arpo28

أرباح موسم الحج تشعل الصراع بين وزارتي الأوقاف والسياحة

يحرص حمود عباد في مواسم الحج الأخيرة، أن يلقي بلغةٍ فصحى، بيان بعثات العالم الإسلامي لحج البيت الحرام. فالمسئول عن بعثة الحج اليمنية هو الوحيد من بين كل البعثات الذي يشغل منصباً سياسياً رفيعاً في بلده، إذ يعمل وزيراً للأوقاف والإرشاد؛ الجهة المشرفة على تفويج الحجاج اليمنيين.

هذا الموسم، مايزال الوزير عباد يفكر في كيفية إرتجال كلمة قوية ومؤثرة أمام أمراء سعوديين ينظرون إليه بإعجاب، لكن يبدو أن مطالب وزارة السياحة الأخيرة، بدأت تشوش عليه، وتبعث على مخاوف من محاولة إنتزاع بساط كان يمنحه حظوة معنوية، قبل أن يدر عليه أمولاً يقدرها مختصون بحوالي مليار ريال.

وتؤكد مصادر خاصة في وزارة الأوقاف والإرشاد أن ما تتحصله الوزارة من مبالغ جراء تأشيرات الحج والإشراف على عملية التفويج، تصل إلى 15 مليون ريال سعودي كل موسم، أي ما يعادل حوالي مليار ريال يمني.

وتشير المصادر التي رفضت الكشف عن إسمها، إلى أن تلك المبالغ لا تعود على الوزارة ولا على العاملين فيها، وإنما تذهب إلى جيوب مسئوليها الذين يقومون بإستثمارها في مشاريع خاصة.

ولفتت مصادر أخرى إلى أن آلاف التأشيرات الفائضة عن الحصة المحددة لليمن، تحصل عليها الوزارة من الجهات السعودية ك"مجاملة" في كل موسم حج. ويتيح لها هذا الأمر، حرية التصرف بها أو بيعها في "سوق سوداء" من خلال وكالات حج وعمرة تتبع على مسئولين في الوزارة ذاتها.

وأثارت هذه الفوائد المادية والمعنوية طمع القائمين على وزارة السياحة في حكومة الوفاق؛ إذ اتجهت بعد إستيعابها لطبيعة الأموال الهائلة التي تتحصلها الأوقاف بكل بساطة، في مواسم الحج، للمطالبة بحقها القانوني في إدارة أنشطة "السياحة الدينية" الداخلية والخارجية.

وقدمت وزارة السياحة في مؤتمر صحفي عقد مؤخراً بصنعاء، رؤيتها الخاصة لتطوير أنشطة السياحة الدينية وخدمات الحج والعمرة، وعرضت فيها أبرز المقترحات الخاصة بتنظيم عمل الوكالات السياحية وفق اللوائح والانظمة والقوانين وبعيداً عن الازدواجية والعشوائية.

وفي المؤتمر، دعا وكيل وزارة السياحة لقطاع الفعاليات والأنشطة مطهر تقي وزارة الأوقاف إلأى ضرورة التسنيق المشترك بين الوزارتين، ووفقا للوائح والقوانين النافذة والمنظمة للأدوار المناطة بكل جهة بما يسهم في تحسين خدمات الحج والعمرة وخدمة الحجاج والمعتمرين اليمنيين.

وأكد تقي رفض وزارة السياحة لأي تجاوزات أو اشياء في الجانب السياحي تخرج عن نطاق الجانب الديني وشريعتنا الاسلامية الغراء. مشيراً إلى انعقاد المؤتمر يأتي بعد ثلاث سنوات من الترجي والحوار مع وزارة الاوقاف من أجل تقريب وجهات النظر ومع كل ذلك لافائدة.

وتستند وزارة الساحة على خلفية قانون تنظيم العمل السياحي الذي أقره مجلس النواب، فيما لدى وزارة الأوقاف إلى جانب لوائح تنظيمية متقاربة، توجيه من رئيس الجمهورية يدعم موقفها.

وبتأريخ 20 مايو الحالي، وجه رئيس الجمهورية رئيس الحكومة بإلزام وزارة السياحة بعدم التدخل في شؤون عمل وزارة الأوقاف. المذكرة الرئاسية التي حملت رقم (1588) أكدت أن "علي وزارة السياحة الإهتمام بإختصاصها المتمثل للترويج للسياحة في الداخل، وحصر الإختصاص المتمثل في كل أعمال الحج والعمرة على وزارة الأوقاف بحسب ما هو متعارف عليه في العالم الإسلامي كله". وفقاً لماجاء في المذكرة الرئاسية.

من جانبه، إلتزم إتحاد وكالات السياحة والسفر والحج والعمرة الصمت حيال هذا الصراع الرسمي بين وزارتين محسوبتين على حصة المؤتمر الشعبي بحكومة الوفاق. وقال مصدر في الإتحاد -رفض ذكر إسمه- أن هذا الخلاف لا يعنيهم، مشيراً إلى أنهم يقفون ضد أي فساد مالي يدفع ثمنه المواطنين العاديين.

وكان المستشار القانوني لإتحاد السياحة عبدالكريم سلام أوضح في تصريحات صحفية سابقة أن الإتحاد يدرس فكرة رفع دعوى قضائية ضد وزارة الأوقاف، وذلك على خلفية إعتمادها لإجراءات جديدة في عملية التسجيل للحج هذا الموسم، وهي مخالفة للقوانين واللوائح التي تخولها العمل كجهة إشرافية فقط على عملية التفويج.

وألزمت وزارة الأوقاف وكالات الحج والعمرة بتسجيل ضعف العدد المخصص لكل وكالة. يتم لاحقاً، إختيار النصف منهم في سياق ما أسمته الوزارة "قرعة". وأجبرت الأوقاف كل المتقدمين للحج على دفع مبلغ تأمين يقدر 1500 ريال سعودي تأمين في بنك التسليف، بحيث تعود هذه المبالغ لمن لايحالفه الحظ، فيما تخصم من إجمالي قيمة التأشيرة للذين فازوا بفرصة الحج هذا العام.

ولدوافع دينية بحتة، يضطر المواطن اليمني العادي لأن يبتاع أي ممن ممتلكاته، مقابل الحصول على فرصة زيارة بيت الله الحرام سواء في العمرة أو الحج.

ويعتقد مراقبون محليون بأن خروج الصراع بين وزارتي الأوقاف والسياحة إلى العلن هذه المرة، يعكس حقيقة وجود مبالغ طائلة أسالت لعاب المسئولين على الوزارتين.

ويرى الناشط الحقوقي عارف العامري أن المسئولين اليمنيين يستغلون البعد الإيماني البريء في نظرة اليمنيين لفريضة الحج، مثلهم مثل كل المسلمين في بقاع الأرض الأرض. وبالتالي "يختلقون إجراءات، بعضها لا أخلاقية، من شأنها فقط، أن تعود عليهم بالمصلحة المادية" حد قوله.

واستغل مسئولون كثيرون مرحلة التحول السياسي البطيء في اليمن، وإنشغال قيادات الدولة بمشاكل أمنية وإقتصادية تتسع رقعتها في عموم المحافظات. وإذ لجأؤوا إلى ممارسة هوايات سلبية كانت بيئتها متاحة لهم ولأمثالهم، منذ سنوات حكم صالح الأخيرة، فقد واصلوا سباقهم المحموم، لإستغلال موارد مؤسسات الدولة، وتحويلها إلى مشاريع تعود على مصالحهم الشخصية الخاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى