وبتبنّي القبائل الاستوائية، وتأييدها نظام الفيدرالية أخيراً، تكون أطراف جديدة قد دخلت في مواجهة مع الحكومة.
وتمثّل القبائل الاستوائية ثقلاً بالنسبة للحكومة، ولا سيما أن جوبا تقع ضمن مناطقهم التي تضم ولايات: الاستوائية الوسطى، والاستوائية الغربية والاستوائية الشرقية. الأمر الذي يهدد بالانفجار في أي لحظة في حال فشلت الحكومة في إدارة الأزمة بحكمة، وقد يهدد وحدة الدولة أيضاً.
سيفتح الجدال باب صراع من جديد، خصوصاً بعد تطابق رؤية الاستوائيين بشأن الفيدرالية، مع طرح مجموعة مشار، التي تسعى لإدراجها ضمن أوراق التفاوض مع الحكومة، وهو ما ترفضه الأخيرة.
وربما استشعر الرئيس الجنوبي، سلفاكير ميارديت، الخطر الذي يمكن أن يجرّه النقاش الخاص بالفيدرالية على البلاد، لذا نجد أن الرجل ركز في كلمته، يوم الأربعاء الماضي، لمناسبة مرور الذكرى الثالثة لإعلان دولة الجنوب، على "ضرورة أن لا تقود الفيدرالية إلى تقسيم البلاد أو اندلاع الصراعات بين مكونات الدولة الفتية".
وشدّد على أنه لن يقبل بتبني "نظام فيدرالي قائم على نظام الثلاثة أقاليم، الاستوائية وبحر الغزال وأعالي النيل، كما كان في القرن العشرين"، إبّان السودان الموحّد.
وينظر مؤيدو الفيدرالية إليها كحلّ أمثل لإدارة التنوّع وإزالة الخلل في توزيع الموارد بين المركز والولايات، كما يتهمون الحكومة بالسيطرة على 80 في المئة من ثروات الولايات، دون أن تساهم في إنمائها، كما أن المركز يستأثر بالسلطة ويحصرها بإثنية محددة.
وبالرغم من أن نظام الحكم في جوبا لامركزي، إلا أن الممارسة العملية لم ترسّخ ذلك. لا بل إن الدستور الانتقالي بات يشبه دستور السودان، من حيث منح صلاحيات واسعة للرئيس في إدارة الولايات ومنحه الحق في عزل الولاة المنتخبين، كما فعل سلفاكير، حين عزل والي ولاية الوحدة، تعبان دينق.
في هذا الصدد، شدد المتحدث الرسمي باسم وفد المعارضة المفاوض، يوهانس موسى، على "ضرورة إقرار النظام الفيدرالي في الدولة الجديدة"، باعتباره "الأمثل لإدارة التعقيدات الموجودة في الجنوب، المتعدد الثقافات والقبائل، وذلك لخلق التوازن في السياسات، كما هو حاصل في الولايات المتحدة وإثيوبيا".
ورأى في رفض الحكومة للفيدرالية "خوفاً من حصول الولايات على النفط، أولاً، كما يتيح النظام للولايات حكم نفسها بنفسها، وإدارة مواردها، ما يُقلّص من سلطات الحكومة المركزية، التي تتجه للسياسة الخارجية". وتخوّف "في حال تشبّث بجوبا بمواقفها، من أن يعمد الاستوائيون إلى الانفصال".
من جهته، حسم المستشار الاعلامي للرئيس، تينج أويك، لـ"العربي الجديد"، رفض الحكومة "القاطع مناقشة قضية الفيدرالية في الوقت الراهن، أو طرحها ضمن بنود التفاوض مع المعارضة". واعتبر أن الأولوية "للسلام الآن، والفيدرالية تتطلّب استفتاءً شعبياً، وهو ما يصعب إجراؤه في ظلّ الحرب".
ولفتت المتخصصة في الشأن الجنوبي، أجوك الله جابو، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تصعيد المطالبات بالفيدرالية، نتاج طبيعي لاستئثار المركز في جوبا بالنصيب الأكبر من موارد البلاد، مع فشله في تفعيل عملية تنمية ملموسة في الولايات، صاحبة النصيب الأكبر في رفد خزينة الدولة بالايرادات".
وأكدت أن "الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع المتمرد ياوياو، وأقرت خلاله بحكم ذاتي لمنطقة البيبور، التي يتحدّر منها، شجّعت على تصاعد وتيرة المطالبات". وأوضحت أن "هناك دوافع إثنية بدأت تظهر خلف تلك المطالبات، على أساس أنها وسيلة لتفكيك حكومة القبيلة الواحدة"، في إشارة لقبيلة "الدينكا" التي ينتمي إليها سلفاكير.