كرس مجلس الوزراء اجتماعه الاستثنائي الذي عقده اليوم الأوضاع الأمنية بجوانبها المختلفة في اليمن ، اضافة إلى المواضيع المتصلة بالشأن الاقتصادي، سواء تلك المرتبطة بمعيشة المواطنين أو بالموازنة العامة للدولة.
واستعرض المجلس برئاسة رئيس المجلس محمد سالم باسندوة لمناقشة تقرير وزير الداخلية عن الاوضاع الامنية في عموم محافظات الجمهورية والتحديات والمخاطر التي تهدد بلادنا في المرحلة الراهنة.
واشتمل التقرير على تشخيص متكامل عن الوضع الأمني ، والتحديات الماثلة ، وابرز العوامل المؤثرة على اداء الأجهزة الامنية ، مع تحديد الرؤى والتصورات التي من شأنها تجاوز تلك التحديات ومعالجة اي اختلالات .
وأبرز التقرير المخاطر التي يفرضها النشاط الإرهابي ، والاعمال الاجرامية ضد منتسبي الاجهزة العسكرية والامنية أو ضد المنشات والمصالح الحيوية.. مؤكدا في هذا الجانب ان الاجهزة الامنية والعسكرية ستبذل كل طاقاتها وامكاناتها المتاحة للتصدي للارهاب وستستمر في مكافحة تلك الظاهرة مهما كلف ذلك من ثمن.. لافتا إلى اهمية الدعم المادي والفني والمعنوي لهذه الاجهزة للقيام بواجبها على اكمل وجه.
وأشار التقرير إلى التحديات التي يفرضها الوضع الاقتصادي واستغلال البعض لاحداث 2011م وما بعدها في ايجاد الاختلالات الامنية، والخطط الجديدة والعاجلة للمؤسسة الدفاعية والامنية لمواجهة كافة الاختلالات الامنية والأعمال التي تسعى إلى الانتقاص من الدولة ومكانتها بما في ذلك تفجير انابيب النفط وقطع خطوط الكهرباء، والاختطافات والتقطعات وظاهرة التهريب، والاعمال الارهابية بمختلف اشكالها وصورها، بما يحقق الامن والاستقرار المجتمعي.
واكد الحاجة الملحة إلى التسريع بسن قانون يجرم الارهاب وجرائمه، يتضمن تشديد العقوبات الرادعة في مثل هذه الجرائم أو الانتماء لاي من التنظيمات الارهابية أو ممارسة الاعمال التحضيرية لها أو نقل وتحويل الاموال التي تستخدم في تمويل العمليات الارهابية.
ولفت التقرير إلى خطط وزارة الداخلية لتحديث وتطوير البنية التحتية لتقنية وتكنولوجيا المعلومات ومنظومة الاتصالات التي تعتبر الركيزة الاساسية لتبادل المعلومات ودقتها وسرعة وصولها وتوظيفها في العمل الامني والخدمي، اضافة إلى تعزيز وتدريب وتاهيل القوى البشرية وتفعيل ادائها للقيام بالمهام المناطة بها في الميدان على الوجه الامثل.
وجدد مجلس الوزراء على ضوء مناقشة للتقرير التاكيد على تقديم الحكومة كل وسائل الدعم اللازم والمساندة الكاملة لانجاح كافة الجهود التي تبذلها وزارتا الدفاع والداخلية لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار، وتوفير الامكانيات المادية والفنية المطلوبة لتعزيز قدراتها على القيام بواجباتها الوطنية ومهامها تجاه الوطن والشعب.. لافتا إلى ان ترسيخ دعائم الامن والاستقرار اولوية مطلقة وقصوى في عمل الحكومة واجهزتها المختلفة باعتبار ذلك عاملا أساسيا لضمان الوصول بالوطن إلى بر الامان وانجاح بقية استحقاقات المرحلة الانتقالية الجارية، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والانطلاق نحو التنمية وتحقيق النهوض والازدهار والتطلعات المنشودة لابناء الشعب اليمني في الحياة الكريمة.
وأبدى المجلس دعمه الكامل لخطط وتصورات وزارتي الدفاع والداخلية للتصحيح الشامل ومعالجة اية اختلالات أو جوانب قصور في ادائها .. مشددا على اهمية معالجة الاختلالات وتقويم اي ممارسات غير سليمة بما يؤدي إلى تحقيق العدالة في اوساط ابناء القوات المسلحة والامن من مختلف الجوانب الحقوقية وتعزيز عمليات التأهيل والتدريب والعمل على تحقيق الانضباط العام والجاهزية العالية لمواجهة مجمل التحديات الماثلة وتجاوزها..لافتا إلى ان معالجات الاختلالات في القوات المسلحة والامن تمثل المدخل السليم والخطوة الاهم في اتجاه تاكيد الادوار الوطنية للمؤسستين الوطنيتين الدفاعية والامنية، وفرض سيادة الدولة على الجميع وكذا ضبط الاوضاع الامنية ومواجهة التحديات والتصرفات اللامسئولة التي تسعى إلى تقويض الامن والسلم الاجتماعي واشاعة ثقافة الاقتتال واللجوء إلى القوة لحل الخلافات.
وأكد المجلس اهمية التسريع بخطوات اصدار قانون لتجريم الاعمال والانشطة الارهابية وتضمينه عقوبات رادعة ومشددة ضد هذه الجرائم ومن ينفذها أو يخطط لها أو يمولها أو يساعد على ارتكابها.
