نفى الرئيس السابق في اليمن، علي عبد الله صالح، أن يكون قد تحالف مع جماعة "أنصار الله"، (الحوثيين)، واعتبر القرارات الأخيرة للجماعة التي استهدفته وحزبه، دليلاً على ذلك.
وكتب صالح في سياق رده على مقال في إحدى الصحف العربية، إنه "لو كان هناك تحالف بيني والحوثيين، لرأيت - مخاطباً كاتب المقال - وضعاً غير الوضع، وحالاً غير الحال، ولاختلف المآل عن المقال، لكنك، وأنت ترى أن أبرز وأكبر قرارات الحوثي استهدفت البرلمان ذا الأغلبية المؤتمرية بما يعني، تماماً وحصرياً، استهداف المؤتمر حزباً ورئيساً".
وشبه صالح وضعه بأنه وضع "الراقص والثعابين"، حيث كان يحكم "بالرقص على رؤوس الثعابين"، بحسب تعبيره الشهير، وعندما "قرر الراقص، أخيراً، أن يترك للثعابين الفرصة، تلادغت وكان ما كان"، في إشارة إلى صراع القوى السياسية في ما بينها.
وكان أحمد الجارالله، رئيس تحرير "السياسة" الكويتية، كتب مقالاً، شبه وضع صالح بأنه "ثعلب" احتال عليه "النسر" الحوثي، ليحمله على ظهره، ليسقط به. وهو الوصف الذي استنكره صالح.
وفيما يلي نشوان نيوز ينشر نص رد صالح:
ملاحظات إلى الصديق رئيس «السياسة»..
عهدي بالكاتب الصحفي الصديق العزيز الأستاذ أحمد الجار الله، رئيس تحرير «السياسة» الكويتية، فطناً حصيفاً، لا يشتغل على السطح، ولا يهمل تعمُّق المعرفة للإلمام بحقيقة ما يطرق ويطرح. ليس الجار الله هو من تأخذ بزمام فكره الشائعات، فيخطئ الاستقراء مقدمة والحكم نتيجة. وإنْ حدث، فإنه أولى بأن يراجِع ما أعطى من رأي، وأن يُرجِع البصر كرتين، فلعله استُزِل أو استُنزِل من صهوة الإنصاف، وغاصت قوائمه في كبوة الإجحاف. والكيِّس من دان نفسه.
لم أظن، أبداً، أن مثل الجار الله، وهو من نعتبره واحداً من أفقه أهل الكتابة وأثقف المحللين العرب، يمكن أن يحتاج إلى التذكير؛ بأن صالح هو من أعطى المبادرة الخليجية ولم تؤخذ منه. وهو من فرضها حلاً ومخرجاً لبلاده ولشعبه. فكيف يصح القول إن صالح عاد، بعد كل هذا، يبحث عمَّا وعمَّن يعيد إليه ما أخذته منه المبادرة؟ هذا منطق غريب بالفعل، وقياس عجيب. فإن من أعطى سلطة ودولة وحكومة وحكماً وجيشاً وأمناً وخزانة، في سبيل أن تنجو بلاده من تبِعات الصراع، ويسلم شعبه من محرقة الفتنة، لا يتقبل عقل أو عقلاء أن يُقال، بعد هذا، إنه يمكن أن يطلب ما أعطى، أو يبحث عن شيء مما بذل.
إن من سلم بلاداً آمنة، ودولة متماسكة، وقوة كاملة، لن يكون، بحال من الأحوال، هو من يفكر باستعادة (لا دولة). لقد كانت بين يديه، وطوع إرادته، كاملة غير منقوصة. فأية وجاهة أو معقولية يمكن الاحتجاج بها أو إليها للقول بأنه عاد يطلب شتات قوة أضاعها الخَلَف؟!
ساق الجار الله، في مقاله الأخير، قصة حسبها تومئ إلى مشهد ما يحدث في اليمن أو تلخصه أو تعبّر عنه، (النسر الذي احتال على الثعلب). في الحقيقة، فإن القصة الأقرب إلى الواقع يمنياً، كانت ولا تزال (الراقص والثعابين). عندما قرر الراقص، أخيراً، أن يترك للثعابين الفرصة، تلادغت وكان ما كان. علاوة على هذا، فإن حكمة الحكماء ورجاحة العقلاء، لا يصح أن تُقاس إلى مثال ثعلب، فالخبث ليس دهاءً، والفتك ليس حكمة. فالقصة، برمتها، بعيدة عن ملامسة القصة في اليمن، حدثاً وشخوصاً.
سلمناها كاملة، وعن قوة مقدرة لا عن ضعف أو جُبن، حباً وكرامة لشعبنا ووطننا وأهلنا وأمتنا ولأشقائنا في الجوار. من جاء ساء وأساء واعتمد المضاربة بين الرؤوس، فتدامت وتلادغت، وكان أخيراً ضحية لها !!
السياسة والحكمة والدهاء، ليست بالضرورة خبثاً ومكراً وغِيلة، على الإطلاق. فإن الدهاء والحكمة منجاة، لكن الغدر والمكر مهلك لصاحبه ولمن حوله. فانظر أي الأمرين أقرب إلى السلف من الخلف؟!
ولا بأس أن أذكر الأستاذ الجار الله، لو كان هناك تحالف بيني والحوثيين، لرأيت وضعاً غير الوضع، وحالاً غير الحال، ولاختلف المآل عن المقال. لكنك، وأنت ترى أن أبرز وأكبر قرارات الحوثي استهدفت البرلمان ذا الأغلبية المؤتمرية بما يعني، تماماً وحصرياً، استهداف المؤتمر حزباً ورئيساً فكيف يُستنتج من هذا تحالف؟ وهو لم يستهدف من القوى السياسية غير المؤتمر!
لا يعيب الجار الله أن يخطئ في القراءة والاستنتاج، فيراجع ما لديه وما اعتمد عليه، ويصحح الخطأ. لعله، وهذا أغلب الراجح، اعتمد مقولات ومعلومات ونشرات في فضائيات عربية معروفة بالارتجال، إن لم نقل الهرجلة. أو ربما من أفواه معلقين عدِموا الإنصاف، وفجروا في الخصومة. ولا يغيب عن بالكم أن هناك مراكز وجهات تدفع وتموّل التضليل المعلوماتي والإعلامي، لأهداف خائضة في غير نزاهة اليد والمقصد. ومعروف، أيضاً، دورها في أحداث الربيع العربي، وما الذي آلت إليه الأمور في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، ونربأ بكم عن استقاء معلوماتكم من هكذا مصادر أو أخذها على جانب من الأهمية. ولا أعاتبك الاختلاف في الرأي، فهذا محل تقدير واحترام منا ولا تضيق صدورنا به، إنما ألفت إلى أهمية تحري المقدمات طلباً للإنصاف والموضوعة في الاستنتاجات.
أما نحن، أيها الصديق العزيز، وأنت عندنا كما كنت دائماً محل احترام، فكما قدمنا المبادرة وأصررنا على الآلية التنفيذية المزمنة، فإننا لا نزال وسنبقى أوفياء لمبادئنا ولشعبنا ومتصالحين مع أنفسنا وقومنا وقيمنا. نحث على الحوار والإخاء وتغليب الوطن على الأهواء والأغراض والجماعات والفئات.
وتقبل موفور التقدير والتحيات،،،