تحوّلت، بصورة مفاجئة، أخبار الحرب بين الجيش اليمني وجماعة (الحوثيين) في محافظة عمران شمالي البلاد، إلى توقيع اتفاق يوقف إطلاق النار، بدأ تنفيذه يوم الأربعاء، بالتزامن مع الإعلان عنه في وسائل الإعلام.
يتألف نص الاتفاق المعلن من ستة بنود، هي: وقف إطلاق النار في جميع نقاط التوتر، ووقف التعزيزات العسكرية من الأطراف كافة، ونشر مراقبين عسكريين محايدين، إضافة إلى الانسحاب من السجن المركزي ونقطة سحب، وتسليمها للشرطة العسكرية وفتح طريق عمران صنعاء.
وفي حين ذكر نص الاتفاق أسماء أعضاء اللجنة المكلفة برعاية الاتفاق والإشراف على تنفيذه، إلا أنه حمل العديد من الثُغَر، فلم يذكر الأطراف الموقعة عليه، ولم يذكر بالاسم حتى طرفي الأزمة، كما لم يذكر ماذا بعد هذه النقاط، الأمر الذي دعا بعض المراقبين للاعتقاد أن هناك بنوداً غير معلنة.
وقال مصدر مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق لم يوقعه أي من الأطراف في عمران، وإنما أُعلن في وسائل الإعلام الرسمية. ولم توضح المصادر الرسمية ما إذا كان طرفا الاتفاق هما السلطات الرسمية في صنعاء وممثلون عن "الحوثيين"، كما أوضح المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، الذي بارك الاتفاق بين "السلطات اليمنية" و"أنصار الله" وأكد أنه أجرى اتصالات وتواصل مع مختلف الأطراف من أجل نزع فتيل المواجهات.
ويشرف على اللجنة، التي جرى الإعلان عنها في البيان، وزير الدفاع، اللواء محمد ناصر أحمد، وتضم 11 عضواً، أبرزهم رئيس جهاز الأمن السياسي (أحد فرعي الاستخبارات)، اللواء جلال الرويشان، وقائد الشرطة العسكرية، اللواء عوض محمد بن فريد، ورئيس لجنة الوساطة، العميد قائد العنسي، إضافة إلى أعضاء محسوبين على حزب "الإصلاح" وآخرين على "الحوثيين".
وخلال أكثر من 24 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، أعلنت المصادر الرسمية اليمنية تنفيذ أهم بنودها، بدءاً بإيقاف المواجهات، ووصول 30 مراقباً عسكرياً، وتسليم السجن المركزي إلى السلطات ونقطة سحب للشرطة العسكرية وبدء فتح طريق صنعاء عمران.
في المقابل، قالت مصادر محلية في عمران، لـ"العربي الجديد"، إن تعزيزات بمقاتلين وبمعدات عسكرية وصلت إلى عمران منذ بدء تنفيذ الاتفاق، آتيةً من محافظات حجة وصعدة والجوف، كما اتهمت "الحوثيين" باستحداث حواجز تفتيش جديدة قرب السجن المركزي وفي شارع الأربعين وفي الضلعي، إضافة إلى الانتشار في مناطق أخرى.
صمود الاتفاق
ليست المرة الأولى التي تتوصل فيها لجان الوساطة الرئاسية إلى اتفاق بين "الحوثيين" والجيش أو بين "الحوثيين" والقبائل ومختلف الأطراف في محافظات شمال صنعاء التي خاض "الحوثيون" فيها العديد من المعارك خلال العامين الماضيين.
وأول ما يجعل من هذا الاتفاق هشّاً هو أنه لم يُلزم "أنصار الحوثي" بالانسحاب من المواقع في عمران والمراكز المحيطة بها، ما يبقي الوضع قابلاً للانفجار في أية لحظة.
من جهته، توقع وزير الأوقاف اليمني السابق، حمود الهتار، في حديث لـ"العربي الجديد"، نجاحاً نسبياً للاتفاق، وقال إن نص الاتفاق الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية، جاء مبتوراً، ما يشير إلى احتمال وجود بنود غير معلنة.
واستغرب الهتار عدم ذكر أسماء الموقعين على الاتفاق والجهات التي يمثلونها وأسماء الأطراف المطلوب منها الانسحاب من السجن ووقف التعزيزات.
أما الخبير العسكري، علي محمد الذهب، فيتصور أن "يكون عمر الهدوء الذي يجلبه هذا الاتفاق قصيراً، وإن بدت ملامحه تبشر بخلاف ما أتصوره". ويذكّر الذهب بعدد الاتفاقات السابقة الفاشلة، لأن "الحوثيين لا يمكن أن يوقفوا من توسّعهم باعتباره جزءاً من استراتيجيتهم للوصول إلى رأس السلطة في البلاد، بدليل ما أحرزوه على الأرض خلال أقل من عام على الرغم من الاتفاقات المشابهة التي كانوا طرفاً فيها".
وأضاف الذهب أنه "من المرجح أن يفتح (الحوثيون) جبهة صراع أخرى في محافظة حجة أو الجوف أو كليهما معاً لتحقيق مكاسب من هذا النوع في ظل تراخي السلطة والكيد السياسي الذي تتبادل صناعته الأطراف المكوّنة لها".