رغم انشغاله بأزمة أوكرانيا سيخصص الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقتا يوم الاثنين لاجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سعيا لحثه على المساعدة في إحراز تقدم في جهود السلام بالشرق الأوسط وتخفيف حدة شكوكه بشأن الدبلوماسية مع إيران.
وفي حين يقترب انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق إطار إسرائيلي فلسطيني لانقاذ عملية سلام مضطربة تتوسط فيها الولايات المتحدة تشاحن أوباما ونتنياهو في تصريحات علنية قبل الاجتماع الذي يأتي في مرحلة حرجة بالنسبة لأجندة السياسة الخارجية للرئيس في فترة ولايته الثانية.
ووصل نتنياهو إلى واشنطن في الوقت الذي صرح فيه أوباما بأن دفاع واشنطن عن إسرائيل في مواجهة الجهود الرامية إلى عزلها دوليا سيكون أصعب إذا فشلت محادثات السلام موجها تحذيرا مستترا لنتنياهو.
وفي إشارة إلى ان تحذير أوباما لن يجد آذانا صاغية ألقى نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه يوم الاثنين المسؤولية في دفع عملية السلام على عاتق الفلسطينيين وتعهد بالتمسك بموقفه خلال زيارته لواشنطن.
وقال نتنياهو "علينا التمسك بحزم بمصالحنا الحيوية. برهنت على أنني أفعل ذلك في مواجهة كل الضغوط وكل الشكوك وسأواصل عمل ذلك هنا ايضا."
ومن المقرر ان يجتمع نتنياهو مع أوباما الساعة 1.45 ظهرا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (1845 بتوقيت جرينتش).
ومن المتوقع ان تكون نقاط الخلاف بين أوباما ونتنياهو اكثر وضوحا في الاجتماع الذي يعقد في المكتب البيضاوي حول استراتيجية الولايات المتحدة في المحادثات النووية مع إيران.
ويسعى أوباما لاتاحة المجال للجهود الدبلوماسية في حين يقول نتنياهو إن تخفيف العقوبات على إيران جاء سابقا لاوانه.
وفي نفس الوقت يحاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اقناع نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس بالموافقة على اتفاق اطار يتيح مواصلة مفاوضات السلام على اساس مبدأ الأرض مقابل السلام إلى ما بعد المهلة التي تحل في ابريل نيسان من اجل التوصل إلى اتفاق نهائي.
ومن المقرر ان يصل عباس إلى البيت الأبيض في 17 مارس اذار.
وقال أوباما مستخدما اسم الشهرة لنتنياهو في مقابلة مع خدمة بلومبرج الإخبارية "عندما اتحدث إلى بيبي (لقب نتنياهو) فهذا جوهر ما سأقوله... إن لم يكن الآن فمتى؟ وإن لم يكن انت يا سيادة رئيس الوزراء فمن اذن ؟ كيف يمكن حل ذلك؟"
وأثار تحذير أوباما من "تداعيات دولية" على إسرائيل في حالة انهيار جهود السلام واستمرار بناء المستوطنات اليهودية مشاعر الغضب في إسرائيل حيث اتهم بمحاولة انتزاع تنازلات. ويتزايد قلق الإسرائيليين من حركة للمقاطعة مناهضة لإسرائيل.
ومما يحتمل أن يزيد من صعوبة المحادثات أظهر تقرير للحكومة الإسرائيلية يوم الاثنين أن الشروع في بناء وحدات سكنية للمستوطنين اليهود تجاوز المثلين الماضي ليصل إلى 2534 من 1133 في عام 2012.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الكرة الآن في ملعب عباس مشيرين إلى رفضه حتى الان الموافقة على مطلب أساسي لنتنياهو وهو اعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي.
وسيكرر نتنياهو شرطه على الأرجح في خطاب سياسي يلقيه يوم الثلاثاء امام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (آيباك) وهي جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل وهي منبر تقليدي لبعض من خطاباته الاكثر حدة.
ويشير الفلسطينيون إلى ان البناء الاستيطاني في أراضي الضفة الغربية المحتلة يمثل عقبة أمام السلام ويقولون انه يكفي اعترافهم بالفعل بوجود إسرائيل من خلال اتفاقات السلام المؤقتة التي ابرمت في السابق.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير "نعمل عن كثب وبشكل مكثف للغاية مع كيري لمحاولة نجاح هذه العملية."
وأضاف المسؤول أن إسرائيل مستعدة لابداء مرونة موضحا ان نتنياهو وصف وثيقة كيري المستقبلية بانها وثيقة أمريكية.
وقد يتيح ذلك لنتنياهو وعباس الوقت لتسجيل تحفظات قد تسد الطريق امام معارضي التوصل إلى اتفاق.
ويأمل المسؤولون الأمريكيون احراز بعض التقدم على الاقل لكنهم لا يتوقعون حدوث انفراجة في اجتماع المكتب البيضاوي.
وقال مسؤول بإدارة أوباما "اذا تمكن الرئيس -إلى حد ما- من تضييق الفجوات والاقتراب من منطقة الافكار التي يدعمها الجانبان واطار العمل... فسيكون هذا عظيما."
وأضاف "لن يكون الأمر مثل كامب ديفيد اخرى 2000. لا اتوقع صدور اعلانات كبيرة بشأن مستقبل مفاوضات السلام."
ومن المتوقع ان تهيمن القضية الفلسطينية ومحادثات القوى الغربية مع إيران على اجتماع نتنياهو وأوباما لكن من المرجح ان تطغى الأزمة في أوكرانيا على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأمضى أوباما معظم عطلة نهاية الاسبوع في العمل على تخفيف حدة الوضع وشمل ذلك مكالمة هاتفية طويلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي حذر فيها الرئيس الأمريكي روسيا من مواجهة عزلة اقتصادية وسياسية اذا لم تسحب قواتها من منطقة القرم الأوكرانية.
وفيما يتعلق بإيران فانه ليس من المتوقع ان يتمكن الزعيمان من التغلب على الخلافات الجوهرية بينهما ازاء هذه القضية. وكان نتنياهو ندد بالاتفاق المؤقت الذي ابرمته القوى العالمية مع إيران في نوفمبر تشرين الثاني ووصفه بانه "خطأ تاريخي". ووافقت إيران بموجب الاتفاق على الحد من انشطتها النووية الحساسة مقابل تخفيف بعض العقوبات المفروضة عليها.
ويطالب نتنياهو بأن يتضمن اي اتفاق نهائي تفكيك اجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم بالكامل وهو موقف يتعارض مع اقتراح أوباما السماح لإيران بتخصيب محدود لليورانيوم للاستخدام في الأغراض المدنية