أرشيف محلي

فرنسا تعزّز أسطولها في اليمن لحماية مصالحها

دخلت فرنسا على خط الأزمة اليمنية، إلى جانب الدول الإقليمية والدولية الأخرى، وأرسلت تعزيزات عسكرية ولوجستية إلى السواحل الشرقية والجنوبية لليمن.

يأتي ذلك في الوقت الذي تُجرى فيه تحركات سياسية مكثفة، داخل اليمن وفي محيطة الجغرافي والدولي، تفادياً لانفجار الأوضاع فيه بشكل نهائي، وتهديد المصالح الدولية، على خلفية الفراغ السياسي في البلاد، عقب استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، وتعثّر المحادثات بين الأطراف السياسية، فضلاً عن تصاعد أعمال العنف والانفلات الأمني، وسيطرة مسلحي جماعة الحوثيين على العاصمة ومدن أخرى.

وتأتي التحركات الميدانية والسياسية لفرنسا، في مسعى منها إلى حماية مصالحها، لا سيما أنها تُعدّ صاحبة أكبر مشروع استثماري في اليمن، المتمثّل في مشروع الغاز المسال، الواقع في منطقة بلحاف في شبوة جنوبي اليمن، وتديره شركة توتال الفرنسية. وتمتلك الشركة الحصة الأكبر من المشروع الذي يبلغ إنتاجه 6,7 ملايين طن سنوياً، ويتم تصديره إلى كوريا الجنوبية وأوروبا وأميركا وشرق آسيا.

وتُمثّل محافظة مأرب، المحافظة الأولى لإنتاج الغاز، وتليها حضرموت وشبوة، وأي انفجار للأوضاع في هذه المحافظات، يشكل تهديداً لمصالح الدول المحيطة باليمن، وللدول الإقليمية والدولية، بما فيها فرنسا.

وتُعدّ مأرب البوابة الرئيسية لحضرموت وشبوة التي يوجد فيها ميناء بلحاف، حيث يتم تصدير الغاز منه، وقد تعرّض خلال الأشهر الماضية إلى هجمات من قِبل جماعات مسلّحة، وباتت الأوضاع في محيطه منفلتة، ما يهدد بقاء هذا المشروع الاستثماري الاستراتيجي برمته، الذي يُدرّ على البلدين عشرات المليارات من الدولارات.

ويشير مراقبون إلى أن فرنسا، وبعد أن أرسلت بارجة عسكرية بعد اعتداءات باريس الأخيرة، أرسلت أيضاً خلال الأيام القليلة الماضية تعزيزات عسكرية إضافية إلى السواحل اليمنية، لا سيما في محيط باب المندب، والمحيط الهندي والبحر العربي. والأخير يطل عليه ميناء بلحاف، وتتمركز أمامه بارجة فرنسية لحمايته، بعد أن كانت تراقب الأوضاع عن كثب، من الجزء الجيبوتي لباب المندب.

وتقول مصادر سياسية ل "العربي الجديد"، إن "فرنسا دخلت على خط الأزمة اليمنية، وكثّفت من تحركاتها السياسية خلال الأيام التي أعقبت استقالة الرئيس والحكومة"، مشيرة إلى أن "التحركات الفرنسية تمتد إلى أطراف خارجية، لا سيما دول الخليج وبعض الدول الإقليمية والدولية، للبحث عن مخارج للأزمة اليمنية".

وتوضح المصادر "أنه وإضافة إلى دول الخليج، والولايات المتحدة وبريطانيا، فإن الفرنسيين يقودون ضغوطاً على الأطراف السياسية اليمنية، لا سيما على الحوثيين، لتقديم تنازلات والأخذ بمبدأ الشراكة الوطنية، وعدم الانفراد بالحكم، خشية من انفجار الأوضاع بشكل كامل".

وتضيف أن "بوادر تفجير الأوضاع بين القبائل، وبين الحوثيين الساعين إلى بسط سيطرتهم عبر خوض حرب، تُقلق الأطراف الإقليمية والدولية، وهي ليست تهديداً للمصالح الفرنسية فقط بل الأميركية والخليجية".

وليست فرنسا الدولة الوحيدة التي أرسل تعزيزات لحماية مصالحها في اليمن، فالولايات المتحدة هي الأخرى عززت من وجود أساطيلها بالقرب من السواحل اليمنية، لحماية مصالحها ولمواجهة نشاط تنظيم "القاعدة"، وباتت لديها قوات كبيرة في السواحل والجزر اليمنية المتناثرة.

وتدير الولايات المتحدة عملياتها ضد تنظيم "القاعدة" في اليمن، من أساطيلها الموجودة في البحر، بعد سيطرة الحوثيين على المؤسسات في اليمن، بما فيها أجهزة الاستخبارات التي كانت الولايات المتحدة تستعين بها لتنفيذ عملياتها ضد التنظيم، من خلال التنسيق بين الطرفين، لكن اليوم باتت تعاني من أزمة معلومات عن نشاط التنظيم، بعد تراجع التنسيق في الوقت الذي زادت عمليات التنظيم خلال الأسبوع الماضي.

وينشط "القاعدة" في أجزاء متفرقة من اليمن، لا سيما في جنوب البلاد وشرقها، حيث تعمل عشرات الشركات النفطية الدولية في حضرموت وشبوة، وباتت تخضع لحماية قوات أجنبية، أميركية وفرنسية وبريطانية، وغيرها من القوات الدولية، التي توجد بحجة حماية مصالحها، بما فيها إيران التي تُرسل تعزيزات متواصلة لقواتها البحرية، وتقول إنها تحمي مصالحها، وتدعم انتصارات الحوثيين، وتقف في السواحل اليمنية جنباً إلى جنب مع القوات الدولية الأخرى، وإن كانت مصالح كل طرف مختلفة.

وباتت عشرات الأساطيل والبوارج الحربية العسكرية، لعدد من الدول الكبرى والإقليمية، موجودة في السواحل اليمنية. وكانت مصر قد اعتبرت أن تهديد الحركة في مضيق باب المندب يهدد مصالحها القومية، وأطلقت منتصف الأسبوع الماضي، تحذيرات شديدة اللهجة.

زر الذهاب إلى الأعلى