أرشيف محلي

تسجيل مصوَّر يؤجّج حرب الطائرات الأميركيّة في اليمن

تصاعدت حرب الطائرات الأميركية من دون طيار في اليمن، خلال اليومين الماضيين، لتحصد حياة 35 شخصاً على الأقل، وذلك بعد إثارة موضوع التسجيل المصور الذي بثّه تنظيم القاعدة في اليمن، الشهر الماضي. وتوزع قتلى الغارات بين محافظة البيضاء وسط البلاد، ومحافظتي أبين وشبوة، وهي المحافظات الثلاث التي تشهد أكبر نشاط لعناصر التنظيم في البلاد.

وقالت وزارة الدفاع اليمنية إن الغارات التي وقعت فجر يوم الأحد، استهدفت معسكرات تدريب لمسلحي "القاعدة" في المناطق الجبلية بين المحفد في محافظة ابين، وعزان في شبوة، "على ضوء تلقي الأجهزة الأمنية معلومات استخبارية تؤكد وجود العناصر الإرهابية التي كانت تخطط لاستهداف منشآت حيوية مدنية وعسكرية".

ويعتقد مراقبون أن منطقةً في السلسلة الجبلية الواقعة بين المحفد وعزان، جرى فيها تصوير شريط الفيديو المسجل الذي نشره "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، الشهر الماضي، ووثّق لحفل استقبال الفارين من السجن المركزي في العاصمة صنعاء، منتصف فبراير/ شباط الماضي.‏ وظهر في التسجيل أمير "القاعدة في جزيرة العرب"، ناصر الوحيشي، ونائبه السعودي إبراهيم الربيش.

إثارة سبقت الضربات
ولفت انتباه المتابعين بثّ شبكة "سي أن أن" الأميركية، شريط الفيديو المسجل أخيراً، رغم تداوله في وسائل الإعلام اليمنية والعربية قبل نحو ثلاثة أسابيع، وعلى ضوء إثارة الأمر، الأسبوع الماضي، تناولت الكثير من الوسائل الإعلامية التسجيل بالمعالجة والتحليل.

وفي تقرير بعنوان: "انقسام بين المحللين: هل علمت أميركا باجتماع قادة القاعدة في اليمن؟"، قالت "سي أن أن" إنّ التسجيل "أظهر اجتماعاً يُعتبر الأكبر والأخطر منذ سنوات، وقدّرت الحضور في الاجتماع ب"نحو 100 شخص من التنظيم مع عدد من القيادات، إلى جانب عدد من أخطر المطلوبين، في الوقت الذي تبدو فيه المجموعة حاضرة من دون أي مخاوف من احتمال توجيه ضربة لها من خلال غارة بطائرة من دون طيار".

حفظ ماء الوجه
وعقّبت واشنطن، على لسان نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماري هارف، على التسجيل بأنه "لا يحمل جديداً، ولم يفاجئنا على الإطلاق". لكنها عادت في نهاية المؤتمر الصحافي، واعتبرت أن التسجيل "غير اعتيادي" بسبب ظهور أمير التنظيم، ناصر الوحيشي، الذي قالت إنه "زعيم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، ويُعتبر اليوم الرجل الثاني للتنظيم الأساسي للقاعدة، وهو أمر يشير إلى لامركزية متزايدة"، بحسب تعبيرها.

وقالت هارف، في مؤتمر صحافي، إن "تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، يمثّل خطراً عظيماً على الولايات المتحدة، والشعب اليمني، وشعوب المنطقة، والشعوب في مختلف أنحاء العالم"، مشيرةً إلى أن "حكومتَي البلدين (أميركا واليمن) في تعاون وثيق جداً، لإلقاء القبض على نشطاء التنظيم".

بين التسجيل ومذكرات صالح
وربط مراقبون ومحللون يمنيون، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، بين إعادة بث التسجيل، وتعليق وزارة الخارجية الأميركية عليه، على الرغم من أنه نشر أواخر الشهر الماضي، وبين الغارات التي شنتها الطائرات الأميركية منذ يومين. وخلصت التحليلات إلى احتمالين: إما أن إثارة التسجيل كانت تمهيداً لما لحقها من ضربات جوية، ومؤشراً إلى تصعيد خلال الفترة المقبلة في ملف "الحرب على الإرهاب" في اليمن، وبين أن تكون الضربات محاولة لتخفيف الانتقادات والرد على التساؤلات التي أثيرت حول نجاح اجتماع عناصر "القاعدة" في التسجيل المشار إليه، من دون تعرّضه لضربة أميركية.

وتزامن التصعيد في الضربات، مع انتظار صنعاء وصول السفير الأميركي الجديد، ماثيو تولر، الذي أنهى مهامه في الكويت الأسبوع الماضي، ومن المقرر أن ينتقل إلى العمل في اليمن.

كما جاء هذا التطور بعد كشف الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، الأسبوع الماضي، بأنه يعتزم نشر مذكراته الخاصة حول علاقاته بالولايات ‏المتحدة، وتحديداً ما ‏يخص مكافحة الإرهاب منذ حادثة المدمرة الأميركية ‏‏"كول" في أكتوبر/ تشرين ‏الأول 2000.

ولوّح صالح بأنه "سيعلن الحقائق للتاريخ ولأبناء الشعب اليمني وأبناء ‏الأمتين ‏العربية والإسلامية عن أهم القضايا الشائكة، ليس حول العلاقات اليمنية الأميركية فحسب، إنما حول ‏العلاقات العربية الأميركية أيضاً" .‏

وغالباً ما كانت ثمار التعاون اليمني الأميركي في ملاحقة "الإرهاب"، سلبية؛ فبعد 12 عاماً من التعاون والتدخل الأميركي الأمني والعسكري في اليمن، يتوسّع تنظيم "القاعدة" ويتدهور وضع الدولة. وتؤدي الضربات الأميركية إلى خلق تعاطف مع "القاعدة" وضحايا الهجمات الجوية. كما تستهدف الكثير من الضربات، مشتبهين تستطيع ‏السلطات اليمنية الوصول إليهم، بالإضافة إلى أن قوات الجيش والأمن اليمنيين تدفع من عديدها وعدتها ثمناً لهذه الضربات، من خلال تلقيها الهجمات "الإرهابية" التي يقول "القاعدة" إنها رداً على الطائرات الأميركية.

زر الذهاب إلى الأعلى