arpo37

أفغانستان: السجون السرية والاحتلال توأمان

انتشرت ظاهرة الاعتقالات السرية في عدد من دول العالم بعد "الحرب على الإرهاب"، التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها إثر أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. ومنذ ذلك التاريخ، بدأت واشنطن بإقامة سجون سرية في العديد من الدول، ولا سيما تلك التي احتلتها القوات الأميركية، كأفغانستان والعراق.

ففي أفغانستان، أثبتت مؤسسات حقوقية وتقارير إعلامية، وجود عدد من السجون السرية داخل القواعد الأميركية، حيث يجري توقيف المواطنين الأفغان فيها لآجال غير معلومة، من دون توجيه التهم إليهم، كما يجري تعذيبهم قبل إطلاق سراحهم، أو نقلهم إلى سجون علنية كسجن باغرام الذي سلمته القوات الأميركية أخيراً إلى نظيرتها الأفغانية.

وقد تجدد هذا الجدل في الآونة الأخيرة، بعد تقارير إعلامية تحدثت عن وجود سجون سرية جديدة للقوات الأميركية خصوصاً، والغربية عموماً، في إقليمي قندهار وهلمند، جنوبي أفغانستان.

وأثارت التقارير امتعاض الحكومة الأفغانية، وهو ما دفع بالرئيس حامد كرزاي، الذي يغادر قصر الرئاسة في 22 مايو/أيار الحالي، إلى تشكيل لجنة أمنية خاصة للتحقيق في الموضوع. وتتألف هذه اللجنة من خمسة ضباط في الجيش الأفغاني، ومسؤولين في وزارة الدفاع، وهم الجنرال غلام فاروق باركزاي (رئيس اللجنة) وعبد الكريم قانت وعبد الشكور دادراس والعميد أنور شاه.

وكانت اللجنة مخولة بدراسة تلك التقارير، ومعرفة هوية من يقطن في السجون، كما منحت الحكومة الأفغانية اللجنةَ حق التفتيش والتحقيق مع المسؤولين الأمنيين داخل المطار وخارجه.

في هذه الأثناء، أكد المسؤولون بالحكومة المحلية في إقليم قندهار أن "القوات الأجنبية والأميركية تقوم بتنفيذ عمليات في مختلف مناطق الإقليم، من دون التنسيق مع الجهات الأمنية، ومن خلال تلك العمليات، يجري اعتقال المواطنين الأفغان واحتجازهم في أماكن سرية لا تعرف الجهات الأفغانية عنها شيئاً".

وأشارت حكومة قندهار، في بيان، إلى تلقّيها عشرات شكاوى سكان الإقليم بشأن المداهمات الليلية التي تقوم بها القوات الأميركية والغربية عموماً، في مختلف مناطق الإقليم. وبعد تحقيقات استمرت أكثر من أسبوع، توصلت اللجنة إلى وجود ستة سجون سرية للقوات الأميركية والبريطانية في إقليمي قندهار وهلمند، ثلاثة منها في مطار قندهار، وثلاثة أخرى بإقليم هلمند.

وقد أثبتت اللجنة، من خلال التحقيقات، توقيف عدد كبير من المواطنين الأفغان في تلك السجون، من دون توجيه التهم إليهم.

وقد رفعت اللجنة تقريراً مفصلاً إلى الرئاسة الأفغانية بهذا الشأن. بدوره، عقد كرزاي، قبل أيام، اجتماعاً مع المسؤولين الأمنيين، وأعضاء لجنة التحقيق في ملف السجون السرية، لمناقشة محتويات التقرير، وتداعيات وجود السجون السرية للقوات الأميركية والبريطانية.

وقرر الاجتماع مطالبة القوات الأميركية والبريطانية الموجودة في أفغانستان، بإغلاق هذه السجون، والإفراج الفوري عن المحتجزين، أو تسليمهم إلى السلطات الأفغانية.

كما كلف الاجتماع وزارة الداخلية وأجهزة الاستخبارات، مناقشة الموضوع مع قيادة القوات الأميركية والبريطانية في أفغانستان.

وشكّلت السجون السرية، أحد أبرز أسباب رفض الرئيس الأفغاني التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لأن تلك الاتفاقية تمنح الحصانة القانونية للقوات الأجنبية، أي أنها تمنع محاكمتهم بحسب الدستور الأفغاني مهما ارتكبوا من الجرائم.

وكانت لجنة قضائية قد أثبتت أن أكثر من 100 سجين في سجن باغرام، الذي كان تحت سيطرة القوات الأميركية حتى 2012، كانوا غير مذنبين، إذ لم يُعثر على أدلة تثبت تورطهم في أعمال العنف، وبالتالي تم الإفراج عنهم في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، من العام الحالي.

وأعربت قوات حلف الشمال الأطلسي، والقوات الأميركية المتمركزة في أفغانستان آنذاك، عن قلقها إزاء قرار الحكومة الأفغانية الإفراج عنهم، مؤكدة أنهم يشكلون خطراً على تلك القوات، مشددة على خشيتها من انضمامهم مجدداً إلى حركة "طالبان". لكن الحكومة الأفغانية واللجنة الخاصة أكدتا أنهم أبرياء.

زر الذهاب إلى الأعلى