تتسارع الأحداث في العراق. وتفاجئ ثورة الفصائل العراقية العالم بقدرتها الفائقة والسريعة على تحرير مدن العراق، مدينة تلو الأخرى حتى وصلت ضواحي بغداد.
ويتفاجأ المراقبون أكثر ببهجة العراقيين في هذه الثورة ضد قوات نوري المالكي ووجود وتحكم إيران في مقدرات الدولة العراقية.
وبسبب ان قادة الثوار عملوا بصمت حتى بعد انطلاق ساعة الصفر لتحرير العراق أخذ الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي يروج بأن الأحداث التي تدور في العراق هي من صنع تنظيم (داعش) وهذا منافي للحقيقة.
المفكر والباحث الإستراتيجي البارز صلاح المختار يوضح المخفي حتى الآن في ثورة العراقيين ضد الاحتلال والظلم والقهر والاستبداد لاسترجاع بلدهم من الحكم الفارسي الطائفي في حديث خص به صحيفة (وطن) بعد صمت طويل.
وهذا نص اللقاء الذي أجرته (وطن) معه لتستوضح الأمور:
[b]السؤال الذي يردده الكثيرون بسبب ما تشيعه أجهزة اعلام الغرب والعرب.. هل هي ثورة داعش أم ثورة جميع الفصائل المسلحة؟[/b]
الجواب : هذه اشاعات مقصودة وليست مجرد خطأ معلومات فالاعلام الغربي الذي ينشر معلومات عن خصوصيات الناس والدول ويتجسس على كل شيء من المستحيل ان لا يعرف ان من يقوم بالثورة العراقية المسلحة هي ثورة الشعب العراقي كله بكافة مكوناته وبدون اي استثناء والتي تتصدر قيادتها فصائل المقاومة العراقية الوطنية والقومية والاسلامية وليس داعش .
ويكفي لاي انسان ان ينظر لما يجري من خلال الافلام والصور ليدرك ان المحررين لنينوى وغيرها هم مناضلون تقدميون من كافة التنظيمات فلم تغلق الحسينيات ولا الكنائس ولم تقطع الررؤوس بل اطلق سراح الاف الجنود الذين لم يقاوموا واطعموهم والبسوهم ملابس مدنية ، كما ان الناس يمارسون حريتهم بلا تدخل الفصائل فيها وهذا هو السبب الذي جعل اكثر من 95% من سكان الموصل يعودون فور تحريرها .
[b]كيف تم التفاهم والتنسيق مع تنظيم داعش المتشدد اذا كان هناك تنسيق حيث ترددت أنباء بأن الفصائل المسلحة منعت داعش من التدخل في حياة الناس؟[/b]
الجواب : الأمريكيون يعرفون قبل غيرهم احدى اهم ميزات التشكيلات السياسية في العراق فالعراق ليس مثل سوريا أو مصر أو تونس أو ليبيا فهو يتميز بوجود حركة وطنية وقومية منظمة وقوية ومجربة وتستند على دعم مئات الالاف من العراقيين في كل المحافظات ولديها ذراع مسلح هو الجيش الوطني الذي حله الاحتلال فتحول إلى مصدر لكافة الفصائل المقاتلة ضد الاحتلال الامركي وبعده ضد الاحتلال الإيراني ، لذلك لا يستطيع فصيل مهما كان قويا تجاوز الاخرين مهما حاول بعكس الاقطار الاخرى التي تخلو من التنظيمات الجماهيرية المتماسكة عقائديا وذات الخبرات العسكرية .
في العراق ومنذ الغزو حصلت عمليات تنسيق وتعاون بين اغلب الفصائل المقاتلة ضد الاحتلال الأمريكي ، صحيح انها لم ترتقي لمستوى الجبهة الوطنية الشاملة لكنها ايضا كانت عبارة عن عمليات تنسيق اثناء اندلاع المعارك . وبناء عليه فان هناك تقليدا داخل فصائل المقاومة العراقية هو التنسيق ضد الاحتلال حتى لو لم تتفق حول الكثير من الامور . توسيع نطاق الثورة المسلحة مؤخرا حصل نتيجة حصول تنسيق بين فصائل وطنية وقومية واسلامية كان هدفه طرد إيران ونغولها من العراق .
[b]كيف وضعت ساعة الصفر؟ وهل هذا المخطط تم اعداده منذ زمن لتحرير العراق؟[/b]
الجواب : من الضروري ملاحظة ان الثورة لم تندلع هذه الايام فهي امتداد للثورة ضد الاحتلال الأمريكي وكانت مستمرة ولم تتوقف والذي توقف هو التغطية الاعلامية عليها خصوصا الاعلام الغربي الذي كان يتعمد تجاهلها ورفض نشر بياناتها أو عملياتها القتالية وبعضها مصور للتوثيق فصنع تصور زائف بانها انتهت بينما الواقع يقول انها كانت تقاتل الأمريكيين وبعدها اخذت تقاتل إيران عندما سلمت أمريكا العراق إلى إيران وانسبحت .
