تعتبر اليمن سوقاً مفتوحة أمام تجارة السيارات المستعملة. وتشهد هذه التجارة نمواً سنوياً متسارعاً، ورغم الأزمة المتقطعة في المشتقات النفطية التي تشهدها السوق اليمنية، إلا أنّ البلد مستمرة في استيراد السيارات المستعملة من غير بلد المنشأ، وبصورة كبيرة جداً. تمكنت "العربي الجديد" من الحصول على إحصائيات من قطاع التجارة الخارجية في وزارة الصناعة والتجارة اليمنية. وتبين هذه الإحصائيات أن تجارة السيارات في اليمن تحتل المرتبة الثانية للواردات بعد القمح مباشرة، حيث تستحوذ تجارة واردات السيارات المستعملة القادمة من غير بلد المنشأ على النصيب الأكبر، مقارنة بواردات السيارات المستوردة مباشرة من بلد المنشأ. وتتنوع هذه الواردات من السيارات والجرارات والقاطرات والدراجات وأجزاؤها وبقيمة إجمالية تعادل 1.1 مليار دولار خلال عام 2014، في حين تبلغ قيمة واردات السيارات الجديدة من بلد المنشأ 664 مليون دولار. ليصل مجموع واردات السيارات إلى 1.7 مليار دولار.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور سعيد عبد المؤمن، أن سوق السيارات في اليمن هي من الأسواق سريعة النمو وبشكل فوضوي، حيث يتم الاستيراد من كل مكان، وخاصة من سوق الخردة في الدول المجاورة، ومن أوروبا وأميركا وغيرها. ويقول عبد المؤمن في حديثه ل "العربي الجديد": "إن عملية الاستيراد بهذه الطريقة لها تأثيرات إيجابية وسلبية، ومن الآثار الإيجابية هي توافر السيارات لذوي الدخل المحدود".
ويشير عبد المؤمن إلى أن الآثار السلبية لهذه التجارة تتمثل في استنزاف العملة الصعبة. التي كان يمكن توجيهها نحو التنمية. كما أنه يتولد عن الاستيراد العشوائي اختناق حركة المرور، وذلك في ظل الشوارع الضيقة ومحدودية مواقف السيارات، وضعف الاهتمام بتطوير الطرق.
ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد المؤمن، أن الإكثار من استيراد السيارات المستعملة، سيؤدي إلى زيادة الطلب على الصيانة وقطع الغيار. ويبين عبد المؤمن أن شركات السيارات العالمية لا تعترف بالسوق اليمنية، نظراً لأنه لا يتم الاستيراد من بلد المنشأ.
من جانبه يشير أحد تجار السيارات المستعملة في صنعاء، أحمد الحسني، إلى أن تجارة السيارات المستعملة تشهد اتساعاً كبيراً في ظل الطلب المتزايد عليه. ويقول الحسني ل "العربي الجديد": "تلبي هذه السيارات 85% من حاجة السوق، خاصة أنها تتناسب مع القدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع، وتبدأ أسعارها في السوق من خمسة آلاف دولار وما فوق".
وتشكل هذه التجارة تحدياً كبيراً أمام أصحاب الوكالات العالمية للسيارات، حيث تشكو الشركات التي تستورد السيارات الجديدة من بلد المنشأ، من اتساع سوق السيارات المستعملة التي تسببت في تراجع مبيعاتها. وفي هذا السياق يتحدث المدير الإداري لمجموعة شركات الأحول، حافظ عبد الوهاب المخلافي، ل "العربي الجديد" قائلاً: "استطاعت تجارة السيارات المستعملة أن تجذب فئات وشرائح مختلفة من المجتمع، بسبب القوة الشرائية الضعيفة، حيث باتت هذه التجارة تشكل ما يزيد على 50% من سوق السيارات في اليمن، وتسببت في تراجع مبيعات الشركات الوكيلة للشركات العالمية، حيث تصل نسبة التراجع ما بين 15 – 20%".
ويدير المخلافي شركة وكيلة لأهم السيارات الألمانية، ويرى أن الأغنياء من رجال المال والأعمال ومسؤولي الدولة هم عملاء الوكالات العالمية. ويشير المخلافي إلى أن السيارات المستعملة والتي يستوردها عدد من التجار هي ذات مخاطر بيئية واقتصادية. كما أن السيارات التي تستغني عنها شركات التأمين العالمية يتم تصديرها إلى اليمن، مما يولد مخاطر على السلامة العامة، إضافة إلى أن هذه السيارات بحاجة إلى إصلاح مستمر، ويزداد بذلك الطلب على قطع الغيار مما يكلف البلد الكثير من العملات الصعبة.
وكانت الحكومة اليمنية قد أجرت تعديلاً في القانون رقم (10) لسنة 2012، والذي قضى بتعديل المادتين ( 5 و6) من القانون رقم (41) لسنة 2005 بشأن التعريفة الجمركية. الأمر الذي فتح المجال أمام استيراد السيارات المستعملة دون تحفظ.
وينص التعديل في المادة الخامسة من قانون التعرفة الجمركية، على أن سيارات نقل الركاب وسيارات نقل البضائع وجرارات طرق للمقطورات النصفية (رؤوس القاطرات) الخاضعة لرسم 5% على أساس سنة الإنتاج والسنة التي تليها. وهذا الأمر يراه مصدر في جمارك الطوال الحدودية مع السعودية أنه كان سبباً رئيسياً في زيادة أعداد السيارات المستخدمة في السوق اليمنية. ويشير المصدر ل "العربي الجديد"، إلى أن عملية الاستيراد لا بد أن تكون منظمة.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية فإن إجمالي واردات السيارات من غير بلد المنشأ في العامين الأخيرين يبلغ ما يقارب 60 ألف سيارة وبنسبة تتجاوز 68% من إجمالي واردات السيارات، في حين لم يتعد عدد السيارات الواردة من بلد المنشأ في العام 24 ألف سيارة، وبنسبة 32% من إجمالي واردات السيارات.
وتبين الإحصائيات أن السعودية تحتل المرتبة الأولى في الدول التي يتم منها استيراد السيارات المستعملة، وبنسبة 38%، تليها سلطنة عمان في المرتبة الثانية بنسبة 28%، وتحتل أميركا المرتبة الثالثة بنسبة 20%.