أكد النائب الدكتور علي أبوحليقة رئيس اللجنة الدستورية بمجلس النواب أن اليمن يمر بظرف صعب وتشهد فراغ سلطة واضحاً.. بعد أن قدمت السلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس والحكومة استقالاتهم في وقت واحد، وأن البرلمان أمام مسئولية وطنية وتاريخية تحتم عليه الوقوف بجدية إزاءها.. مشيراً إلى أن أمر استقالة الرئيس معني بها البرلمان ولا يستطيع أحد النظر فيها غير البرلمان قبولاً أو رفضاً حتى الرئيس هادي نفسه لا يستطيع العدول عن قراره بعد تقديمه الاستقالة إلى البرلمان وتم إعلانها وفقاً للدستور..
وقال في حوار مع «الميثاق»: نستغرب ممن يذهب إلى تشكيل مجلس رئاسي أو عسكري ولا ندري على أي شيء يستندون.. وأضاف أن النص الدستوري واضح أنه في حال خلو منصبي الرئيس ونائبه فإن هيئة رئاسة مجلس النواب تتولى إدارة شئون البلاد لمدة حددها الدستور.
قضايا أخرى أكثر أهمية تطرق لها الدكتور أبوحليقة في سياق الحوار التالي:
قراءتك للمشهد في ظل تقديم الحكومة والرئيس لاستقالتهم؟
- قضية أكبر من أن يقال عنها خطيرة، اعتبرها فاجعة سياسية، العملية مركبة.. استقالة رئيس الجمهورية واستقالة الحكومة، وما كان ينبغي في هذا الظرف الحالك أن تتقدم القيادة التنفيذية بكاملها باستقالتها وفي وقت واحد.
اليوم البرلمان أمام مسؤولية تاريخية ووطنية كبيرة، وعليه يتوقف مستقبل بلد بأمنه واستقراره ووحدته، ولابد أن يكون للبرلمان وقفة وطنية كاملة وجادة وفقاً للدستور.
نحن أمام مشكلة كبيرة حتى أن المشروع الدستوري لم يتطرق لها في الدستور النافذ، أن نواجه استقالتين في وقت واحد« الحكومة والرئيس»، ما كان ينبغي مهما كانت المسببات ومهما بلغت المشاكل أن يقدم الرئيس والحكومة الاستقالة في وقت واحد.. الناس فجعوا والمراقبون السياسيون صدموا بهذه الكارثة التي باعتقادي لم تكن مدروسة العواقب والنتائج.
وبالتالي البرلمان سيدرس هذا الموضوع وفقاً للدستور وسيخرج بحلول إن شاء الله.. ومن وجهة نظري يفترض على البرلمان أن يصدر بياناً للشعب قبل انعقاد الجلسة الطارئة- التي كان مقرراً انعقادها أمس الأحد ولكن لأسباب عدة أبرزها الحوارات الجانبية لبنعمر مع الأحزاب أدت إلى تأجيلها إلى موعد لم يحدد بعد- ويطرح القضية برمتها على الشعب ويلزم الحكومة بتصريف الأعمال حتى لاتصبح البلاد في فراغ سلطة واضح.
هل يتحمل الرئيس أي تبعات سلبية ناتجة عن الاستقالة في وضع منفلت تعيشه البلاد؟
- ما كان ينبغي للرئيس هادي أن يقدم استقالته في هذا الظرف الصعب وبهذه الصورة التي تزامنت مع استقالة الحكومة.. هادي مسؤول أمام التاريخ عما أقدم عليه وسيتحمل نتائج ما ستفضي اليه هذه الاستقالة التي سببت فراغاً للسلطة وسيحاسبه التاريخ على ذلك.
هل من حق الرئيس تقديم استقالته؟
- نعم من حقه دستورياً أن يقدم استقالته لكن ما كان ينبغي في هذا الظرف وايضاً ما كان ينبغي أن تتزامن مع تقديم الحكومة لاستقالتها.
كيف تقرأ تقديم الرئيس استقالته للبرلمان.. وهل يعد ذلك انقلاباً كما يصفه البعض؟
تقديم الاستقالة إلى البرلمان عمل دستوري دقيق، وبالتالي مادامت استقالة الرئيس قدمت إلى البرلمان فليس هناك انقلاب، ولا شرعية لأي دعوى لتشكيل مجلس رئاسي أو عسكري أو ما شابه من هذا القبيل..
البرلمان هو المعني بالتعامل الدستوري مع استقالة الرئيس هادي، ومواد الدستور في هذا الجانب واضحة وحاسمة.
