توالت البيانات والتصريحات اليمنية والدولية المؤيدة لبيان رئاسة مجلس الأمن الدولي، الذي صدر الجمعة، متضمناً دعوة جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) لوقف تصعيدهم وتفكيك نقاط التفتيش على مداخل العاصمة صنعاء، والانسحاب من مدينة عمران.
وأصدر اليمن والولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية بيانات تؤيد بيان مجلس الأمن، في حين اعتبرت جماعة الحوثي أن البيان الأممي يفتقر للتقييم الحقيقي للواقع، وأنه يكشف عن رغبة أطراف سياسية في "الاستقواء بالخارج".
وكشف المتحدث باسم الجماعة، محمد عبد السلام، عن استمرار التواصل مع لجنة التفاوض الرئاسية للتوصل إلى حل، وهو ما أكده أيضا مسؤول يمني لـ"العربي الجديد"، مبيّنا أن "الإدانة الأممية لا تعني إيقاف التفاوض مع الحوثيين بل تمضي بها قدماً".
وتوقّع المسؤول، الذي اشترط عدم نشر اسمه، أن يثمر التفاوض حلاً قريباً في اليومين المقبلين، يشتمل على رفع استحداثات الحوثيين وتشكيل حكومة جديدة.
ترحيب حكومي
ورحبت حكومة الوفاق الوطني اليمنية بالمضامين "الهامة" للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، واعتبرت الحكومة في بلاغ صحفي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منه، البيان الأممي "تعبيراً عن الإرادة الراسخة والثابتة للمجتمع الدولي، وحرصه الشديد على دعم وإنجاح عملية التسوية السياسية في اليمن".
وثمّنت الحكومة الدور الذي يضطلع به مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وجهود الدول الـ10 الراعية للتسوية السياسية في اليمن، والأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الخاص إلى اليمن، والذي يشكل "استمراراً لجهودهم المخلصة في مساعدة بلادنا على تجاوز الظروف الاستثنائية التي تمر بها".
وحثت حكومة الوفاق الوطني الأطراف التي "ما تزال تصر على اللجوء إلى خيار العنف وخلط الأوراق"، على "الوقوف بمسؤولية حيال ما آل إليه الوضع في البلاد، وتقدير المآلات الخطيرة للعنف"، داعية إلى "قراءة الموقف الدولي قراءة متأنية، بما يقود إلى مواقف تتفق مع التوجه الذي تتبناه معظم الأطراف السياسية في البلاد نحو تغليب خيار الحوار والعمل السلمي بشأن القضايا المثارة".
من جهته، أشاد المتحدث الرسمي باسم حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الذي يقوده علي عبدالله صالح، عبده الجَندي، بالبيان.
وقال الجندي، في أول تعليق رسمي للحزب على البيان، إنه يؤكد مسؤولية اليمنيين في حل خلافاتهم عبر الحوار واصفاً إياه ب"المتوازن".
وقال الجندي، في تصريح عقب جلسة مجلس الأمن، إن البيان "لم يكن بحجم ما سبقته من التهويلات الدعائية، التي عبّرت عن وجهات نظر متناقضة لهذه القوى أو تلك، والتي ترغب الترويج لحساباتها وإسقاط ما لديها من الآراء على قرارات مجلس الأمن الدولي". في إشارة إلى تسريبات سابقة عن إدراج اسم صالح إلى جانب الحوثي في مشروع البيان الأممي.
وبالنسبة لرئيس حزب "الرشاد" السلفي في اليمن، محمد بن موسى العامري، فقد اعتبر أن مجلس الأمن "أدان الأعمال التي تقوم بها ميليشيات الحوثي، لأن ذلك قد يؤدي إلى انقسام في المجتمع وإلى فتنة".
المبعوث بن عمر
إلى ذلك، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن، جمال بن عمر، إن مجلس الأمن وجه بالبيان الرئاسي الذي أصدره الجمعة "رسالة قوية إلى الذين يواصلون عرقلة العملية الانتقالية في اليمن"، ودعا جميع المجموعات المسلحة إلى الامتناع عن أي أعمال قد تفاقم الوضع الهش أصلاً إلى جانب دعوته جميع الدول الأعضاء إلى دعم العملية الانتقالية.
وقال المبعوث الأممي في تصريحات لوسائل الإعلام، عقب جلسة المشاورات الخاصة باليمن تلقى "العربي الجديد" نسخة منها، "يسعدني أن الدول الأعضاء أصدروا بياناً رئاسياً تحدثوا فيه بصوت واحد مجدداً دعماً للعملية السياسية في اليمن"، مشدداً على أن "جميع الأطراف في اليمن شركاء في ما آلت وما ستؤول إليه الأمور"، ومؤكدا ضرورة "أن يدرك الجميع جيداً أن لا مخرج من هذه الأزمة سوى عبر حل سلمي توافقي بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي توافق عليها اليمنيون".
بريطانيا
من جهتها، رحبت لندن بالبيان الذي وصفته بالقوي، وقال وزير شؤون الشرق الأوسط بالمملكة المتحدة، توباياس إلوود، في بيان أصدره مساء الجمعة "أرحب ببيان رئاسة مجلس الأمن الصادر اليوم بشأن الوضع في اليمن"، مضيفاً "لقد حققت عملية الانتقال في اليمن تقدماً هاماً في الشهور الماضية، وخصوصاً فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة، والتي تشمل رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
وقال الوزير البريطاني: "يجب عدم السماح لأفعال الحوثيين وغيرهم بأن تقوض عملية الانتقال السياسي التي ستؤدي لمستقبل أفضل لجميع اليمنيين". مؤكداً على أن أعمال العنف بشمال اليمن تهدد السلم الدولي.
كما أكد إلوود على أن مجلس الأمن عازم على مواجهة أي تهديد من تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، وفرض عقوبات على أفراد أو جماعات يدعمون هؤلاء "الإرهابيين".
السعودية
وفي السياق، دان المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي "ما يقوم به زعيم جماعة الحوثي من أعمال إرهابية ومحاولات تقويض العملية السياسية في اليمن". وأكد في تصريح تلفزيوني أن "أي محاولات يقوم بها الحوثي وجماعته المسلحة، سوف تواجه بقوة من قبل المجتمع الدولي وليس أمام الحوثي إلا الإذعان".
موقف الحوثيين
في المقابل، اعتبر المتحدث باسم "الحوثي"، محمد عبد السلام، أن بيان مجلس الأمن "يفتقر إلى التقييم الحقيقي للواقع"، مشيراً إلى أن مدينة عمران "لا يوجد بها أي احتلال أو مليشيا وهي تنعم بالأمن والاستقرار".
وقال عبد السلام، في تصريح متلفز، إن هنالك محاولة من قبل أطراف سياسية يمنية للاستقواء بالخارج. متهماً الحكومة اليمنية بأنها "وبسبب فسادها هي السبب الحقيقي لما وصلت اليه البلاد".
وكشف أن التواصل مع الحكومة اليمنية "لا يزال مستمراً وعبر اللجنة الرئاسية التي وصلت إلى صعدة وغادرتها قبل أكثر من أسبوع"، مشدداً على أن "المشكلة اليمنية يجب ان تحل داخلياً، ولا يحق لأي طرف في الاستقواء بالخارج". كما أكد أن جماعته "تحترم المجتمع الدولي لكنها ترفض أي وصاية ولا تخاف من أي محاولة للوصاية على اليمن".