تعدّدت مبادرات الأطراف اليمنية، منذ إعلان جماعة الحوثيين برنامجاً تصعيديّاً أهدافه إسقاط الحكومة، وإلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
مبادرات جميعها تهدف إلى وقف التصعيد وتجنُّب الانزلاق نحو المواجهة بين الدولة ومسلحي الجماعة.
وكما أطلق الحزب الاشتراكي اليمني، قبل أيام، مبادرة تدعو إلى استئناف التفاوض بين السلطة والحوثيين، أطلق حزب المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، أول من أمس، مبادرة حل الأزمة، تتضمن تشكيل حكومة شراكة وإعادة النظر في قرار رفع الدعم عن الوقود.
وأشار حزب "المؤتمر" إلى أنّ مبادرته جاءت "من أجل الخروج من التداعيات الخطيرة الراهنة وما آلت إليه الأمور في الوطن وتجنُّب الانزلاق نحو ما يهدد سلامة الوطن والمواطنين".
وتركز المبادرة على تشكيل حكومة شراكة وطنية تنفذ إصلاحات اقتصادية وإدارية جادة وشاملة، وإعادة النظر في "الجرعة السعرية" للمشتقات النفطية والاكتفاء بالسعر العالمي لمادتَي البترول والديزل، وتحمّل الدولة أي تكاليف إضافية.
كما تنص المبادرة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وفقاً لبرنامج زمني محدد يضمن تنفيذ الاستحقاقات كافة، وفي مقدمها إجراء الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وتدعو المبادرة، التي جاءت من ستة بنود، إلى إنهاء مظاهر التوتر كافة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات وإلزام وسائل الإعلام الرسمية والحزبية كافة بالتهدئة وإيقاف التحريض والتعبئة، تمهيداً لاتخاذ خطوات عملية لتحقيق المصالحة الوطنية.
واللافت أنّ حزب المؤتمر، في مبادرته هذه، تراجع عن موقفه السابق، الذي يتمسك بالحكومة الحالية ويقف إلى جانب قرار الجرعة (زيادة أسعار المحروقات) ك"ضرورة وطنية". ويرى مراقبون أن "الحزب تقدم بمبادرة النقاط الست، إدراكاً منه أن مسألة حكومة بديلة باتت أمراً حتميّاً، إذ يأتي التشكيل الجديد وكأنه استجابة لمبادرة المؤتمر، وليس نزولاً عند ضغوط الحوثيين".
وهناك من يقرأ مبادرة المؤتمر من ناحية التوقيت، إذ يعتبر أن الحزب أطلق مبادرته قبل تقديم المبعوث الأممي، جمال بن عمر، تقريره عن الأوضاع اليمنية لجلسة مجلس الأمن، المقررة في 29 من الشهر الجاري، وذلك لتجنّب "السلبية" المنتظرة أن تطبع تقرير المبعوث الأممي.
إضافة إلى هاتين القراءتين، ثمة تفسير ثالث يرى أن الحزب لم يطلق مبادرته المتضمنة تشكيل حكومة جديدة، رغم احتمالات خسارته بعض الحقائب فيها، إلا بعد أخذه ضمانات أو تطمينات بتمثيل جيد في الحكومة المقبلة.
ويدعم هذا التفسير، تسريبات تفيد أنّ الأمين العام المساعد للمؤتمر، أحمد عبيد بن دغر، هو الأوفر حظاً لرئاسة الحكومة المرتقبة، خلفاً لمحمد سالم باسندوة، المحسوب على تكتل أحزاب اللقاء المشترك.
وفي السياق، يجد مراقبون أن إعلان المبادرة بعد توجيه الرئيس، عبد ربه منصور هادي، رسالة إلى عبد الملك الحوثي، يشترط فيها رفع الاعتصامات، وإخلاء عمران، قبل أي تفاوض عن مطالبه، هو محاولة "مؤتمرية" لتشجيع الحوثيين على التصعيد ورفض الاستجابة لشروط هادي.
والدافع وراء ذلك، بحسب مراقبين، يتأرجح بين احتمالين: إما أنه دليل على تنسيق بين الحوثي وصالح لإسقاط هادي، أو أن المؤتمر يريد توريط الحوثيين بالمضي في المزيد من التصعيد، ليقطف ثمار تصعيدهم وفشلهم أيضاً.