لكن هناك من يذهب إلى أن البرلمان هو أحد الخيارات المفتوحة للتعامل مع استقالة الرئيس كتشكيل مجلس رئاسي؟
- لا شرعية لأي بدائل أخرى.. ما دام الرئيس قد قدم استقالته إلى البرلمان، وأي اجتهاد مع وجود نص لا يجوز إطلاقاً، النص الدستوري واضح في هذا الموضوع..
الذين يذهبون لبدائل غير البرلمان هم من يؤكدون أن البرلمان سقطت شرعيته بالمبادرة الخليجية، والبعض يقول بالشرعية الثورية.. ما تعليقك؟
- هذه القضايا الكبيرة لا تدار بالرغبات والأهواء، والدستور ليس ترفاً متى ما شئنا عملنا به ومتى ما شئنا أسقطناه.. البرلمان قائم بقوة الدستور والأحزاب قائمة بقوة الدستور والاتفاقات تتم وفقاً للدستور، ولو لم يكن الدستور نافذاً لما قدم الرئيس استقالته اليه، ولو لم يكن البرلمان شرعياً لما قدمت الحكومة برنامجها اليه ونالت الثقة منه.. حتى لو اخضعنا الموضوع للمنطق والعقل، فماذا تبقى في البلد إذا كان البرلمان غير شرعي والرئيس استقال والحكومة استقالت، من المعني بإدارة شؤون البلاد إذاً؟!! وبالتالي البرلمان هو المعني بقبول أو رفض الاستقالة، وهو المعني بإدارة شؤون البلاد حتى إجراء انتخابات رئاسية في حال تم قبول الاستقالة.. ومن يطالب بتشكيل مجلس رئاسي أو عسكري يعيش خارج الواقع ويحتكم لشريعة الغاب، والشرعية الثورية في ظل وجود دستور تظل مجرد شعارات لا غير.
هل استقالة الرئيس مسببة وفقاً لما نص عليه الدستور؟
- نعم مسببة لأنه أكد فيها عجزه عن إدارة الدولة خصوصاً بعد ما حدث في 21 سبتمبر.
الرئيس قدم استقالته إلى البرلمان، وهناك اجتماعات ودعوات حزبية للضغط على هادي بالعدول عن قراره.. فهل يستطيع فعلاً العدول عن الاستقالة؟
- طالما وهو قد قدم الاستقالة إلى البرلمان، فالحق الآن لدى البرلمان في قبول الاستقالة أو رفضها، بمعنى أن الاستقالة قد تمت وأمرها أصبح بيد البرلمان قبولاً أو رفضاً وليس بيد الرئيس هادي أو أي شخص أو حزب..
إذاً ما جدوى اجتماعات القوى السياسية بهذا الخصوص؟
- القوى السياسية ليس بيدها أمر قبول أو رفض الاستقالة، يمكن للقوى السياسية أن تتلاحم وتتلازم لتكوين فريق واحد لإنقاذ اليمن من الهاوية سواءً أكان الرئيس موجوداً أم غير موجود.
ومسألة الاستقالة قبولاً أو رفضاً ليست من صلاحيات تلك القوى مادامت الاستقالة قد قدمت لرئيس البرلمان وتم إعلانها، والبرلمان هو المعني الوحيد في النظر والفصل فيها، ولم ينص الدستور بغير ذلك.
إذا كان أمر استقالة الرئيس لا تعني القوى السياسية فما الذي يعنيها إذاً؟
- أنا أقصد أن مصير الاستقالة ليس من اختصاصها الآن دستورياً، أما واجب الاحزاب والقوى السياسية تجاه الظرف الراهن مهم جداً وعليها أن تتكاتف وتقف صفاً واحداً في وجه الانتكاسة السياسية الخطيرة التي تواجهنا.
يفترض على الجميع الآن أن يلملموا الوضع والشمل وألا ندخل في كارثة أخرى لأننا الآن في فراغ سلطة واضح ووضع الجيش متدهور جداً والبلد برمتها في كف عفريت..
نصيحتي للأحزاب أن تكوّن فريق عمل واحداً وترمي المصالح الحزبية والمكايدات خلف ظهرها وتنشد مصلحة الوطن العليا في هذا الظرف الحساس، لأن البلد يتشظى ويتمزق والمؤامرات تنشط وتتحرك في الظاهر مستغلة ما يجري على الساحة السياسية من فراغ.
برأيك ما الآلية التي يتم بها مواجهة دعوات انضمام إقليم كذا إلى إقليم كذا ووصف ما يجري بالانقلاب؟
- الاقاليم إلى الآن ليس لها شرعية وفقاً للدستور وللقوانين النافذة ولا حتى لمخرجات مؤتمر الحوار ولكن تظل هذه الدعوات مزعجة ولها روائح مناطقية وجهوية تبعث على الكراهية والأحقاد بين أبناء الشعب الواحد في الوطن الواحد، ومن خلالكم أناشد كل العقلاء في هذا الوطن أن ينبذوا هذه الدعوات وأن يتقوا الله في وطنهم ووحدتهم وألا يسكتوا على مثل هذه الدعوات المناطقية والطائفية الضيقة.
