حذر مركز أبعاد للدراسات والبحوث من حالة فشل قد تهدد الانتقال السياسي في اليمن، مشيرا إلى عوامل سياسية واقتصادية انعكست على الأوضاع الأمنية والعسكرية وساهمت في وضع اليمن في مرحلة انتقال خطرة .
وقال تقرير لوحدة الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية في المركز " إن حالة البلد ساءت أكثر منذ مطلع 2014م، وقد تعدت ما يعرف بالمخاطر المرافقة للعملية الإنتقالية، إلى حالة فشل سياسي وشبه انهيار للدولة أدى إلى انعكاسات سلبية أهمها زيادة توسع الجماعات المسلحة وارتفاع معدل الاغتيالات وهجمات العنف والإرهاب والأزمات الإقتصادية".
وأضاف تقرير الحالة الأمنية للربع الأول في 2014 " تعرضت إرادة التغيير لحالة من الإعاقة بدأت بالإبقاء على قيادات من النظام السابق متحكمة في أهم مؤسسات الدولة، ومن ثم إقصاء شباب الثورة من المشاركة في صناعة القرار السياسي، وصولا إلى تهميش الشخصيات المهنية المدنية والعسكرية المؤيدة للثورة، وانتهاء بحالة الإرباك للمنظومة السياسية المشاركة في تشكيلة الحكومة".
وعدد التقرير بعض العوامل السياسية والإقتصادية التي وصفها بأنها ساعدت على توجه الانتقال إلى احتمالات الفشل منها " انعدام الثقة بين المكونات السياسية في الحكومة، وتأثير إرث الصراعات الماضية في صناعة القرار، والمخاوف من الإقصاء أو السيطرة، ومحاولات تعزيز النفوذ الشخصي والجهوي في الدولة، وإخضاع قرارات تعزيز نفوذ الدولة للابتزاز السياسي والتوازنات المناطقية والمذهبية، وبطء عملية الهيكلة في المؤسسة العسكرية والأمنية، واستمرار الفساد المستشري في الدولة وانعدام الشفافية والمحاسبة، واختراق جماعات العنف لمنظومة الدولة واستهدافها للمنشئات المدنية والعسكرية وخطوط النفط والطاقة".
وحذر التقرير من خطر الجماعات المسلحة على العملية الإنتقالية، وقال " أصبحت هذه الجماعات تمتلك جيوشا صغيرة منظمة وآليات قتالية ثقيلة وأسلحة متطورة ونوعية، وتدخل في نفوذها مناطق شاسعة في صعدة وأبين والبيضاء وشبوة وحضرموت ومارب والجوف". وتطرق تقرير وحدة الدراسات الأمنية والعسكرية في مركز أبعاد لإحصائيات تفصيلية عن هجمات جماعات العنف على المؤسسات العسكرية واغتيالات العسكريين، وعمليات طائرات ( الدرون) الأمريكية بدون طيار .
وقال " إن حوالي 175 عسكريا قتلوا في عمليات اغتيال وهجوم مسلح شنته جماعات العنف على نقاط ومؤسسات عسكرية منذ مطلع العام الجاري، وإن الاغتيالات التي استهدفت ضباط عسكريين بالذات في الإستخبارات أسفرت عن مقتل حوالي 25 عسكريا خلال ذات الفترة ، ما يقارب من 15 منهم اغتيلوا في محافظات جنوبية أهمها حضرموت وعدن".
وعن ضحايا الهجمات على النقاط والمعسكرات فقد أسفرت - حسب التقرير - إلى مقتل حوالي 150 عسكريا ، 70 منهم قتلوا في عمليات مسلحة ضد الجيش في حضرموت، فيما بلغ القتلى الجنود في هجمات الحوثيين ضد معسكرات في الجوف وعمران أكثر من 15 جنديا غالبيتهم بعد صدور قرار مجلس الأمن.
وأضاف " إرتفاع الهجمات ضد العسكريين في الجنوب يعني أن تنظيم القاعدة والحراك المسلح مشتركان في عمليات القتل، وأن تحقيقات حول الاغتيالات أدت إلى اعتقال قيادي في الحراك الجنوبي قريب من علي سالم البيض ومقتل مسئول خلية مخابراتية كانت ضمن خلايا تابعة لأجهزة مخابرات إقليمية تعمل على تصفية ضباط في الاستخبارات بحضرموت".
