[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]

علي أحمد العِمراني: وضع الإعلام اليمني سيئ

في ظلّ كُل التطورات السياسية التي يشهدها اليمن... يبقى الإعلام جزءاً أساسياً. ويبدو غريباً بعض الشيء، أن تصف وزيراً ما بأنه وزير أسبق، بينما لم يمر سوى ستة أشهر على رحيله من المنصب؛ ذلك أن وزارة الإعلام اليمنية شهدت ثلاثة وزراء في عام واحد. ولأن علي أحمد العِمراني أقدمهم وأطولهم فترة، فقد التقاه "العربي الجديد" للوقوف على وضع الإعلام اليمني وهمومه، من واقع تجربة لبرلماني أيّد ثورة فبراير/شباط 2011، وصعدت به إلى هرم وزارة الإعلام في وقت عصيب، ضمن حكومة الوفاق التي تشكّلت مناصفةً بين قوى الثورة وحزب الرئيس علي عبدالله صالح.

كيف تقيّم واقع الإعلام اليمني؟
الإعلام يعكس السياسة. السياسة رديئة جدا. الإعلام يعكسها عندنا فقط.

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك؟

كانت الصعوبة تكمن في الانقسام السياسي والمجتمعي الحاصل في البلد إثر ثورة أو انتفاضة 2011. وانسحب ذلك الانقسام على منتسبي المؤسسة الإعلامية، وكانت مهمتي كوزير، إقناع الجميع بالعمل معا. وأظن أن ذلك تحقق إلى حد بعيد. وبصراحة أستطيع الادّعاء أنني وقفت على مسافة واحدة من الجميع، أو هكذا حاولت بكل جدّ وقناعة. والحقيقة أظن أنني تمكنت من جعل الإصلاحي والمؤتمري والحوثي وغيرهم، يتّحدون من جديد.

هناك صعوبات أخرى عديدة، منها قلّة الموارد اللازمة للتشغيل والتطوير وتوفير سبل العيش الكريم للعاملين. وهناك أيضا سقف توقعات الثوار والحالمين والمحبطين، وكان أكثرهم يريد تحقيق كل شيء وبأسرع ما يمكن، سواء كان ذلك الشيء المراد تحقيقه في الحقوق أو الأداء أو الفرص، وعندما لم يتحقق ذلك بالكيفية والسرعة المطلوبة، فكأن البعض من المحسوبين على الثورة سحب تأييده وإسناده للوزير.

الطرف الآخر الذي كان ضد ثورة فبراير، كان لا يريد لأي شيء أن يمضي. يريدون لكل شيء أن يبقى كما كان، صواباً كان أم خطأ، وهنا أتكلم عن متربّصي السياسة من خارج الوزارة ومؤسساتها.

كانت تزعجك الانتقادات؟

تعرّضت لحملات عدة وافتراءات لا حدود لها، لكنني لم أعد آبه لها. تعاملت معها كقدَر من يعمل في ظل تناحر مجتمعي. كانت التحديات أعظم من الالتفات إلى كل الافتراءات والحملات.

كان رئيس الوزراء (محمد سالم باسندوة)، يستاء عندما لا يتصدى الإعلام العام للرد على مهاجميه. والحقيقة أنه تعرّض لحملات ظالمة. أما الرئيس (عبدربه منصور هادي)، فكان يرى أن الإعلام العام هو إعلام الرئيس. وقد قال ذلك لي حرفيا في بداية عملي في الوزارة: "أحزاب المشترك لديها إعلام وحزب المؤتمر لديه إعلام، والإعلام الرسمي هو إعلام الرئيس..!"، قال لي ذلك على سبيل "التنبيه".

وسألت مرة زميلي وزير الإعلام الأردني، عن كيفية ترتيب أخبار الملك فقال: "ليس بالضرورة أن تكون في البداية إذا كان هناك ما هو أهم منها". وكذلك في الكويت. لاحظ أنني أتكلم عن بلدان عربية.. ربما كان الرئيس قد يقتنع، لكن الثقة كانت مهزوزة بيننا وبينه في أغلب الوقت.

والحقيقة أن الإعلام العام ساند الرئيس (هادي) بشكل قوي جدا، وكنا نريد أن نصنع منه زعيما يلتفّ حوله الجميع في المرحلة الانتقالية.

