أكاديميون وسياسيون يدعون لرفض وثيقة بن عمر ويوضحون مآلاتها وتداعياتها الخطيرة (تغطية موسعة)
في محاولة جادة لإثراء النقاش حول وثيقة جمال بن عمر لحل القضية الجنوبية في اليمن أقام مركز البحوث والدراسات السياسية والإستراتيجية حلقة نقاشية حول الوثيقة ومضامينها ومآلاتها الخطيرة فالمركز بحسب رئيسه الدكتور أحمد عبد الواحد الزنداني أحب أن يشارك في تحليل مضمون وبنود وثيقة بن عمر بأكاديمية وعلمية وموضوعية فهذه الوثيقة ومضمونها له علاقة مباشرة بشكل الدولة وبوضع الشعب اليمني وانتقد الزنداني تغييب الشعب منذ بداية فعاليات مؤتمر الحوار من خلال عدم السماح له باختيار ممثليه في الحوار فلا يوجد تمثيل عادل للشعب إضافة إلى أن اختيار أعضاء المؤتمر ونسب المشاركين تم بطريقة غير سليمة والجميع يعلم ذلك.
وتساءل أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور أحمد عبد الواحد الزنداني : هل وثيقة بن عمر فعلا في صالح أبناء الجنوب ؟! وهل الوثيقة فعلا تتحدث عن فيدرالية أم أنها جاءت بنظام جديد وغريب ؟!!
وهل الفيدرالية هي كما جاء في وثيقة بن عمر ؟!
وإذا كانت وثيقة بن عمر مكرسة لحل القضية الجنوبية فلماذا تقصي الشريعة الإسلامية وتضع المرجعية للمواثيق الدولية ؟!!
وهذا سؤال جوهري وهام ، وإذا كانت الوثيقة قد كرست لإنصاف أبناء الجنوب فهل ينبغي أن تقوم على ظلم أبناء الشمال ؟!!
ومن خلال مراجعة نص الوثيقة نجد أنها تعطي حقوق كبيرة لأقلية مناطقية مع الأسف.
وهناك سؤال آخر : ما علاقة وثيقة بن عمر التي كرست لحل القضية الجنوبية بالكوتا النسائية ؟!!
ولماذا أقحم موضوع المرأة وال30% في هذه الوثيقة ؟!!
نريد أن نفهم ونجد جواب لهذه التساؤلات.
وأستغرب الزنداني من وجود نص في الوثيقة عن تشكيل لجنة حول عدد الأقاليم ويكون قرار هذه اللجنة نافذ دون الرجوع للشعب وإعطاءه الحق في أن يقول نعم أو لا.!!
وختم الزنداني حديثه بتساؤل هام : لماذا في الوقت الذي تسعى كل دول العالم لتعزيز استقلالها وسيادتها تنص هذه الوثيقة وتطالب مجلس الأمن الدولي بصياغات قرارات للتدخل في شئون اليمن الداخلية وتضع البلد تحت الوصاية ؟!!
• وثيقة مرفوضة شعبيا
من جهته فقد أكد الدكتور إسماعيل السهيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإيمان ومدير مركز البحوث للدراسات السياسية والإستراتيجية على ضرورة أن نعي جيدا أن وثيقة بن عمر إستراتيجية مصيرية سوف يتحدد على ضوئها مستقبل اليمن مشيرا إلى ان الوثيقة تضمنت العديد من النصوص التي تصب في منحى إحداث تغييرات جوهرية على اليمن شريعة وعقيدة وأرضا وإنسانا مشيرا إلى أنه من خلال إطلاعه على نصوص مترجمة يستطيع التأكيد على أنها وثيقة صيغت بلغة أخرى وترجمت للعربية فهناك جهات طبختها خارج اليمن وجيء بها إلى مؤتمر الحوار ليوقع عليها أشخاص يمنيين منوها إلى أن الوثيقة رفضت شعبيا وإن حاول البعض الترويج لها كما حدث مع أحمد بن مبارك أمين عام مؤتمر الحوار الذي قال أن الوثيقة تحظى بإجماع شعبي ولا أعرف كيف تحظى بإجماع شعبي والمؤتمر الشعبي العام يرفضها وهيئة علماء اليمن ترفضها وكثيرا من القوى السياسية والشعبية وهذا من ترويج المفلسين.
