دعا نخبة من السياسيين والأكاديميين في اليمن الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى اعادة النظر في وثيقة " حلول وضمانات القضية الجنوبية" وفقا لرؤية وطنية بما يؤسس لحل المشكلة الجنوبية ويضمن عدم خلق مشاكل جديدة في طريقها ،
وأكدوا في حلقة نقاشية اقامها مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية حضرها نخبة من السياسيين والأكاديميين والصحفيين وأصحاب الرأي أن الوثيقة التي قدمها بن عمر بعيدا عن مكونات مؤتمر الحوار لم تستند على وقائع وحيثيات وطنية وإنما استندت على حيثيات ووقائع لا صلة لها بالواقع اليمني.
وقال الدكتور مطهر السعيدي عضو مجلس الشورى ان الوثيقة استهدفت خلط الأوراق ولم تراعي معالجات وضمانات القضية الجنوبية ، مشيرا إلى أن الوثيقة افتقدت في بنائها ومضمونها إلى البعدين الوظيفي والشكلي للحلول والضمانات ، وقدمت بشكل ومضمون لم يتسم بالموضوعية والحصافة الأمر الذي لم تحظى معه الوثيقة بالتفاعل في أوساط النخبة والأوساط الشعبية والعامة.
وبين الدكتور السعيدي أن حلول وضمانات القضية الجنوبية بحاجة إلى مراجعة ودراسة معمقة من الطيف السياسي اليمني بما يلبي الرغبة الحقيقية في اصلاح الأوصاع ومعالجة المشاكل التي افرزتها القضية الجنوبية، مؤكدا ان معيار الصح الخطأ لا يصلح للتوافق لأنه يجب أن تكون هناك مرجعية توافقية، والتي كان يجب ان تعالج من خلال مهام وصلاحيات الغرفتين التشريعيتين، دون اللجوء إلى النصوص المستفزة والمباشرة .
من جانبه اكد الخبير الاداري والاقتصادي الاستاذ دكتور عبد العزيز الترب أن وثيقة بن عمر تنطوي على مؤامرة خارجية كبيرة ضد القضية الجنوبية والقضية اليمنية عموما، مبينا أن هناك أجندة خارجية تستهدف تفتيت الوحدة اليمنية وتنفذ بأدوات داخلية، متناسين ان في الوحدة عزة اليمنيين وكرامتهم، وفال الخبير الترب أن على الرئيس هادي أن يستمع للآخرين ، ودعا الدكتور الترب إلى تبني أن تكون عدن إقليما اقتصاديا للجمهورية اليمنية، و إلى تشكيل لجنة من الخبرات السياسية والوطنية من خارج اطار مؤتمر الحوار لوضع حلول وضمانات للقضية الجنوبية والقضية الوطنية اليمنية عموما.
اما الدكتور الباحث منصور القاضي فقد المح إلى اهمية فهم جذور القضية الجنوبية، ومعاناة الجنوبيين قبل الوحدة وبعد الوحدة، مشيرا إلى أن حل القضية الجنوبية يحتاج إلى مناقشة جذورها بسعة صدر وروية ، مشيرا إلى أن الـ50% من الوظائف العليا وأولوية لأبناء المحافظات الجنوبية هي للفترة الانتقالية ولتهدئة الاوضاع وجبر الخواطر.
وتحدث عدد من الكتاب والصحفيين المشاركين في نقاش الوثيقة عن أن مشكلة الحوار تكمن في ضعف اعضاء الحوار، وبين الكاتب والصحفي شرف الويسي أن ضعف اداء المتحاورين دفع ببن عمر إلى تقديم وثيقة غير وطنية قدمت حلولا للقضية الجنوبية بعيدا عن فهم واستيعاب الواقع اليمني والمشكلة اليمنية عموما، وشدد الكاتب والباحث الثقافي احمد حسين العنابي إلى أن القوى الوطنية مدعوة لتبني رؤية وطنية للقضية الوطنية تحقق الاجماع خارج اطار مؤتمر الحوار ، ومن جانبه اشار احمد يحيى عامر إلى أن الوثيقة تعمدت ايجاد شرخ في القضية الوطنية ، وأسست لصراع بين ابناء الوطن من خلال خلق مواطنة غير متساوية بين المواطنين اليمنيين.
وقال القاضي محمد الروحاني إلى أن وثيقة بن عمر اشتملت على تناقضات كثيرة ومريبة، ورغم انها تضمنت مصطلحات منقولة عن وثائق عالمية كالعهد الدولي وحقوق الانسان الا انها تجاهلت الحقوق الانسانية المتساوية للمواطنيين اليمنيين وخلقت استثناءات لا تمت للحق والمنطق بصلة، وأوضح الكاتب والناشط الحقوقي عبد المغني صالح الأشول عن أن فشل الحوار الوطني ووصوله إلى طريق مسدود كان مرده عدم الالتزام بالآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وعدم تشكيل اللجان الهامة المختصة المعنية بإعداد الوثائق المطلوبة لإنجاح الحوار ومنها اللجنة الدستورية المعنية بصياغة الدستور، وتحديد اتجاهات بناء وشكل الدولة.
وكان الدكتور عبد الوهاب الروحاني رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية عضو مجلس الشورى قد اكد في مداخلة له حول وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية أن الرئيس هادي تعرض لتضليل ممنهج استهدف ارباكه والحؤول دون انجاح مؤتمر الحوار ، وأشار إلى ان ضغوطات كبيرة تمارس على رئيس الجهمورية داخلية وخارجية ، اقليمية ودولية ، والجميع يضغط باتجاه تحقيق مصالحه دون النظر بعين الاعتبار إلى المصلحة الوطنية العليا للبلاد.
وأوضح الدكتور الروحاني أن وثيقة بن عمر بحاجة إلى مراجعة جادة ومتأنية بعيدا عن الضغوطات والرغبات المتضاربة للأحزاب والمكونات ، وأعرب الروحاني عن ثقته أن الرئيس هادي سيتمكن في نهاية المطاف من حسم الخلافات القائمة حول الوثيقة ، وتحقيق التوافق الوطني حول مخرجات الحوار بما يحفظ لليمن وحدته ويحقق لجميع ابنائه العدالة والمساواة.