وجاءت سيطرة التنظيم بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع عن استعادة "إمارة القطن" من أيدي مسلحي "القاعدة".
وباتت مدينة القطن، إحدى مدن وادي حضرموت (35 كلم غرب سيئون)، خلال السنتين الماضيتين، المرمى السهل لعناصر "القاعدة" ومركز تحرك مهم بالنسبة إليهم إلى المناطق المجاورة.
وتصاعدت هجمات "القاعدة" على منشآت حكومية ونقاط عسكرية في المدينة منذ منتصف 2013 وسط غياب أمني ملحوظ.
وكان أول ظهور علني للتنظيم في المدينة في رمضان الماضي حينما ألقى مسلحو التنظيم خطاباً وسط تجمع شعبي سبقته تحذيرات للنساء من التسوّق من غير محرم، عبر بيانات نشرها التنظيم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعاني السلطة المحلية في المدينة من هشاشة، كون التعيينات في المناصب الإدارية تستند غالباً إلى اعتبارات قبلية أكثر من اعتمادها على الكفاءة.
وبث التنظيم، أمس الخميس، صوراً لقائده، جلال بلعيدي، أحد أهم المطلوبين لدى السلطات اليمنية ومعه حارث النظاري، وهما يتجولان بصحبة مسلحين وسط مدينة القطن ويلتقطان الصور مع مواطنين.
وتحدث مصدر محلي، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن أسباب الانفلات الأمني في المدينة الذي سهل لعناصر التنظيم الانتشار فيها بسهولة، وقال إن "مركز شرطة المدينة مغلق منذ نحو سنتين ولا يعمل فيه أحد، دون معرفة الأسباب".
وأشار إلى أن أنه "يوجد معسكر للقوات الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) في المدينة، لكن غالباً ما يُحجم أفراده عن التحرك في أي حوادث أمنية، وتقتصر مهمتهم على حماية المعسكر فقط"، موضحاً أن "وجود الوديان الشاسعة المحيطة بالمدينة، خصوصاً وادي سر، سمح لعناصر التنظيم التحرك بأريحية تامة وشن هجمات على قوات الجيش ومن ثم الانسحاب إلى الوادي".
وقال المصدر إن "طغيان الطبيعة القبلية لسكان المدينة التي ترى في حمل السلاح ضرورة وتقليداً لا يمكن التنازل عنه، تسبّب في حدوث إرباك لدى أجهزة الدولة والمواطنين وعدم التفريق بين عناصر (القاعدة) وغيرهم".
وأضاف أن "ظاهرة بيع السلاح انتشرت مؤخراً بشكل علني في المدينة، بما فيه السلاح المتوسط، ما سهّل امتلاك التنظيم له".
ويرجح متابعون أن موقع المدينة، القريب من مفرق "بن عيفان" البري المؤدي إلى منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية، أغرى التنظيم في السيطرة عليها والتحكّم بالطريق الوحيد المؤدي إلى هذه المناطق المهمة.
وكانت الطائرات الأميركية من دون طيار قد شنّت عدة هجمات استهدفت عناصر من "القاعدة" ينتمون إلى المدينة نفسها، ما جعل البعض يفسر ما يحصل هناك بأنه انتقام لزملائهم الذي سقطوا ضحايا لهذه الغارات.
واستغل "تنظيم القاعدة" ضعف السلطة المركزية، إبّان ثورة 2011، لينتشر وبكثافة في المحافظات الجنوبية للبلاد.