أكمل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، إطباق حصاره على أحياء مدينة دير الزور، الواقعة تحت قبضة قوات المعارضة السورية، وذلك بعد تمكنه من استعادة السيطرة على كل من دوار الحلبية ومنطقة الصالحية والحسينية، ونصب قناصته على معبر الجسر الكبير، مستهدفاً الحركة عليه.
ويُعتبر الجسر الكبير (المعروف بجسر السياسة سابقاً)، المعبر والمنفذ البري الوحيد للأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ويصل هذه الأحياء مع الريف بشكل مباشر. وهو يقع على الفرع الكبير لنهر الفرات، ويُشكّل طريقاً رئيسياً لمرور الحافلات بكل أنواعها، كما يُعتبر شرياناً حيوياً هاماً، يربط منطقة الشامية مع منطقة الجزيرة، ويتم من خلاله إجلاء المرضى والجرحى، وتزويد الأحياء بالمواد الغذائية والطبية.
وتعيش مدينة دير الزور منذ نحو 10 أيام حصاراً خانقاً، خاصة بعد أن أصدر "داعش" قراراً بمنع عبور أي نوع من المساعدات الإنسانية القادمة من تركيا إلى المدينة، وذلك بعد احتدام المعارك مع مجلس شورى المجاهدين، مما جعل المدينة تعاني من شح في المواد الغذائية والطبية.
ونتيجة هذا الأمر، حذر ناشطون من انعدام المواد الغذائية والمحروقات داخل المدينة.
وأوضح العامل في إحدى المؤسسات الإغاثية، أبو بكر، لـ"العربي الجديد"، أن "مدينة دير الزور تحتاج إلى أربعة أطنان من مادة الطحين يومياً، بالإضافة إلى المحروقات لتشغيل الأفران، والخضار التي يعتمد عليها الأهالي بشكل رئيسي في طعامهم".
ولفت إلى أن "الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة، تحوي أكثر من 60 ألف نسمة، كما أن هذا العدد ازداد بعد نزوح أهالي منطقة الصالحية إليها، نتيجة اشتداد المعارك هناك".
ونتيجة هذه الظروف، لجأ بعض الناشطين للمخاطرة بحياتهم، والعبور بالقوارب إلى الضفة الثانية من النهر، لجلب بعض المواد الغذائية والطبية التي تحتاجها المدينة، وهذا ما فعله أبو أيوب أحد الناشطين في المدينة.
وقال لـ"العربي الجديد"، إن "معاناة الأهالي باتت مضاعفة وذلك بعد توقف معمل الغاز "كونيكو"، الواقع في قرية خشام عن العمل، نتيجة اشتداد المعارك حوله".
ويُعتبر "كونيكو" المغذي الرئيسي للكهرباء داخل المدينة، وهذا ما ألقى بتداعياته على المياه أيضاً، إذ تعمل كافة محطات تصفية المياه على الكهرباء.
وأشار أحد سكان دير الزور، أبو عبود، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحصار يفيد بالدرجة الأولى النظام، الذي يسعى إلى إجبار الثوار على الدخول في هدنة، يُلزمهم فيها بالخروج من المدينة"، ولفت إلى أن "المدينة تعرضت في الأيام القليلة الماضية إلى قصف عنيف، أدى إلى سقوط ستة قتلى، وجرح العشرات، ولم يتمكن الأهالي حتى الآن من إخراج الإصابات الخطيرة لتلقي العلاج".
بالتزامن مع ذلك، أطلق ناشطون من المدينة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت اسم "دير الزور تستغيث"، تهدف إلى فك الحصار الحالي عن المدينة، وإنهاء المعاناة التي يعيشها أبناؤها، من خلال إيجاد حلول جذرية لا حلول مؤقتة، بحسب ما أعلن أحد القائمين على الحملة، أحمد عبود.
وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الحملة تدعو إلى الحشد الإنساني والإعلامي لوضع حد للجرائم والتجاوزات المرتكبة بحق المدينة من قِبل كافة الأطراف، وتؤكد أن الثورة هي ضد الخطأ والجريمة، وأن إسقاط النظام هو جزء من هدفها ولكنه ليس الوحيد".