ما حصل هو ان الانتفاضة السلمية عندما توسعت واخذ المالكي يهدد بقمعها اعلنت فصائل في المقاومة العراقية انها سوف تتدخل عسكريا اذا ضرب المتظاهرون السلميون وهذا ما حصل في الحويجة في محافظة كركوك حينما اغتالت قوات المالكي 55 معتصما سلميا وجرحت اكثر من 300 متظاهر ، فتقدمت المقاومة وبدأت العمل المسلح الواسع النطاق ضد القوات الصفوية واصبحت محافطة نينوى واجزاء من محافطتي كركوك وصلاح الدين محررة ليلا ، وبدأت عملية الاعداد الجدي لتصعيد الثورة المسلحة وشمولها كل العراق واعتبارها الاسلوب الرئيس لتحرير العراق . بهذا المعنى فان الاعداد للثورة كان قديما جدا لكنه دخل طورا اكثر فاعلية بعد مجزرة الحويجة .
[b]كيف هي قراءتكم لتدخل إيراني أو أمريكي؟
[/b]
الجواب : ان اختيار ساعة الصفر لتوسيع نطاق الثورة تم بناء دراسة الواقع الميداني العراقي من جهة ومعرفة طبيعة الازمات الاقتصادية الطاحنة للنظام الرأسمالي الأمريكي وتدهور الامكانيات المالية لتغطية نفقات الحرب والاهم ضعف معنويات الجنود الأمريكيين وهروبهم الواسع النطاق من الحرب ، اما إيران فانها هي الاخرى مريضة اقتصاديا واجتماعيا واختير هذا الوقت لانها متورطة في حروب استنزاف متعددة مثل سوريا واليمن والبحرين ولبنان فكان طبيعيا استثمار الاستنزاف الخطير هذا لتوسيع نطاق الثورة وجعله يشمل كل العراق تدريجيا وبسرعة تعتمد على نتائج العمليات الاولية .
نحن نعتقد بان أمريكا لن تتدخل حتى لو كانت راغبة لانها لا تملك مصادر مالية تكفي تكاليف الحرب كما ان الرأي العام الأمريكي اصبح يعارض الحرب على العراق وقد عكست سياسة اوباما التغيير الكبير في مزاج وتوجهات الرأي العام الرافض للحرب ، وكل ما تستطيع فعله هو تقديم دعم عسكري استشاري وتزويد المالكي بطائرات بدون طيار لقصف الثوار بها اما اذا تدخلت أمريكا عسكريا وهذا احتمال ضعيف فانها ستورط نفسها في اخطر فخ لن تخرج منه الا وهي مقسمة وانتهاء أمريكا الواحدة .
وبخصوص إيران فانها تعد معركة العراق هي المعركة الاساسية فما قيمة سوريا اذا تحرر العراق ؟ ان تحرر العراق يعني قطع طريق امداد النظام السوري وحزب الله في ان واحد ، وتلك ضربة ستراتيجية لمشروع الهلال الفارسي الممتد من طهران إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا ، لذلك فاننا نتوقع تدخلا إيرانيا اكثر مما تدخلت حتى الان ونحن مستعدون ومؤمنون باننا سندفن إيران في العراق إلى الابد ولهذا اكدنا منذ شهور بان القادسية الثالثة قد بدأت .
وعلى العالم ان يتذكر بان العذابات المتطرفة القسوة التي تعرض لها شعب العراق وفي مقدمتها اكثر من اربعة ملايين عراقي ماتوا منذ الغزو وكنتيجة مباشرة له تتحمل إيران المسؤولية الاكبر فيها ، وتشريد وتهجير اكثر من سبعة ملايين عراقي وتجويع كل العراق وحرمانه من الخدمات الاساسية للحياة ونشر المخدرات والايدز والفساد والتحلل الاخلاقي ودعم النهب والسرقات ، والتمييز الطائفي العلني ، كل ذلك وغيره وضع الشعب العراقي امام خيار واحد لا غير وهو مقاتلة إيران مهما طال زمن الحرب وتكاليفها فتحرير العراق مع الاف الشهداء افضل من بقاء الاستعمار الإيراني وهو يقتل الالاف كل بضعة شهور ويصيب الملايين بالاعاقات البدنية والنفسية ويغير هوية العراق الوطنية القومية بدعم أمريكي اسرائيلي كاملين .
وما يجب ان يعرفه العرب والعالم هو ان معركتنا مع إيران هي معركة وجود وهوية وليس حدود تماما مثل معركتنا مع الصهيونية لذلك فلا مجال فيها لانصاف الحلول ولا للتراجع على الاطلاق ، سنعامل إيران مثلما عاملتنا في العراق والاحواز والجزر العربية واليمن ولبنان والبحرين وغيرها ، الان امتلكنا كل الحق الشرعي لتبني اي ستراتيجية تضمن تخلصنا إلى الابد من شرور جار لا يعرف الا العدوان والتوسع الامبريالي .