وقال الدكتور إسماعيل السهيل أن الوثيقة بعد أن درسها تصب في خمسة نصوص أساسية :
• أولاً : مضامين تؤدي لعلمنة اليمن :
1- تضمنت الوثيقة النص على الالتزام ب " التطبيق الكامل للنقاط العشرين والإحدى عشرة، خلال فترة الانتقال إلى الدولة اليمنية الاتحادية". ومعلوم أن النقاط العشرين نصت على قانون العدالة الانتقالية وللتوضيح فإن المادة (14) في الفقرة (ب) من المشروع النهائي لقانون العدالة الانتقالية قد نصت على أنه " من اجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ومنع انتهاكها في المستقبل تقوم الحكومة بما يلي:
ب. مراجعة الاتفاقيات والصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها اليمن والعمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع تلك المواثيق والانضمام إلى الصكوك والاتفاقيات التي لم تصادق عليها اليمن بعد.
2- تضمنت الوثيقة أن يُنص في الدستور الجديد على " التزام أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان " وأن " الشعب في اليمن حر في تقرير مكانته السياسية وحر في السعي السلمي إلى تحقيق نموه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كل مستوى، وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ",ومعلوم اشتمال العهدين على نصوص تصادم وتخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
• ثانياً :مضامين تؤسس للانفصال:
تضمنت الوثيقة نصوص عدة ستؤسس للانفصال مستقبلاً ومن أبرزها :
1 " الشعب في اليمن حر في تقرير مكانته السياسية... وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية" هذا النص يثير شكوكاً كبيرة ونخشى انه يشير لحرية تقرير المصير ( الانفصال والاستقلال) خاصة وأن المادة الأولى في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تنص على أنه "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي".
2- نصت الوثيقة على وجود عدة مستويات للحكم وأنه " يتمتع كل مستوى من مستويات الحكم، المركز والإقليم والولاية، بسلطة تنفيذية وتشريعية وإدارية ومالية مستقلة يحددها الدستور، بما فيها سلطة مناسبة لجباية الضرائب", وأنه " لا تتدخل السلطة المركزية في صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية لمستويات الحكم الأخرى في نطاق مسؤولياتها الحصرية، إلا في ظروف استثنائية ينص عليها الدستور والقانون ".
3- تضمن الوثيقة نصوص تحول الموارد الطبيعية ومنها النفط والغاز من ثروة وطنية إلى ثروات تكون الأولوية فيها للجهوية : " تكون إدارة وتنمية الموارد الطبيعية، منها النفط والغاز، وبما فيها منح عقود الاستكشاف والتطوير، من مسؤولية السلطات في الولايات المنتجة بالتشارك مع السلطات في الإقليم والسلطة الاتحادية، وفق ما ينص عليه قانون اتحادي وبموجب القانون نفسه يكون تنظيم عقود الخدمات المحلية من مسؤولية السلطات في الولاية المنتجة حصراً... وبموجب القانون نفسه تؤسس هيئة وطنية مستقلة تضم جميع السلطات المعنية على مستوى الإقليم والولاية والحكومة الاتحادية مهمتها تطوير السياسات العامة وتمكين الولايات والأقاليم المنتجة بإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة يحدد قانون اتحادي، يصاغ بالتشاور مع الأقاليم والولايات، معايير ومعادلة لتوزيع عائدات الموارد الطبيعية، بما فيها النفط والغاز، بطريقة شفافة وعادلة لجميع أبناء الشعب في اليمن، مع مراعاة حاجات الولايات المنتجة بشكل خاص وتخصيص نسبة من العائدات للحكومة الاتحادية". ثالثاً : مضامين تعمق الهيمنة الأجنبية وتؤسس للوصاية الدولية : تضمنت الوثيقة العديد من النصوص التي تؤدي إلى انتهاك السيادة الوطنية , وتؤسس لوضع اليمن تحت الوصاية الدولية, وأبرزها افتتاح الاتفاق بالاستناد على قراري مجلس الأمن الدولي رقم(2014 , 2051) وكذلك اختتامه بدعوة الهيئات الدولية خصوصاً مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة أصدقاء اليمن وباقي الدول والمنظمات الداعمة, وكذلك منح الاتفاق أمين عام الأمم المتحدة حق مواصلة التدخل في الشأن اليمني وفق قراري مجلس الأمن رقم ( 2014، 2051), إضافة إلى مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارات تدعم ضمان تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
• رابعاً : مضامين تنتج الصراع والفتن بين اليمنيين :
تضمنت الوثيقة نصوصاً تتذرع بإزالة المظالم وعدم المساواة بحق من أسمتهم " الجنوبيين" وهي في الحقيقة ستنتج مظالم بحق " الشماليين" وتنتقص من حقوقهم مثل :
1- النص على أنه "خلال الدورة الانتخابية الأولى بعد تبني الدستور الاتحادي يمثل الجنوب بنسبة خمسين في المائة في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن ".
2- أنه "يمثل الجنوب كذلك بنسبة خمسين في المائة في مجلس النواب " وأنه " يكون للجنوبيين أولوية في شغل الوظائف الشاغرة والتأهيل والتدريب في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن ". 3- "إنشاء صندوق ائتماني للجنوب " وهذا سيؤدي للغبن وتفاوت التنمية بين الجنوب والشمال !!.
4- تكرار عبارة "الشعب في اليمن" وليس الشعب اليمني يدعو إلى الريبة ويضفي على الاتفاق الشكوك لجهة أنه سوف ينتج مزيداً من التمايز والصراعات ، والتناحر بين أبناء البلد الواحد, ويخلق هويتين شمالية وجنوبية للشعب في اليمن.
• خامساً : مضامين تلغي إرادة الشعب وحقه في تقرير شئونه العامة [ مخالفة قواعد العمل الديمقراطي ] :
1 أن ينص الدستور الجديد على الديمقراطية "التشاركية والتداولية لضمان التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة ", وقصد بذلك التوافق الذي لا يعتد بمبدأ الأغلبية, ومعلوم أن "الديمقراطية التوافقية" وفقاً لأدبيات النظم السياسية هي نوع من الديمقراطية تناسب المجتمعات الطائفية والجهوية المتصارعة, وفيها يختفي المبدأ الرئيسي للديمقراطية وهو الأغلبية المعبرة عن الرضا الشعبي وتُستبدل بالتوافق بين الأحزاب السياسية لتحكم بشكل جماعي, وهذا النمط من الديمقراطية سيضر باليمن مرتين الأولى أنه سيحول اليمن إلى مجتمع جهوي وطائفي ,والثانية أنه سيُضيع حق الشعب في الاقتصاص من الحكام الفاسدين أو الفاشلين عبر إسقاطهم في الانتخابات القادمة , لأن مسئولية الفشل أو الفساد ستتفرق بين الأحزاب جميعاً, وأبرز نموذج على ذلك حكومة الوفاق الحالية.
2- تضمنت الوثيقة أنه "لما بعد الدورة الانتخابية الأولى، ينص الدستور الاتحادي على آليات تنفيذية وقضائية وبرلمانية من أجل حماية المصالح الحيوية للجنوب، قد تتضمن هذه الآليات حقوق نقض أو تصويت خاصة حول قضايا تتعلق بالمصالح الحيوية للجنوب، وتمثيلاً خاصاً يقوم على معادلة المساحة والسكان، وعدم إمكان إجراء تعديل في الدستور يخص الجنوب أو يغير شكل الدولة إلا عبر ضمان موافقة أغلبية ممثلي الجنوب في مجلس النواب، إضافة إلى ترتيبات لتحقيق التشاركية في السلطة تحدد في الدستور الاتحادي ".
3- تضمنت الوثيقة أنه " ينص الدستور الاتحادي على... تمثيل للنساء لا تقل نسبته عن ثلاثين في المائة في الهياكل القيادية والهيئات المنتخبة والخدمة المدنية".وهذا يخالف أصول الديمقراطية التي لا تعترف بما يسمى الكوتا( حصص تمييزية).
• الأقاليم أقصر الطرق لتفكيك الدولة
أما الصحفي والباحث رياض الأحمدي فقد أكد على أن هذه الأقاليم أو الكيانات التي بشرت بها وثيقة جمال بن عمر ستنشأ وفقاً للصيغة الفدرالية، ليست موجودة على أرض الواقع ككيانات مؤسسية متماسكة، ولأن الرؤوس والمكونات والقوى الداعية للفدرالية متعددة الأهداف والأطماع والمنطلقات، فمن الطبيعي أن عجلة التفكك سوف تستمر على مستوى كل كيان وإقليم ومحافظة. ولأن كل إقليم يحتاج إلى تثبيت نظام حكم فإنه يحتاج إلى المرور بالأطوار التي تمر بها أي دولة حتى تستقر، وهذه يعني أنه سواءً في حالة الانفصال أو الأقاليم ستكون الأجزاء الناتجة عن تفكيك الدولة أضعف منها.
كما يرى الأحمدي أن هناك 4 محددات رئيسية تجعل من الحديث عن الدولة الاتحادية لا يعدو عن كونه وهماً وخداعاً:
1 وضع الدولة ومؤسستها الأمنية والعسكرية:
يؤكد الأحمدي على ان الوضع الحالي للدولة هو دولة مركزية ضعيفة غير قادرة على إنهاء عصابات تخريبية وحركات مسلحة وتدخلات أجنبية تعبث بالسيادة، وجيش يتعرض للاستهداف المنظم، ويتساءل الأحمدي : فكيف من الممكن أن تحافظ الدولة على أقاليم ومؤسسات حكومية حين تسعى للانفصال؟. مقارنة اليمن بالولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا، تعد نوعاً من السذاجة أو الخداع، فهناك مؤسسات دول عظمى وجيوش تملأ المساحات. وقد رأينا من الآن تحركات لإخراج الجيش من بعض المحافظات، فكيف يصبح الأمر بعد ذلك؟
2 العامل الاقتصادي:
وينبه الأحمدي على أن الدولة الاتحادية تحتاج أضعافاً مضاعفة من الموازنة المالية إذا ما قورنت بالدولة البسيطة، وإذا كانت الأزمة الاقتصادية هي التحدي الأول الذي يواجه اليمن وإذا كانت الحكومة حالياً لا تستطيع توفير الحد الأدنى من الأمان لمشاريعها، فماذا يعني أن تسير جميع القوى وأن تشجع الدولة الغربية هذا الحل، وهي أول من يعلم أن اليمن على أسوار الانهيار الاقتصادي والعجز المالي، فمن أين سيصبح اليمن دولة اتحادية؟
• الأقاليم بحاجة لميزانية كبيرة جدا
ويشير الصحفي رياض الأحمدي إلى أن البعض يتحدث بحسن نية، عن موارد الأقاليم.. أين هي الأقاليم؟ ما لم تكن مؤسسات الأقاليم ومواردها موجودة على أرض الواقع (بحكم أن أغلب الدول الاتحادية تنشأ باتحاد عدد من الدول)، فإن هذه الأقاليم تحتاج إلى ميزانية هائلة لإنشاء مؤسساتها، والميزانية التي تحتاجها الدولة للإنفاق على عدد من الحكومات تكون أضعافاً مضاعفة للميزانية التي تحتاجها للإنفاق على الحكومة في الدولة البسيطة. والحكومة الحالية لا تستطيع الإنفاق على أية مشاريع أو موظفين جدد. فمن أين ستمول كل ذلك؟
3 الوضع السياسي:
ويلخص الأحمدي الوضع بقوله : إضافة إلى غياب الثقة بين مختلف المكونات السياسية ودعوات الانفصال والحركات مسلحة التي تم منحها الشرعية السياسية عبر مؤتمر الحوار، والفدرالية ونقل هذه الدعوات والحركات إلى مؤسسات دولة تعمل من خلالها فإذا كانت هذه الدعوات والتحركات متصاعدة وآمنة في ظل الدولة البسيطة، فكيف سيكون الحال عندما يكون عملها قد أصبح دستورياً؟
• 4 العامل الخارجي:
ويضيف الأحمدي : التدخلات الخارجية في اليمن ووقوعها في هذه المرحلة تحت وصاية أجنبية شبه مباشرة فمؤتمر الحوار هو هندسة أجنبية والجيش والأمن أهم مؤسستين سياديتين يهيكلان بأيدي أجنبية، ووثيقة جمال بنعمر هي فرض أجنبي على اليمن إضافة إلى ضعف الدولة ووجود دعوات انفصالية وتدخل خارجي وعجز اقتصادي كل هذه التحديات الكبيرة تحتاج إلى إجابة واقعية وعداها تصبح الفدرالية انتحاراً معلوماً سلفاً.
