أثارت عودة نشاط تنظيم القاعدة في جنوبي اليمن العديد من التساؤلات حول أسباب وتداعيات هذا التصعيد، وسط مخاوف سياسية من إمكانية استغلال القاعدة الأوضاع الانتقالية الراهنة في اليمن من أجل فرض السيطرة وامتلاك القدرة على تهديد الملاحة البحرية في خليج عدن والبحر الأحمر.
ويرجع محللون تصاعد نشاط القاعدة إلى عوامل خارجية تتعلق بتأثير الأحداث الجارية في سوريا وأخرى داخلية، بينما يربط آخرون ذلك بالتوظيف المتبادل للعنف بين جماعات مسلحة وأطراف سياسية في البلاد تسعى لإفشال عملية التحول السياسي، وإعاقة النظام اليمني الجديد، ومنعه من استكمال قوته.
وتشكل عودة نشاط القاعدة في الآونة الأخيرة تحدياً إضافياً وخطيراً أمام جهود الحكومة اليمنية في إنجاح عملية التسوية السياسية في البلاد، التي لا تزال تواجه تحديات أمنية كبيرة في التصدي لتهديد سلاح الجماعات المسلحة، والتي بدأت تصعد من نشاطاتها بعد الانتهاء من الحوار الوطني.
عامل قوة
ويرى الباحث في شؤون القاعدة والجماعات الإسلامية باليمن سعيد الجمحي أن الخلافات العنيفة بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، التي وصلت إلى الاقتتال، يعد أحد عوامل القوة لاستعادة التنظيم عافيته واستئناف نشاطه في اليمن.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هذا الاقتتال دفع عشرات من مقاتلي القاعدة في سوريا ممن رفضوا أن يكونوا جزءا من هذا الخلاف إلى اتخاذ قرار بالعودة إلى اليمن، وإن تقارير استخباراتية رسمية قدرت عدد العائدين إلى اليمن من عناصر التنظيم بـ150، وحذرت من إمكانية تسللهم عبر المنافذ البحرية.
واعتبر الجمحي أن التحاق عناصر مقاتلة زادت من المهارات القتالية والخبرات العسكرية التي من شأنها ضخ الدماء في عروق قاعدة اليمن بعدما فقدت الكثير من كوادرها خلال المعارك السابقة.
وأشار إلى أن من بين عوامل عودة نشاط القاعدة إستراتيجية التنظيم في مسابقة الدولة اليمنية من أجل السعي لعرقلة جهود الحكومة الحالية الرامية لإحداث إصلاحات من خلال تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بهدف إيجاد استقرار سياسي واقتصادي في البلاد وهو ما يخيف القاعدة".
من جانبه، يرى رئيس المنتدى العربي للدراسات في صنعاء نبيل البكيري أن ما تقوم به القاعدة وغيرها من جماعات العنف -كجماعة الحوثي في المرحلة الراهنة- يمثل تهديداً مباشرة وخطيراً ليس للعملية الانتقالية فحسب، بل للدولة وفكرتها من الأساس.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن توقيت تصاعد عمليات العنف يؤشر على حجم الاختراقات والتوظيف المتبادل للعنف بين جماعة العنف وبعض الأطراف السياسية التي تحاول جاهدةً عرقلة عملية الانتقال السياسي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني.
وأكد أن من شأن أية ظاهرة للعنف أن تكون لها تداعيات على المنطقة والمحيط الإقليمي وتأثير معين بحسب القابلية السياسية لهذا التأثير ضمن مكونات الحالة السياسية اليمنية التي تشهد حالة استقطاب حادة بين طرفي الصراع الدائر في المنطقة العربية وبلدان الربيع العربي تحديداً، قوى الثورة والثورة المضادة.
مساعدات لوجستية
من جانبه، اعتبر رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد أن أهم السيناريوهات للنشاط المتزايد لجماعة الحوثيين في الشمال والقاعدة في وسط وجنوب اليمن والحراك الجنوبي المسلح في شرق البلاد، هو أن هذه الجماعات تحظى بمساعدات لوجستية من خلال طرف سياسي لا زال له تأثير في مؤسسات الدولة ويتلاعب بملفات الجماعات المسلحة حين يشعر بتهديد مباشر لمصالحه.
وأكد الباحث وجود محاولات لتكرار تجربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا لتتولى مواجهة الدولة والتغطية على التوسع العسكري تحت مبرر مواجهات طائفية".
وأضاف "هناك مصالح تتحقق للجماعات المسلحة مقابل تحقيق هدف النظام السابق الذي يطمح إلى العودة من خلال إرهاق النظام الحالي وإضعافه وإسقاطه بأدوات هذه الجماعات، ومنها تحقيق هدف التوسع العسكري وفرض واقع جديد تحت قوة السلاح".