وصف الخبير العسكري والمحلل السياسي العراقي، الدكتور عبد الوهاب القصاب، ما تشهده بعض مدن بلاده أخيراً، بأنّها "ثورة شعبية مسلّحة، تقوم بها قطاعات واسعة من الشعب العراقي، رافضة الحكومة الطائفية التي يرأسها نوري المالكي".
ورأى القصاب أنّ استيلاء مجموعات من المسلحين على محافظة نينوى ومدينة الموصل، وأجزاء كبيرة من صلاح الدين، فضلاً عن مدن وبلدات عراقية أخرى، يندرج في خانة "تحرير" تقوم به تجمعات من أبناء العشائر، ومجموعات من ضباط الجيش العراقي السابق الذي وصفه بأنّه "الحقيقي"، و"حزب البعث العراقي"، الحاكم سابقاً.
ويرفض القصاب، وهو ضابط سابق برتبة لواء في الجيش العراقي، توصيف ما يجري بأنّه هجوم يشنه "داعش"، وقال إن "دولة الاسلام في العراق والشام" ليس سوى "جزء من المجاميع المسلحة التي قامت بالهجوم على الموصل، ولا يمكن نسب ما يجري إليها وحدها".
كما يرفض القصاب تفسير الانهيار العسكري الكبير الذي لحق بالجيش وأجهزة الأمن العراقية، على أنّه "مؤامرة" تهدف إلى تقسيم العراق، مشيراً إلى أنّ "أبناء محافظة نينوى ومحافظات ومدن عراقية أخرى عانوا من الظلم والتهميش منذ 11 عاماً، وقد تقدموا بمطالبهم سلمياً للحكومة منذ عام ونصف العام، ولم تجرِ الاستجابة لها، ولم يأت اعتصامهم السلمي بنتيجة، أيضاً، ومن هنا، كان لا بد من أخذ زمام الأمور بأيديهم، وبالتالي، كانت هذه الثورة".
وفسّر الانهيار السريع للقوات الحكومية باعتبار أنّ "الجندي العراقي البسيط غير مقتنع بقتال أبناء بلده، فهو لا يجد قضية يقاتل من أجلها، وحتى الدستور العراقي لا يجيز للجيش القتال ضد المدنيين العراقيين، وبالتالي، رأى هؤلاء الجنود أنّ سلامتهم وسلامة عوائلهم تقتضي منهم عدم القتال".
وعن قدرة المجموعات المسلحة على الاحتفاظ بالمدن والبلدات التي سيطروا عليها، يجيب القصاب بأنّ المقاتلين "الذين سيطروا على الموصل وأجزاء كبيرة من صلاح الدين والدور وبيجي، وهناك معلومات عن سيطرتهم على مطار بيجي الذي يُستخدم للإمداد والتجهيز والتزويد بالمشتقات النفطية، لا شك أنهم وضعوا في حسابهم المناطق التي يستطيعون الدفاع عنها، ومثالاً على ذلك مدينة الفلوجة التي فشلت قوات الجيش بالاستيلاء عليها، بعد تحريرها من الثوار".
وعن المعلومات التي تفيد بطلب حكومة المالكي من الولايات المتحدة توجيه ضربة عسكرية أميركية لهذه المجموعات المسلحة، ردّ القصاب، بأن استخدام الطائرات العسكرية الأميركية ضد المدنيين "سيكون حماقة أميركية جديدة، تضاف إلى حماقاتهم". من هنا، يستبعد حصول تدخل أميركي مباشر في "صراع يمكن توصيفه بأنه حرب أهلية، لكن ذلك لن يمنع تقديم واشنطن دعماً عسكرياً للتعويض عن السلاح الذي خسره الجيش العراقي، وتقديم معلومات استخباراتية".
ويشدد القصاب على ضرورة الالتفات إلى مواقف صدرت حديثاً عن وزير الخارجية البريطاني، وليم هيغ، تحدث فيها عن "البحث عن بديل للحكومة العراقية الحالية".