عمليات الطائرات بدون طيار التي وصفها التقرير بالحرب الاضطرارية قال " إنها جاءت بعد تهديدات القاعدة وجماعات مسلحة أخرى باقتحام العاصمة صنعاء ومدن رئيسية وتهديدهم للقيام بهجمات ضد الغرب". وقدر تقرير مركز أبعاد للدراسات عدد قتلى تنظيم القاعدة في هجمات ( الدرون) منذ مطلع 2014 بحوالي 96 قتيلا في حوالي 18 هجوما، وقال إن الأعنف منه وقع يومي 19 و20 من أبريل الجاري، حيث قتل حوالي 68 من أعضاء القاعدة بينهم قيادات في حوالي 7 هجمات على مراكز تدريب في البيضاء وأبين.
وأشار إلى أن الغارات السابقة استهدفت محافظات وسط وشرق البلاد، وأن غالبية الغارات كانت من نصيب أبين بواقع 7 غارات ومن ثم مأرب بحوالي 4 غارات وحضرموت والجوف بواقع غارتين لكل منهما وغارة نوعية في البيضاء. وجاء في التقرير " رغم أن غارات الطائرات بدون طيار هي الأقوى هذا العام إلا أنها الأقل ضحايا في اوساط المدنيين ولم يتم تسجيل سوى 6 قتلى من المدنيين في غارات الربع الأول من هذا العام".
وأوصى التقرير الحكومة اليمنية تجنب الجدل القانوني والأخلاقي بخصوص استخدام هذه الوسيلة في القتل كونها تنتهك السيادة اليمنية وحقوق الإنسان، واقترح " اتفاق يمني أمريكي يخضع برنامج الضربات في اليمن للقرار اليمني والتحقق من دقة المعلومة الاستخباراتية لهوية المستهدفين والحصول على إذن قضائي لأي عملية تستهدف مواطنين يمنيين أو أجانب يهددون الأمن القومي لليمن". وأكد التقرير أن محاولات القضاء على جماعة عنف واحدة مثل القاعدة أمر صعب في ظل تواجد جماعات مسلحة أخرى تفرض سيطرتها وتتمدد بقوة السلاح على حساب سيادة الدولة، مشيرا إلى أن جماعات العنف متكاملة وتستمد كل جماعة قوتها من بقاء الجماعة الأخرى ومن غياب الدولة قبل ذلك.
واعتبر تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2140 الداعم للتغيير والقاضي بعقوبات تحت البند السابع لمعرقلي الانتقال السياسي في اليمن بأنه " كافيا لإنجاح عملية الإنتقال إذا توفرت الإرادة السياسية".
وأشار التقرير إلى عوامل إقليمية ودولية ساهمت في تخلي الخليج عن مسئولية الدعم الإقتصادي لإنجاح مرحلة الانتقال في اليمن، وعلى رأسها الخلاف الأمريكي السعودي بشأن قضايا التقارب مع إيران والصراع في سوريا والخلاف الخليجي الخليجي بشأن الإنقلاب في مصر والتمدد اللافت لأذرع إيران في اليمن. وشدد على ضرورة تفعيل الأدوات الدبلوماسية لتطمين الجوار الخليجي، وبسط نفوذ الدولة وسيادتها على كامل ترابها وتفعيل آليات الرقابة والنزاهة والشفافية في إدارة الدولة وتفعيل المشاركة الشبابية والسياسية في اتخاذ القرارات وحماية الدولة من توغل جماعات العنف والجماعات المسلحة فيها تحت أي ظرف.
وأكد تقرير وحدة الدراسات الأمنية والعسكرية في أبعاد أن " تنامي نفوذ الجماعات المسلحة وازدياد هجماتها ضد العسكريين سيؤدي إلى تفتيت المؤسسة العسكرية وانهيارها وهو ما يؤدي حتما إلى انهيار الدولة". وقال" يجب على اليمن تجنب سيناريو الانهيار الذي سيؤدي باليمن إلى حالة مهددة للأمن الإقليمي والدولي، والاستمرار في السيناريو الوحيد وهو سيناريو التغيير وانجاح الانتقال السياسي السلمي للسلطة وتأمين انتخابات نزيهة وديمقراطية يتم التنافس فيها من خلال برامج سياسية وليس من خلال الغلبة وقوة السلاح".