وانسحبت هذه المكونات الصغيرة من مظاهرة حاشدة في العاصمة صنعاء دعت اليها جماعة الحوثي التي تطلق على نفسها اسم «أنصار الله» وفي مقدمة ذلك جبهة «إنقاذ» و»جرحى الثورة» ومكونات أخرى موالية لجماعة الحوثي والعديد من نشطاء الحزب الاشتراكي، إثر التباينات الكبيرة في الاجندات السياسية لكل طرف من وراء المشاركة في هذه المظاهرة التي جابت بعض شوارع العاصمة صنعاء وتوقفت قبل استكمال مسارها.
ووجهت جبهة (إنقاذ) التي يرأسها البرلماني المستقل أحمد سيف حاشد اتهامات شديدة لجماعة الحوثي بخرق الاتفاقات المسبقة وخرق (ميثاق الشرف) بين المشاركين في هذه المظاهرة، وفي مقدمة ذلك رفع شعارات حوثية طائفية وأيضا وجود عناصر حوثية تحمل السلاح في المظاهرة مما أخرج المظاهرة عن هدفها، وهو إسقاط الجرعة الحكومية التي قضت برفع أسعار المشتقات النفطية وإسقاط الحكومة عموما.
وقالت الجبهة في بيان لها «ان الجماعة جماعة الحوثي باتوا يستغلون جوع الشعب، لرفع سقفهم و خدمة أهدافهم السياسية». وأوضحت الجبهة «أن استخدام أوجاع الناس ومعاناتهم في تحقيق مكاسب سياسية أمر ترفضه الجبهة، معلنة انحيازها للشعب المسحوق و المغبون».
و أكد النائب أحمد سيف حاشد أن جبهة (إنقاذ) لن تكون في يوم من الأيام قطيع في صف الحوثي أو أي جماعة دينية أو أي طرف سياسي وأن للجبهة أهدافها ومبادئها المعلنة التي تعمل عليها و التي تهدف لبناء دولة مدنية حديثة.
من جانبه أصدر الناطق باسم جماعة «أنصار الله» الحوثية علي البخيتي بيانا وضّح فيه ملابسات الخلاف الذي تسبب في انسحاب جبهة إنقاذ وبقية المكونات من مظاهرة الحوثيين وقال «يجب الاعتراف في البداية أن هناك اتفاقاً مسبقاً داخل حملة 11 فبراير أن تلتزم مختلف مكونات الحملة ببعض الشروط».
وأوضح «بدأت الاشكالية باعتراض الاستاذ القدير القاضي احمد سيف حاشد على وجود شعار انصار الله في المسيرة وفي المنصة وكان هناك مساع من بعض القيادات الحوثية المتواجدة في حينه وعلى رأسها الاستاذ خالد المداني للطلب ممن يحملون الشعارات بالتراجع من مقدمة المسيرة والنزول من على المنصة».
وقال «صدرت بعض البيانات التي اعلنت تنديدها بما حصل، وكانت محقة في بعض ما تم طرحه الا ان هناك بعض الافتراءات التي تضمنتها أيضاً».
وقالت مصادر سياسية ل»القدس العربي» ان جماعة الحوثي فشلت في تحقيق هدف المظاهرة منذ الوهلة الأولى، إثر انسحاب العديد من المكونات الشعبية المتحالفة مع الحوثيين التي شاركت في هذه المظاهرة في العاصمة صنعاء، بسبب وجود المئات من المسلحين الحوثيين بين المتظاهرين ورفع شعارات طائفية وتحريضية وتخالف الغاية من خروج هذه المظاهرة التي خصصت لرفض القرار الحكومي بجرعة رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية، بينما الحوثيون حولوا مسارها إلى غايات أخرى.
وأوضحت أن القلق الرسمي والشعبي كان كبير جدا قبيل انطلاق هذه المظاهرة، للأبعاد الخفية التي انتشرت في الأوساط السياسية من وراء هذه المظاهرة وبالذات ما تردد عن مشاركة أتباع الرئيس السابق علي عبدالله صالح في هذه المظاهرة إلى جانب الحوثيين، بالاضافة إلى مكونات شعبية مناوئة للحكومة ومتحالفة مع الحوثيين.
وقال القيادي الاشتراكي هاني الجنيد «إن جماعة الحوثي افتضحت أمام الرأي العام وأن مسيرتها لاعلاقة لها بالجرعة التي تدعي التظاهر من أجل إسقاطها».
وأوضح الجنيد في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) أن انسحابهم مع «جبهة إنقاذ الثورة» من مظاهرة الاثنين بصنعاء «بسبب تجيير الحوثيين لها ودخول مسلحين حوثيين في صفوفها وبسبب رفع شعارات وهتافات حوثية غير وطنية لا علاقة لها بأهداف المسيرة ولا بالجرعة التي خرجنا لإسقاطها». وذكر شهود عيان ان ساحة التغيير بصنعاء نقطة التجمع للمظاهرة شهدت خلافات عميقة قبيل انطلاقها بين جماعة الحوثي وأنصار الحزب الاشتراكي اليمني وجبهة إنقاذ الثورة، انسحب على إثرها الاشتراكيون وجبهة انقاذ الثورة من المشاركة في المظاهرة.
وأوضحوا أنه «فيما غاب العلم الوطني عن تظاهرة صنعاء وعمران وصعدة، ظهر شعار جماعة الحوثي وشعار حزب الله اللبناني، وبدا عدد المشاركين في التظاهرات ضعيفاً وهزيلاً واقل من المتوقع».
إلى ذلك نسب موقع (نبض الشارع) الاخباري لمصدر أمني رفيع قوله «انه تم رصد 500 شخص يحملون السلاح في مظاهرة الحوثي بصنعاء» .
وأكد المصدر ان الاجهزة الامنية رصدت وراقبت كل تحركات المسلحين الحوثين في المظاهرة وان مايقوم به الحوثيون مناف لما قاله زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بان هذه المظاهرات ستكون سلمية .
من جهة أخرى كشف مصدر أمني ان «الاجهزة الامنية اعتقلت عددا من حراسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح ترافق مسيرة الحوثيين بزيهم العسكري وأسلحتهم» . وأوضح المصدر انه بعد التحقيق مع هؤلائ الجنود الذين ضبطوا في هذه العملية اعترفوا بان التوجيهات جاءتهم للمشاركة في حراسة هذه المظاهرة مباشرة من قبل قائد الحراسة الخاصة بالرئيس السابق علي صالح وهو العميد عبدربه معياد .
وعاشت العاصمة صنعاء أمس الأول حالة طوارئ واستنفار أمني كبير، مواكبة لخروج هذه المظاهرة الحوثية التي خشي الجميع أن تتحول إلى أعمال عنف وشغب واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وبالذات مقار المؤسسات الحكومية والحزبية المناوئة للحوثيين بصنعاء.