ونوه مجلس الوزراء بجهود وزير الداخلية الدؤوبة والمتميزة منذ تسلمه لمهام عمله خلال الفترة القصيرة الماضية، لتفعيل الاداء الامني ومعالجة أوجه القصورالقائمة وفق إجراءات سليمة وواضحة، والدور المعول في تطوير الأداء الامني وذلك في تكامل جهود المؤسستين العسكرية والامنية لضبط الامن والاستقرار، ومراقبة وملاحقة المجرمين والارهابيين وكشف ومواجهة المتربصن بامن الوطن وسلامة ابنائه وسلمهم.
وفي الاجتماع ناشد رئيس الوزراء جميع ابناء الوطن ان يجعلوا مصلحة وطنهم مقدمة على ما سواها من المصالح ايا كان نوعها أو شكلها .. مؤكدا ان اشاعة ثقافة الفوضى والعنف والاقتتال لن تخدم احد حتى اصحابها الذين سيكونون من اوائل المكتوين بنيرانها.. لافتا إلى إن اللجوء إلى العنف و استخدام السلاح بين أبناء الوطن الواحد ينبغي ان يظل من اكبر المحرمات والمحظورات لانها تهدد النسيج الاجتماعي وكيان الدولة اليمنية ووجودها.
وأشار باسندوة إلى ان المصلحة العليا للوطن تستدعي تضافر وتكاتف جهود كل ابنائه وقواه الخيرة للسير به نحو المستقبل والغد الافضل.. داعيا جميع ابناء الشعب بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم إلى التعاون مع المؤسسة الدفاعية والامنية وان يكونوا عينا ساهرة ومساعدة لها في الابلاغ عن اي عناصر أو تحركات مشبوهة تتهدد الامن والسلامة العامة، بما يكرس المسئولية التشاركية والمجتمعية في حفظ الامن والاستقرار.
وشدد رئيس الوزراء على القوات المسلحة والامن ضرورة انتهاج الحزم والردع لمواجهة الاعمال التخريبية والاجرامية والارهابية .. مشيرا إلى ان الامن والاستقرار عامل رئيسي لتحقيق التطور المنشود، وجذب الاستثمارات ودفع عجلة التنمية وتحريك النشاط الاقتصادي لتحسين اوضاع ومعيشة المواطنين.
واستعرض مجلس الوزراء تقرير وزير النفط والمعادن حول مجمل الاوضاع القائمة في هذا القطاع في الجوانب الاستثمارية والتموينية، والاضرار والخسائر الفادحة والناجمة عن الاعتداءات المتكررة على انابيب النفط.. مشيرا إلى الجهود التي تبذلها الوزارة لاستمرار الانتاج وتغطية السوق المحلية باحتياجاتها من المشتقات النفطية.
وأكد التقرير اهمية اتخاذ الاجراءات الضرورية والعاجلة لوقف الاعتداءات المتكررة على انابيب النفط لما فيه مصلحة البلاد واستقرار اعمال الشركات المختلفة، وردع كل من يحاول الاعتداء على المنشات النفطية، بما يحافظ على هذه الثروة الوطنية ويضع حدا لاهدارها باستمرار مثل هذه الاعمال التخريبية.
وشدد مجلس الوزراء على وزارتي الدفاع والداخلية القيام بواجباتها في وضع حد للاعتداءات المتكررة على انابيب النفط، واستخدام القوة والردع اللازمين ضد كل من تسول له نفسه المساس بثروات الوطن واهدارها، لتحقيق مصالحه الشخصية المريضة.. مؤكدا اهمية الاهتمام بتعظيم استفادة اليمن من الموارد النفطية في القطاعات المختلفة تعزيز المقومات والعوامل اللازمة لذلك، بما يساعد على تحسين الموارد العامة ودعم الجهود الحكومية الرامية إلى تحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
واستمع مجلس الوزراء إلى تقرير وزير المالية عن تطورات الاوضاع الاقتصادية والمالية، والتحديات التي تواجهها المالية العامة جراء تراجع الايرادات نتيجة للتفجير المتكرر لانابيب نقل النفط الخام والذي تعتمد عليه الموازنة العامة بنسبة كبيرة من ايراداتها.. مشيرا إلى الصعوبات القائمة في هذا الجانب، والرؤى والمقترحات لمعالجة الاختلالات الهيكلية في جانبي الايرادات والنفقات، بما يساعد على تحقيق عملية النهوض المنشود للاقتصاد الوطني.. لافتا إلى ما تتطلبه مواجهة هذه التحديات من ضرورة الشروع في تنفيذ اصلاحات هيكلية عميقة تؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي ومعالجة الاختلالات وتأكيد الدور المحوري للقطاع الخاص تجاه الاقتصاد الوطني .
وأكد المجلس على ما تضمنه تقرير وزير المالية من مقترحات ومعالجات هامة لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية في المرحلة الراهنة.. مشيرا إلى اهمية تنفيذ برنامج وطني لاصلاح المالية العامة وتنفيذ اصلاحات هيكليه من شانها جذب الاستثمارات الوطنية والاجنبية، وتعزيز استفادة الاقتصاد الوطني من الفرص الواعدة في القطاعات الاستثمارية المختلفة.
وأقر مجلس الوزراء على ضوء النقاشات المستفيضة للتقارير تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير التخطيط والتعاون الدولي وعضوية كل من وزراء الدفاع والمالية والداخلية، تتولى دراسة هذه التقارير على ضوء الملاحظات المقدمة من اعضاء المجلس واستخلاص المعالجات والحلول المقترحة وتحويلها إلى مشاريع قرارات لعرضها على المجلس خلال اسبوعين من تاريخه للمناقشة والاقرار.