكين تماماً من مؤسسات لا تهدف إلى الربح وتساهم في التنمية، غالبيتها ليس لديها خطة متكاملة لعام واحد، هذا غائب، هم يتقفزون في نشاطهم حسب التمويل المقدم من المنظمات الدولية”.

كما اتهم الباحث سمير مريط المنظمات المحلية ب«خيانة الوطن»، كونها شريكة في الوضع القائم وتشرع له، “كان يمكن لو كانت وطنية أن تكون بديل للمنظمات الدولية”، قال ذلك سمير مستدركاً.

فرصة ثمينة

وتُعتبر المرحلة الراهنة بالنسبة لليمن فرصة ثمينة للاستفادة من المجتمع المدني العالمي، كما يقول الدكتور فؤاد الصلاحي، يتابع: “صحيح أن هناك دعماً جيداً من هذه المنظمات لمراكز الأبحاث وحقوق الإنسان في اليمن، ولكنه عمل جزئي، حيث يقفون عند فكرة طباعة تقارير أو كتب، لكن ماذا عن فكرة المناصرة، تدريب الشباب، التعليم المستديم لفكرة حقوق الإنسان طوال العام، كل هذا غير موجود، وبالتالي لا نستفيد منها بشكل حقيقي”.

ويؤيد المسؤول الحكومي في وزارة التخطيط، أحمد جاوي، الاتهامات الموجهة للجانب الحكومي جراء القصور المتمثل في عدم تقديم مشاريع مجدية تخدم المجتمع اليمني، بحيث تمولها هذه المنظمات، والارتجالية القائمة في هذا المجال والمتمثلة بقيام المنظمات باقتراح المشاريع التي تنفذها.

وقال أحمد جاوي: “صحيح القصور من الجانب اليمني، لأنه لا توجد لدينا دراسات جاهزة بحيث نقدمها لهذه المنظمات بحسب الخطط والبرامج، كذلك قصور من حيث عدم الإدراك ومسؤولية المسؤولين عن توقيع الاتفاقيات الفرعية، وعدم اطلاعهم على بنود الميزانية التفصيلية التي تنفذ من قبل هذه المنظمات”.

لا تلتزم بتقديم تقاريرها

تعتبر وزارة التخطيط والتعاون الدولي الهيئة الحكومية المنسقة مع هذه المنظمات أو هي النظير لها، حيث تُعنى بتسجيل المنظمات والتوقيع الأساسي معها على اتفاقيات المشاريع أو الخطة العامة لعام أو عامين أو أكثر، وبعد ذلك يتم التوقيع على خطط ثنائية لتنفيذ المشاريع بين المنظمات والشركاء في الجانب اليمني (وزارات، هيئات، مؤسسات، منظمات مجتمع مدني ونحوها).

وبينما يفترض بالمختصين في وزارة التخطيط الإشراف والرقابة المباشرة على المشاريع والبرامج التي تمولها وتنفذها المنظمات، إلا أن ذلك لم يعد قائماً منذ عدة سنوات، وأصبحت مهمة تقوم بها الجهات الحكومية المستفيدة بصفتها شريكاً في التنفيذ، وكالمثل عند اختيارها لنوعية وقطاعات ومجالات المشاريع بالتنسيق مع الجهات الحكومية المستفيدة والجهات المانحة، ما يفتح الباب واسعاً لارتجالية تفتقر للضوابط السليمة.

يقول موظفون في الإدارتين المختصتين بهذه المنظمات في وزارة التخطيط: “لدينا صعوبات كثيرة، وفي مقدمتها عدم توافر الإمكانيات للإشراف، وتهميش الكادر وعدم السماح لهم بمعرفة ما يجري وإعطاء المعلومات بحرية وشفافية..”. لكن الأسوأ كما يقول مسؤول في التخطيط هو عدم التزام جميع المنظمات بموافاتهم بتقارير أنشطتهم السنوية، باستثناء المنظمات العاملة في مجال التربية والتعليم وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، الذي يعتبر أكبر منظمة مانحة لليمن.

تطاول على أنظمة البلد

وفوق ذلك تُتهم المنظمات الدولية والإقليمية (الحكومية) بأنها تتطاول على أنظمة البلد، لأسباب كثيره منها عدم استجابة ممثليها (رفيعي المستوى) للمثول أمام الإدارة العامة للمنظمات الدولية والإقليمية لمناقشة أي موضوع متعلق بأنشطتهم.

