تتباين قراءات المحللين اليمنيين لتصريحات الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض التي لوح فيها بإمكانية استخدام الكفاح المسلح من أجل استقلال الجنوب. فهناك من يقول إنها رسالة سياسية للخارج، في حين يحذر آخرون من كونها تطورا خطيرا قد يطرأ على مسيرة الحركة الانفصالية التي يتزعمها البيض.
ولطالما هدد قادة هذه الحركة المطالبة باستعادة دولة جنوب اليمن -التي كانت مستقلة إلى ما قبل قيام الوحدة اليمنية في مايو/أيار1990- باللجوء إلى العمل المسلح. لكن التصريحات الأخيرة اكتسبت اهتماما سياسيا وإعلاميا، لكون اليمن يمر بمرحلة انتقالية دقيقة، وهو على مشارف الانتهاء من الحوار الوطني.
وكان البيض قد قال في كلمة مسجلة ألقيت الأربعاء الماضي في مؤتمر لحلف قبائل حضرموت مسقط رأس البيض “لقد وصل السيل الزبى ووصلت القلوب الحناجر، وإن المحتل لا يمكن أن يكف عن سفك دم الجنوبيين إلا برادع قوي، ولا يمكن أن يخرج من الجنوب إلا بالقوة وبالطريقة التي دخل بها”.
كذلك دعت قبائل المحافظة إلى هبّة شعبية في الـ20 من الشهر الجاري لا تتوقف إلا بالسيطرة على كل شؤون المحافظة وإخلاء المدن من المعسكرات الشمالية.
وقال أحمد بامعلم رئيس مكون الحراك الجنوبي بحضرموت -وهو المكون الذي يتزعمه البيض- في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت “نحن نؤيد دعوة القبائل إلى الهبّة الشعبية وندعو جميع القوى الجنوبية للمشاركة فيها”. وبشأن جدية اللجوء للعمل المسلح اكتفى بالقول “كل شيء يمكن معرفته في حينه”.
أدوات
إلى ذلك اعتبر رئيس المجلس الثوري في حضرموت عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن صلاح باتيس أن دعوة القبائل جاءت ردة فعل طبيعية لجريمة اغتيال سعد بن حبريش شيخ قبائل الحموم، وحذر من استثمار هذا الحادث من قبل أطراف أخرى تسعى لتفجير الأوضاع في المحافظة بهدف إفشال العملية السياسية برمتها في البلاد.
وقال للجزيرة نت إن حضرموت منذ اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية لم تشهد أي تغيير يذكر وإن المحافظة لا تزال يديرها الرئيس السابق على عبدالله صالح وأدواته في النظام السابق التي تعبث بكل الأجهزة المختلفة وتستفز المواطنين وقد تسببت في كثير من المشكلات”.
وأضاف أن “الاغتيالات في حضرموت تتفاقم وقد تجاوز عدد الضباط الذين قتلوا 90 ضابطا والكارثة الكبرى التي حصلت باغتيال سعد بن حبريش شيخ قبائل الحموم قبل نحو أسبوع على يد جنود عند حاجز عسكري في مدينة سيئون وبطريقة استفزازية من شأنها تصعيد هذا التأزم ما لم يتدخل الرئيس اليمني مباشرة لحل القضية”.
وتعليقا على تصريحات البيض يرى رئيس المنتدى العربي للدراسات في صنعاء نبيل البكيري أن مثل هذا الدعوة ليست بجديدة سوى في توقيت التصريح الذي قال إنه يأتي للتأكيد على أن ثمة جهات إقليمية تلعب بورقة هذا الجناح الحراكي المطالب بالانفصال”.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن الأخطر أيضا هو ما لوحظ مؤخرا من تقارب كبير بين هذا الفصيل للحراك وبعض الأنظمة الخليجية التي تلعب دورا كبيرا في دعم الثورات المضادة التي بدأت بالانقلاب العسكري في مصر.
وبخلاف رؤية البكيري يرى رئيس تحرير صحيفة الأمناء بعدن المقربة من الحراك الجنوبي عدنان الأعجم أن الهدف من تصريحات البيض إرسال رسالة سياسية للخارج أكثر من كونها للداخل، وذلك “للفت انتباه المجتمع الدولي الراعي للتسوية السياسية في البلاد إلى أن هناك وسائل أخرى يمكن أن يلجأ إليها الجنوبيون”.
وقال للجزيرة نت إنه في ظل حالة الانسداد السياسي في البلاد وعدم إعطاء إشارات إيجابية للأطراف الجنوبية وجد البيض في اجتماع قبائل حضرموت فرصة مواتية لإيصال هذه الرسالة كون هذه القبائل تشعر بغضب شديد من الحكومة اليمنية جراء مقتل أحد زعمائها على يد جنود عند حاجز عسكري.