قال تقرير هيومن رايتس ووتش للعام 2014 إن الحكومة الانتقالية الهشّة التي أعقبت الرئيس علي عبد الله صالح في عام 2012 إبان احتجاجات شعبية، أخفقت في التصدي لتحديات حقوق الإنسان العديدة. استمرت في عام 2013 الانتهاكات المرتبطة بالنزاع، والتمييز ضد المرأة بموجب القانون، والإعدام بأحكام قضائية لأحداث، وعدم المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة.
وأشار التقرير إلى أنها دأ 565 ممثلاً عن أحزاب سياسية والمرأة والشباب والمجتمع المدني في عملية حوار وطني في مارس/آذار، من المقرر لها أن تصدر توصياتها خلال ستة أشهر، لتوجيه عملية صياغة الدستور، على أن تدور التوصيات حول طبيعة الدولة. وقت كتابة هذه السطور لم يكن الحوار قد انتهى بعد بسبب تأخيرات سببها مناورات سياسية.
استمرت المصادمات بين قوات الأمن والفصائل المسلحة التي تطالب بقدر أكبر من الحكم الذاتي لجنوب اليمن، وبين الجماعات السلفية والقبائل المسلحة والحوثيين في الشمال. استمرت الحكومتين اليمنية والأمريكية في عمليات عسكرية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية. في 5 ديسمبر/كانون الأول وقعت هجمات انتحارية أعلنت القاعدة في شبه الجزيرة العربية مسؤوليتها عنها ثم أنكرتها، على مجمع وزارة الدفاع، ما أودى بحياة 52 شخصاً على الأقل وإصابة 161 آخرين. من بين القتلى ما لا يقل عن سبعة أطباء وممرضين أجانب يعملون بالمستشفى العسكري داخل المجمع.
يواجه اليمن أزمة إنسانية متصاعدة، مع افتقار نصف السكان تقريباً للغذاء الكافي، بحسب تقديرات وكالات الأمم المتحدة.
المحاسبة
في عام 2012 منح البرلمان اليمني الرئيس صالح ومساعديه حصانة من الملاحقة القضائية، ولم يسن بعد الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي آليات لكفالة المحاسبة على انتهاكات الماضي.
في سبتمبر/أيلول 2012 قرر الرئيس هادي تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في الانتهاكات المزعوم وقوعها أثناء انتفاضة 2011 والتوصية بمحاسبة الجناة وإنصاف وتعويض الضحايا. وبعد أكثر من عام، ما زال لم يرشح أعضاء اللجنة.
عرض الرئيس هادي قانوناً معيباً للغاية للعدالة الانتقالية على البرلمان في يناير/كانون الثاني، لكن لم يمر مشروع القانون بعد. لا يمنح مشروع القانون للضحايا إنصافاً قضائياً، بل يشتمل على برنامج لتعويض الضحايا لا أكثر، يقتصر على أحداث 2011.
بدأت في سبتمبر/أيلول 2012 محاكمة 78 مدعى عليهم – وليس بينهم المشتبهين الرئيسيين – على الاعتداء القاتل على الانتفاضة، وخلاله قتل مسلحون موالون للحكومة 45 متظاهراً وأصابوا 200 آخرين، يوم 18 مارس/آذار 2011. شابت المحاكمة تدخلات سياسية والإخفاق في متابعة خيوط الأدلة التي قد تكشف تورط مسؤولين حكوميين، وشابت المحاكمة أخطاء في الوقائع. في أبريل/نيسان 2013 أمر قاضي تحقيق النيابة بمعاودة التحقيق مع الرئيس السابق صالح و11 من كبار معاونيه على صلة بالواقعة.
هجمات الجماعات المسلحة
نفذت القاعدة في شبه الجزيرة العربية عشرات التفجيرات القاتلة وغيرها من الهجمات على قوات الأمن اليمنية. احتجزت هذه الجماعة الإسلامية العديد من الأجانب لطلب الفدية، وأفرجت عن أغلبهم بعد أسابيع أو شهور، لكن استمرت في احتجاز الدبلوماسي السعودي عبد الله الخالدي، الذي تم اختطافه في مارس/آذار 2012.
نفذت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 22 ضربة بطائرات بدون طيار، على من يُزعم أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وذلك حتى أواسط سبتمبر/أيلول، طبقاً لتقديرات "مؤسسة أمريكا الجديدة" ومكتب التحقيقات الصحفية ومقره المملكة المتحدة. قتلت الغارات ما بين 72 و139 شخصاً، أغلبهم يُزعم أنهم مسلحون متشددون، لكن الافتقار للقدرة على الوصول إلى أغلب المناطق المستهدفة وعدم استعداد الولايات المتحدة لتوفير معلومات بشأن الهجمات، منعت إجراء تحقيقات كاملة، بما في ذلك تحقيقات في الخسائر اللاحقة بالمدنيين.
