ذاع صيت "الأميرة" عائشة العراقيّة في صفوف مقاتلي تنظيم "داعش"، الذين تدفقوا في الفترة الأخيرة للمشاركة في معركة مدينة عين العرب، بعد أن تبيّن أن مهام هذه المرأة العراقيّة تتخطى مسؤولياتها في كتيبة الخنساء النسائيّة، التابعة للتنظيم.
تتحدّر عائشة، واسمها الحقيقي وفق ما تكشفه مصادر مقرّبة من التنظيم لـ"العربي الجديد"، عائشة عثمان، من محافظة دي إلى شمالي العراق، وهي في العقد الثالث من عمرها، وسبق أن عملت كمدرّسة في مدرسة للتمريض، علماً أنّها تُعدّ من الحلقة الأولى والمقرّبة لمجلس أهل الشورى، ولها صلات قويّة بضبّاط الجيش العراقي المنحل.
ولا يأتي انضمام عائشة إلى صفوف التنظيم من فراغ، فسبق أن سُجنت لمدّة سنة وثمانية أشهر في معتقل أبو غريب، وكانت من بين 150 معتقلاً تمّ تحريرهم إثر عمليّة بسيّارة مفخّخة، استهدفت السجن عام 2004.
وبعد خروجها من المعتقل، عُرف عنها مواقفها الداعمة لكلّ تيار جهادي على الأرض، إلى أن اختفت تماماً، من دون أي معلومات واضحة عن مآلها، لتظهر من جديد كشخصيّة اعتباريّة يزعم الجميع أنّ لكلمتها آذاناً صاغية في مجمع "الحل والعقد"، وبوصفها عقلاً من بين العقول التي اتخذت خارطة فتوحات "الدولة الإسلاميّة" في العراق وسورية على عاتقها.
وعلى الرغم من بروزها الحالي في صورة الأحداث، فهي غالباً ما تتنقل بين مناطق عدّة، واقعة تحت سيطرة التنظيم، علماً أنّها متزوجة من تونسي، يلقّب بأبي حفص.
ويشير مصدر مقرب من التنظيم لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه "يكثر الحديث في أروقة مكاتب التنظيم عن وجود أميرات حرب، يشرفن على الشؤون العسكريّة بشكل اختصاصي ومنفرد عن باقي المهام المعتادة، ومن بينهن امرأة عراقيّة ذاع صيتها بين صفوف المقاتلين على حدود عين العرب وهي الأميرة عائشة العراقيّة".
ويلفت المصدر ذاته إلى أنّ "عائشة كانت من أوائل من دخلن هذا السياق، للتخطيط ضمن مجموعة من العسكريين والقادة، في سبيل فرض السيطرة التامة على عين العرب"، موضحاً أنّ من أبرز مهامها "التخطيط بشكل مباشر لمعارك وحروب التنظيم على الأرض".
وعلى الرغم من محاولات التنظيم فرض "السريّة الكاملة" على أسماء القيادات البارزة لديه، وفق المصدر، فإن "دخول عائشة العلني إلى المدينة مع بعض الأسماء الشهيرة من قادة وأمراء، كسر نطاق السريّة"، على حدّ تعبيره.
وتكشف المعطيات المتداولة أنّ لعائشة، دوراً بارزاً، في تطوير وتفعيل كتيبة "الخنساء" النسائيّة، والتي تأسّست مطلع عام 2014، وغالبية عناصرها من الشيشان وتونس.
وتولّت الكتيبة عند انطلاقها مهمة في ملاحقة النساء اللواتي يخالفن التعليمات والقوانين الموضوعة من تنظيم "الدولة الإسلامية" في المنطقة، قبل أن تتوسّع مهامها إلى تدريب مجموعات نسوية على حمل السلاح ضمن معسكرات خاصة محاطة بالكثير من السريّة والغموض.
وتؤكد مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، أنّ مهام تلك الكتيبة اقتصرت ظاهرياً على شؤون بعض المكاتب دون غيرها، لكنّ كثيرات من المهاجرات الأوروبيات والعربيات الوافدات من مختلف أصقاع العالم، يخضعن لتدريبات عسكريّة داخل الكتيبة، إضافة إلى تلقينهنّ أصول الفكر الدعوي الشرعي، ضمن مخيّمات خاصة تتوزع بين العراق وسورية. وتفيد المصادر ذاتها بأنّه "ليس من الضرورة أن تكون زوجات المقاتلين من المقاتلات المبايعات، لكنّ زواج من بايعت التنظيم أمر مفروض من رجال "داعش" حصراً".
وتحظى تلك الكتيبة بامتيازات كثيرة ضمن الاختصاصات التي تخضع لها. وتقول المصادر ذاتها: "اعتدنا سابقاً على وجود عناصر الكتيبة، ضمن دوريات الحسبة والمكاتب الدعويّة، إضافة لسطوتهن البارزة على مكاتب الخدمات الإسلاميّة وسهم اليتيم، انتقالاً إلى نشر الفكر الدعوي للتنظيم بين نساء المدنيين وطالبات المدارس، لتشجيعهن على مبايعة التنظيم والإقبال على الزواج من مقاتليه". ويضيف: "ابتكرن الكثير من الأساليب والحيل بغاية التزويج، على غرار وضع الفتاة منديلاً أبيض تحت النقاب، دلالة على أن حاملته تريد الزواج من مجاهد تابع لصفوف التنظيم".
يُذكر أنّه انتشرت الكثير من الألقاب لمجاهدات وأنصاريات، تم الزعم بأنهن من قياديات كتيبة الخنساء، كما كثر الحديث عن سطوتهن وسلطتهن الممتدة وصولاً للمكتب الأمني. ويزعم ناشطون أنّهن أشرفن بشكل مباشر على عقد اتفاقيات وصفقات متنوعة، يعود ريعها لخزينة التنظيم المعروفة باسم "بيت مال المسلمين".