arpo28

أسئلة تفجيرات اليمن الأخيرة: متورّط جديد غير "القاعدة"!

يقول العارفون بشؤون تنظيم "القاعدة"، إنّه لا شيء يوازي لذّة تنفيذ العمليات الإرهابية لدى التنظيم سوى إعلانه عن تبني تلك العمليات.

ولمّا التزم الصمت بخصوص بعض التفجيرات الأخيرة في اليمن، فيما نفى بعضها الآخر، دارت تساؤلات حول احتمال وجود طرف آخر متورّط.

وأثارت التطورات التي أعقبت التفجير الإرهابي في العاصمة اليمنية صنعاء قبل أسبوع تساؤلات، على خلفية عدم إعلان تنظيم "القاعدة"، المنفّذ التقليدي لمعظم الهجمات، مسؤوليته عنه، بالإضافة إلى تراجع السلطات عن تقديم معلومات عن المنفّذين، كانت قد وعدت بإعلانها. علاوة على أن ضحايا التفجيرين (إب وصنعاء)، لا ينتمون لجهات يستهدفها "القاعدة" في العادة.

وحسب آخر الإحصائيات، فإن 41 قتيلاً وأكثر من 60 جريحاً من خريجي الجامعات كانوا يتجمّعون للتسجيل في كلية الشرطة سقطوا في التفجير، وقد قام وزير الداخلية، اللواء جلال الرويشان، بعد الحادث، بإقالة مديري كلية الشرطة ونادي ضباط الشرطة على خلفية الحادث.

وكان مدير شرطة العاصمة المقرّب من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، العميد عبد الرازق المؤيد، قد أعلن عقب الحادثة القبض على الخلية المسؤولة عن التفجير وتتألّف من خمسة أعضاء، بينهم أحد منفذي الجريمة، ووعد بكشف أسمائهم "خلال ساعات" وهو ما لم يحصل.

إذ أعلن في وقت لاحق، التحفظ على أسماء المتهمين لأسباب تتعلق بالتحقيق. وذكر في الوقت نفسه، أن المتهمين درسوا في "جامعة الإيمان" (المحسوبة على حزب الإصلاح)، والتحقوا ب"دماج"، في إشارة إلى المعهد الذي كان السلفيون يدرسون فيه بمحافظة صعدة.

وقد نفت جامعة "الإيمان"، في بيان، صحّة تلك المعلومات وطالبت الدولة ب"تحقيق شفاف وتقديم المجرمين للعدالة".

وعلى غير العادة في غالبية التفجيرات الإرهابية التي شهدتها البلاد، لم تعلن جماعة "أنصار الشريعة" (فرع القاعدة)، مسؤوليتها عن التفجير. بل إن أحد قيادات التنظيم، ويدعى قايد الذهب، نفى علاقة جماعته بجريمة كلية الشرطة.

وهذه ثاني جريمة إرهابية بعد التفجير الانتحاري الذي وقع في محافظة إب، في آخر أيام العام 2014، ونتج عنه سقوط أكثر من 30 قتيلاً، يمرّ من دون أن يعلن التنظيم عن تبنّيه، رغم أنّه يحمل بصماته، الأمر الذي يثير تساؤلات عمّا إذا كان التنظيم الإرهابي لـ"القاعدة" قد انتهج أسلوباً جديداً بعدم تبنّي الهجمات، أم أن هناك طرفاً ثانياً دخل على خط الهجمات الإرهابية في اليمن.

وحسب مراقبين، فإن عدم تبني "القاعدة" للتفجيرات، يجعل الأمر أكثر خطورة. وحول ذلك، يقول الكاتب محمود ياسين: "عندما لا يعلن القاعدة مسؤوليته، علينا أن نقلق أكثر. فالعبوة التي لم تعد تخص أحداً، مفزعة بشكل مضاعف، إذ لا تعود تدري يد من هذه التي تطعنك".

من جهته، نشر القيادي في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، ياسر اليماني، والذي يقيم خارج البلاد، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، معلومات أو مزاعم لم تؤكدها أو تنفها الجهات المعنية.

وذكر أن المتهم بالتفجير الأخير محسوب على الحوثيين، يُدعى محمد العماد، وينتمي إلى مديرية خارف، بمحافظة عمران، كان معتقلاً في سجون الأمن أثناء حرب الحكومة مع الحوثيين في عهد النظام السابق، بتهمة "التخابر مع إيران". وعقب التفجير الأخير، اعتقلته أجهزة الأمن، لكن الحوثيين، حسب اليماني، مارسوا ضغوطاً لتولي التحقيق.

يتبنّى اليماني خطاً مغايراً داخل حزبه بالوقوف ضدّ الحوثيين، ولم تجد الرواية التي قدّمها اهتماماً مناسباً من قبل وسائل الإعلام في بداية الأمر. لكن تحفّظ السلطات عن إعلان معلومات كانت قد وعدت بها، وعدم تقديم ما يدحض الاتهامات باعتبارها خطيرة، زاد من الشكوك، وحدا ببعض وسائل الإعلام المحلية لتقصّي حكاية العماد وما إذا كان اسماً حقيقياً، ومدى علاقته بالقضية، وتوصل بعضها إلى أنّ اثنين من أقارب العماد كانا ضمن المشتبهين المقبوض عليهم على ذمة التحقيق.

لكن ما يقلّل من قوة هذه الاتهامات، هو أنه يُستبعد أن يقف الحوثيون وراء التفجير، بوصفه حادثاً لم يسبق أن توجهت اتهامات بمثله للجماعة، وباعتبارها صارت المسؤول الفعلي حالياً، عن أمن صنعاء وتحرص على إثبات قدرتها على ضبط الأمن.

من جهة ثانية، تعدّدت أصابع الاتهام الموجّهة لطرف ثالث في حال صح وجوده، بين قائل إن جماعة "الحوثيين" صار لها جناح خاص بعمليات مشابهة لعمليات "القاعدة"، وآخر يرى أن استخبارات دولية تقف وراء التفجيرات الأخيرة، وثالث لا يستبعد تورط أطراف محلية سواء كانت في السلطة أو خارجها.

وأيّاً تكن دقة هذه الاتهامات والاستنتاجات، فإن الثابت هو أن جهاز الأمن اليمني يبدو على قدر متواضع من الكفاءة قياساً لحجم التحديات والمخاطر التي تتهدد البلاد، وهو ما بات مثار كثير من الانتقادات. وزاد من الانتقادات قيام مسؤول أمني كبير، وهو العميد المؤيد، مدير شرطة العاصمة صنعاء، بالإعلان عن قرب القبض على خلية خطيرة متهمة بالقيام ببعض الاغتيالات، إذ اعتبر مثل هذا التصريح دليلاً على انعدام الحس الأمني المطلوب لدى قادة الأمن، فهو قد يكون بمثابة تنبيه لأفراد تلك الخلية يدفعهم للحيطة، ويُفقد أجهزة الأمن عنصر المباغتة.

زر الذهاب إلى الأعلى