بدت صورة الانتخابات الرئاسية السورية "مهزلة" فعلية" بعد تجلّيها في تناقض غريب بين تصويت وصناديق اقتراع، وبين قصف ورمي براميل على السكان، وما التناقض المخيف، سوى نسخة متجدّدة عن مسلسل الاستهتار بأبسط حقوق الشعب السوري.
فتحت مراكز الانتخابات الرئاسية في دمشق أبوابها، اليوم الثلاثاء، الساعة السابعة صباحاً، على صوت هدير الطيران الحربي، في ظل حركة شبه معدومة، وسقوط قذائف الهاون.
وحلّق الطيران الحربي على علو منخفض فوق مناطق دمشق التي يسيطر عليها النظام، في حين حلّق على علو مرتفع فوق المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، كما شنّ غارات عدة على الغوطة الشرقية وداريا، إضافة إلى رمي العديد من البراميل المتفجرة، بالتزامن مع سقوط عشرات قذائف الهاون، على دمشق، ما تسبب في وقوع عدد من القتلى والجرحى إضافة إلى أضرار مادية.
واقتصرت الحركة في دمشق، على السيارات الأمنية، ولوحظ انتشار كثيف للقوى الأمنية، في حين توقفت معظم وسائل النقل العامة عن العمل، وأغلقت غالبية المحال التجارية أبوابها، وسُجّلت حركة خفيفة للمدنيين، علماً أن اليوم، هو يوم دوام رسمي، وليس يوم عطلة رسمية.
كما أغلقت السلطات السورية كثيراً من الطرقات المؤدية إلى قلب العاصمة السورية، وشدّدت الحواجز العسكرية تفتيشها للسيارات والمارة، خوفاً من حدوث أي تفجيرات، ما قد يثير البلبلة.
وشهدت معظم مراكز الاقتراع، انخفاضاً كبيراً في أعداد المقترعين، فلم يتجاوز عددهم في كل مركز أصابع اليد، في وقت عمل حزب "البعث العربي الاشتراكي"، على حشد أعضائه في بعض المراكز الانتخابية، لأهداف إعلامية، ولم تتجاوز تلك الحشود بضع عشرات.
ولوحظ غياب وكلاء المرشحين لمنصب الرئاسة حسان النوري، وماهر الحجار، في معظم مراكز الاقتراع، وحضور وكلاء المرشح بشار الأسد، كما وضع القائمون على حراسة المراكز صور الأخير على صدورهم وعبارة "جنود الأسد"، كما علقت صوره في المراكز الانتخابية.
وأدلى الأسد، وزوجته بصوتيهما في مركز نعيم المعصراني القريب من قصره في حي المالكي، في حين اقترع النوري في مقر إقامته المؤقت في فندق الشيرتون، أما المرشح الثالث الحجار فقد اقترع في مجلس الشعب في دمشق.
بدوره أدلى رئيس الحكومة وائل الحلقي، وباقي الوزراء بأصواتهم في مبنى رئاسة مجلس الوزراء، أما الموظفون فقد اقترع معظمهم في أماكن عملهم أو أماكن قريبة منها.
ويتوقع أن تمدد الانتخابات خمس ساعات إضافية، تحت حجة الإقبال الشديد على الاقتراع، في حين تحاول وسائل الإعلام الرسمية والموالية، إلى دفع المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، عبر تصور المناطق السورية على أنها آمنة.
ويبلغ عدد السوريين الذين يحق لهم المشاركة في انتخاب رئيس الجمهورية، حوالي 15.8 مليون شخص، داخل وخارج البلاد.
يشار إلى أن هذه الانتخابات تعتبر الأولى من نوعها منذ 50 عاماً، وتأتي في وقت يشهد مواجهات عسكرية وقصفاً عشوائياً، ما يتسبب في مقتل عشرات السوريين يومياً، كما يغيب عنها ملايين المواطنين بين لاجئ ونازح ومعتقل ومخطوف، وتقاطعها المعارضة معتبرة أنها تقطع الطريق على الحل السياسي الحاقن لدماء السوريين ومحقق مطالب الشعب بالحرية والكرامة.