• ثانياً: المناصفة
وذكر الأحمدي أن وثيقة جمال بنعمر حددت في بندها التاسع، أن يتم تقاسم المواقع القيادية في السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، 50% شمال، و50% جنوب خلال الدورة الانتخابية الأولى من «الدولة الموعودة»، وهذا يعني فيما يعني أولاً، نقل البلاد من المساواة بين المواطنين إلى المساواة بين الجهات، ويعني أيضاً أننا سنضطر لإبعاد أو حرمان الآلاف من الكوادر من مواقع المسؤولية للإتيان بآخرين، لا لشيء، إلا للانتماء المناطقي ، وهذا معناه إلغاء عامل الكفاءة والخبرة.
• ثالثاً. الوصاية
يرى الباحث والصحفي رياض الأحمدي أن التوقيع على الوثيقة بتلك الطريقة المفتقرة للمسؤولية الوطنية أو المشروعية السياسية والمخالفة للوائح ومبادئ المبادرة الخليجية، والإصرار بالترويج لها، عزز مؤشرات سابقة بأن هناك أطرافاً دولية تحتاج إلى هذه الوثيقة لترسيخ وصايتها والتمهيد لتدخل عسكري غربي في اليمن بحجة فرض تنفيذ الوثيقة وحماية المصالح الأجنبية التي تتعرض لخطر متزايد مع تصاعد الانفلات الأمني والهجمات المسلحة ضد الجيش والأمن.
• بعض من مآلات ومخاطر وثيقة بن عمر
يرى الصحفي رياض الأحمدي أن الانتقال من الدولة البسيطة إلى الدولة الاتحادية أو المركبة، هي في الواقع العملي مجرد أدوات مساعدة لإلغاء ما تبقى من المؤسسات الدستورية وإفشال الدولة، للانتقال إلى مرحلة يفرضها الواقع.
ويضرب مثلا للتدليل على ما يقول بأن إلغاء شرعية الدستور والمؤسسات الدستورية وإحلال شرعية التوافق ومضامين مثل هذه الوثيقة، يقضي على ما تبقى من شرعية الدولة، ويأتي بالجماعات المسلحة والخارجة على القانون لتمارس وظيفتها بضرب الدولة من داخل مؤسساتها.
• الوثيقة وفرض الانفصال كأمر واقع
وفي المحافظات الجنوبية والشرقية تتوسع الجماعات الانفصالية وتنتشر وسط صمت وتواطؤ من السلطات الرسمية وتجري فيها حملات منظمة لطرد الجيش والأمن وفرض الانفصال على الأمر الواقع. وهذا كله شمالاً وجنوباً وشرقاً يتم بغطاء الحوار والمشرفين على العملية السياسية، وتأتي وثيقة بنعمر من الشق السياسي والقانوني لتآزر هذا التوجه، بإلغاء الدستور والجمهورية والوحدة وتفكيك مؤسسات الدولة وإفشال الجيش والأمن.
ويشير الأحمدي إلى أن ما يجري في حضرموت أو الضالع أو ما يجري من استهداف للقوات المسلحة والأمن هي أعمال عنف لمؤزرة مخرجات الحوار بفرض المزيد من الواقع المعقد الذي يساعد على إقناع اليمنيين بالقبول بالتقسيم كمخرج وحيد. وهو ما كان ملاحظاً عندما يتأخر مؤتمر الحوار نجد تصعيداً أمنياً يعيد الأطراف إلى الطاولة ويقنعها بالتقسيم، فهجوم وزارة الدفاع تبعه عودة مفاوضات لجنة (8/8) بعد وصولها إلى طريق مسدود، وتصعيد حضرموت تبعه التوقيع على وثيقة بنعمر.
• الوثيقة كمقدمة للتدخل الدولي
ومن جهة ثانية، يتوقع الأحمدي أن تكون هذه الوثيقة مقدمة للتدخل الدولي، وهناك تصريحات وتحركات، تشير إلى أن هناك أطرافاً خارجية تمهد للمزيد من التدخل، بمحاولة فرض التقسيم واستهداف الدولة، ولا يأتي هذا لأجل الوثيقة والتقسيم بذاته، بل يأتي ضمن تحركات استراتيجية لتهيئة الواقع لصراع مستقبلي على مستوى إقليمي ودولي..
