نشوان نيوز يعيد نشر مقال الحميري المنشور في صحيفة الثورة الرسمية اليوم السبت:
فنتازيا
صحيح أنها دولة مستقلة ذات سيادة . لها حدودها، وعلمها، ونشيدها الوطني، وحكومتها الشرعية .
وصحيح أنها عضو في جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والأمم المتحدة .
وصحيح أيضاً أننا في اليمن قد انتهجنا - ومنذ زمن طويل - سياسة الحياد الإيجابي ، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لأي بلد . بالإضافة إلى أننا - وكما هو معلوم للقاصي والداني - نعيش أوضاعاً داخلية سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الصعوبة والتعقيد . مما يجعلنا غير قادرين على الالتفات لأي قضية إقليمية أو دولية والتفاعل معها كما ينبغي .
غير أن العقل والمنطق (كانا) يحتمان علينا في اليمن - ورغم كل ما سبق - أن نقف وقفة حازمة حيال ما جرى ويجري في دولة ( عمران ) العربية الشقيقة . ليس قياماً بحق الجوار الإقليمي فقط . ولا استشعاراً بواجب الأخوة القومية فحسب . ولكنه - قبل ذلك وبعده - إدراكاً لخطورة ما يجري وتداعياته على الأمن القومي اليمني باعتبار بلد كهذا يمثل حديقة خلفية بالنسبة لليمن . وما يصبح فيه يمسي فينا ولابد .
إن السماح باندلاع حرب - كتلك التي قامت ودامت في بلدٍ وثيق الصلة باليمن تاريخياً وجغرافياً وسياسياً يمثل فشلاً استراتيجياً ( للسياسة الخارجية اليمنية ) لن يقتصر أثره المدمر على حاضر المنطقة بل يمكن - لا قدر الله - أن يمس بالتشويه مستقبلها أيضاً . الأمر الذي ( كان ) يحتم على اليمن اتخاذ كافة التدابير الوقائية لمنع اندلاع الحرب ابتداءً . كما (كان) يحتم عليها - وقد أخطأت الوقاية - أن تتدارك الخطأ باتخاذ كافة التدابير العلاجية لإيقافها .
إن الاعتقاد الخاطئ بأن إضعاف ( الجيران ) - بتركهم لاستنزاف الحروب الداخلية أو البينية المدمرة - قد يقوي من حظوظ (صنعاء) في استعادة دورها المركزي في المنطقة . وتقديم نفسها للعالم كدولة محورية ، يحسب لها ألف حساب عند اتخاذ أي قرار يخص دول الاقليم .
مثل هذا الاعتقاد الخاطئ لن يعود على اليمن واليمنيين إلا بمزيد من الضعف والضعة والهوان . خاصة ومخرجاته لا تصب - حيث كانت - إلا في صالح جماعات العنف ، وكيانات الإرهاب .
وهو اعتقاد - لا أتصور شخصياً - وجوده فضلاً عن الايمان به من قبل صانع القرار السياسي باليمن وإلاّ فالمتوقع أعظم سوداوية من الواقع .
إن ما حصل في ( دولة ) عمران هو نتيجة طبيعية لإيمان الساسة اليمنيين واعتناقهم سياسة الحياد السلبي والتي كان من نتائجها ما حدث في ( دولة صعدة ) من قبل . ولو استمرت ( صنعاء ) في تبني قاعدة : ( لا أرى ، لا أسمع ، لا أتكلم ) في تعاملها مع ما يدور من حولها فإن المحصلة النهائية - بلا شك - هي خسرانها ( لأشقائها وجيرانها ) بلداً بلدا . بل وخسرانها لنفسها في النهاية لا على صعيد التأثير فحسب بل والوجود أيضاً . وهي نتيجة - حتى مع حسن الظن - لا تُصنّف أسبابها إلا في خانة الكوارث ، ولا مُسبّبوها إلا في خانة الكارثيين .