والحديث مجدداً لمدير عام المنظمات الدولية والإقليمية في وزارة التخطيط، إبراهيم شرف الدين: “من حقنا أن نستدعيهم وأن يحضروا، لكننا كإدارة عامة نستعين بوكيل الوزارة أو الوزير لاستدعاء أي ممثل من ممثلي هذه المنظمات، فالممثل المقيم يعتبر نفسه في مستوى رفيع ويحمل درجة دبلوماسية وجوازاً أحمر، ويرى أنه من غير المناسب أن يتعامل معه إلا بمستوى مناسب، غير أننا في الإدارة نستدعي ضباط البرامج ويحضرون إلينا”.

وتابع: “بالنسبة للرقابة والتقييم، نحن نعقد اجتماعات دورية كل سنة وعلى الأقل كل 4 أو 5 أشهر على مستوى كل مشروع وبرنامج، ونعمل مراجعات سنوية ونصفية ونهائية، بمعنى نراجع على أساس المحور أو المشاريع، نفس الشيء المشاريع لها مجالس إدارة ولجان تسيير تجتمع دورياً وتراقب الخطط السنوية ومشاريعها وما تم تنفيذه وأين التأخير والإحباطات والحلول المقترحة لتصحيح مسار هذا المشروع أو ذاك”.

مشاريع متعثرة

سألنا عديد موظفين ومسؤولين في الإدارات المعنية بوزارة التخطيط والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، حول المشاريع المتعثرة لهذه المنظمات، فاتضح أن جميع من تحدثنا معهم يجهلون ذلك أو يتحفظون.
في الأثناء يقول إبراهيم شرف الدين: “معظم المشاريع المتعثرة وصلت نسبة الإنجاز فيها إلى 50 و 60 و 70 بالمائة وجميعها تندرج ضمن مشاريع المنح التي تقدم من الأمم المتحدة، والسبب عدم توفر المبالغ المالية من المانحين أو من المصدر نفسه، أما بالنسبة للبنك الدولي فالمبالغ المالية اعتقد كلها تتوفر، عندما يوافق على تمويل مشروع بـ15 مليون دولار لازم يدفعها لأنها محسوبة علينا ونحن نسددها في أي وقت..”.
ويُعد مشروع دعم التنوع الاقتصادي للقطاعات الواعدة “الزراعة والأسماك والصناعة والتجارة والسياحة” الذي وقعت اتفاقيته منتصف أغسطس 2009م بين البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والحكومة اليمنية, وخصص له ثلاثة عشر مليون دولار أمريكي (تمويل مشترك)، أحد أهم المشاريع المتعثرة في هذا المجال. وكان الأمل من هذا المشروع معالجة واحدة من أهم القضايا التي تطرق لها كل من تقرير الرؤية الاستراتيجية لليمن 2025، والخطة الخمسية الاقتصادية الاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر (2006 - 2010)، ألا وهي الدعوة للتنوع الاقتصادي من خلال تنمية فرص عمل ملائمة في القطاعات الأربعة الواعدة.

وقال إبراهيم شرف الدين إن المشروع “كان أحد المشاريع الرائدة لكنه توقف العام الماضي قبل أن ينهي أنشطته لعدم توفر التمويل اللازم..”.

من 7يوليو إلى الصالح

ويرى باحثون ومهتمون أن مشروع التنوع الاقتصادي ليس إلا واحداً من مئات إن لم يكن آلاف المشاريع المتعثرة أو التي لم تحقق أهدافها المرسومة، ولن يكون الأخير في حال عدم إعادة النظر في هذا القطاع.

ومن خلال البحث عبر الإنترنت ومحرك جوجل عن اختلالات هذه المنظمات في اليمن، اتضح قلة المعلومات المتوفرة (ما يدعم فكرة الملف المسكوت عنه) إلا أنني عثرتُ على تقرير صحفي حول تعثر مشروع “7 يوليو لذوي الدخل المحدود” في مدينة الشعب بمحافظة عدن، والذي كان أساسه توفير حو إلى 1686 قطعة أرض مخصصة للسكن مزودة بالخدمات الأساسية، بهدف التخفيف من الفقر وظاهرة البناء العشوائي التي انتشرت في المحافظة عقب إعادة تحقيق وحدة البلاد عام 90.