هل هناك جهة معنية الآن بردع أي تصرفات على الواقع تستغل الفراغ الحاصل لنشر الفوضى؟
- الأمر الآن معول على الأحزاب والمكونات السياسية وعقلاء المجتمع لأننا نحتكم لشريعة الغاب.. وفي وضع كهذا لا يوجد أمامنا إلا مخاطبة العقول والحكمة اليمانية وإعمالها.
هل هناك مؤشرات لاستغلال استقالة الرئيس لتفعيل البند السابع بتدخلات خارجية في الشأن اليمني؟
- الآن نحن نعيش في ظل البند السابع، لكن ما يجري اليوم في اليمن يظل شأناً يمنياً داخلياً معنياً به اليمنيون وفي طليعتهم الأحزاب والمنظمات المدنية.. ولا شأن للخارج إلا في حدود الدعم الذي يجنبنا العنف والفوضى ويخرج اليمن من أزمته، واعتقد أن البيانات الصادرة من الخارج تجاه الأحداث الأخيرة كانت في غالبيتها إيجابية ترفض العنف وتدعو لدعم الشرعية الدستورية والانتقال السلمي للسلطة.
وأتمنى على دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ألا تظل متفرجة وأن تحاول قدر الإمكان- كما فعلت في الفترة الماضية من تقديم المبادرة الخليجية ورعايتها- أن تدعو كافة الأطراف اليوم إلى الجلوس على طاولة واحدة لمناقشة الأوضاع الراهنة الخطيرة وتحمل المسؤولية.
هل تتوقع أن يكون هناك دور لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في ظل الفاجعة التي تمر بها المملكة برحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود؟
- من سوء الطالع أن المشكلة الكبيرة التي تمر بها اليمن تزامنت مع رحيل ملك المملكة العربية السعودية عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ونحن نعلم أن الوضع في السعودية مستقر والعمل مؤسسي وما حصل لهم سيشغلهم بكل تأكيد لترتيب الوضع الجديد في المملكة.
ومهما يكن نثق بأن الملك سلمان بن عبدالعزيز لن ينشغل عن أخوته في اليمن، وعلاقته بمختلف القيادات اليمنية ستجعله يسهم في دعم اخوته للخروج من الأزمة.
قراءتك لزيارة الوفد اليمني الرسمي برئاسة الأخ يحيى الراعي رئيس مجلس النواب لتقديم واجب العزاء وكذلك الوفد المؤتمري الذي يرأسه الدكتور أحمد بن دغر نائب رئيس المؤتمر لتقديم واجب العزاء برحيل الملك عبدالله في ظل الظروف الحالكة التي تعيشها اليمن؟
- شخصياً تفاءلت خيراً بذهاب الوفدين لمواساة الاخوة في المملكة العربية السعودية وتقديم واجب العزاء والبلاد تمر بهذا الظرف الحالك.. وهذا يدل على مدى الاخوة والعلاقة المتينة بين القيادات اليمنية السعودية والشعبين الشقيقين.
بالعودة إلى البرلمان هل تتوقع أنه قادر على تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات الماثلة واستعادة ثقة الشعب به بعد هذا العمر الطويل؟
- إذا التأمت الكتل البرلمانية ونبذت التبعية الحزبية وغلبت مصلحة الوطن فسينجح البرلمان في مهمته وفقاً للدستور.. وبالذات إذا تكاتفت الاحزاب والمكونات السياسية ووقفت إلى جانبه وساندته، وفي كل الاحوال تظل الكرة اليوم في ملعب البرلمان.
كلمة أخيرة؟
- في ظل فراغ السلطة القائم أدعو كافة مؤسسات وأجهزة الدولة إلى تحمّل مسؤولياتهم كل في موقعه حتى لا تتوقف العجلة وتستمر الحياة اليومية بالدوران بشكل طبيعي.. لابد أن يشعر كل واحد أنه المسؤول الأول في مقر عمله كي يخففوا من وقع الكارثة التي حلت باليمن وحتى لا يشعر المواطن بأن هناك فراغاً في السلطة.
علينا جميعاً أن نستشعر أننا موظفون مع وطن وليس مع حكومة أو رئيس.. كما أنني أنبه كافة القيادات العسكرية والأمنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرهم من العقلاء أن حاضر اليمن ومستقبل أجياله مرهون اليوم بتناصحهم واستشعارهم مسؤولياتهم تجاه وطنهم وشعبهم.