أكد الأمين العام لاتحاد الآثاريين العرب أن التراث الأثري العربي فقد في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من 40% من قيمته، سواء في مصر أو سوريا أو ليبيا أو اليمن، وذلك بسبب عوامل كثيرة منها التدمير بالقذائف والبراميل المتفجرة، ومنها الانفلات الأمني والسرقات ودعاوى التطرف.
وأشار الدكتور محمد الكحلاوي في حديث خاص للجزيرة نت إلى أن المواقع الأثرية في تدمر وحمص وحلب بسوريا حدث لها تدمير كامل، كما تعرضت آثار مدينة حلب المسجلة على التراث العالمي لكارثة لم يعد يصلح معها ترميم.
ونبه الكحلاوي إلى أن الأمر في سوريا "تجاوز حدود الكارثة، فقد سقطت الهوية، كما سقطت الأرض والإنسان والحجر، بشكل غير مسبوق في تاريخ أمتنا".
وقال "نحن في اتحاد الآثاريين العرب نرى الكارثة تحيق بتراث الأمة الإسلامي والعربي في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن ولبنان عموما، وفي فلسطين والقدس على وجه الخصوص".
فاتورة باهظة
وأضاف الكحلاوي أن "التراث أصبح يدفع فاتورة باهظة من جراء الاحتلال الأجنبي، والاحتراب الأهلي، والصراعات السياسية والانفلات الأمني ودعاوى التطرف، ويؤسفني أن أقول إن هوية أمتنا التراثية دخلت بالفعل في مرحلة الخطر والتهديد بالتبديد والنهب والذوبان".
وذكر أن "الكيان الصهيوني يتعامل مع التراث العربي في القدس الشريف بمنهجية، وهو يقوم بالحفريات تحت المسجد الأقصى ويستطيع أن يدمره بالكامل. لكن ما يحدث الآن على يد العرب أنفسهم من تدمير لتراثهم وآثارهم، يفوق ما يقوم به الكيان الصهيوني!".
وحذر الكحلاوي من أن "إسرائيل" ستقضي تماما على آثار القدس العربية، وضرب مثالا بالسور العازل، فهو بجانب التعامل معه على أنه جدار عنصري، يجب النظر إليه أيضا باعتباره كارثة على الآثار العربية في فلسطين، لأنه يعطي "إسرائيل" عشرة آلاف موقع أثري، ويعطي أصحاب الأرض 330 موقعا فقط!
ونبه إلى أن "الكيان الصهيوني" يستطيع تزوير التاريخ وزرع آثار لم تكن موجودة في المواقع الأثرية التي استولى عليها، فتخرج أجيال العرب القادمة تبحث عن آثارها فلا تجدها لأنه تمت إزالة تاريخ وإحلال تاريخ آخر محله!
وتساءل مستنكرا "كيف لمنظمة اليونيسكو أن تترك إسرائيل تزيح حيا عربيا كاملا بآثاره الإسلامية من الوجود، وهو حي أوقاف المغاربة، بكل ما عليه من آثار تشمل مساجد ومدارس ومكتبات وسبل؟!"
ضياع التراث
وأكد الكحلاوي أن "إسرائيل" لا يوجد لها أثر واحد على أرض العرب، فضلا عن أرض فلسطين، وكل المواقع الأثرية التي سجلتها إنما سجلتها وهي دولة احتلال أي بالتزوير، لكنها بعد حرب 1967 تقوم بسياسة "الآثار التوراتية".
واتهم المسؤولين والمنظمات العربية بالمسؤولية المباشرة عن طمس الهوية العربية، وضياع التراث الإنساني، خاصة أن تقارير اليونيسكو تقول إن الآثار العربية التي دمرت في سوريا كما وكيفا أمر مخيف، والآثار التي سرقت من مصر كما وكيفا أمر مخيف أيضا.
كما اتهم الكحلاوي التعليم والإعلام في الوطن العربي بأنه "يكرس لفصل الأجيال الناشئة عن تراثها وحضارتها وآثارها، فنحن أمام قضية مصيرية تمس هوية الأرض وجذور البشر".
وطالب بإطلاق حملة إعلامية مكثفة يوظف فيها متخصصو التاريخ والآثار والجغرافيا لكشف النقاب عن صهينة القدس، والمخاطر المحدقة بها، والمخطط الدولي لتغيير ملامح هذه المدينة العربية المقدسة.
يذكر أن اتحاد الآثاريين العرب تأسس عام 1997 ومقره القاهرة، ويعقد مؤتمرا علميا سنويا، وله 67 إصدارا علميا في مجال الآثار، إضافة إلى مجلة غير دورية.