بينما يحتفل العمال في العالم بعيدهم، ويسعد بعضهم بقرارات حكوماته التي تؤشر إلى تحسينات مالية أو معنوية، يجلس الحاج محمد علي (40 عاماً)، على منضدة أسمنتية في ميدان يتوسط العاصمة صنعاء، وبجواره قرابة 30 عاملاً آخرين مع أدواتهم، ينتظرون منادياً ينادي "حيّ على العمل".
يقول الحاج محمد لمراسل "العربي الجديد" إنه لا يذكر أنه احتفل بهذا اليوم أو قضى يومه في المنزل احتفاء به.
ويستطرد "لدي في المنزل 15 طفلاً يحتاجون للغذاء والدواء ومستلزمات المدرسة يتوجب علي الخروج منذ الصباح الباكر من أجلهم.
لا أستطيع أن احتفل بهذا اليوم، لأنه لا يمثلني كعامل يمني". ويتعامل معظم عمال اليمن بالأجر اليومي وبمجهودات ذاتية، بعيداً عن أي تشريعات قانونية تكفل حقوقهم أو عقود عمل تضمن لهم العيش الكريم.
ويعيش ثلث سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم، وتقدر البطالة بحو إلى 35%، في حين تصل هذه النسبة بين الشباب إلى 60%. وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن علي بلخدر، ل "العربي الجديد"، إن عيد العمال هذا العام يحل وعمال اليمن يعيشون وضعاً صعباً وتعقيدات في كل مناحي الحياة.
وأشار إلى غياب الشراكة الحقيقية بين أطراف العمل الثلاثة "الحكومة وأصحاب العمل والعمال" وهو ما أدى إلى تردي أوضاع عمال اليمن وضياع حقوقهم الدستورية والقانونية، رغم كونهم أهم شريحة اجتماعية تقع عليها مسؤولية البناء والتشييد.
ويطالب اتحاد نقابات عمال اليمن، برفع الحد الأدنى للأجور، وكذلك بتحسين أوضاع العمل في إدراج العمال ضمن قوائم الرعاية الاجتماعية، إضافة إلى إيجاد قانون عمل يحفظ الحقوق للعمال، ويحقق العدالة الاجتماعية والعدل والمساواة.
وهدد بلخدر بتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات عمالية، في حال عدم استجابة الحكومة لمطالب العمال. وأعلن الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، الأسبوع الماضي، إلغاء شراكته مع الحكومة اليمنية، مؤكدا إدانته التصرفات التي تمارسها وزارتا المالية والإعلام ضد التكوين الرسمي للحركة النقابية في اليمن.
ودعا الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، مكتبه التنفيذي إلى الانعقاد الدائم لمناقشة الإجراءات التصعيدية ضد تصرفات الحكومة. ويقول الحاج حميد (50 عاماً) إن العامل اليمني لا يعلم ما هي حقوقه الدستورية والقانونية لأن أغلب العمال غير متعلمين.
ويضيف حميد وهو أحد العمال النقابيين "نقابة عمال اليمن لا تعمل على توعيتنا بهذه الحقوق وحدث أن تم النصب علينا من أكثر من جهة، وعملنا لأيام من دون مقابل يذكر". وأطلقت مؤسسة "بيت الحرية" حملة "حقي" تحت شعار" الحقوق العمالية والتأمينية .. حقٌ لي ولأسرتي" تهدف إلى المطالبة بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية من قبل نقابة النفط والاتصالات، ومساواة المتقاعدين في القطاع الخاص كموظفي القطاع الحكومي.
وبحسب المؤسسة، فإن 2.5 مليون عامل يمني، يعيشون خارج التغطية التأمينية، وهو ما يجعلهم يعيشون أوضاعاً سيئة.
ويواجه الاقتصاد اليمني المتعثر عبئاً إضافياً، جراء ترحيل السعودية عشرات الآلاف من العمال اليمنيين، في إطار تعديلات قانونية وحملات تفتيشية، قامت بها المملكة على العمالة غير المرخصة والتي تصاعدت بعد انتهاء مهلة تعديل أوضاعهم في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ورحلت السعودية 12 ألف يمني منذ يناير/ كانون الثاني الماضي فقط، حسب مسؤول حكومي يمني، كما رحلت المملكة مئات الآلاف من العمالة المخالفة الأخرى، خاصة من دول جنوب شرق آسيا. وحسب إحصاءات يمنية، فإن نحو 300 ألف عامل يمني، تضرروا من تعديلات في مواد قانون العمل بالمملكة، والتي تنص على عدم السماح للعمال المقيمين في المملكة بالعمل لحسابهم الخاص، سواء حصلوا على موافقة صاحب العمل أم لا، والعمل فقط لصالح الكفيل.