arpo28

الذكرى الـ66 للنكبة: إسرائيل تبني تاريخاً مزيفاً بحجارة فلسطين

من حجارة بيوت الفلسطينيين القديمة، بنت إسرائيل بيوتا مزيفة ونسبتها زورا لأجداد اليهود الذين طمسوا تاريخ فلسطين، بالتوازي مع بثّ روايات وهمية عن حقهم التاريخي فيها

. ولم تفوّت العصابات الصهيونية التي استولت على مدن الفلسطينيين وقراهم بقوة السلاح عام 1948 وحولتهم إلى لاجئين مشتتين فرصة لردم الماضي الفلسطيني. ففي سبعينيات القرن الماضي، بدأ الاحتلال ببناء ماضٍ لمدن لا تاريخ لها مثل تل أبيب، وشيَّد بيوتا قديمة من آثار الفلسطينيين وحجارتهم المنهوبة والمباعة في الوقت ذاته.

"لُقب وزير الدفاع الإسرائيلي عام 1973 موشيه دايان بالسارق، لأنه نبش الضفة الغربية بالطول وبالعرض وسرق آثارها وحجارة بيوتها القديمة ونسبها زورا للدولة العبرية"، يقول خبير التراث بسام بدران.

ويرى وكيل وزارة السياحة والآثار في السلطة الفلسطينية طه حمدان أن "الصراع على الرواية التاريخية يوازي الصراع على الأرض بين الفلسطينيين والاحتلال، فوجود تاريخ فلسطيني لشعب حي قائم على أرضه يؤرق الصهاينة الذين لا تاريخ لهم فعليا، والصراع على الحجارة دليل على ذلك. هم يحاولون بناء تاريخ بإسكات تاريخ آخر".

وبالفعل بَنَت إسرائيل تاريخا مزيفا على أكتاف الفلسطينيين الذين عادة يهدمون بيوتهم القديمة التي تسمى "عقود" لتشييد بنايات حديثة في قرى الضفة الغربية تحديدا.

وهنا يدخل سماسرة الاحتلال على الخط، فيشترون حجارة العقود ويتكفلون بشحنها إلى تل أبيب ومناطق أخرى داخل فلسطين المحتلة، بألف أو ألفي دولار للشاحنة الواحدة.

يؤكد حمدان أن "القانون الفلسطيني يجرم الاتجار بالحجارة القديمة، ويتابع المتورطين في بيعها لليهود". يقول: "واجهنا هذه المشكلة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في التسعينيات لكن الوضع اليوم أهون، والمسألة ليست قانونية بحتة، بل تتعلق بثقافة الناس". من جهته، يؤكد رئيس المجلس القروي لبلدة يانون (جنوب شرق نابلس) راشد فهمي أنه "ممنوع منعا باتا هدم أي بيت في يانون. لدينا عشرون بيتا من الحجارة القديمة، بعضها يعود للفترة العثمانية وما قبلها".

لكن راشد لا يخفي قلقه من زيارة جيش الاحتلال لقريته وتصوير بيوتها وكهوفها قبل أيام. يتابع قائلا: "لا أستبعد أي تفسير لتصوير الجيش للبيوت.

من الممكن أن ينسبوها إليهم في الكتب، أو يخططوا لسرقة الحجارة، مثلما سرقوا الزيتون الرومي من حقول الفلسطينيين وزرعوه في المستوطنات".

وذكر عامل فلسطيني يعمل في ترميم البيوت في يافا وبئر السبع، فَضّل عدم الكشف عن اسمه، خوفا على لقمة عيشه، أن "حجارة الضفة الغربية لا يسرقها اليهود، بل تصل إلى بئر السبع في الجنوب وإلى مناطق أخرى شمال فلسطين المحتلة عبر سماسرة فلسطينيين أو ربما عملاء".

وقال العامل الذي يعمل في تل أبيب منذ سبع سنوات: "يأتي السياح أفواجا لتصوير البيوت القديمة. يشرح لهم موظفو البلدية في تل أبيب أنها مبنية بأيدي اليهود القدماء.

أنا أضحك مع نفسي، فيدي لا تزال مبلولة بطينها. أسألهم دائماً كيف تدعون أن اليهود بنوها؟ لكنهم بكل وقاحة يصرون على رأيهم ولا يتعبون من النقاش مهما حاولت".

وعلى عكس ما ذكر العامل عن عدم حاجة الإسرائيليين لسرقة الحجارة، بما أن السماسرة موجودون، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن "جيش الاحتلال دخل ذات ليلة إلى البلدة القديمة في نابلس ومنع التجوّل. وفي الصباح تبيّن أن كل شيء كان على ما يرام عدا حجر قديم مخلوع من شرفة شباك أحد المنازل".

زر الذهاب إلى الأعلى