بعد سبعة عقود من التدريس والتأليف وعشرات الكتب والبحوث والدراسات في المجال الفقهي، رحل أمس المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في العراق العلامة الدكتور عبد الكريم زيدان بهيج العاني أبرز منظري الفقه الإسلامي في العصر الحديث، عن عمر ناهز السابعة والتسعين عاما.
زيدان الذي ولد في مدينة بغداد عام 1917، حفظ القرآن الكريم في كتاتيب العاصمة ثم التحق بالمدارس فجامعة بغداد حيث تخرج من كلية الحقوق، ثم انتقل إلى جامعة القاهرة وحصل منها على درجة الدكتوراه في الفقه الإسلامي مع مرتبة الشرف الأولى عام 1962، ثم عاد إلى العراق وعمل في عدد من جامعاته في مناصب أكاديمية مختلفة، كان من أهمها عمادة كلية الشريعة الإسلامية بجامعة بغداد، ثم انتقل إلى اليمن بداية تسعينيات القرن الماضي وعمل فيه محاضرا في جامعتي صنعاء والإيمان، وأشرف خلال ذلك على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.
مسيرة حافلة
وفي العمل الحزبي انتمى زيدان مبكرا إلى جماعة الإخوان المسلمين في العراق التي أسسها الشيخ محمد محمود الصواف وظلت تمارس أنشطتها بشكل شبه علني حتى عام 1970. وبعد مغادرة الشيخ الصواف للعراق نهائيا خلفه زيدان في منصبه بقيادة الجماعة، حيث تعرض لمضايقات عدة، وبقي في منزله تحت الإقامة شبه الجبرية مدة تزيد على عشر سنوات، رحل بعدها إلى اليمن ليستقر هناك.
ألّف زيدان قرابة ثلاثين كتابا في الدراسات الفقهية، أشهرها: المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم (11 مجلدا)، وأحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، والمدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، وأصول الدعوة، والوجيز في أصول الفقه، والاختلاف في الشريعة الإسلامية، وعقيدة القضاء والقدر وأثرها في سلوك الفرد، وحقوق الأفراد في دار الإسلام، والقيود الواردة على الملكية الفردية للمصلحة العامة في الشريعة الإسلامية، ونظام القضاء في الشريعة الإسلامية، وموقف الشريعة الإسلامية من الرق.
وله دراسات وبحوث أخرى عديدة شارك بها في عدد من الملتقيات والمؤتمرات الفقهية في عدد من الدول العربية والإسلامية، كما شارك في تحرير مواد موسوعة الفقه الإسلامي التي صدرت في الكويت منتصف ستينيات القرن الماضي.
حصل زيدان على عدة جوائز وشهادات تقدير، أبرزها جائزة الملك فيصل عام 1997 عن موسوعته "المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم"، وكان عضوا في عدد من المجامع الفقهية.
العراق وأوضاعه
ظل زيدان متابعا لما يحدث في العراق، وفي 31 ديسمبر/كانون الأول 2012 أصدر بيانا -أقرب إلى الفتوى الشرعية- أوضح فيه وجهة نظره لما يحدث في العراق من اعتصامات أكد فيه شرعيتها ووجوب مناصرتها، داعيا القائمين عليها إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات.
كما أعلن وقوفه إلى جانب المعتصمين في مطالبتهم بإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات وإزالة "المادة الرابعة إرهاب" من الدستور العراقي والتي اتخذها الظلمة -حسب قوله- للتضييق والتنكيل بكل مقاوم للظلم، موصيا المعتصمين في نهاية هذا البيان بالصبر والثبات حتى تحقيق ما أسماها المطالب الشرعية.
كما أصدر بيانا مماثلا يوم 3 يناير/كانون الثاني 2014 أكد فيه مضامين البيان السابق، مُجدِّدا دعوته المعتصمين إلى الصبر والثبات ونبذ الفرقة والاختلاف.
ولزيدان صفحة نشطة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يديرها بعض أقربائه، وتنشر تباعا بعض فتاويه وأحكامه الفقهية بشكل شبه يومي، كما تنشر أخباره ومستجدات أنشطته العلمية والفكرية.