وطبقاً للتقرير، المنقول عن صحيفة الصحوة الأسبوعية، أبرمت الحكومة اليمنية اتفاقية تمويل المشروع بتاريخ 11 أغسطس 1997م، مع عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، البالغ كلفته الإجمالية 8,9 مليون دولار “المرحلة الأولى”، على أن تكون حصة الحكومة 2,5 مليون دولار (تستخدم في توصيل الخدمات الرئيسية من خارج المشروع). وفي العام 1999م وقعت “الأمم المتحدة” اتفاقية تنفيذ البنية التحتية الداخلية للمشروع، مع شركة صينية، وعينت لها خبيراً مختصاً للإشراف على أن يتم الانتهاء من ذلك خلال عام واحد، غير أن الشركة لم تنجز سوى 5 بالمائة فقط، حسب تقرير مكتب الأشغال بعدن بشأن تبرير تعثر المشروع، والذي أكد حدوث مشاكل نتيجة لتجاوزات كبيرة قام بها الخبير الفني للمشروع، مرجعاً ذلك كأحد الأسباب الرئيسية لتوقف المشروع.

وفيما قدم تقرير الأشغال، المرفوع لمحافظ عدن - حينها- عدداً من الاتهامات ضد الخبير التابع للأمم المتحدة، حمل الخبير الحكومة اليمنية مسؤولية تعثر المشروع متهماً إياها بعدم تمكين المقاول من الحصول على التيار الكهربائي وعدم توصيل المياه وطريق أسفلتي إلى الموقع والتأخير في استكمال معاملة تعميد كشوفات المواد المعفاة جمركياً.

والخلاصة تعثر هذا المشروع الاستراتيجي، ولم تفض الاتهامات المتبادلة إلى تسوية الأمر، وتعثرت معه أحلام قرابة 10 آلاف مواطن ممن تم تسجيلهم للاستفادة منه، ولاحقاً حولته الحكومة إلى “مشروع 22 مايو” وتحول في العام 2006م إلى مشروع الصالح، طبقاً للتقرير.

“الجمهورية” حاولت معرفة تفاصيل اكثر عن المشروع فاكتفى مصدر مطلع في وزارة التخطيط بالقول إن الشركة الصينية رفعت دعوى قضائية دولية ضد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (أحد برامج منظومة الأمم المتحدة) فاضطر الأخير إلى دفع مليون دولار للشركة، بينما خسرت اليمن ملايين الدولارات، وأن 14 مليون دولار مازالت مدفونة تحت الأرض، حد قوله.

تضارب الاحتياجات والصلاحيات

وبالإضافة إلى أقواله السابقة يرى المسؤول الحكومي في وزارة التخطيط، إبراهيم شرف الدين، أن التضارب بين أولويات واحتياجات اليمن واختصاصات وصلاحيات المنظمات الدولية أبرز الإشكاليات القائمة، وتحديداً في جانب التعاون متعدد الأطراف، فيما تعتمد إشكاليات التعاون الثنائي (اليمن مع غيرها من الدول) على سياسات الدولة المانحة نفسها.

لم نتلقَ رداً

تقدم كاتب الملف بطلب مكتوب لكل من البرنامج الإنمائي (UNDP) والممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن لمعرفة تفاصيل أنشطتهم ومشاريعهم التي ينفذونها في اليمن، فضلاً عن الرد على ما ورد في هذا الملف، لكننا لم نتلق رداً.

وكالمثل تواصلنا مع عدد من المنظمات غير الحكومية العربية والأجنبية، غير أنها لم ترد
على استفساراتنا..

مطلوب قانون وخطة

وللحد من الاختلالات القائمة، يدعو مهتمون ومختصون وباحثون الحكومة اليمنية إلى بلورة رؤية مشتركة تسهم في تطوير وتحسين مستوى أداء هذه المنظمات وبما يحقق الأهداف المشتركة، وإنشاء هيئة مختصة للمتابعة والتنسيق والإشراف على عملها، وتشريع قانون خاص ينظم ذلك كما هو حال كثير من الدول العربية، إلى جانب تأهيل المنظمات المحلية للقيام بدور المنظمات الدولية.

ويطالب الباحث سمير مريط، المانحين بضرورة دراسة التقارير المرفوعة لهم من المنظمات للتأكد من الاختلالات وإعادة النظر في الأمر.

