كشف استطلاع للرأي أجراه المركز العربيّ للأبحاث، عن أن أغلبية اليمنيين لا يقفون مع خيار الفيدرالية وتقسيم اليمن إلى الأقاليم، ولا يعطون تعريفاً دقيقاً للفدرالية، بقدر ما أن جانب التأييد لوثيقة الحوار، بالأغلب، يتعلق بالاعتقاد أنها مثلت المخرج من الأزمة وجنبت البلاد الحرب.
وبين الاستطلاع الذي نشر أمس الأحد واطلع نشوان نيوز على نسخة منه، أن نحو 50% يؤيدون الوثيقة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني و56% يؤيدون التمديد لهادي لكن المؤيدين بسبب الفدرالية 03%.
وبحسب الاستطلاع فقد "أورد المستجيبون المؤيّدون أسباباً وعوامل عديدة، وكان أكثر الأسباب تكرارًا، وبنسبة 56%، أنَّ الوثيقة تُمثّل المخرج الملائم لما يمرّ به اليمن من أزمة، وقد جنّبته صراعاتٍ وحروبًا أهليّةً، كان يمكن أن تندلع، لولا توافق المؤتمر الوطنيّ على وثيقة الحوار. وأفاد نحو 17% منهم بأنّ سبب تأيّيدهم الوثيقة أنّها أُسّست من أجل بناء دولةٍ حديثةٍ وديمقراطيّةٍ، قائمةٍ على المواطنة. فيما قال 11% من المؤيّدين إنّ الوثيقة حافظت على وحدة اليمن، وجنّبته احتمال الانقسام، وفسّر 7% من المستجيبين المؤيّدين موقفهم بأنّ الوثيقة لبَّت جميع مطالب الثّورة، أو بعض مطالبها الرّئيسّة. وأيد 3% من المستجيبين الوثيقة، لأنّ آليّة الحوار انتصرت، وهي تمثّلُ نموذجًا وإنجازًا مهمًا لتجاوز الخلافات السّياسيّة والحزبيّة، لقادة القوى السّياسيّة والمجتمعيّة في اليمن، فيما اعتبر ما نسبته 3% من المؤيّدين أنّ سبب تأيّيدهم الوثيقة يعودُ إلى اعتمادها النّظام الفيدراليّ، وهو النّظام الأكثر ملاءمة لليمن، حسب رأيهم".
وتعبر هذه الإجابات، بنظر مراقبين، عن مضامين الخطاب الرسمي المُقدم من السلطة والأحزاب. وليس بالضرورة عن نتائج أو ثمار حاصلة بالفعل.
وبلغت نسبة المعارضين لوثيقة الحوار 25% رغم تببني الخطاب الرسمي للدولة والأحزاب دعمها. وأظهر الاستطلاع أن الفيدرالية في مقدمة الأسباب والدوافع للمعارضين. كما أظهرت أن اعتبار الفدرالية الخيار الأنسب بنظر المؤيدين لا يمثل سوى 03% من دوافعهم للتأييد.
وقال المشرف على الاستطلاع، محمد المصري، إنه على الرّغم من أنّ غالبية الرّأيّ العامّ اليمني عبرت عن تأييدها لـ"وثيقة الحوار الوطنيّ الشّامل"، غير أنّ هنالك تياراً مُهماً يجب عدم إغفاله، ويُمثّل 26 في المئة من الشّارع اليمني عبّر عن معارضته لهذه الوثيقة.
وأظهر الاستطلاع أن ما نسبته 34% من الرافضين يرون بأنّ اعتماد النظام الفيدراليّ سيؤدي إلى تقسيم اليمن، أو يمهد لذلك. فيما عزا 20% منهم أسباب المعارضة إلى أنّ الوثيقة لم تحقّق مطالب الجنوبيّين، أو الحراك الجنوبي. وفسّر 16% منهم بأنّ الوثيقة لم تحقّق جميع مطالب الثورة وأهدافها، وقال 8% منهم إنّهم يعارضونها، لأنّ الحوار، أو الوثيقة، لا يُمثّلان جميع الأطراف السّياسية والشرائح الاجتماعيّة، وعبّر 5% منهم عن رفضهم، لأنّ الوثيقة فُرضت من الخارج.
