ترى مجموعة من النُخَب السياسية والأمنية الإسرائيلية أن التحولات، التي تشهدها المنطقة تساعد تل أبيب على توجيه ضربة قوية لـ"حماس"، في ظروف "مثالية"، الأمر الذي دفعها للدعوة إلى توظيف تلك التحولات لتحقيق الهدف المعلن للحملة العسكرية المتواصلة في الضفة الغربية والمتمثل في "تدمير" الحركة الإسلامية والقضاء على بناها التنظيمية والمؤسساتية.
ويرى رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، عاموس جلعاد، أن "الحرب التي لا هوادة فيها"، التي تشنها كل من مصر والسعودية ودول خليجية أخرى والأردن وسورية، على جماعة الإخوان المسلمين، تحسّن من قدرة تل أبيب على ضرب حركة "حماس"، التي وصفها بأنها "الفرع الفلسطيني" لهذه الجماعة.
وفي مقابلة أجراها مع قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، يوم الجمعة الماضي، قال جلعاد: "فلننظر من حولنا، جماعة الإخوان المسلمين تتعرّض للقمع في كل مكان"، مضيفاً أنه "في مصر، تم إقصاؤها من الحكم، وفي السعودية تم الإعلان عنها كمنظمة إرهابية، وكذلك الأمر في دول خليجية أخرى، في حين تتعرض الجماعة لمضايقات في الأردن، ولا داعي للتذكير بما تعرضت له الجماعة في سورية".
لكن في إسرائيل، لا يكتفون بتوظيف المزاج السائد في المنطقة فقط في تحسين شروط الحرب على "حماس"، بل إن السلطات في تل أبيب تطمع بمساعدة مباشرة من الدول العربية في حربها ضد "حماس".
وفي السياق، نقلت الإذاعة العبرية، يوم السبت، عن أوساط رسمية إسرائيلية قولها إن تل أبيب تتطلع إلى مساعدة الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، في "تجفيف منابع" حركة "حماس" عبر فرض المزيد من القيود على التحويلات المالية للأراضي الفلسطينية. لزكاة وتبرعات الميسورين لجمعيات أهلية تتبع حركة "حماس" في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن المفارقة كانت باعتبار دعم الجمعيات الخيرية التي ترعى الأيتام وعوائل الأسرى في سجون الاحتلال "إسهاماً في دعم إرهاب حماس".
وبحسب منطق هذه الأوساط، فإن الكثيرين من الأيتام الذين يتلقون المساعدات، هم أولاد لأشخاص قتلوا في عمليات عسكرية ضد إسرائيل، وهذا يعدّ تشجيعاً للجمهور الفلسطيني على الانخراط في "التنظيمات الإرهابية، على اعتبار أن كل شخص يعي أن جمعيات خيرية ستقوم برعاية عائلته وأولاده بعد مقتله، وهذا يمثل عاملاً يدفعه للانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها حركة حماس". وكان دوري غولد، كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي، قد نشر مقالاً في وقت سابق، في صحيفة "إسرائيل اليوم"، تحت عنوان: "المصالح المشتركة تغطي على الخلافات بين إسرائيل والسعودية"، أشار فيه إلى الكثير من مواطن التعاون بين الرياض وتل أبيب في مواجهة "حماس".
وأكد غولد أن حكومة الرياض فرضت قيوداً بالفعل على تحويل الأموال للجمعيات الخيرية التي تديرها "حماس" في الأراضي الفلسطينية.
وأوضح أنه حتى مطلع تسعينات القرن الماضي، كانت 70 في المئة من موازنة "حماس" تصل من السعودية على شكل تبرعات تقدمها جمعيات سعودية، مضيفاً أن "الواقعية السياسية تفرض على نظام الحكم في الرياض تكريس التعاون مع حكومة تل أبيب لصد التهديدات التي تواجه كلاً منهما.
فقد أثبتت التجربة التاريخية أن الدول التي واجهت تحديات وتهديدات مشتركة تمكنت من تقليص الفجوات بينها، وتعاونت في ما بينها من أجل صد هذه التهديدات".
وتشير الأوساط الإسرائيلية إلى أن أحد أهم مظاهر التحولات الإقليمية التي توظفها إسرائيل في تحسين شروط حربها ضد "حماس"، يتمثل في الموقف المصري.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، أن مصر لم تبدِ اعتراضاً جدياً على قيام إسرائيل بإعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم ضمن صفقة تبادل جلعاد شاليط، علماً أن هذه الصفقة رعتها مصر.
وكانت حركة "حماس" قد طالبت مصر، رسمياً، ب"القيام بواجبها والضغط على حكومة تل أبيب للإفراج عن الأسرى المحررين ضمن الصفقة".
وفي السياق، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، يوم الجمعة الماضي، أن مصر ترفض التوسط بين الاحتلال و"حماس" لمنع اشتعال المواجهة بينهما في قطاع غزة، في ضوء التقديرات بأن إسرائيل تتجه لشن عمل عسكري على القطاع.
ووفقاً للصحيفة، فإن المصريين يعتبرون ما يجري حالياً "شأناً يخص إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية، ولا علاقة لمصر به".
لكن هذا الكلام عن "نأي" القاهرة بنفسها عمّا يجري، يتعارض مع ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية عن أن القاهرة تسهم في جمع المعلومات الاستخبارية التي تساعد في الكشف عن مكان اختفاء المستوطنين الثلاثة، علاوة على تعهدها بعدم السماح بنقلهم إلى قطاع غزة عبر سيناء.
وفي إطار المحاولات الرامية لإضعاف "حماس"، كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة، ليلة السبت، النقاب عن أن وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني، ستشرع في تحرك إقليمي ودولي يهدف إلى الضغط على "حماس" لدفعها "لترك طريق الإرهاب".
وقال المعلق في القناة، نداف إيال، إن ليفني ستطالب كلاً من الدول العربية "المعتدلة" والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن "توضح لحماس الخطوط الحمراء التي يتوجب ألا تتجاوزها في حال رغبت أن يعترف العالم بدورها في النظام السياسي الفلسطيني".
ولفت إيال إلى أن "ليفني تأمل أن يتشكل موقف دولي وإقليمي يطالب حماس بترك الارهاب والاكتفاء بالعمل السياسي، مقابل اعتراف المجتمع الدولي بدورها في الحياة السياسية الفلسطينية".