ةتوصل تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش في ست عمليات قتل مستهدف أمريكية في اليمن – عملية في 2009 والبقية في 2012 و2013 – إلى أن هجمتين كانتا ذات طابع غير قانوني وعشوائي لا يميز بين مدنيين ومقاتلين، مع إثارة العمليات الأربع الأخرى لتساؤلات جدية إزاء الالتزام بقوانين الحرب.
استخدام الألغام غير القانوني
في مايو/أيار 2013 وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام الألغام المضادة للأفراد، بحسب المزاعم من قبل الحرس الجمهوري في بني جرموز، وهي منطقة تقع شمال شرقي العاصمة صنعاء، في عام 2011. أدت الألغام إلى وفاة واحدة على الأقل و14 إصابة لحقت بمدنيين، بينهم 9 أطفال.
اليمن دولة طرف في معاهدة حظر الألغام، وفي اجتماع المعاهدة في جنيف في مايو/أيار جدد اليمن التزامه بالمعاهدة ووعد بالتحقيق في هذه الادعاءات، وتعهد بالتصدي للمشكلة من خلال نزع الألغام ومساعدة الضحايا.
أنشأت وزارة الدفاع لجنة للتحقيق في مزاعم استخدام الألغام وتحديد منطقة زرعها، لكن حتى سبتمبر/أيلول كانت اللجنة لم ترسل بعد فريق تقييم إلى المنطقة.
الهجمات على العاملين بمجال الصحة
يكافح العاملون بمجال الصحة والمنشآت الصحية لحماية أنفسهم من الجماعات المسلحة. أفادت "أطباء بلا حدود" بوقوع 18 هجوماً مختلفاً على العاملين بالمجموعة في عمران خلال العام الماضي، واشتملت الهجمات على إطلاق النار وتهديدات واعتداءات بدنية على العاملين بالمجال الصحي.
الأطفال والنزاع المسلح
خلال السنوات الأخيرة وثقت هيومن رايتس ووتش حالات لمشاركة أطفال في القتال مع الفرقة الأولى مدرع ومع الحرس الجمهوري. في يونيو/حزيران 2012 أفادت يونيسف اليمن بعدة حالات لتجنيد أطفال في صفوف القوات المسلحة اليمنية وفي صفوف جماعة أنصار الشريعة المسلحة، وهي من الجماعات التابعة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية. في سبتمبر/أيلول أعلن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالأطفال أن الحكومة وافقت على خطة عمل لإنهاء تجنيد واستخدام الأطفال في القوات المسلحة الحكومية.
وفي عدن، في الفترة من فبراير/شباط إلى يونيو/حزيران، منع الحراك الجنوبي – وهي مجموعة تضم حركات تسعى لاستقلال جنوب اليمن أو حكمه ذاتياً – نحو 50 ألف طفل من الذهاب للمدارس أيام الأربعاء والسبت حتى يشاركوا في حملة عصيان مدني. تعرض ما لا يقل عن 12 مدرسة في عدن لهجمات مسلحة أثناء الحملة من قوات الحراك، وتعرضت بعضها للاعتداء عدة مرات. في سبتمبر/أيلول تم استئناف حملة العصيان المدني، لكن اتفق منظموها على إعفاء المدارس، فسمحوا للطلاب بارتياد المدارس حتى في يوم الإضراب العام الأسبوعي.
عقوبة إعدام الأحداث
رغم قانون 1994 القاضي بحظر عقوبة الإعدام على الأحداث (أي شخص تحت 18 سنة وقت وقوع الجريمة) فعلى مدار السنوات الخمس الأخيرة نفذ اليمن عدة عمليات إعدام لأفراد كانوا أطفالاً وقت وقوع الجرائم التي حوسبوا عليها. هناك 22 حدثاً على الأقل يُحتمل أن يكونوا بين المدانين بجرائم قتل على ذمة الإعدام في سجن صنعاء المركزي، وفي سجون إب وتعز والحديدة وعدن.
انخفاض معدل تسجيل المواليد في اليمن يعني أن الأفراد المتهمين كثيراً ما لا تتوفر لهم شهادات ميلاد لتحديد أعمارهم. فضلاً عن ذلك لا يتبع كل القضاة القانون الذي يحظر إنزال أحكام الإعدام بالأحداث.