قانون الإعلام المرئي والمسموع.. لمَ لمْ يرَ النور؟

منذ الأيام الأولى لعملنا، كان موضوع قانون الإعلام المرئي والمسموع يحتل أولويّة لديّ، وبناء على مقترح قدّمته لمجلس الوزراء، تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الإعلام للنظر في القانون، وتبيّن أن الحكومة السابقة لحكومة الوفاق كانت قد شكلت لجنة، وهناك مشروع قد أُعد من قبَلها.. نظرنا في المشروع فإذا به يحتاج إلى إعادة نظر، وهو مرفوض من الإعلاميين، وخاصة نقابة الصحافيين، وأعددنا مشروع قانون، لكننا كنا نشعر بأنه قد يأخذ وقتا كبيراً في مجلس النواب، وفضّلنا مشروع قرار جمهوري ينظّم الإعلام المرئي والمسموع، حتى يأتي الدستور الجديد ومجلس نواب جديد، وقدمت ذلك المشروع للحكومة، وحينذاك سارعت اللجنة البرلمانية وأنزلت مشروع قانون كانت قد أعدته منذ زمن ما قبل الربيع العربي، وذهبت إليهم واجتمعت معهم، وتبين أنه مسلوق ومضطرب، ويحتاج إلى تحسين كبير.

واختلفنا على نقاط ومواد مهمة، وقرروا إعادة طرحه على المجلس من دون توافق مع الحكومة....
ومعروف أن الوقت الذي أمام نصر (في الوزارة) محدود جدا، ولعله واجه أوضاعا أسوأ.

وبالنسبة للمشروع الذي كان قد أعدته اللجنة البرلمانية، فهمت أن مجلس النواب قرّر صرف النظر عنه الآن، حتى يأتي الدستور الجديد.

في فترتك لم تشهد الوزارة تعيينات واسعة..

تم تكليف أشخاص في بعض المناصب، وهم محسوبون على ثورة فبراير، ولمّا لم يثبتوا جدارة تم استبدالهم. ربما لاحظ المتابعون قلة التغيير في عدد من المناصب العليا، هذا صحيح، مع أن التغيير قد حدث في كثير منها؛ لكن التغيير في تلك المناصب يتطلب موافقة الرئيس، وإصدار قرار جمهوري، وهو يفضّل التريث في ذلك غالبا أكثر من اللازم في تقديري، وربما يرى تعيين أشخاص لا يكونون مناسبين من وجهة نظر الوزير.. حدث هذا أكثر من مرة.

كنت أشعر أحياناً بأن هناك من يدفع بعض قادة المؤسسات الإعلامية إلى التمرُّد على قرارات الوزير. والحقيقة لم يكن الرئيس هو الذي يفعل ذلك، لكن هناك من هو حول الرئيس يفعل ذلك ويستند إلى الرئيس.

حدث مرة أن تم إجراء تدوير وتغيير في إحدى المؤسسات الإعلامية، وتشجّع المسؤول الأول في تلك المؤسسة بأن يتمرد على القرارات ولا ينفذها. ثم تبين أن هناك من يشجعه من حول الرئيس. ولعلّ ذلك المسؤول فهم أخيرا استحالة التراجع في القرارات أو تعديلها، وانتهت الحكاية.

ما القرار الذي لم تتخذه؟ والقرار الذي ندمت على اتخاذه؟

كنت أودّ أن يشمل الإنصاف شريحة أوسع مما كان. لعل العدل لم يشمل الجميع. ربما يعذرنا كثيرون. كانت الفترة عصيبة ومعقّدة.

لا يخلو الأمر ممن قد تتوسّم فيه خيرا ثم يخيب الظنّ. لكن ربما القرار المهم الذي ندمت عليه هو قبولي تولي وزارة الإعلام في ظروف استثنائية انقسامية. دعني أؤكد هنا أنني لا أتحدّث عن الزهد.

هل تشعر بأنك محظوظ أن اقتحام الحوثيين وسيطرتهم على مؤسسات إعلامية تم بعد رحيلك من الوزارة؟

لا فرق.. كان قلبي، ولا يزال، مع الإعلام والإعلاميين. بعضهم الآن جالسون في البيوت من دون حقوق، يفكرون جديا في الهجرة، وهم كوادر لا تعوّض.

زر الذهاب إلى الأعلى