تواصلت الأصوات السياسية والأكاديمية اليمنية المنددة بوثيقة المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر والتي تقسم اليمن إلى أقاليم وهويات، فيما تواصل بعض الجهات الترويج لهذه الوثيقة رغم الرفض الشعبي ومن شرائح واسعة من السياسيين والأكاديميين والعلماء والمثقفين ومن بعض المنتمين لهذه الأحزاب.
وفي هذا الصدد أكد القيادي في التجمع اليمني للإصلاح الدكتور منصور الزنداني وعضو مجلس النواب ان وثيقة المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر يمكن أن تخلق مشاكل بين اليمنيين وتقود لتمزيق يتبعه المزيد من التمزيق وأنها قد تفعل ما لم يفعل في عهد الاستعمار من محاولة إلغاء الانتماء اليمني الواحد..
وأكد الزنداني وهو عضو مؤتمر الحوار وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة صنعاء في تصريح حصل نشوان نيوز على نسخة منه أن "جمال بن عمر ذهب في طرحه للفيدرالية إلى ابعد مما كنا نتصور، فلم يأخذ بنظام الفيدرالية الهندية أو فيدرالية جنوب أفريقيا أو البرازيل أوفيدرالية الولايات المتحدة، بل صنع لنا فيدرالية تجمع من كل بحر قطرة"..
وأضاف: جيء لنا بوثيقة فيها بعض الغموض و عدم الوضوح، وفي بعض أفكارها ما قد يزعج في المستقبل، لذلك نسمع ما يدور اليوم داخل الحوار ومواقف القوى السياسية، على عكس ما كنا نتمناه بأن نخرج من الحوار في لحظاته الأخيرة منسجمين بوفاق سياسي، حتى يطمئن الشعب اليمني بان المتحاورين كانوا عند مستوى المسؤولية، وخاصة المتحاورين ذو الثقل الكبير المنتمون إلى مكونات حزبية سياسية، وتمثل نسبة عالية من الناشطين السياسيين في المجتمع اليمني..
وأكد الدكتور الزنداني انه كان من الممكن خلق نوع من المعالجات بدلاً من الانتقال إلى تقسيم اليمن لأقاليم، فالشعب اليمني عبر التاريخ شعب واحد حتى في وقت التشطير ووجود دولتين لم يحس انه شعبان، كذلك في ظل وجود الاستعمار لم تستطع بريطانيا وهي محتلة لجنوب اليمن منع أبناء الجنوب من السفر والانتقال إلى الشمال أو العكس، فكان اليمني يتنقل بدون بطاقة أو تصريح، لذا فقد شارك الجنوبيون في ثورة 26 سبتمبر وشارك الشماليون في ثورة 14 أكتوبر، بل ومن أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر الرئيسية الوحدة اليمنية أرضاً وانساناً.. مشيراً إلى أن وثيقة بن عمر ستضع بعض الحواجز التي ستخلق نوعاً من التباعد بين أبناء اليمن، وتعزز من المناطقية، خاصة عندما نتحدث عن الانتخابات العامة ومسألة ما أوردته الوثيقة من التأكيد على أن الانتخابات ستكون على أساس الأرض مقابل السكان، هي تشبه (الأرض مقابل السلام)..
وتابع الدكتور منصور الزنداني بالقول: أن الوثيقة كتبت باستعجال، ففي قضية إعطاء الحق للولايات أو المناطق التي ينتج فيها البترول الحق في إبرام عقود النفط والغاز مع الشركات الأجنبية العملاقة، أمر خطير لانعدام الخبرات والنظرة الإستراتيجية في الولاية عنها في مركز الدولة الاتحادية، ولان توقيع الاتفاقيات النفطية يكون في الغالب مع شركات متعددة الجنسية قادرة على إقامة دول وإسقاط أخرى، فعندما نجعل تلك الشركات العملاقة تنفرد بالتوقيع مع منطقة أو ولاية فهذه قضية بحاجة إلى نقاش،وكلنا يعلم أهمية النفط والغاز كأهم القطاعات الاقتصادية الإستراتيجية العالمية.
مبيناً أن الوثيقة تناقض نفسها وتتحدث في إحدى الفقرات أنها تسعى إلى مواطنة متساوية مع أنها توطد للتميز والفرقة، فالوثيقة تجربة من بعض تجارب الدول الأخرى التي تختلف فيها أجناس الناس ولغاتهم وأديان شعوب الدول الاتحادية، على عكس اليمن ذو الشعب الواحد واللغة الواحدة والعقيدة الواحدة، فلسنا كما هو موجود في جنوب أفريقيا، أو كحال بعض الدول العربية التي لديها نسب من السكان يدينون بالمسيحية.
وطالب الزنداني بضرورة توضيح إعادة بلورة الأفكار التي جاءت فيها، حتى لا تكون غامضة وتصنع مشكلة أو مشاكل في المستقبل.. وقال: نريد لهذه الوثيقة أن يكون لكل فقرة أو مبدأ فيها تأويل واحد حتى لا ندخل في صراعات قادمة ، لأننا نريد أن نبني ولا نريد أن نمزق، فلا نريد أن نمزق أنفسنا اليوم ونمزق أنفسنا غداً نمزق الممزق بعد غد.. محذراً من أن عدم اخذ الوثيقة للإجراءات الهامة في لائحة مؤتمر الحوار، بحيث تناقش باستفاضة في فريق القضية الجنوبية للتصويت عليها ورفعها إلى الجلسة العامة اخذ حقها من النقاش والتوضيح من قبل كافة المكونات، سيؤدي إلى وضع الحوار في الخطوة الأولى للفشل.
وتمنى عضو مؤتمر الحوار الدكتور الزنداني أن نقبل بعضنا البعض وان نتنازل لبعضنا البعض، فلا يوجد لدينا مانع من التنازل لبعضنا البعض، كما أننا لا نريد أن نبخس حقوق إخواننا في المحافظات الجنوبية، وبالمقابل لا نريدهم أن يبخسوا حقوق إخوانهم في المحافظات الشمالية.