ويرى الأحمدي أنه من الطبيعي أن يؤدي توقيع مثل هذه الوثيقة في منزل الرئيس عبدربه منصور هادي وتحت تأثير ضغوط منه، إلى حالة من عدم الثقة، وهذا أمر من المهم التنبيه إليه، فإذا كان رئيس الجمهورية موافقاً على مضامين الوثيقة وهو المكلف الأول بحماية وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، فهذا يعني أن ما يستهدف الدولة ليس أولوية بالنسبة إليه، أو لنقل: لن يفاجئ الرئيس الناس باتخاذ إجراءات لوقف السير في هذا الطريق الكارثي.
• هل الوثيقة برنامج للرئيس ؟
ويختم الصحفي الأحمدي ورقته في الحلقة النقاشية بهذه التساؤلات : هل معنى ذلك أن الوثيقة أصبحت البرنامج الذي يعمل لتحقيقه الرئيس؟ وكيف يمكن أن يقدم الجندي تضحياته في أقصى البلاد للحفاظ على مؤسسات يتم التفريط بها والسماح بأن تتجه الدولة إلى مناصفة مناطقية وشطرية؟ وكيف يمكن أن يقف بوجه مسلحي التخريب في بعض المحافظات ووثيقة بنعمر قد شرعنت الانفصال التدريجي وتكفلت بإزالة الحواجز وجعل البلاد كتاباً مفتوحاً للخارج؟
ويخلص الأحمدي إلى أن عدم الثقة قد يؤدي إلى ارتفاع حالة الاستياء على الرئيس هادي من أوساط عديدة ترى أن وجوده على رأس السلطة لم يعد يبعث الأمل بالحفاظ على البلاد، بل يمكن أن يصل بالبلاد إلى الصفر ويقفز بها إلى المجهول.
مداخلات هامة ونقاشات :
• هل شروط الفيدرالية تتحقق في اليمن ؟
الدكتور بكيل الزنداني أستاذ العلاقات الدولية بقسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء يرى أن الخطأ هو في الأساس وما بني على باطل فهو باطل فاللجنة الفنية للحوار الوطني كان أساسها باطل وهو التقاسم وطالما وهي لجنة فنية بمعنى أنها مخصصة لخبراء ولا تدخل في تقاسمات وتكون مهمتها نقل الملاحظات والتوصيات من اللجان للأمانة العامة لمؤتمر الحوار وأضاف الدكتور بكيل : ببداهة الفيدرالية لها شروط فهل تتحقق هذه الشروط في مجتمع مثل اليمن ؟!!
من شروط الفيدرالية أن يكون لديك تنوع ثقافي ديني عرقي مناطقي إضافة للبعد الاقتصادي والمساحة الجغرافية وهذه كلها ليست موجودة في اليمن.
وأشار الزنداني إلى أنه سمع من أحد القادة الصهاينة يحاضر في الدنمارك ويقول أن مشروعنا ناجح العراق انتهى وليبيا منتهية ومصر دخلت نفق مظلم واليمن بأيدي أبنائها توقع على وثيقة تأتي من أروقة المخابرات الأمريكية تمثل كارثة ومصيبة حقيقية على اليمن.
• وثيقة بنعمر مصيرها الفشل
وأضاف الزنداني : الفشل سيكون مستقبل هذه الوثيقة لو طبقت على أرض الواقع مطالبا كل القوى السياسية بأن تفرض مصلحة الوطن ولا يكون همها مصالحها الضيقة فالوطن إذا سقط سقطت كل المشاريع والأحلام وسنتحول إلى دولة بدون هوية وبدون مكانة وأضاف الدكتور بكيل : قد يكون مشروع الأقاليم مقبولا لدى من ينادون بالليبرالية والديمقراطية لكن أعداء اليمن يريدوننا دويلات وأقاليم صغيرة وضعيفة لا يكون لنا رأي لا في المنطقة ولا في العالم وبالتالي سنكون من ضمن الدول التابعة للمنظومة الدولية.
• تغييب الشعب في وثيقة بن عمر
ويرى الدكتور عبد الله المقالح الأكاديمي والبرلماني والمفكر المعروف أن الفكرة الأساسية الأولى هي تغييب الشعب وهي واضحة على المسرح السياسي أسس مؤتمر الحوار باسم الشعب فقلنا : طيب وإن شاء الله يخرجونا إلى طريق وانتقد الدكتور المقالح اختيار أعضاء مؤتمر الحوار على أساس أنهم يمثلون الشعب والأحزاب دون أن يستشار الشعب ولا مكونات الأحزاب وكذلك تم تأسيس لجان وتقسيم لجان ووضع تصورات بدون اختيار الشعب واستشارة مكونات الأحزاب فالتغييب واضح.
