أبدت قوى وأحزاب يمنية اعتراضها على ما أسمته “الإقصاء والتهميش” من تمثيلها في لجنة صياغة الدستور، فيما انتقد البعض طبيعة تشكيلها ورأى ضرورة تلافي النقص في الاستعانة بخبراء ومختصين في الأنظمة الاتحادية بالدول الفدرالية.
وتركزت أبرز الانتقادات في أن تشكيل اللجنة جاء دون مراعاة معايير الاختصاص والخبرة، وعدم التمثيل المتوازن لمكونات مؤتمر الحوار الوطني، وإقصاء ممثلي شباب الثورة، وحتى أحزاب سياسية، فيما تحدثت منظمات حقوقية عن عيوب ومآخذ شابت قرار التشكيل.
وسيجسد الدستور الجديد المبادئ العامة التي حددها مؤتمر الحوار الوطني، وأبرزها تحويل اليمن إلى دولة اتحادية من ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنان في الجنوب، وهو ما ترفضه قوى سياسية بينها الحزب الاشتراكي والحراك الجنوبي وجماعة الحوثي في صعدة.
وكان الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أصدر في 8 مارس/آذار الجاري قرارا بتشكيل لجنة لصياغة الدستور مكونة من 17 عضوا بينهم أربع نساء، وحدد القرار آلية عمل اللجنة، على أن تنجز عملها في غضون سنة على الأكثر.
غياب المختصين
وقد أدى أعضاء اللجنة القسم الدستوري أمام هادي الخميس الماضي، إيذانا ببداية مرحلة تكتنفها صعوبات وتحديات كبيرة.
وعاب الكثيرون على اللجنة أنها خلت من المتخصصين في المالية العامة والاقتصاد والعلوم الإدارية والسياسية وإن كانت مشبعة بالقانونيين بعدد 12 عضوا من أصل 17.
ورأى المنتقدون أن هذا النقص يجب تعويضه بلجان فرعية من المتخصصين والخبراء حتى يقدموا المساعدة لأعضاء اللجنة ويشاركوا في صياغة الدستور.
ورأى الخبير القانوني المحامي محمد ناجي علاو أن أعضاء اللجنة سيحتاجون إلى خبراء في الأنظمة الاتحادية الفدرالية، ممن لهم باع طويل في تجارب الدول الفدرالية، مثل كندا وألمانيا وسويسرا وأميركا والهند.
وأكد علاو -في حديث للجزيرة نت- أن التحدي الأكبر هو صياغة مواد دستورية تحدد شكل سلطات الدولة الاتحادية والعلاقة بين المركز والأقاليم.
وأوضح أنه من الضروري صياغة التسويات المالية وبيان العلاقة بين الأقاليم والمركز في مجالات القضاء والإيرادات العامة، وإعادة توزيعها وعقود الامتيازات للثروات المعدنية كالنفط والغاز
نظام رئاسي
وأشار علاو إلى أن مؤتمر الحوار أخذ بالنظام الرئاسي لشكل نظام الحكم الفدرلي، وهي تجربة مقصورة على الولايات المتحدة الأميركية.
وقال إن التحدي الأهم هو بناء نظام رئاسي يخفف من تفرد رئيس الجمهورية بالقرار، وألا تكون بيده سلطة مالية، بل تكون للمجلس التشريعي كما هو حال الكونغرس في أميركا.
وقال إن اللجنة اليمنية بحاجة إلى رفدها بخبرات غير عربية تنتمي لدول لم يتفش فيها الاستبداد والفساد.
ورأى ضرورة أن تشكل الهيئة الوطنية -التي ستشرف مباشرة على عمل لجنة صياغة الدستور- من خبراء وفقهاء قانون واقتصاد وعلوم سياسية واجتماع وإدارة.
يشار إلى أن الهيئة الوطنية ستشرف أيضا على الاستفتاء على الدستور، وستقوم بسن قوانين وتشريعات الدولة الاتحادية الوليدة.
رفض للإقصاء
ويطالب نشطاء بأن تكون الأحزاب السياسية على مستوى المسؤولية باختيار ممثليها في الهيئة الوطنية وأن يستوعب الرئيس هادي أهمية المرحلة، ولا يقع في “خطأ” تشكيل لجنة صياغة الدستور.
وقال القيادي في شباب الثورة فؤاد الحميري إن إقصاء وتهميش الشباب في اللجان المنبثقة عن مؤتمر الحوار بات ظاهرة واضحة للعيان، قائلا إنهم غيبوا عن لجنة صياغة الدستور.
وأكد الحميري -في حديث للجزيرة نت- أن الشباب يقفون مع أهداف ثورة التغيير والحرية، وأنهم مع الوصول إلى بناء الدولة المدنية الحديثة، التي تنتقل بالبلد من ميراث الفساد والاستبداد إلى المستقبل المأمول.
لكن الحميري حذر من أي محاولة للالتفاف على مخرجات الحوار، وطالب الهيئة الوطنية المقرر تشكيلها قريبا بمراقبة عمل لجنة صياغة الدستور، والالتزام بوثيقة مخرجات وضمانات الحوار.