واعتَمد المؤشر العربي، صيغة السّؤال المفتوح كالتالي: "اقترحت وثيقة الحوار الوطنيّ أنْ يكون شكل الدّولة في اليمن دولةً اتّحاديةً/ فدراليّةً، برأيك، ما هو النّظام الاتّحاديّ/ الفدراليّ؟". وأظهرت النتائج أنّ 75% من الرّأيّ العامّ اليمنيّ كان قادرًا على تقديم تصوّره، أو تعريفه الذاتيّ، لنظام الدّولة الاتّحاديّة، في حين أفاد 22% من المستجيبين بأنّهم لا يعرفون ما هو النّظام الاتّحاديّ/ الفدراليّ، ورفض ما نسبته 2% الإجابة.
وكشف الاستطلاع عن تفاوت في تعريف اليمنيين لمعنى "الفدرالية" و"الأقاليم" رغم كونه خياراً مصيرياً، حيث "أورد المستجيبون، مستخدمين مفرداتهم الخاصّة، أكثر من 500 تعريفٍ للنّظام الاتّحادي، تعبرّ جميعها عن معرفةٍ ودرايةٍ متفاوتة بالنّظام الاتّحادي/ الفدراليّ، أو عن موقفٍ سياسيٍّ تّجاه هذا النظام، في ضوء توصية وثيقة "الحوار الوطني" باعتماده. مقابل أقلّ من 0.5% أوردوا تعريفاتٍ، لا علاقة لها بالموضوع".
وافاد 28% من المستجيبين بأنّ النّظام الفدراليّ هو النظام الذي يقسّم البلاد إلى أقاليم متعدّدة، من دون أن يوضحوا صلاحيّات هذه الأقاليم، وطبيعة علاقاتها مع الحكومة المركزية، بل إنّ مستجيبين أجابوا على هذا السّؤال المفتوح، بطريقةٍ إخباريةٍ، تُفيد بما اقترحته وثيقة الحوار الوطنيّ. فيما أفاد نحو رُبع المستجيبين بأنّ النّظام الاتّحادي هو الّذي ينصّ على وجود حكومةٍ مركزيّةٍ، لها سياسة دفاعيّة، وخارجيّة، وماليّة واحدة مع استقلاليّة الأقاليم في إدارة شؤونها الداخليّة.
وتبين هذه الإجابات أن جوهر معنى "النظام الفدرالي" غير واضح لدى كثيرين.. بينما كانت الإجابات القريبة من التعريف المفهوم بنحو 25% بالمائة بينوا ب"أنّ النّظام الاتّحادي هو الّذي ينصّ على وجود حكومةٍ مركزيّةٍ، لها سياسة دفاعيّة، وخارجيّة، وماليّة واحدة مع استقلاليّة الأقاليم في إدارة شؤونها الداخليّة"، وآخرون بينوا أنها "حكم ذاتي".
وأوضح الاستطلاع أن 11% من اليمنين أفادوا بأنّ النظام الفيدرالي هو نظام يتمتع به سكان كل إقليم باستخدام موارده الخاصة. وبذلك، ركّز هؤلاء المستجيبين، في تعريفهم لهذا النظام، على سيطرة الأقاليم على مواردها الطبيعية، أو المالية، من دون ذكر تنظيم العلاقة بين الأقاليم والحكومة المركزية بصفة عامة، حتى على صعيد إدارة الثروات الطبيعية والموارد المالية لتلك الأقاليم. وأفاد 5% من المستجيبين بأنّ هذا النظام يحقق إدارة لا مركزية.
وأفاد 2% منهم النظام الفدرالي بأنه نظام يؤدي إلى تقسيم البلاد، و1% منهم بأنه نظام يحافظ على وحدة اليمن ويجنبه الانقسام، و1% منهم بأنه نظام حكم أكثر ديمقراطية وعدالة للمواطنين.
وقد نُفّذ استطلاع المُؤشّر العربيّ ميدانيًّا في اليمن، على عيّنة من 1500 مستجيب بإجراء مُقابلات "وجاهيّة"، وذلك باستخدام العيّنة العنقوديّة الطبقيّة، مُتعدّدة المراحل المُنتظمة، والموزونة ذاتيًّا، والمُتناسبة مع الحجم. وقد أُخِذ في الاعتبار التوزيع الجندري (الذكور والإناث)، ومتغير الحضر والريف، وكذلك التقسيمات الإداريّة الرّئيسة في اليمن. وقد صُمّمت العينة، بحيث يكون لكلّ فردٍ في المجتمع احتمالٌ متساوٍ في الظهور في العيّنة. وبناء عليه، تبلغ نسبة الثّقة في الاستطلاع 97%، وبهامش خطأ ±2%.