وأكد الدكتور عبد الله المقالح بأنه لا يوجد بلد في العالم تطرح قضايا بهذا العمق وبهذه الجرأة دون أن يكون للشعب رأي.
كما انتقد المقالح موقف ياسين سعيد نعمان وقال : للأسف ياسين كان مرشح منا جميعا لإدارة البلد في المرحلة القادمة ولم يكن عليه خلاف وكانت الثقة به إلى حد أن البعض كان يقول في بعض الجوامع لا داعي للمحاضر والداعية الفلاني ليحاضرنا هاتوا لنا ياسين سعيد نعمان ليحاضرنا.
تصوروا بكل جرأة يقول ياسين : لن يكون الحزب الإشتراكي طرفا في تقسيم الجنوب يعني ما فيش حياء ؟ تقسم الشمال إلى أربعة أقاليم لكن الجنوب لا تريد أن يقسم ؟!!
وأكد المقالح أن هذا دليل على أن هناك تنسيق خفي بين ياسين وبين علي سالم البيض وهذا واضح والمسألة واضحة وياسين يأخذ تعليماته منهم.
وأضاف الدكتور عبد الله المقالح : ياسين هو الذي بنى الحزب الإشتراكي وأعاده وقواه وخزن مع جماعتنا وقاد البلاد بكل بساطة.!!
وأضاف الدكتور عبد الله المقالح بحث في القواميس فوجدت الفيدرالية مصطلح عربي وليس أجنبي " فدرة لقمة " فدرة خبزة " وهي تعني التقسيم والتجزئة والله سبحانه وتع إلى يقول: ( واعتصموا بحبل الله جميعا ) ونحن " لا سنتقسم " فالمسألة تصادم الواقع والعقل والحياة الكريمة.
وأشار المقالح إلى أن الفيدرالية بدايتها من أمريكا فالأمريكان عندما أسسوا ثلاثة عشر ولاية تحت التاج البريطاني شرعوا يطمحون للاستقلال وبدأت كل ولاية من الثلاث عشر ولاية تفرض ضرائب وتؤسس جيش فتنبه جورج واشنطن للأمر وبدأت بعض الولايات تتمرد فقال نؤسس جيش قوي ليضرب الولايات المتمردة ومن هنا جاء مصطلح الفيدرالية التي تنبثق من دولة مركزية قوية وفي مجتمع رفاهية فاستفاد البريطانيون والفرنسيون من تجربة أمريكاء بالتدرج فعندما تصل الدولة إلى مرحلة الرفاهية يقال : دعوا الناس يديرون شئونهم في حكم محلي واسع الصلاحيات لكن نحن لا نحكم بني حشيش بل لا نحكم شوارع صنعاء فبالله عليكم كيف تأتي الفيدرالية كحلول في أزمات ؟!!
وأكد المقالح أن الفيدرالية لا تأتي إلا في ظل دولة مركزية قوية وفيها رفاهية وثروات وموارد وتساءل الدكتور عبد الله كمثال : الحوثي عندما تسلمه صعدة هل سيبني دولة له أم سيخضع للدولة المركزية ؟
والجنوب كذلك ولذلك ياسين سعيد نعمان يعني ما يقول ويريد أن تظل الدولة في الجنوب هي الدولة وهذا يؤكد حقيقة أننا قادمون إلى مرحلة صعبة.
وانتقد المقالح ما تدعوا إليه بعض مخرجات الحوار من حظر الأحزاب الدينية مع أن رئيسة ألمانيا المستشارة أنجيلا ميركل هي رئيسة الحزب المسيحي الألماني والحزب المسيحي الإيطالي يحكم إيطاليا من زمان بل أعرف أن دولا عربية كانت ترغمهم أمريكا على مساعدتهم فالمال السعودي يذهب لمؤازرة أحزاب دينية إيطالية وألمانية وفي كل مكان.
وانتقد المقالح التعامل الأمريكي والدولي الذي يتعامل بازدواجية وتناقض مع قضايا العالم الإسلامي فإقليم مسلم مثل كشمير رغم كل القرارات الدولية لم يستطع الاستقلال عن الهند بقرارات الأمم المتحدة ولم يطبق منها قرار لكن تيمور لأنها ستصبح دولة مسيحية دعمت أمريكا وضغطت وتدخلت الأمم المتحدة بالقوة حتى انفصلت عن اندونيسيا كما فعلت من قبل حين ضغطت لانفصال سنغافورة عن ماليزيا لأن سنغافورة دولة مسيحية.