[b]أين يتواجد المجاهد عزة الدوري؟ هل هو بالموصل كما ترددت بعض الأنباء؟[/b]
الجواب : عزة ابراهيم يسكن في قلوب ابناء العراق بكافة مكوناتهم ، بدليل انه بقي يقاتل احد عشر عاما متواصلة ونجح في اعادة بناء الجيش الوطني وتشكيلات المقاومة وجبهة الجهاد والتحرير والاهم انه نجح بصورة تامة في دخول قلوب وعقول الكوادر المتقدمة وقواعد الحزب ولذلك فشلت كافة محاولات التأمر عليه أو شق الحزب ، ان صوفيته وترفعه عن مظاهر الحياة العادية وبساطته ومبدأيته العالية هي التي جعلته قائدا تجمع عليه كافة التشكيلات بلا منازع . اما عن زياراته فنعم ظهر في الموصل وغيرها اثناء عملية تحرير نينوى مع اركان الحرب الاساسيين .
[b]كيف هي قراءتكم لمواقف دول الجوار وما المطلوب منها؟[/b]
الجواب : من المؤسف القول ان دول الجوار لا تدرك بصورة صحيحة ان خلاصها مما تواجهه من تحديات وجودية وليس سياسية مرهون بانتصار المقاومة العراقية فبما ان مصدر التهديد الاكبر هو إيران فان دحر إيران في العراق سيسد كل المنافذ للتسلل الإيراني إلى كافة الاقطار العربية ويعود العراق مثلما كان سدا منيعا يمنع التوسع الامبريالي الإيراني في الوطن العربي . ونحن نعتقد بان ما اظهرته المقاومة العراقية مؤخرا من اقتدار هائل اذهل كافة المراقبين بسرعة تدمير الجيش الحكومة البالغ عدده مليون وربع المليون انسان وصرف المالكي وأمريكا عليه اكثر من 135 مليار دولار من اموال العراق ثمنا للاسلحة والتدريب والمصروفات الاخرى يشكل دليلا قاطعا على ان العراق بقيادة المقاومة هو المنقذ الوحيد لكافة الاقطار العربية من التهديدات الإيرانية ومن الغدر الأمريكي بها ، فبعد ان كانت هذه الاقطار تحميها أمريكا وقواتها تخلت عنها وعقدت صفقة اقليمية مع إيران لم تعد سرية بل اصبحت علنية وكانت دعوة اوباما للعرب كي يقبلوا الانحياز الأمريكي الرسمي لإيران كأمر واقع ابرز مثال رسمي لذلك .
ان الحقيقة الاعظم التي على كافة العرب حكاما ومحكومين ادراكها الان وقبل فوات الاوان هي ان العراق المتحرر هو وحده القادر على افشال الصفقة الأمريكية الإيرانية وانقاذ كافة الاقطار العربية من مخاطر التفتيت الطائفي والعنصري واعادة الامن والاستقرار لكافة الاقطار العربية .
[b]ماذا بعد تحرير بغداد؟ كيف سيتم التعامل مع مكونات الاحتلال ومن جلبهم وسلمهم أمور العراق؟[/b]
الجواب : بعد التحرير سوف يقدم كل من دعم الاحتلال وتعاون معه إلى المحاكم المختصة لمحاكتهم بتهم عديدة منها الخيانة العظمى ونهب المال ونشر الفساد والاستبداد واشعال الفتن الطائفية والعرقية . اما البسطاء الذين تورطوا فان العفو العام قد صدر عنهم منذ الان ولهذا ترى ان الثوار يطلقون فورا سراح الالاف من الجنود والضباط بعد اسرهم لانهم مساكين .
المطلوب الان في العراق هو تضميد الجراح التي احدثتها أمريكا وإيران واسرائيل ومساعدة الشعب العراقي على تخطي الاثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية للغزو وللفتن الطائفية وللحرمان والتجويع المنظم . وهذه مهمة اكبر من اي حزب أو جماعة وتتطلب التعاون بين كافة القوى الوطنية العراقية من النجاح فيها . وبدون هذه الخطوات فان العراق القوي والمقتدر لن يعود ، العراق القوي يعود فقط بوجود مواطنين احرار ليس من الجوع والاضطهاد فقط بل قبل هذا من الاثار النفسية والجسدية التدميرية للاحتلال .
[b]ما شكل الدولة العراقية بعد تحريرها؟ علمانية ؟ إسلامية؟ ديمقراطية؟ بعثية؟[/b]
الجواب : العراق المتحررسيكون دولة مدنية ديمقراطية تقدمية تحكمها المعايير الديمقراطية كالانتخابات ولهذا لن تكون دولة حزب أو جماعة وانما تمثل كافة العراقيين خصوصا قواهم السياسية المختلفة في اطار تعددي سلمي وتبادل الحكم وفقا لنتائج الانتخابات لدق انتهى زمن الانقلابات .