قال مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية، في تصريحات لموقع "العربي الجديد" اليوم الخميس إنّ الحكومة انتهت من وضع الترتيبات اللازمة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية بشكل رسمي خلال أيام، في مسعى لإجراء إصلاحات تمكّن الدولة من تحسين صورتها أمام المانحين الدوليين للإيفاء بالتعهدات السابقة في مؤتمري الرياض ولندن والبالغة 7.9 مليار دولار.
وشدد أصدقاء اليمن ، في بيانهم الختامي الذي انعقد أواخر أبريل/ نيسان الماضي، بالعاصمة البريطانية لندن، على ضرورة وضع الحكومة اليمنية جدول زمني للإصلاح الاقتصادي لتشجيع المانحين على زيادة وتيرة صرف التعهدات المالية.
ويلح اليمن في الطلب على صندوق النقد الدولي لاقتراض 550 مليون دولار تساهم في عجز ميزانيته للعام الجاري 2014. لكن الصندوق يشترط تنفيذ برنامج إصلاحي ينطلق من رفع الدعم باعتباره "بوابة للفساد المالي".
وفي ظل تدهور الأوضاع المالية يبدو أن اليمن سيكون مجبراً على تنفيذ البرنامج.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "الأمر أصبح مفروضاً علينا (الحكومة) بسبب الضائقة الاقتصادية التي نمر بها".
ويتخوف الشارع اليمني من هذه الخطوة، لانعكاسها على بقية الخدمات والسلع اليومية ما قد ينذر بكارثة إنسانية، بحسب اقتصاديين.
وتعمل لجنة وزارية تحت إشراف الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ورئيس الوزراء اليمني، محمد سالم باسندوة، بدراسة خيار رفع الدعم والوصول إلى قرار نهائي بخصوصه خلال ايام.
ولم تعلن اللجنة حتى الآن بشكل رسمي عن رفعها الدعم عن المشتقات النفطية، إلا أن المسؤول الرسمي قال "الإعلان أصبح مسألة وقت لا أكثر".
وقال وزير المالية اليمني، صخر الوجيه، أثناء استدعائه للبرلمان مطلع الشهر الجاري: إنّ تحرير أسعار المشتقات النفطية، هو الخيار المناسب لتخفيف الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها اليمن.
وحسب بيانات وزارة المالية، فإن الإنفاق الفعلي على فاتورة المشتقات النفطية، بلغ العام الماضي 2013 نحو 6.8 مليار دولار، منها 4.857 مليار دولار قيمة واردات نفطية من الخارج.
وهدد نشطاء حقوقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعية، بتنظيم احتجاجات لرفض قرار رفع الدعم حال خروجه.
وقال الخبير اليمني، ياسين التميمي، للعربي الجديد: إنّ الأمر يتوقف على حجم الدعم الذي سيتم رفعه عن المشتقات النفطية، مشيراً إلى أنّ لا خيار أمام الحكومة سوى رفع جزء من الدعم للحصول على أموال، في ظل عجز حقيقي عن تغطية رواتب الموظفين وتوفير المصاريف التشغيلية للدولة.
وأضاف أن الخطأ الجسيم الذي يمكن أن ترتكبه الحكومة يتمثل في اتخاذ قرار كهذا دون إجراء إصلاحات حقيقية في جهاز الدولة الإداري وبالأخص ما يتعلق بتخفيف الأعباء عن الكادر الوظيفي للدولة نتيجة وجود مئات الآلاف من الوظائف الوهمية والتي تستهلك أي فائض ممكن أن يتحقق.
وقال وائل زقوت، المدير القُطري للبنك الدولي في اليمن، ل "العربي الجديد"، إن خيار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، أحد مجالات الإصلاحات، لكنه لن يتم بمعزل عن بقية الإصلاحات الأخرى.
وأضاف "الأمر لن يكون مجدياً إذا تم رفع دعم الوقود بعيداً عن بقية الإصلاحات المطلوبة".
وأوضح مدير البنك الدولي، أنّ الحكومة اليمنية تحتاج لكي تحقق التوازن إلى حزمة من الإصلاحات تشمل زيادة الإيرادات وخفض النفقات، منوّهاً إلى أن زيادة الإيرادات تكمن في حماية أنابيب النفط من التفجيرات المستمرة وزيادة تحصيل الوعاء الضريبي، دون زيادة نسبة الضريبة.
وتصاعدت عمليات تخريب النفط اليمني عقب نجاح الثورة في الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبلغت الخسائر خلال السنوات الثلاث الماضية 4.750 مليار دولار، حسب الإحصاءات الرسمية.
وتبلغ نسبة الحكومة اليمنية من صادرات النفط الخام نحو 70% من موارد الموازنة العامة للدولة، و63% من إجمالي صادرات البلاد، و30% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعد اليمن منتجاً صغيراً للنفط ويدور انتاجه حالياً ما بين 280 -300 ألف برميل يومياً، فيما كان يزيد عن 400 ألف برميل يومياً في السنوات السابقة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في اليمن، إذ يعيش ثلث السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم، وتقدر البطالة بنحو 35%، في حين تصل هذه النسبة بين الشباب إلى 60%.
ويواجه اليمن عجزاً كبيراً في موازنته العامة للعام الجاري، كما يعاني ارتفاع الديّن العام، وتراجعاً في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وانخفاض الإيرادات العامة، وهي عوامل تهدد مجتمعة اقتصاد البلاد بالإفلاس.