• أكاديمي عراقي: المؤامرة تطل برأسها عبر وثيقة بنعمر
الدكتور قيس نوري أستاذ العلاقات الدولية بجامعة صنعاء ور رئيس دار الحكمة بالعراق سابقا هي جامعة راسخة وشهيرة ومن أقدم جامعات العالم فقد طالب النخبة إلى عدم الاكتفاء بتشخيص الخلل وإنما لا بد أن تطرح الحلول والبدائل مؤكدا أن هناك مؤامرة على الأمة وتطل برأسها ثانية في اليمن وأبلغ دليل على هذه المؤامرة التفتيتية هي وثيقة بن عمر وأحب أوضح لكم يا أهل اليمن معلومة توضح سلوك واتجاهات هذا الفريق الذي وضع هذه الوثيقة فبن عمر رجل ماركسي شيوعي فلا يستغرب أحد أنه في عداء تقليدي مع الشريعة الإسلامية بل إن وظيفته الأساسية هي هذه.
وكشف الدكتور قيس نوري على أن مساعد بن عمر الفني الخفي الذي لا تعرفونه ولم يظهر اسمه في الإعلام إطلاقا لغرض مقصود هو فخري كريم عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي العراقي وكان على صلة بالقيادات الشيوعية اليمنية وهو صديق حميم لعبد الفتاح إسماعيل وأخذ منه مبالغ هائلة وكبيرة جدا من الجنوب لتأسيس مؤسسات تخدم فكرهم الشيوعي جسدها في مؤسسة المدى في لبنان والتي نقلها بعد الاحتلال للعراق بدعم ومساعدة من قبل الأمريكان.
وقال الدكتور قيس نوري إن فريق بن عمر في اليمن هم أداة تنفيذ فقط ، الوثيقة لا تصلح للتطبيق في السويد وليس في اليمن فعندما تأتي ببذلة وتريد ان تلبسها لشخص لم تفصل عليه لا تناسبه.
وأضاف نوري : هذا الوضع الذي وصلنا إليه في اليمن بحيث سلمنا أمرنا لواحد ماركسي بليد معادي للإسلام يتحمل مسئولية أولا الأحزاب اليمنية فالقوى السياسية اليمنية لم تكن بمصلحة من الوعي بحيث تغلب المصلحة الوطنية لليمن الواحد على حساب تخندقها في أحزابها وتمترسها خلف مصالحها ولو كانت الأحزاب اليمنية بمستوى المسئولية لطرحت مشروعا وطنيا متقدما يحل كل مشاكل اليمن فهذا الفراغ هو الذي سمح للقوى الأجنبية بان تبعث لنا مثل هذا الشخص لينسف عقيدة ووحدة ومستقبل أبناء اليمن.
وشدد الدكتور قيس نوري في الحلقة النقاشية التي أقامها مركز البحوث والدراسات السياسية لمناقشة وثيقة بن عمر على أن أبناء اليمن أمام مفترق طرق وهناك حاجة ملحة للفرز الوطني بين الوطني على أساس وحدة التراب الوطني ومصالح اليمن وبين الانتهازي وأبناء الجنوب مطالبهم هي مطالب كل أبناء الشمال ومطلب أبن عدن وحضرموت كمطلب ابن صنعاء وحجة فهناك قوى إقليمية ودولية تسعى لإضعاف الدولة اليمنية من خلال تفكيكها أرضا ومجتمعا وهي مساعي متكاملة لا تنفصل عن الاستهداف التاريخي لشعب اليمن الحي.
وأكد الدكتور قيس نوري على أهمية التوقف وإعادة النظر في الاصطفافات السياسية القائمة وتحديدها وفق تصورات للأحزاب والقوى السياسية اليمنية على أساس موقفهم السياسي من وحدة التراب اليمني وعلى ضوء وحدة التراب اليمني تتم تحالفات جديدة ونسيان الماضي ونسيان التقاطعات فنحن أمام قضية مصيرية ستحدد مستقبل اليمن ليس فقط كدولة وإنما كشعب.
وقد تخللت الندوة مداخلات هامة ستنشر لاحقا على شكل أخبار وتصريحات..