تجددت المواجهات بين الجيش اليمني ومسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، يوم الخميس، في محافظة عمران شمالي البلاد، فيما أقدم الحوثيون في محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء على تفجير مدرسة دينية، ومنازل لمواطنين من المخالفين للحوثي.
وأفادت مصادر محلية في عمران لـ"العربي الجديد" بأن اشتباكات بمختلف الأسلحة تجددت في أكثر من منطقة، بالتزامن مع تعزيزات للحوثيين قادمة من مناطق في عمران ومن خارجها، مع محاولتهم السيطرة على مواقع وصفت ب"الحساسة".
وأكدت المصادر سقوط عدد من القتلى والجرحى لم يعرف عددهم، في حين حذف موقع "يوتيوب" شريطاً مصوراً لقتلى حوثيين سقطوا برصاص الجيش اليمني خلال اليومين الماضيين.
وأوضحت المصادر أن الاشتباكات تجددت بالقرب من موقع الجميمة العسكري المطل على مصنع إسمنت عمران ومنطقة مأخذ، وذلك بعد ساعات من زيارة قائد المنطقة العسكرية السادسة، اللواء محمد علي المقدشي، إلى نفس الموقع التابع للواء 310 مدرع، بهدف رفع معنويات الجنود، وتهنئتهم بالعيد الوطني لقيام الجمهورية اليمنية الذي يصادف الخميس.
ووجه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، في مذكرة موقعة منه اللجنة الرئاسية التي تزور عمران بتكليف منه، بضرورة انتقال اللجنة إلى مدينة ثلا التاريخية، والعمل على إخراج المسلحين الوافدين من خارجها، في إشارة لعناصر حوثية تمركزت في المدينة واتخذت من بعض أبنيتها ثكنات لها.
وفي السياق، التقت اللجنة الرئاسية المكلفة بالوساطة في عمران بمسؤولين في السلطة المحلية وقيادات عسكرية وأمنية واجتماعية بالإضافة إلى ممثلين عن الحوثيين.
وأكدت اللجنة على "ضرورة التزام كافة الأطراف بما ستقره اللجنة من معالجات وحلول وبما من شأنه تجنب اللجوء إلى استخدام القوة ونبذ العنف"، حسب إفادة مقتضبة نشرتها مصادر رسمية.
وخاضت جماعة الحوثي أولى مواجهاتها مع الحكومة قبل عشر سنوات (يونيو/حزيران 2004)، واستمرت الحرب ستّ جولات كان آخرها في 2010. ليدخل الطرفان في صلح ظل الحوثيون بعده يمارسون توسعاً بقوة السلاح، مسيطرين على كل صعدة وأجزاء من محافظة عمران. إضافة إلى خوضهم مواجهات مسلحة مع أطراف متعددة في مناطق دماج وكتاف في محافظة صعدة، وكشر، وعاهم، ومستبأ بمحافظة حجة، وأرحب وهمدان بصنعاء، وسفيان وخمر وحوث وريدة بعمران، والحزم بمحافظة الجوف، وآنس بذمار، والرضمة بإب، ومناطق أخرى.
ويعتبر باحثون جماعة الحوثي امتداداً لنظام حكم الإمامة الذي ثار عليه اليمنيون في 1962، كما اتهم مسؤولون يمنيون في أكثر من مناسبة جماعة الحوثي بأنها ذراع مسلح ينفذ أجندة إيرانية معادية لليمن وجوارها العربي.
وشارك الحوثيون كأحد تسعة مكونات في مؤتمر حوار وطني استمر 10 أشهر واختتم مطلع العام الجاري، وقضى أحد قراراته بنزع سلاح الجماعات المسلحة، من بينها الحوثي.
وتأتي التطورات الأخيرة في شمال البلاد مع جماعة الحوثي لتصيب عدداً من المكونات السياسية اليمنية بالارتباك والإحباط، خصوصاً الحريصة على تحول الحوثيين إلى حزب سياسي وتسليمهم السلاح للدولة. في حين يردد حوثيون بأن قوى "تكفيرية" في الجيش والأحزاب تسعى لاستهدافهم، وكبح "مسيرتهم القرآنية".
وفي السياق، كان المتحدث باسم انصار الله (الحوثيون)، محمد عبد السلام، أصدر بياناً اعتبر فيه أنه "في محاولة منها لإذكاء الصراع وتوجيه الرأي العام عن المعركة القائمة في الجنوب ضد التكفيريين، ومن معهم من الأجانب، وسعياً منها لإنقاذ تلك العناصر المجرمة، وإحراف مهمة الجيش الوطنية، تحركت العناصر المنشقة بزعامة علي محسن الأحمر في محافظة عمران والممثلة بلواء القشيبي، مسنودين بمئات من العناصر التكفيرية الفارة من المحافظات الجنوبية لاستحداث أزمة وإشعال فتنة".
واتهم عبد السلام، تلك العناصر بأنها "تمركزت في جبل الجميمة في منطقة الحجز وبادرت بإطلاق الأعيرة النارية صوب المواطنين من أبناء عمران دون سابق إنذار".
واعتبر أن "تلك العناصر تتحرك في محافظة عمران بقيادة القشيبي باستخدام أدوات الدولة، وتسعى لتوجيه الجيش لخدمة أهداف سياسية ومذهبية لتقوية مراكز النفوذ، وليس لخدمة الشعب الذي يطالب بالتغيير في محافظة عمران".
ومنذ اندلاع المواجهات الأخيرة بين الجيش والحوثيين، التي تعزو السلطات المحلية شرارتها إلى مهاجمة الحوثيين أحد المواقع العسكرية، فجر الثلاثاء الماضي، ظلّ الموقف الرسمي لوزارة الدفاع غير معلن. ونأى موقعها الالكتروني عن تناول أخبار المواجهات، بما يعكس حرص هادي على عدم تصعيد الموقف. وهو حرص يرى مراقبون أن الحوثيين يتعاملون معه بانتهازية، موسعين من رقعة المواجهات في أكثر من منطقة.
وعلى الرغم من محاولة الحكومة تحاشي التصعيد، إلا أن مسلحي الحوثي شنوا هجوماً مساء الخميس على مناطق في مديرية "عيال سريح" بعمران، في مسعى للسيطرة على مواقع عسكرية بجبل ضين الاستراتيجي، وقطع خط صنعاء عمران.
وقالت مصادر "العربي الجديد" إن مجموعة من مسلحي الحوثي تسللت إلى مرتفع "عشة ذيفان"، وحاولت التمركز في جبل "الأحمومة" الواقع بين ذيفان وقرية الحايط بمديرية عيال سريح، بالإضافة إلى هجوم شنه الحوثيون على "العقلة" بمنطقة "قهال"، بعمران، بالأسلحة الثقيلة أسفر عن إصابة مواطنين.
وفي محافظة ذمار، إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، فجّر الحوثيون مدرسة "دار الحديث" وعدداً من منازل المواطنين في قرية "سناح" بمديرية "ضوران آنس". وتبادل ناشطون صوراً لدار الحديث، قبل وبعد تفجيره وتسويته بالأرض، مستنكرين إصرار جماعة الحوثي على المضي في إشعال الفتنة المذهبية وتفجير منازل المخالفين.