احتاج مسجد الأشرفية، بمحافظة تعز، جنوبي اليمن، إلى 9 سنوات، حتى يعود لاستقبال المصلين في أول يوم رمضاني للعام الهجري الحالي، ليستعيد شكله الزاهي كتحفة فنية إسلامية بديعة.
ويعد مسجد الأشرفية الذي بناه الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل ابن الفضل عام 800 ه، من أهم المدراس الدينية في التاريخ الإسلامي اليمني، وأهم المواقع الأثرية في محافظة تعز المعلنة مؤخرا كعاصمة للثقافة اليمنية.
ويحتوي المسجد على قبة كبيرة متخمة بالزخارف الملونة، وثمان من القباب الصغرى، إضافة إلى مئذنتين مازالتا شامختان حتى اللحظة منذ العصر الرسولي.
والدولة الرسولية في بلاد اليمن، أسسها الملك المنصور، حيث حكمت البلاد منذ 1229 حتى 1454م، وامتدت من حضرموت جنوباً، وحتى مكة شمالاً.
ويضم المسجد، إضافة إلى قاعة الصلاة، مدرسة وأضرحة عدد من ملوك الدولة الرسولية، ومحلقات لا زال العمل جار على ترميمها، حسب الخبير الأثري اليمني وأحد المشرفين على ترميم المسجد.
وقال مصلح لوكالة الأناضول، إن “الجامع عبارة عن لوحة فنية مكتملة وخصوصا قاعة الصلاة، الكتابة الموجودة في العقود والقباب تحكي فلسفة حوار الأديان عن طريق الزخرفة التي كانت الهواية المفضلة لموك الدولة الرسولية”.
وبحسب الفريق المشرف على عملية الترميم أنه تم الكشف أثناء الترميم على أحد التروس وعليها اسم النقاش لزخارف مسجد الأشرفية كتب عليه، “هذا النقش من عمل العبد الفقير إلى الله عمر بن علي بن عبدالعزيز.
وقال الباحث الأثري مصلح “كان النقش مخفيا حتى لا يطغى على اسم الملك الأشرف الذي يزين قبة الجامع .
وكانت مدينة تعز هي عاصمة الدولة الرسولية التي حكمت اليمن خلال الفترة (من 628 – إلى 858ه) .
وبحسب مختصين بالآثار فقد تم تشييد وبناء الجامع والمدرسة بإمكانيات مضاعفة مكنتهما من الصمود لمئات السنين في وجه الإهمال والعبث حسب من أرخوا لمعالم الحقبة الرسولية في الوقت الذي انهارت عشرات المدارس المماثلة.
ووفقا للمهندس عبدالحكيم السياغي، المشرف التنفيذي على مشروع الترميم، فإن الزخرفة الموجودة في قباب الجامع هي أشكال نباتية أبرزها “زهرة اللوتس، إضافة إلى صبغات وألوان يمنية.
وقال السياغي، لوكالة الأناضول، إن “دراسات قام بها باحثون من جامعة بلونيا الإيطالية أثبتت أن هذه المادة المستخدمة في الزخرفة كانت يمنية خالصة ويتم تصديرها إلى فرنسا وإيطاليا، أي أن اللون الأزرق لون يمني أصيل كان يتم تصديره”.
وتابع أن “معظم ملوك الدولة الرسولية كانوا علماء في الطب والفلك والصبغات وكانوا يعشقون الزخرفة “.
وكان جامع الأشرفية آيل للسقوط قبل أكثر من عشر سنوات، قبل أن يتدخل الصندوق الاجتماعي للتنمية (حكومي) بعملية ترميمه بدعم من الحكومة اليمنية ومنظمات دولية.
وقال مروان المقطري، مدير عام الصندوق الاجتماعي، “عملية الترميم تمت وفق معايير دولية مصادق عليها من اليونسكو بالتعاون مع خبراء إيطاليين من معهد فينتو للتراث الثقافي”.
وأضاف المقطري، في حديث لوكالة الأناضول، أن “هذه الزخارف تساعد في تنمية الذوق، نأمل أن يساهم هذا المشروع في إعادة تذوق الجمال”.
وتأمل الجهة المنفذة للترميم أن تقوم السلطات المحلية بإدارة الموقع الأثري بشكل جيد، وتستخدمه كمصدر دخل سياحي، وإشراك المجتمع المحلي في صيانة الآثار .
وحرص خبراء إيطاليون مشاركون في علمية الترميم، على الحضور يوم افتتاح المسجد، الخميس الماضي، والاحتفال بما تم إنجازه في الحفاظ على أهم آثار مدينة تعز.
وقال “رينزو رفان”، وهو مدير معهد فينتو العالمي الإيطالي، رئيس الفريق الإيطالي المشرف على الترميم، “ما تتمتع به مدينة تعز القديمة من آثار معمارية إسلامية متميزة يجب حمايتها والحفاظ عليها”.
وأضاف في كلمة له على هامش حفل افتتاح المسجد “المدينة تستمد هويتها من محتواها بما تضمه من حصون ومعالم أثرية وتاريخية”.(الاناضول)