في يونيو/حزيران 2013 أنشأت وزارة العدل اليمنية لجنة لخبراء الطب الشرعي لتقييم عمر الشبان المتهمين في جرائم كبرى، في الحالات التي بها شك في أعمارهم. تمثل اللجنة محاولة للتصدي لمشكلة أحكام الإعدام للأحداث، لكنها تعتمد حصراً على الطب الشرعي، والذي يعاني من هامش خطأ كبير، طبقاً لدراسات نفذتها الحكومة الهولندية والكلية الملكية البريطانية لطب الأطفال وصحة الطفل. ما زالت هناك حاجة إلى التقييمات الاجتماعية لكي تكمل الصورة التي ترسمها أدلة الطب الشرعي، وتشتمل على مراجعة أوراق مثل سجلات المدارس وإجراء مقابلات مع السكان.
حقوق النساء والفتيات
تعاني النساء في اليمن من تمييز كبير في القانون والممارسة. لا يمكن للمرأة الزواج دون إذن ولي أمرها، وليس متاحاً لها نفس حقوق الطلاق أو الميراث أو حضانة الأطفال المتوفرة للرجل. كما أن عدم توفر الحماية القانونية للمرأة يعرضها للعنف الأسري والجنسي.
ما زال زواج الأطفال ظاهرة منتشرة مع إبلاغ الأطباء والإعلام بوفيات لزوجات أطفال تصل أعمار بعضهن ثماني سنوات، إثر ليلة الزفاف أو أثناء الولادة. ليس في القانون اليمني سناً دنياً للزواج.
مثل الحوار الوطني فرصة مهمة لحماية حقوق النساء والفتيات. تقدمت لجنة الحقوق والحريات في الحوار الوطني بتوصيات إيجابية حول المساواة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز، واشتملت على توصية بأن يكون السن الأدنى للزواج 18 عاماً.
الاعتداءات على الصحفيين
منذ تولي الرئيس هادي منصبه، خففت السلطات من سيطرتها الرسمية على الإعلام، وإن احتفظت بالقيود القانونية المطبقة. لكن طرأت زيادة في الاعتداءات على الصحفيين والمدونين من قبل السلطات ومناصريها، ومن قبل الجماعات المسلحة ومنها جماعات موالية لصالح، والحوثيين، والمتشددين دينياً.
خلال النصف الثاني من 2013 سجلت مؤسسة الحرية، وهي منظمة يمنية تراقب حرية الصحافة، 144 هجوماً على 205 أشخاص يعملون بالإعلام، ومنها اعتداءات لفظية ومضايقات ومصادرات وملاحقات قضائية مسيسة وعمليات إخفاء قسري وأعمال قتل.
بشكل عام لم تقم الحكومة بإدانة هذه الاعتداءات أو هي حققت فيها، ولم تحاسب الجناة أو اتخذت إجراءات لحماية الصحفيين.
الأطراف الدولية الرئيسية
في سبتمبر/أيلول 2013 أكدت مجموعة أصدقاء اليمن – وهي مجموعة من 39 دولة و8 منظمات دولية – على تعهدها المشترك بمبلغ 7.8 مليار دولار مساعدات تعهدت به في 2012. لم يصل اليمن من هذا المبلغ سوى 24 في المائة بحلول سبتمبر/أيلول 2013، طبقاً للحكومة اليمنية.
تعهدت الولايات المتحدة – أكبر مانح غير عربي – بمبلغ 256 مليون دولار مساعدات ثنائية في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2013. أفادت بأنها وفرت أكثر من 221 مليون دولار مساعدات إنسانية منذ عام 2012، ومائة مليون دولار مساعدات تنموية واقتصادية، ونحو 247 مليون دولار مساعدات في مكافحة الإرهاب ومساعدات أمنية.
ومنذ مايو/أيار 2012 يطبق الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمراً تنفيذياً يسمح لوزارة الخزانة بتجميد الأصول بالولايات المتحدة والخاصة بأي شخص "يعيق" تنفيذ العملية الانتقالية، المقرر أن تنتهي بانتخابات رئاسية في اليمن عام 2014
وفي سبتمبر/أيلول 2013 – للعام الخامس على التوالي – أصدر الرئيس أوباما قراراً يسمح لليمن بتلقي مساعدات عسكرية، رغم الاستخدام الموثق في اليمن للجنود الأطفال من قبل مختلف القوات، بما في ذلك القوات الحكومية والميليشيات الموالية للحكومة.
وفي سبتمبر/أيلول 2013 أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرار 24/32 الذي أشار إلى العديد من تحديات حقوق الإنسان، منها استمرار تعرض الأحداث لعقوبة الإعدام، وزواج الأطفال، وحماية الصحفيين، والحاجة إلى إجراء تحقيقات في انتهاكات الماضي، ومرور قانون العدالة الانتقالية.