لم تعلن واشنطن تأييدها لتحرّكات الحوثيين في صنعاء ومحاصرتهم الرئيس، عبد ربه منصور هادي، غير أنّها أيضاً لم تستنكر هذه التحركات، واكتفت بالدعوة إلى التفاهم السياسي، مما يعني أنّ ما يجري في صنعاء واستفحال النفوذ الإيراني فيها لا يعنيها بقدر قتال "تنظيم القاعدة".
فبعد يومين من سيطرة حركة "أنصار الله" الحوثية على القصر الجمهوري ودار الرئاسة في العاصمة اليمنية، صنعاء، أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس باراك أوباما يطلع على مدار الساعة على تطورات الوضع في اليمن، مؤكداً أن الهم الأول للرئيس هو التأكد من عدم وجود خطر وشيك على سلامة الأميركيين الموجودين في تلك البلاد، وأن أولى أولويات السياسة الأميركية في هذه اللحظة هي مواجهة خطر "القاعدة".
جاء هذا التوضيح من البيت الأبيض على لسان السكرتير الصحافي، جوش أرنيست، خلال دردشة مع صحافيين أميركيين على متن طائرة الرئاسة "إير فورس ون"، أثناء الرحلة المتجهة إلى ولاية آيداهو.
وأشار أرنيست إلى أن إدارة أوباما تراقب الوضع الأمني في اليمن عن كثب، للتأكد من أنها قادرة عى فعل ما هو ضروري لحماية الأميركيين. وقال: "أحب أن ألفت انتباهكم، فيما يتعلق بالأوضاع غير المستقرة التي نراها في اليمن في الوقت الراهن، إلى أننا قد نجحنا في إبقاء الضغط على قيادات (القاعدة في جزيرة العرب) دون توقف، وهذا يأتي على رأس أولوياتنا في اليمن، في الوقت الحالي".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض: "إن (تنظيم القاعدة) هو الخطر الفعلي علينا لأن العناصر التابعة له تنشط في اليمن، وتعمل على إقامة ملاذ آمن لها". وأضاف: "نحن نعرف أن القاعدة في جزيرة العرب حاولت في السابق الانطلاق من ملاذها في اليمن، لمهاجمة الولايات المتحدة ومصالحها، ولذلك فإن تركيزنا كان ولا يزال حتى يومنا هذ ولحظتنا هذه، هو مواصلة الضغط على قيادة القاعدة".
وفي الوقت الذي تجاهل فيه الإشارة إلى وجود خطر على المصالح الأميركية من حركة مسلّحة شعارها "الموت لأميركا"، اعتبر المتحدث أن الحركة الحوثية طرف سياسي دون أن يشير إليها بالاسم، قائلاً "نريد للشعب اليمني حل الخلافات بين الطرفين المتصارعين، بما في ذلك خلافاتهم السياسية، سلمياً".
ورغم أن المتحدث لم يحدد من يقصد بالطرفين المتصارعين، غير أنّ الواضح من السياق أنه يتحدث عن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وعبدالملك الحوثي، إذ أكد على تأييد الولايات المتحدة للرئيس هادي والحكومة اليمنية، لأنها تسعى إلى مواصلة العملية السياسية، وصولاً إلى وضع مشروع الدستور المقترح موضع التطبيق.
واعتبر أرنيست أن مواصلة الانتقال الدستوري هو أفضل وسيلة لضمان سماع صوت الشعب اليمني في نظامه السياسي، وأن هذا هو ما تدعمه الولايات المتحدة. ولوحظ أن المتحدث باسم البيت الأبيض أشاد بطريقة غير مباشرة بتصريحات زعيم حركة "أنصار الله"، بأنه لا يستهدف من تحركه أية جهة خارجية، إذ علق على ذلك بالقول "نحن ممتنون لما سمعناه من تطمينات من الجانبين للسفارات الأجنبية والرعايا لأجانب في اليمن، بأنهم محميون وغير مستهدفين، ونحن بالتأكيد نشعر بالارتياح لهذه التصريحات ونشجع الطرفين على الإيفاء بها".
وتعليقاً على تصريحات عضو مجلس الشيوخ الأميركي، السيدة ديان فاينستاين، الداعية لإغلاق السفارة الأميركية باليمن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن لدى وزارة الخارجية الأميركية خبراء أمنيين على الأرض في اليمن وخبراء في المقر الرئيسي للوزارة بواشنطن، والأمر مناط بهم لتقييم الوضع الأمني وتحديد الخطوات اللازم اتخاذها. وأعاد التذكير بأن وزارة الخارجية الأميركية بدأت منذ شهور خفض عدد الموظفين الأميركيين في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء ولم يعد في السفارة حالياً سوى العدد الضروري اللازم لتسيير المهام الأساسية.
وأضاف: "سوف تتخذ ما يلزم من خطوات لحماية المواطنين الأميركيين وصولا إلى إخلاء السفارة إذا اقتضى الأمر".