يبدو أنّ الأزمة السياسية، التي تعصف باليمن، تتّجه نحو الحلحلة، مع إعلان الحوثيين موافقتهم على إيقاف المعارك والتوقيع على اتفاق للتسوية مع السلطات اليمنية.
وجاءت هذه التطورات بعد هجوم عنيف شنّه الرئيس هادي، على الجماعة، غداة ليلة دامية واشتباكات شهدتها العاصمة صنعاء.
وأعلن أحد المفاوضين عن الوفد الحوثي، وهو مشارك في المحادثات التي يقودها ممثل الأمم المتحدة، جمال بن عمر، في صعدة، شمالي اليمن، أنّ زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي "عيّن اثنين من معاونيه، لتوقيع الاتفاق في صنعاء، في الساعات التالية أو غداً السبت".
ووافق الحوثيون، اليوم الجمعة، على وقف المعارك مع مقاتلي حزب "التجمع اليمني للإصلاح" في صنعاء. ويشترطون، لوقف القتال، رحيل الحكومة، التي يتهمونها بالفساد، والمشاركة في قرار تعيين الوزراء وتأمين منفذ لهم على البحر.
ويأتي تراجع الحوثيين بعد هجوم عنيف شنّه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، اليوم الجمعة، واصفاً خلال لقائه سفراء الدول العشر الراعية للتسوية السياسية في اليمن، ما تقوم به جماعة "أنصار الله" ب"محاولات انقلابيّة لإسقاط الدولة".
وأحدث الهجوم، الذي استهدف مبنى التلفزيون اليمني الحكومي، ليل الخميس - الجمعة، ردود فعل غاضبة، دفعت بوزير الدفاع، محمد ناصر أحمد، إلى زيارة مبنى القناة، حيث أعلن من هناك أن "المؤسسة العسكريّة والأمنيّة ستتصدّى، بحزم، لكل من يحاول العبث بأمن واستقرار المواطن، ويسعى إلى الإضرار بمنشآت ومصالح الوطن والشعب".
من جهته، اعتبر هادي أنّ "محاولة اقتحام مبنى التلفزيون واستهداف عدد من المنشآت والنقاط الأمنية دليل على محاولات الانقلاب لإسقاط الدولة".
وكان مسلحون حوثيون قد هاجموا مبنى التلفزيون الرسمي (قناة اليمن) في صنعاء، واشتبكوا مع طاقم حراستها، وسط تنديد من نقابة الصحافيين، التي حمّلت الحوثيين مسؤوليّة سلامة العاملين في القناة.
ورأى هادي أنّ "ما يجري يؤكد أن الشعارات، التي كانوا يرفعونها (الحوثيون) في بادئ الأمر، تحت عناوين ومطالب شعبية، ما هي إلا غطاء، وقد كُشفت اليوم الحقائق والنوايا المبيتة على الأرض".
وكانت صنعاء قد شهدت، ليل الخميس، مواجهات دامية بعد أن حاول الحوثيون اقتحام المدينة من الناحية الشمالية الشرقية، عبر شارع الثلاثين.
وقال مصدر عسكري إنّ نحو 70 من مسلحي الحوثيين لقوا حتفهم في القتال خلال الليل. وأفاد سكان محليون بأنّ الاشتباكات اقتربت من المسكن الخاص بالرئيس هادي على الطرف الشمالي من شارع الستين، وهو أحد الطرق الرئيسية في العاصمة، ويبدأ عند المطار في الشمال ويمتد على طول الطريق إلى القصر الرئاسي إلى الجنوب.
وأضافوا أنّ مسلحين من الحوثيين استولوا على بعض نقاط الجيش ونقاط التفتيش الأمنية في شارع الستين وحي شملان، من دون أية مقاومة تذكر من جنود الحكومة.
وانقطعت خدمات الإنترنت والهاتف المحمول في العاصمة، اليوم الجمعة، على الرغم من أن الهواتف الأرضيّة لا تزال تعمل.
وفرّ مئات السكان من العاصمة ومشارفها، حيث يدور القتال واتجهوا نحو الجنوب، وكانت محطات البنزين في صنعاء مكتظة وتزاحم السائقون لتزويد سياراتهم بالوقود.
ويخوض الحوثيون صراعاً منذ نحو عشر سنوات مع الحكومة، وفي الأسابيع القليلة الماضية أقفل المحتجون الحوثيون الطريق الرئيسي إلى مطار صنعاء، ونظموا اعتصامات عند الوزارات مطالبين بإقالة الحكومة وإعادة الدعم، الذي خفّضته الدولة في شهر يوليو/تموز الماضي، في إطار إصلاحات اقتصاديّة.