تلقّت السعودية صدمة مربكة، بعدما سيطر الحوثيون على صنعاء، الذين تربطهم علاقات وثيقة بطهران، وبدت سياسة الرياض عليلة ومقيّدة، لكنها لم تمت، وفي ضوء هذه المعطيات، يعكف الساسة السعوديون على وضع إطار جديد من شأنه أن يعزّز قدرتها على استعادة تأثير الفاعل في المشهد اليمني.
ويشير الموقف الرسمي السعودي إلى أن "التمدد الحوثي في اليمن، يمثل تحديا معلنا لهم، وينظر إليه على أنه خطوة تهدد الأمن القومي للرياض، لذلك يجري البحث عن خيارات منظمة لإيقاف هذا التمدد".
ومع ذلك، لا تخفي جماعة الحوثي خشيتها من أن يسفر تحرك الرياض إلى القيام ب"صفقة مصالح"، تمنح بموجبها تسهيلات لخصوم الجماعة بلعب دور أكثر فعالية في المشهد العام بالبلاد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقلّص هامش المناورة السياسية لضرب الحوثيين، الذين برزوا كقوة تهيمن وتخوض معارك مسلحة للسيطرة على مناطق واسعة في البلاد.
ويقول الكاتب والباحث السياسي رياض الأحمدي إن "السعودية، صارت هدفا مباشرا على المدى المنظور مما حصل في اليمن، مهما كانت الأسباب التي غيبت دورها فيما مضى، إلا أنها أمام دور مفترض ليست مخيرة تجاهه، وهذا ما نقرأه كمراقبين للوضع اليمني وللمعادلة الإقليمية"، على حد قوله.
وأضاف لـ"عربي 21": "في تقديري أن التحركات السعودية المتوقعة ستكون في اتجاهين: (سياسي)، ويتمثل في أي تحركات أو صناعة تحالفات وممارسة ضغوط على أطراف يمنية أو دولية فاعلة، والآخر (عسكري) يمكن أن يكون بتأمين حدودها، وما من شأنه أن يدعم ذلك".
وأوضح الأحمدي أن "خيار التعامل مع الحوثيين كأمر واقع من قبل الرياض ممكن، ولكن بشكل محدود بسبب وجود إيران كطرف يسعى لتحقيق أهداف خاصة، حتى وإن لم تكن في مصلحة الحوثيين الذين من مصلحتهم طمأنة الرياض".
ونوه إلى أنه "لا يمكن الجزم أن هناك علاقة ارتباط بين تواجد اللواء علي محسن في الرياض وبين التحركات المتوقعة للسعودية لإعادة التموضع بشكل فاعل في المشهد اليمني، وفي الوقت نفسه، فإن الواقع لا يمنع أن تكون هناك استفادة سعودية من وجوده". بحسب تعبيره.
وكان مصدر يمني رفيع، أكد في وقت سابق أن هناك مساعي سعودية لاستعادة تأثيرها في اليمن، عبر مستشار الرئيس اليمني اللواء علي محسن الأحمر، الذي يتواجد حاليا في الرياض، بعد مغادرته صنعاء، عقب سيطرة الحوثيين عليها في 21 من أيلول/ سبتمبر الماضي.
ومن جهته، يرى الباحث في الشأن الخليجي والسياسة الإيرانية في مركز "ساس" للأبحاث، عدنان هاشم أن "أوراق السعودية جميعها تكتيك وليست استراتيجية، وأن أخطاءها فادحة تؤثر على منطقة الخليج ككل، لكنها لن تستطيع أن تؤثر في الأوضاع السياسية في اليمن، طالما أنها ما تزال تنظر لحزب الإصلاح (إخوان اليمن) على أنه عدو مشترك لها وللإمارات".
وأضاف ل "عربي 21" أن الرياض فضلت الورقة الحوثية، وجنت بالفعل ما كسبت يدها، وأسقط الحوثيون صنعاء، وأصبحوا يمثلون خطراً على أمنها القومي.
وأشار إلى أن "الدولة اليمنية، ما تزال تمثل الحليف الأبرز للرياض، ودعمها ودفعها بالدولة إلى الأمام وإتمام المرحلة الانتقالية دون تحفظات على تواجد أي طرف سياسي سيمثل ضربة قاصمة للحوثيين، الذين استفادوا من التذبذب السعودي الخليجي بشأن الثورة والمرحلة الانتقالية في اليمن للسيطرة على المدن، معتبرين ذلك رضا منها، مطالبا الرياض بتغيير نظرتها تجاه حزب الإصلاح كحزب يمني لا يمكن عبور المرحلة الانتقالية بدونه، بل لكونه يمثل ذروة سنام الأمن السعودي تجاه الخطر الإيراني".
وذكر هاشم أن "كل الخيارات لدى النظام السعودي للعودة إلى اليمن متاحة، عدا الدفع بها إلى الحرب الأهلية؛ لأن رقعتها بطبيعة الحال ستتسع بشكل مفرط للفوضى والعنف، ولا شك أن ذلك سيؤثر جدياً على النظام السعودي"، حسب تعبيره.
واعتبر دعم السلطة في اليمن، خيارا مهما لمواجهة جماعة الحوثي سياسياً بما يحقق الأمن العام، وتحجيم سيطرة ميليشياتها تدريجيا، كما طالب سلطات المملكة ألا تكون متحاملة كمتهور يقود شاحنة في منعطف حاد تنقلب به، بل عليها إعادة دراسة تكوينات المجتمع اليمني وفقاً لثورة 11 فبراير السلمية، لا وفق تخبطات النظام السابق"، على حد وصفه.
وتواجه السعودية، انتقادات واسعة على خلفية تفريطها وتساهلها بالأزمة اليمنية، التي انتهت بسيطرة جماعة الحوثي التي سبق وأن خاضت حربا معها، في تشرين الثاني /نوفمبر 2009 أسفرت عن مقتل 97 جنديا سعوديا وجرح 400 آخرين، بحسب تقارير سعودية ،بينما قتل أكثر من 1500 من الحوثيين.