بدوره طالب الدكتور فؤاد الصلاحي حكومة الوفاق الوطني بإعداد خطة متكاملة أو استراتيجية خاصة بهذا الموضوع وبمنظمات المجتمع المدني المحلية، توضح مهامها والمطلوب منها تنفيذه سواء على شكل فردي أو من خلال التشبيك، فضلاً عن إيجاد شراكة بين المنظمات المحلية والحكومة من جهة والمنظمات الدولية من جهة أخرى. وأوضح الصلاحي غياب الشراكة الحقيقية بين المنظمات المحلية والحكومة، وقال إن ما يتم الحديث عنه عبر الخطابات الرسمية لا معنى له، في ظل عدم وجود مصفوفة واضحة يتم إسنادها إلى المجتمع المدني والقطاع الخاص وتحت إدارة الدولة، “اذا نظرت للخطة الخمسية الثانية والثالثة ستجد تعبيراً هلامياً أو ضبابياً وهذا امر خطير”، قال الدكتور الصلاحي.

إعادة تقييم

بدوره كشف مدير عام التعاون الثنائي في وزارة التخطيط، أحمد جاوي، أن وزارته بصدد إعادة تقييم وترتيب وضع المنظمات العربية والأجنبية، من خلال الاطلاع على تقاريرهم السنوية، وتقييم ما تم إنجازه على ارض الواقع، ومقارنة ذلك بما تم الاتفاق عليه في اتفاقيات المشاريع الموقعة معها.

وأعلن جاوي أن وزارة التخطيط والجهات الحكومية ذات العلاقة بصدد الانتهاء من إعداد الدليل الخاص بإجراءات وعمل المنظمات في الجمهورية اليمنية، يضيف: “الدليل سينظم العلاقة بين هذه المنظمات والجانب اليمني وسيرسي القواعد والأسس الخاصة بتنفيذ المشاريع في بلادنا وهو انعكاس لفصول ومواد وبنود اللائحة التنظيمية لعمل المنظمات غير الحكومية الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم (211) بتاريخ 17 أغسطس 2011م..”.

كما صدرت تعليمات من رئاسة الوزراء بضرورة استكمال القوانين واللوائح الخاصة بالمنظمات الدولية والإقليمية الحكومية العاملة في اليمن، بحسب أحمد جاوي.
في الأثناء قال مصدر مختص في وزارة التخطيط: “نطالب الأمم المتحدة أن ترفع الكتاب الأزرق (الخاص بالعهد) الذي يوجد مع كل منظمة تابعة لها..”.

طالبت الحكومة بفرض السيادة، وأن يكون دور المفوضية استشارياً..
دراسة: منظمات تدخل البلاد تحت ستار الإغاثة ويتطور عملها ليخدم أجندات أخرى!!

كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز دراسات الهجرة واللاجئين بجامعة صنعاء، أن كثيراً من المنظمات الدولية تدخل البلاد تحت ستار الإغاثة ومساعدة اللاجئين وسرعان ما يتطور عملها ليخدم أجندات ومصالح وأهدافاً غير التي جاءت من أجلها..
واعتبرت دراسة “دور المفوضية السامية للأمم المتحدة في رعاية اللاجئين – دراسة حالة لاجئي القرن الأفريقي في اليمن للفترة 1990 – 2010م”، في استنتاجها عن ذلك التحول في أهداف ومهام بعض المنظمات أن “جزءاً من عملها يحمل طابعاً سياسياً والمفوضية واحدة من تلك المنظمات التي تتعرض بالتأكيد لضغوط خارجية سواء من الدول المانحة أو دول أخرى ما يجعل عملها يرتبط بالجانبين الإنساني والسياسي”، وقالت الدراسة، وهي للباحثة وجدان الدفاعي، إن “عدم إعطاء المعلومة والتكتم عليها والسرية في العمل يدل على أن المفوضية تقوم بعمل آخر يختلف عن العمل والمهام التي أنشئت من أجلها”.

وترى في تعزيز لاستنتاجها أن “عدم السماح لموظفي المفوضية بإعطاء المعلومات بحرية وشفافية يدل على أن العمل ليس إنسانياً 100 بالمائة ويحتمل أن يكون ذا طابع إنساني” حد توصيفها. وأكدت الدراسة، التي نشرتها وكالة “سبأ” الحكومية أواخر يونيو الماضي، ما تعتبرها مهددات على أمن البلاد بفعل التسلل المحتمل باسم اللجوء للإرهابيين وناقلي الأمراض مع ضعف دور الدولة في تحديد المقبولين والمرفوضين منهم وتقاسم المهمة “السيادية” مع المفوضية الأممية للاجئين.

