يبدو أن أجهزة مكافحة الإرهاب الأميركية وجدت في مسرح المواجهات الدائرة بين جماعتي "أنصار الشريعة" التابعة لتنظيم "القاعدة" و"أنصار الله" (الحوثيين)، في محافظة البيضاء وسط اليمن، فرصة لاقتناص مشتبهين بالانتماء لتنظيم "القاعدة" تبحث عنهم واشنطن.
وفي حين دخلت مواجهات الطرفين أسبوعها الثاني في مدينة رداع في محافظة البيضاء، ومناطق قريبة منها، كانت الطائرات الأميركية من دون طيار (الدرونز)، تحلق في الأجواء لمراقبة الوضع وتحديد الأهداف الخاصة بها.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر محلية في محافظتي البيضاء وذمار، أن الطيران الأميركي شنّ غارات على مواقع القبائل و"أنصار الشريعة" في جبل أسبيل في مديرية عنس؛ التابعة لمحافظة ذمار المجاورة لمحافظة البيضاء من جهة الغرب. كما أفادت المصادر عن تحليق متواصل، يوم الجمعة الماضي، للطائرات الأميركية من دون طيار فوق جبهة وادي ثاه شمالي مدينة رداع في البيضاء.
وأضافت المصادر أن ضربات للطيران الأميركي استهدفت، عصر يوم الجمعة الماضي، موقعاً قرب مسجد في المناسح، في البيضاء، ولم ترد معلومات عن وقوع قتلى أو جرحى.
وبيّنت المصادر أن مسلحي "القاعدة" وحلفاءهم من مسلحي القبائل المناوئين لجماعة "الحوثيين"، نصبوا كميناً، يوم الجمعة الماضي، في مواقع استهدفتها الطائرات الأميركية، سقط بسببه عشرات القتلى والجرحى من مسلحي الجماعة.
وأشارت إلى أن المسلحين "الحوثيين" هاجموا تلك المواقع اعتقاداً منهم أن مسلحي جماعة "أنصار الشريعة" والقبائل انسحبوا منها على إثر تلك الغارات، فيما كانوا لا يزالون متمركزين فيها، ما أسفر عن مقتل عدد من مسلحي الحوثيين وأسر آخرين والاستيلاء على أسلحة كانت بحوزتهم من بينها، حسب المصادر، سبع مصفّحات، وستة مدافع هاون، ونحو عشرين رشاشاً من نوع "معدل"، وأكثر من مائة قطعة سلاح شخصية.
وينفذ الطيران الأميركي بين الحين والآخر، غارات على مشتبهين بالانتماء ل "القاعدة" في مواقع عديدة في اليمن؛ وذلك منذ العام 2002 تاريخ أول ضربات الطائرات من دون طيار والتي وقعت في صحراء مأرب وسط البلاد، واستهدفت القيادي في "القاعدة" أبو علي الحارثي ومرافقين معه.
وتوقفت تلك الغارات منذ العام 2002 لتعود بكثافة منذ العام 2009 وإلى اليوم، موقعة العديد من الخسائر في الأرواح في صفوف التنظيم، من بينهم رجل الدين اليمني الحامل للجنسية الأميركية أنور العولقي، والسعودي سعيد الشهري الذي كان يشغل نائب زعيم تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، الذي نتج عن اندماج فرعي التنظيم في اليمن والسعودية.
وتزايد معدل ضربات الطائرات الأميركية من دون طيار في العام 2014، وخصوصاً في محافظات أبين والبيضاء وشبوة وحضرموت ومأرب. وفي شهر أبريل/نيسان الماضي قتلت سلسلة من الضربات بطائرات من دون طيار نحو 65 شخصاً من المشتبهين بالانتماء ل "القاعدة"، في محافظات جنوبي ووسط البلاد.
وتلاقي ضربات الطيران الأميركي معارضة من بعض القوى السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني في اليمن، والتي تعتبر تلك الضربات اختراقاً للسيادة الوطنية وقتلاً خارج القانون.
وازدادت وتيرة مناهضة تلك الضربات، بعد تكرر حدوث ضربات خاطئة راح ضحيتها عشرات الأبرياء، وأشهرت منظمة لأسر ضحايا ضربات "الدرونز" في اليمن مطلع العام الجاري.
كما يقول منتقدو تلك الضربات إنها تأتي بنتائج عكسية في بعض الأحيان، إذ تجلب لتنظيم القاعدة تعاطفاً في أوساط المجتمعات المحلية، وخصوصاً حيث تقع الضربات الخاطئة التي يسقط فيها أبرياء من النساء والأطفال.
وتتجنّب وسائل الإعلام اليمنية الرسمية الكشف عن تلك الضربات بعد وقوعها، بينما يعترف الطرف الأميركي من حين لآخر بتنفيذ ضربة ناجحة وأخرى خاطئة.
ونفّذ الجيش اليمني حملتين عسكريتين على معاقل ل "القاعدة" في محافظتي أبين وشبوة، هدأت فيها عمليات التنظيم في المحافظتين، لتنشط في محافظة حضرموت التي نفذت فيها عناصر التنظيم هجومين عنيفين على منشآت عسكرية ومدنية في مدن سيئون والقَطن والمكلا. وانتعشت عمليات "القاعدة" في شمال البلاد، بعد سيطرة "الحوثيين" نسبياً على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي.
ويستبعد مراقبون يمنيون أن يؤدي دخول الطيران الأميركي على خط المواجهات بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، إلى تغيير كبير في موازين المعركة بين الطرفين، تلك الموازين التي لا تزال تتأرجح بين الكر والفر، وسقوط القتلى والمصابين من الطرفين.