ونبهت من عجز الجهود الرسمية والدولية عن تقديم الرعاية والإيواء المناسبين لهذه الشريحة نظراً لأعدادها المتزايدة.. مستنتجة أن “دور المفوضية في رعاية لاجئي أفريقيا في اليمن مقبول أحياناً وضعيف أحايين تبعا للعوامل والظروف الداخلية”.

وتتزايد المخاوف من تداعيات مشكلة اللاجئين في اليمن، خاصة مع اختلافات بين الإحصائيات المقدمة من المفوضية وجهات الاختصاص الحكومية.

ووفقاً لأحدث التقديرات الرسمية فإن أكثر من مليون لاجئ من القرن الأفريقي غالبيتهم من الصومال يتواجدون في اليمن، بينما تقول المفوضية إن إجمالي اللاجئين المسجلين رسمياً بلغ 260 ألفاً.

الحكومة والإشراف على مراكز الاستقبال

وبينت الدراسة أن “جمع بيانات التسجيل الأولية حول الواصلين الجدد يتم بواسطة ممثل المجلس الدانماركي للاجئين في مراكز الاستقبال الثلاثة بأخذ البيانات الشخصية الأساسية”.. وتفيد في هذا الجزء أن “المقابلات الشخصية الخاصة بالتسجيل تكون “سرية” في مكان مأمون ومعزول وغالباً ما تتم في مكتب المركز الدنماركي للاجئين في مركز الاستقبال”، في حين تؤكد تبادلاً للمعلومات بين مكتب المفوضية والمجلس الدنماركي بهذا الخصوص.

وشددت الدراسة على ضرورة قيام الحكومة بالإشراف على مراكز استقبال وتسجيل اللاجئين وتعمل على تحديد أوضاع طالبي اللجوء قانونياً وأن تكون مسؤولة عن منح اللجوء لمن تراه مناسباً كغيرها من دول العالم وأن يكون دور المفوضية دوراً إشرافياً واستشارياً.

وطالبت في التوصيات أن “تأخذ الإدارات الرسمية المختصة على عاتقها عملية تحديد وضع اللاجئ بالشراكة مع المفوضية وفق آلية عمل متكاملة ورؤية واضحة مع الأخذ بعين الاعتبار أن قبول اللاجئ أو عدم قبوله هو أمر سيادي يرجع إلى الدولة نفسها”.

وحثت على “إعطاء اللجنة الوطنية العليا لشؤون اللاجئين مزيداً من الصلاحيات فيما يخص منح اللجوء من عدمه وتفعيل دور خفر السواحل والقوات البحرية وتطوير قدراتها لحماية السواحل والسيطرة عليها.

عشرة ملايين جائع مبالغة كبيرة

وفي شأن آخر تقول المنظمات الدولية إن أكثر من 13 مليون شخص من إجمالي سكان اليمن المقدر بـ25 مليون نسمة هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية. غير أن خبراء اقتصاد يرون أن حديث هذه المنظمات عن عشرة ملايين جائع مبالغة كبيرة لا سيما أنها لا تستند إلى معلومات دقيقة لكن ذلك لا ينفي تردي الوضع الاقتصادي والإنساني للأسر اليمنية.

وتشير إحصائيات رسمية إلى أن نسبة الفقراء من إجمالي السكان تتجاوز 54٫5 بالمائة، بينما تقدر نسبة البطالة بأكثر من 35 بالمائة، وتتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تتجاوز60 بالمائة.

وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي ل «الجمهورية»:
لا نعادي هذه المنظمات وفي حال تحولت عن أهدافها سنستخدم القانون

دعا وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي الباحثين وكل من لديهم وثائق أو يستطيعون إثبات تهم الفساد الموجهة ضد المنظمات الدولية والأجنبية والعربية العاملة في اليمن أن يتقدموا بها إلى وزارة التخطيط، ليتسنى لها بالتعاون مع الجهات الحكومية المتابعة والتحقيق في مثل هذه الممارسات.

وقال الدكتور السعدي في تصريح خاص ل “الجمهورية” أنهم كوزارة مختصة لا يستطيعون اتهام هذه المنظمات بممارسة الفساد أو تبرئتها منه في نفس الوقت، “قد يكون الفساد موجوداً في بعض هذه المنظمات لكننا لا نستطيع أن نطلق الموضوع جزافاً، لذلك نطلب من الباحثين التكرم مشكورين بأن يزورونا في وزارة التخطيط ويحضروا معهم الوثائق التي تثبت هذه الاتهامات..”.

وأكد أن الحكومة اليمنية لا تسعى إلى أن تعادي المنظمات “نحن نسعى إلى أننا لا نعادي هذه المنظمات حتى ولو كان أداؤها بمستوى منخفض، لأن بلادنا تحتاجها للاستفادة القصوى من الموارد المحدودة، وفي حال ساءت سمعت هذه المنظمات أو تحولت عن أهدافها لا شك أننا سنستخدم القانون في التعامل معها..”

لستُ مع التعميم بالحكم

وأشار الدكتور محمد السعدي إلى أنه لا يؤيد التعميم في الحكم على كافة المنظمات العاملة في اليمن بأنها لا تلتزم باللائحة التنظيمية وتسخر بنود ميزانياتها التشغيلية في أجور موظفيها الأجانب أو أن مشاريعها ليست ذات قيمة ومردود للمواطن اليمني، فضلاً عن عدم موافاتها وزارة التخطيط بتقارير أنشطتها السنوية وغيرها.

وقال: “أولاً لا ينبغي التعميم، هناك منظمات يمكن تنطبق عليها هذه الصفات والمخالفات وقد لا تمارس ما اتفقت عليه في ترخيصها أو أنشطتها، ولكن هناك منظمات أخرى ملتزمة وتُقدم خدمات ملموسة في مختلف المجالات الإنسانية والتنموية و...، وآثارها واضحة في الميدان كما هو حال المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وبالتالي أنا لستُ مع التعميم في هذا الحكم الذي تفضلت بطرحه في سؤالك..”.

مشكلات تعانيها الوزارة

لكن الوزير السعدي أكد القصور الذي تعانيه وزارة التخطيط فيما يتعلق بالرقابة على المنظمات، وأرجع ذلك إلى عدم توفر الإمكانيات التشغيلية المناسبة، يضيف: “هناك أيضاً مشكلة أمام الوزارة تتمثل في أن كوادرها ذات الكفاءة غادرتها لوجود فرص إما في هذه المنظمات أو غيرها من المؤسسات التي تقدم مكافآت أو أجوراً مرتفعة..”.

وذكر الدكتور السعدي مشكلات أخرى تقف أمام وزارته تحول دون الرقابة المطلوبة، “بعض المنظمات تمارس أنشطتها على مستوى المحافظات، وكفاءة وقدرات مكاتب وزارة التخطيط في المحافظات ضعيفة، وبالتالي لا توجد رقابة أو شفافية واضحة كما نتمنى، لكننا نحاول أن نُحسِّن من قدرات موظفينا”.

ولفت إلى المشكل العام في ثقافة الأداء لدى موظفي الدولة عموماً، ويقول إنهم وصلوا إلى حالة من الإحباط وصعوبة الحياة ما أدى إلى أن العملية الإنتاجية لم تعد مقدسة، وانشغل الناس بإضاعة الوقت في غير الأهداف المنشودة”.

الرقابة تحتاج إلى إمكانيات وشفافية

ورفض الوزير محمد السعدي اتهامات باحثين واكاديميين للحكومة بافتقارها رؤية أو خطة سليمة للاستفادة من هذه المنظمات وقال: “أكرر أن أسهل شيء أن نتهم الآخرين، لكننا نريد أن نظهر حرصاً على الوطن وحرصاً على الاستفادة القصوى من هذه الموارد المحدودة، لذلك ادعو الباحثين والأكاديميين أن يزودونا أو يقدموا لنا مقترحاتهم وسيرون إن شاء الله تطبيقات عملية..”.

وتابع: “كنا في بداية الفترة الانتقالية نعمل لقاءات منتظمة مع المنظمات ومحاولة الرقابة المباشرة عليها، لكننا توصلنا بعد ذلك إلى دليل إجراءات أنتجته وزارة التخطيط لعملية التسجيل «تسجيل المنظمات ومنحها تراخيص مزاولة العمل» وجزء من الرقابة، رغم أن الرقابة تحتاج كما قلت إلى إمكانيات وشفافية..”.

زر الذهاب إلى الأعلى